الأخبار

باحثة مصرية تدعو لإعادة كتابة تاريخ قصيدة النثر

 

105دعت باحثة مصرية إلى إعادة كتابة تاريخ قصيدة النثر العربية، وإعادة الاعتبار للدور المؤسس للشاعر المصري حسين عفيف.

وناقشت الباحثة نيفين فائق بحثها الرئيس لنيل درجة الماجستير الأسبوع الماضي من قسم الدراسات العربية والسامية بجامعة برلين الحرة، تحت إشراف د. باربارا فينكلر بتقدير امتياز عن بحث عنوانه “حسين عفيف– مراجعة في تاريخ قصيدة النثر العربية”.

ويعيد البحث النظر في تناول تاريخ تطور القصيدة العربية وتحديدًا قصيدة النثر، وذلك من خلال الكشف عن تفاصيل الدور الرائد للشاعر المصري الراحل حسين عفيف (١٩٠٢ -١٩٧٩) الذي وضع بخلاف إنتاجه من الشعر المنثور تصورات نظرية أيضًا تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي عن التجديد في الشعر العربي.

وأشادت لجنة المناقشة بالجهد الذي بذلته الباحثة في تصنيف وتوثيق وتحقيق الأرشيف الشخصي للشاعر والموجود لدى أسرته بالإسكندرية.

ونوهت بقدرتها على تحديات استكمال المعلومات الناقصة من خلال البحث في الأرشيفات العامة أيضًا، وحسب اللجنة استطاعت الباحثة إيجاد ثلاثة أعمال مفقودة لم يتم نشرها ضمن نسخة الأعمال الكاملة التي حققها، وقدم لها الشاعر والناقد عبدالعزيز موافي ونشرها المجلس الأعلى للثقافة عام 2002 احتفالا بالذكرى المئوية لميلاد عفيف.

ويقارن البحث بين ما توفر الاطلاع عليه من أرشيف الشاعر، وبين المراجع التي ترصد تطور القصيدة العربية في القرن العشرين- التي قلما تذكر اسم حسين عفيف– لتتناول الباحثة بالنقد قضية تهميشه والتناقض القائم بين ما تثبته الوثائق من حضوره القوي في المشهد الأدبي المعاصر له، وبين غياب اسمه عن معظم المصادر التي تؤرخ للحداثة الشعرية، وأشكال تطور القصيدة العربية، وتحديدًا قصيدة النثر انطلاقًا من مجلة شعر البيروتية، التي صدرت عام ١٩٥٧.

يبدأ البحث بمقدمة حول الجدل الذي تثيره قصيدة النثر لاسيما فيما يخص المصطلح الذي أقره أدونيس من خلال منبر “شعر”، وتتناول الباحثة الاتهامات التي يوجهها الرافضون إلى قصيدة النثر باعتبارها نوعًا أدبيًا غربيًا دخيلاً على الثقافة العربية يتنافى مع تقاليد الشعر العربي.

كما تشير الباحثة إلى مخاطر عملية تهميش المحاولات السابقة على ما قدمته جماعة مجلة شعر– لاسيما مساهمات الشاعر المصري حسين عفيف- مما يخلف مزاعم خاطئة عن نشأة قصيدة النثر في حالة الانفصال عن سياقها العربي.

ويصنف النقاد إنتاج عفيف الشعري إلي ثلاث مراحل فنية، تمتد المرحلة الأولي لنحو ثمانية أعوام، وتحتوي على أعماله (مناجاة 1933- الزنبقة 1938- البلبل 1939- الأغنية 1940- العبير 1940)، بالإضافة إلي مسرحيتين شعريتين هما (وحيد- وسهير 1938)، أما المرحلة الثانية فتأتي بعد عقدين كاملين، وتشمل دواوينه (الأرغن 1961- الغدير 1965-الغسق 1968- حديقة الورد (1974)، ويعتبر موافي الديوان الأخير (عصفورة الكناريا 1977) بمثابة مرحلة ثالثة لم تكتمل إذ توفي الشاعر بعد عامين في 6 يونيو ١٩٧٩.

تقدم الباحثة في الفصل الأول عرضًا لأهم الجماعات والحركات الأدبية التي أثرت في حركة الشعر العربي الحديث، والسياق التاريخي الذي ظهرت فيه، كما تذكرها المراجع التاريخية، ثم تبدي ملاحظاتها على ما استقر من معايير تقسيم المراحل التاريخية المختلفة والتي تخلف انطباعًا عامًا عن قصيدة النثر باعتبارها تطورًا لاحقًا على التمرد السابق له، وهو التمرد على القافية دون الوزن، من خلال حركة الشعر الحر (أو شعر التفعيلة) وممثليها بدءًا من نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، حتى صلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، بينما ترى الباحثة أن إعادة النظر في نصوص الشعر المنثور السابقة على نصوص أدونيس، وأنسي الحاج، والماغوط، والتي بدأت تظهر منذ أواخر القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى دراسة ما قدمه حسين عفيف من مساهمات نظرية وعملية حول التحرر من الوزن والقافية معا إنما يدعو لدراسة قصيدة النثر العربية في مسارها الخاص الذي بدأ مبكرًا- ربما بالتزامن مع حركة الشعر الحر أو سابقًا عليها- حيث كان المجال العام يدفع باتجاه التجديد والتمرد على القوالب الموروثة بدرجات مختلفة، لتسقط عنها أيضًا اتهامات الرافضين لهذا الشكل الأدبي بالتغريب

تورخ الباحثة في الفصل الثاني سيرة ذاتية موجزة للشاعر حسين عفيف وأهم أعماله، لتقدم في الفصل الثالث- الذي يحتل النصيب الأكبر من البحث – عرضا لمحتويات أرشيفه الشخصي‬، وتعليقًا على أهم ما جاء فيه من المقالات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات، بالإضافة إلى بعض الأوراق الشخصية والخطابات وكتابات الشاعر الخاصة‬‬‬، وهي الوثائق التي قامت الباحثة بتصنيفها حسب التسلسل التاريخي وتاريخ صدور الأعمال الأدبية التي هي بالأساس موضوع الوثائق محل الدراسة لتضعها في سياقها التاريخي العام.

ويرصد الفصل الرابع مساهمات عفيف في السياق التاريخي وتتوقف أمام أهم الصراعات الأدبية حول التجديد الشعري‬‬، والتي تجلت في الصراع بين كل من حركة الشعر الحر التي تبنتها مجلة الآداب البيروتية وشعراء مجلة شعر‬.

وتتطرق الباحثة في هذا السياق للخطاب الثقافي الذي امتد فيه الصراع الأدبي إلى الصراع ‬السياسي المتعلق بأيديولوجيات القومية العربية في مقابل القومية السورية‬، وهي الصراعات التي نقلت قصيدة النثر إلى المجال العام.

وتربط الباحثة إشكاليات هذه القصيدة بالحقل الثقافي العام في علاقة مع قضية تهميش الشاعر حسين عفيف وتدلل على ريادته وحضوره في المشهد الأدبي المعاصر‬.

بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى