الأخبار

بعيداً عن “ثلاثية الأمان”:

137

 

علق ورقة على الحائط ممهورة بثلاث جمل، وقف أمامها بعدما جمع عائلته، ليشرح خريطة الأوضاع الاجتماعية بجمهورية مصر العربية قائلاً: «فى ظل المأساة اللى بتعيشها البلد.. محدش يقدر يعيش مطمن على كرامته وأسرته إلا الأفراد فى هذه المنظومات الثلاث»، وأخذ يتلو تلك المنظومات، ويعدها على أصابع يديه: أولاً: منظومة الجهات السيادية، وثانياً منظومة العدالة والقضاء والنيابة والشرطة، وثالثاً: منظومة الثروة، وقال متأثراً: «الناس ديّه بس تقدر تنام وهى مطمنة إن محدش يقدر يبوظ لها حياتها»، وعاد ليسميها «الفئات الآمنة إلى يوم الدين».. كل ذلك ما هو إلا مشهد من فيلم «فبراير الأسود»، أبدع فيه الفنان الراحل خالد الصاوى فى تجسيد لما يعيشه المجتمع المصرى من طبقية مجتمعية، يسود فيها من يمكن وصفهم بأنهم «على راسهم ريشة»، فى ظل ما يعيش فيه باقى طبقات الشعب من «الشقيانين» الكثير من المتاعب نتيجة سيطرة تلك الفئات على مقاليد البلاد ومقدراتها ولا يستطيع أحد السيطرة عليهم حتى سلطة القانون نفسها.

حازم خالد، شاب عشرينى يجوب شوارع القاهرة بسيارته الأجرة يومياً، لا يسلم من تجاوزات الشرطة، فرغم أنه «ماشى فى السليم»، وجميع أوراقه سواء رخصة القيادة أو العربة سليمة، ولكنه دوماً ما يتجنب المرور من كمائن الشرطة: «أنا ما علييش حاجة بس هما بيحبوا يرخموا.. إزاى يخلوك تعدى كده لازم يتلككوا لك على حاجة». ليست كمائن الشرطة وحدها ما يلقاه «حازم» فى الطريق، ولكن دوماً ما يجد سيارة تمر من أمامه لا تضع لوحات معدنية، ويجد موضعها «نسر شرطة»، أو هيئة قضائية أو غيرها من مسميات الفئات الآمنة، والأغرب أن تلك العربات لا تجد أى صعوبة فى المرور من الكمائن: «بتمر بكل سهولة.. والضابط يقول لها عدى يا باشا»، وحين يأتى الدور عليه لا يرحمونه من فيض الأسئلة والتحقيق عن كل شىء: «ما هو فى البلد دى الغلبان هو بس إلى بيتسأل ويتحاسب.. لكن دول فوق كل قانون».

صوان

أحمد صوان، روائى شاب، يقول إن مصطلح «جهة سيادية» فى حد ذاته مخيف للمواطن العادى، يحمل فى طياته ضوءاً أخضر للعاملين بهذه الجهة التى لا تُراقب إلا شكلياً، حيث يندرج تحت هذه التسمية جهاز المخابرات العامة، الذى يسود هذا المصطلح للدلالة على رجاله، ثم اتسع المصطلح ليشمل العاملين فى جهاز الأمن الوطنى، إضافة إلى رجال النيابة والقضاء، ثم جاء بعض رجال الجيش ليكملوا الصورة السيادية.

ويستطرد «صوان» قائلاً: «إن أفراد السيادة لا يُحاسبون، فبينما يخشى المواطن العادى ارتكاب مُخالفة، تجد السيادى يتحرك مليئاً بالمخالفات، لوحات سيارته إما مطموسة أو ذات لون أسود، ويكتفى البعض بتعليق لوحات مكتوب عليها «Private Number»، مصحوبة بنوافذ وستائر سوداء، ويكتفى بإبراز هوية المكان السيادى لتُفتح أمامه جميع الأبواب المُغلقة أو الحواجز الأمنية، وهو عادة يخرج من بيته الذى وفّرته جهة العمل إلى مكان يتبع الجهة نفسها، ويقضى عطلاته فى الأماكن الخاصة بنفس الجهة، ليعيش معزولاً عمن يسودهم، مُتمتعاً بتخفيضات كبيرة مُقابل عمله السيادى، فلا يُنفق إلا القليل من راتبه الذى لا تعلم عنه جهات الدولة سوى أنه رقم مُبهم فى الموازنة العامة للدولة».

فيما يقول محمد الزيات، طالب جامعى، إن الجيش هو صاحب السيادة الأولى فى مصر، وهناك دراسة أجريت فى عام 2012 أثبتت أن الجيش يتحكم فى 20 إلى 25% من اقتصاد مصر، فهو بدوره يكسر القوانين من أجل احتكار صناعة أو سوق تجارية معينة.

ويشير «الزيات» إلى أن القانون والدستور الحالى يسمح بإهانة المواطن المدنى وتكريم غيره من العسكريين

 

ويقول: «لو تشجار مواطن مع ضابط جيش سيحول إلى النيابة العسكرية وليس القضاء المدنى»، ويؤكد أن هذا يعد تجاوزاً على حقوق المواطن وانتهاكاً لحقوقة القانونية، لأنه لا يستيطع الدفاع عن نفسه.

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى