الأخبار

الفحص الجيني أمل جديد للراغبين في إنقاص أوزانهم

36

تتسابق شركات الأدوية في وقتنا الراهن لبيع العديد من العقاقير الموجهة لإنقاص الوزن، ولكنّ الثورة الحقيقيّة في هذا المجال هي ما توصل إليه بعض الباحثين من إمكانيّة توظيف شيفرة الحمض النووي الفردية في اختيار نوع الطعام الأمثل للجسم، وأيضاً تمارينه الرياضيّة. تكمن النظرية وراء ذلك في أن الناس يميلون وراثياً لإنتاج طرق مختلفة لمعالجة أكلهم وممارسة تمارينهم باستخدام الأساليب التي تتزامن مع عملية الأيض (metabolism) الموهوبة لهم.

وقد بدأت بالفعل بعض الأندية الرياضيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة بتقديم خدمة فحص الحمض النووي للمشتركين بواسطة تحليل لعابهم المحفوظ في أنابيب خاصة، ومن ثمّ يضع مدرّب اللياقة البدنيّة وأحد الأطباء المتخصصين في علوم الجينوم برنامجاً مشتركاً يحدّد الشكل الأمثل لرفع الأوزان (بحسب نتيجة ألياف العضلات السائدة) وكميّات السعر الحراريّة وطبيعة النظام الغذائي الخالي من الدهون.

شركات الجينوم

منذ شيوع هذا العلم وانتقاله من طور التجربة إلى التنفيذ، بدأت عدة شركات تعلن عن «خرائط جينيّة غذائيّة» يمكن تأمينها للزبائن الراغبين في الحفاظ على وزنهم أو إنقاصه بطريقة طبيعيّة. ويقدّم معهد ماساشوسيت خدمة «تنظيم الوزن بالطريقة الجينيّة» وذلك بإنتاج خريطة جينيّة غذائيّة تعتمد على فحص الإنترلوكين الجينيinterleukin genetic ، (نوع من البروتين يفرز من قبل خلايا الدم البيضاء)، مقابل مبلغ زهيد لا يتعدى الـ 169 دولاراً لتظهر نتيجته إمّا (تقليل الكاربوهيدرات) أو (تقليل الدهون). وتعلّق نانسي ديل، أخصائيّة التغذية في المعهد، على هذا الموضوع قائلة: «إنّ هذا الأمر ساعد كثيراً العديد من النساء اللواتي كنّ يعتقدن بأنّ المشكلة تكمن في البيض واللحوم، فسرعان ما قمن بعد ظهور الفحص باستبدال وجبة القمح والحليب الصباحيّة بالبيض لينقصن وزناً في فترة مذهلة وقياسيّة».

أماّ شركة سان ديغو للبحوث الجينيّة فتقدّم لزبائنها فحص «الغذاء الجيني» nutrigenetic، الذي يفتح بنتائجه خيارات أوسع للزبون في نوعية غذائه، وأيضاً كيفية تقوية عضلاته. وقد تمكنت الشركة من خلال الفحص (يكلّف إجرائه حوالي 400 دولاراً) الوصول إلى تحديد أصناف الطعام التي تساعد الأشخاص فوق وزن المائة في التحكم في وزنهم. كما استطاعت الشركة تسويق خريطة تجاوزت تحديد أصناف الطعام إلى تحديد مستويات الكافيين المقبولة في القهوة وكمية ملح الطعام.

الحفر في الجينات

أقصى ما يمكن أن تخبرنا عنه الخرائط الجينيّة للإنسان؛ هو تحديد الجينات التي تؤثر في زيادة الوزن. إلا أنّ دراسة حديثة أجريت على توأمتان متجانستان أخضعتا لنفس شروط التغذية وأطعمتا نفس الطعام، برهنت بأنّهما تزيدان وتنقصان من أوزانهما بشكل متطابق أيضاً. في حين أنّ ذات الدراسة أثبتت اختلافاً ملحوظاً في النتائج عندما جرت التجربة على كلّ واحدة منهما بشكل مستقل. لذلك يبحث العلماء اليوم عن بعض الأسرار المخفيّة داخل جينات الطعام نفسها، ويعلّق الدكتور ميشال نوفا، اختصاصي وضع خرائط الجينات، على هذا الأمر قائلاً: «إنّ الأمر أشبه بمخطّط تفاعلي بين الإنسان وجيناته».

في شأن متصّل قامت جامعة ستانفورد منذ سنوات بدراسة عنوانها «من الألف إلى الياء»، تناولت فيها أربعة نساء (لكلّ منهنّ أسلوب مختلف في اختيار الطعام) أخضعن للتجربة وتمّ الوصول إلى بصماتهنّ الغذائيّة (التقليل من الكاربوهيدرات – غذاء متوازن – دهون قليلة – 40:30:30 نسب الكاربوهيدرات، الدهون والبروتين) ووضعت خرائط غذائيّة لكلّ واحدة من النساء الأربع اللواتي اشتركن في الدراسة، ثمّ كانت المفاجأة أنّ بعضهنّ قد خسرن من وزنهنّ حوالي 7 كيلو والأخريات ازددن حوالي 3 كيلوغرام .

ولتوضيح السبب يعلّق الدكتور جاردنير، المشرف على الدراسة، قائلاً: «من الواضح أنّ ثمّة سبب آخر يربط بين الشخص نفسه وبصمته الغذائيّة». وبالفعل فقد تمكن العلماء اليوم من معرفة السر من خلال «الحفر داخل جينات الطعام» واكتشاف الرسالة الجينيّة الدقيقة التي تتسلّل داخل الرموز الجينيّة المتطابقة وتعمل على التحكم في عمليّة حرق الدهون وتحويل الكاربوهيدرات، وأطلقوا عليها اسم المفتاح الجيني «سنايبس» (SNPs). وتندفع حالياً الشركات المتخصّصة في تحديد هذه المفاتيح الدقيقة للخرائط الغذائيّة، لتقلّل من نسب الخطأ فيها وتبني مصداقيّة اوسع نحو زبائنها المهتمين.

الانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى