الأخبار

تطعيمات الحصبة.. فيها سم قاتل

8

في سرية تامة وبعد وفاة طفلتين بالغربية، سحبت وزارة الصحة الأمصال الخاصة بالتطعيم الخماسى المضاد للحصبة والحصبة الألمانية من كل محافظات الجمهورية، وكانت قد أرسلت فاكسات قبلها لكل الوحدات الصحية، توصيها بوقف التطعيمات.
فمنذ اللحظة الأولى التي بدأ بها هذا التطعيم، صاحبه الكثير من الأزمات وأثار الرعب في كل محافظة يدخلها بداية من المنوفية ومرورا بالغربية والدقهلية وأسوان، فالتطعيمات التي بدأت منتصف شهر أبريل الجارى لحق بها الكثير من اللغط على غرار ما جرى نهاية عام ٢٠١٥ حيث سادت حالة من الرعب بعد انتشار شائعة خاصة بفساد الأمصال الخاصة بالتطعيمات بمركزى تلا وشبين الكوم، ما دفع الأهالي للامتناع عن تطعيم أبنائهم.

وحينما وصل التطعيم إلى الغربية وبالتحديد كفر جعفر ببسيون أثار حالة من القلق والرعب بين الأهالي على أطفالهم الذين تناولوا جرعة من التطعيم بعدما توفيت طفلتان بسبب جرعة فاسدة، وكان الأطباء وتقارير مستشفى المنشاوى العام أكدوا أن الوفاة حدثت نتيجة ارتفاع في الحرارة وطفح جلدى وتغيب عن الوعى، وهذه الأعراض لا تنتج إلا عن طريق جرعة فاسدة من التطعيمات، وتنصلت الوزارة من الكارثة حيث أرجعت الوفاة لمرض لدى الطفلة الأولى وموت مفاجئ للثانية، قبل أن يؤكد بعض الأطباء بمحافظة الغربية أن وفاة الطفلتين يرجع إلى سوء حفظ أمبول التطعيم لرداءة المبردات المستخدمة لدى فريق التمريض.

كما انتشر الرعب في نفوس أهالي قرى محافظة الدقهلية مما أدى إلى تحفظهم وتعاونهم للتأكد من سلامة المبردات، التي قد تكون سببا رئيسيا في فساد الطعم، بجانب نشر الإرشادات والتوعية لفريق المتطوعين والأهالي تحسبا لظهور حالات.
كما أدى ارتفاع درجة حرارة ١٣ طالبة في مدرسة إعدادى للبنات ونقلهن إلى مستشفى دراو المركزى بعد ظهور بعض الأعراض عليهن إثر تناول جرعة من التطعيم إلى فزع المحافظة، وتخوفها من التطعيمات قبل أن يثبت نقيب أطباء أسوان أن سوء التخزين وعدم وجود مبردات تعمل بكفاءة جيدة هما السبب، ملقيا باللوم على وزارة الصحة وعدم تعاونها مع النقابة لوجود خلافات شخصية بين الوزير والنقابة العامة، وأنهم حذروا من قبل أن المحافظة لا بد أن تكون لها طبيعة خاصة عن باقى المحافظات الأخرى، نظرا لارتفاع درجات الحرارة بها، مؤكدا أن النقابة تقدمت بمقترحات مساعدة، لم يتم الأخذ بها بسبب الخلافات الشخصية، وعندما تورطت الوزارة بظهور أعراض جانبية بسبب فساد بعض الجرعات نتيجة لارتفاع درجة الحرارة، خرجت علينا ببيان غير منطقى، تقول فيه إنها حالة من الرهبة النفسية والغثيان، وهو كلام غير صحيح، لأنه لا يحدث ارتفاع في درجة الحرارة والإسهال إلا بسبب فساد الجرعة.
كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من الحصبة في فبراير من العام الماضى، مؤكدة أنها من الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال الصغار، على الرغم من توافر لقاح أمن وعالى المردود للوقاية منه، موضحة أن عام ٢٠١٣ شهد وقوع ١٤٥٧٠٠ حالة وفاة بسبب الحصبة في جميع أنحاء العالم وذلك بمعدل ٤٠٠ حالة وفاة في اليوم الواحد، وساعدت هذه اللقاحات في انخفاض نسبة الوفاة منذ عام ٢٠٠٠ حتى ٢٠١٣ بنسبة ٧٥٪، وتلقى ٨٤٪ من أطفال العالم التطعيم في ٢٠١٣ قبل أن يبلغوا عامهم الأول، وكانت أمراض الحصبة تقتل نحو ٢، ٦ مليون نسمة عام ١٩٨٠، قبل انتشار التطعيم على نطاق واسع، وعلى الرغم من تقليل النسبة إلا أنها لا تزال سببا رئيسيا في وفاة الصغار، وكانت منظمة الصحة العالمية حددت ٥ سنوات من بداية ٢٠١٥ إلى ٢٠٢٠ للقضاء على مرض الحصبة والحصبة الألمانية في العالم.
كانت وزارة الصحة قد أعلنت عن وصول ٢٦ مليون جرعة من مصل mr المضاد للحصبة، تم الحصول عليها من بلد المنشأ بموافقة منظمة الصحة العالمية، بتكلفة تصل إلى ١٦٥ مليون جنيه في أكتوبر ٢٠١٥ لبدء العمل به من يوم ٣١ من الشهر نفسه لمحاولة توقف حالات الإصابة، حيث إنها تضاعفت في العام الماضى، وسجلت ٥٠٢٧ حالة في ٢٠١٥ و٢٢٨٤ حالة في ٢٠١٤.

وأكد حسن رجب، والد الطفلة يارا، التي توفيت عقب تناولها جرعة التطعيم الخماسى المضاد للحصبة والحصبة الألمانية بمركز صحة بسيون بالغربية، أن ابنته كانت بصحة جيدة قبل تناول التطعيمات، ولم تصبها أدوار أنفلونزا أو نزلات معوية، وأنهم عندما كانت درجة الحرارة ترتفع في اليوم الأول لم يقلق من شيء، معتقدا أن هذا طبيعى مثلما يحدث مع أي طفل بعد التطعيم، وكانوا يقومون بعمل كمدات لخفض درجة الحرارة حتى بدأت الأعراض تزيد مع نهاية اليوم الأول من التطعيم باصفرار في الوجه مع حدوث انتفاخات في بعض الأماكن من الفخذ، وأنه عندما ذهبوا للصحة أكدوا لهم أنها من آثار التطعيمات ونصحوهم بالذهاب إلى أقرب مستشفى، وتوجهوا إلى مستشفى طنطا الجامعى، حيث حجزت في الرعاية المركزة فور وصولها، ودخلت في غيبوبة نهاية اليوم حتى توفيت، وكان قد سألهم الأطباء هل كانت ابنتهم تعانى من ارتفاع في درجة الحرارة أو نزلات معوية قبل تناول التطعيمات، مشيرا إلى أن ما حدث لابنتهم نتيجة تعاطى جرعة غير صالحة من التطعيمات، وعندما حاولوا اللجوء بتحرير محضر ضد وزارة الصحة نصحهم بعض المقربين من عدم اللجوء بدعوات ضد الوزارة حتى لا يتم تشريح رضيعتهم، كما أوضح أنه لم يتصل بهم أي مسئول من وزارة الصحة من قريب أو بعيد، وأنه إذا حصل ذلك مع أي مسئول ستنقلب الدنيا ويقدم المسئول عن الكارثة للعدالة، ولكن لأنه حدث مع مواطن بسيط لم يبال أحد بالقضية، وبالتالى ستتكرر الأخطاء ما دام المسئول عن الكارثة لم يحاسب.
وقال أحمد موسى، والد الطفلة آلاء، إن زوجته توجهت لإعطاء ابنتهما تطعيم الشهرين بالوحدة الصحية بقرية كفر جعفر التابعة لمركز بسيون، ولم تكن تعلم أنها تذهب بها للنهاية، وبعد ساعة من إعطاء البنت التطعيم لاحظت زوجتى ارتفاعا شديدا في حراراتها تخيلت في البداية أنها أمر طبيعى، حيث يتوقع مع التطعيم أن ترتفع درجة حرارة الطفل، وبالتالى ينصح دائما العاملون بالوحدات الصحية بإعطاء الطفل أدوية خافضة للحرارة، وهو ما فعلناه وأعطيناها دواء خافضا للحرارة وكمدات، إلا أن حالة البنت ازدادت سوءا، ومع مرور الوقت ازداد الأمر تدهورًا، وفى الصباح الباكر ذهبت بها لأحد الأطباء الذي نصحنا بسرعة التوجه لمستشفى بسيون المركزى، خاصة مع انتشار خبر إصابة عدد من الأطفال بعد تناولهم التطعيم، وهناك أمر الأطباء بسرعة نقلها لمستشفى المنشاوى العام بطنطا، نظرًا لسوء حالتها ودخولها في غيبوبة، ونقص التجهيزات بمستشفى بسيون.
وفى مستشفى المنشاوى، أكد الأطباء توقف المخ وبعد فترة بسيطة انتقلت ابنتى لرحمة ربها بعدما قتلها الإهمال، وأضاف في فترة مرض ابنتى القليلة علمنا أنه في نفس التوقيت دخل عدد من الأطفال من قريتنا كفر جعفر للمستشفى نتيجة التطعيم، وكأن صحة الأطفال بلا قيمة، وأشار إلى أنه حرر محضرًا بقسم ثان طنطا التابعة لها مستشفى المنشاوى.
وطالب والد الطفلة بضرورة محاسبة المسئولين وتحليل أي تطعيم والتأكد من سلامته قبل إعطائه لأى طفل.

حاول الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة، التنصل مما أثير خلال الفترة الأخيرة، حول عدم صلاحية التطعيمات ورفض ما قاله أهالي الطفلتين الذين تأكد لهم من خلال التقارير وأطباء مستشفى بسيون المركزى أن الأعراض التي وجدت عليهما من آثار التطعيمات التي تناولتاه قبل الوفاة بأربعة أيام، وأنه غير صحيح وفاة أطفال الغربية بسبب هذه التطعيمات، مشيرا إلى أنه كى يثبت أن الوفاة جراء تناول الجرعة لا بد أن تقدم فحصوات معملية تؤكد ذلك بجانب أخذ عينة من بزل النخاع الشوكى للأطفال، وهذا لم يحدث، كما أرجع وفاة الطفلة الأولى يارا حسن رجب لمرضها المتكرر منذ ولادتها، والثانية آلاء أحمد موسى نتيجة متلازمة الموت المفاجئ التي تحدث للرضع الذين تتراوح أعمارهم من شهرين إلى ٤ أشهر، وهى تحدث في العالم كله، مثل أمريكا فيها ٣٥٠٠ حالة سنويا، وطبقا لمنظمة الصحة العالمية، فإنه لا توجد أي علاقة بين متلازمة الموت المفاجئ والتطعيمات، كما أنهم أكدوا ذلك بسحب أمصال التطعيم الخماسى التي تعالج (الالتهاب الكبدى الوبائى ب، الأنفلونزا البكتيرية ب، والسعال الديكى، والتيتانوس والدفتريا) من جميع مكاتب الصحة والوحدات الصحية على مستوى الجمهورية حتى التأكد من صحته وصلاحيته للتطعيم بعد الحملة التي شنت على الوزارة بسبب الطفلتين المتوفيتين في الغربية، وأثبتت العينات التي سحبتها وزارة الصحة صلاحية الأمصال، وأنه لا علاقة لها بوفاة الطفلتين بالتطعيمات، وقامت الوزارة بردها مرة أخرى للوحدات الصحية، كما أكد أن ١٣ طالبة بمدرسة إعدادى كن موجودات بمستشفى دراو بأسوان، لديهن رهبة نفسية أدت إلى إصابتهن بالغثيان والهبوط بسبب الاضطراب النفسى والرهبة من التطعيم، وعدن إلى منازلهن سالمات دون أي أعراض، وأن الحملة استمرت في عملها بأسوان حتى ٢٠ إبريل ٢٠١٦، وأوضح أن الحملة تستخدم لقاح mr الذي تم توفيره من اليونيسيف، ومعترف به من منظمة الصحة العالمية للفئة العمرية من ١١ إلى ٢٠ سنة، وأنه قد سبق استخدامه للتطعيم ضد الحصبة والحصبة الألمانى في نوفمبر الماضى، وتم إعطاؤه لنحو ٢٣ ونصف مليون طفل بالفئة العمرية من ٩ أشهر إلى ١٠ سنوات، ولم يكن لها أي تأثيرات سلبية، وأضاف أن وزارة الصحة تواجه حملات تشويه وأكاذيب منذ أكتوبر الماضى حول التطعيمات، وعلى الرغم من ذلك تتحرك فورا عقب صدور أي شائعة لترد عليها، مثلما حدث في قرى أسيوط أكتوبر الماضى من إصابة بعض الحالات بارتفاع في درجة الحرارة وصداع وإسهال لبعض الحالات، وتم حجزهم فور ظهور أعراض للتأكد من صحتهم حتى خرجوا سالمين، واطمأنت الصحة من أنه لا علاقة لهم بالتطعيمات، وأخرجنا بيانا بأنه لا داعى للقلق من التطعيمات.

كما استنكر الدكتور محمد شرشر، وكيل وزارة الصحة بالغربية، من وفاة الطفلتين إثر التطعيمات، وأضاف أنه إذا كان الطعم فاسدا فلماذا لم يتضرر أطفال آخرون ما يقرب من ٧٠٠ ألف طفل وطفلة تناولوا التطعيمات في محافظة الغربية، مؤكدا أن سبب الوفاة من الممكن أن يكون مرض الأطفال من قبل أو ناتجا عن إهمال والديه لأن مديرية الصحة بالمحافظة أعدت الفرق والمشرفين على الحملة جيدا، وقامت بتوعيتهم بجانب تجهيز ٨٠ سيارة مجهزة، وأن المبردات الموجودة لدى الفرق كلها بحالة جيدة، ومعهم المستلزمات الطبية اللازمة، وتم نشر المعلومات عن الحملة مسبقا بجميع المستشفيات والوحدات الصحية.

فيما يرى الدكتور ياسر علام، عضو أطباء بلا حقوق بالغربية، أن الأعراض التي توفيت على آثارها طفلتا مركز بسيون بالغربية، هي ارتفاع الحرارة واصفرار الوجه وضيق التنفس وحدوث مضاعفات تؤدى إلى الدخول في غيبوبة وفقدان للوعى، وترجع إلى آثار جرعة غير سليمة من التطعيمات التي تناولتاها، وأكد أنه كان يجب على وزارة الصحة اتخاذ الإجراءات الوقائية السليمة قبل وصول التطعيمات للأطفال من خلال توفير سلاسل التبريد الجيدة لحفظ ونقل الطعوم على أعلى درجة من الكفاءة.

كما أكد الدكتور حامد مكى، نقيب أطباء أسوان، أن تعنت الوزارة مع النقابة العامة بسبب الخلاف الدائر مع الوزير بسبب الأمن جعلها ترفض اقتراحات نقابة أطباء أسوان بأن يوفروا مبردات قادرة على حفظ الأمصال لحماية الأطفال، بسبب درجات الحرارة المرتفعة هناك، مما أدى إلى إصابة ١٣ بمدرسة دراو الإعدادية بنات بمضاعفات بسبب رداءة المبردات وسوء طريقة الحفظ، مما أدى إلى فساد المصل وعدم صلاحيته للتطعيم، نافيا أن يكون ما حدث لهن هو حالة رهبة نفسية أو غثيان كما أعلنت وزارة الصحة.

كما أوضح الدكتور أمجد التابعى، عضو الحق في الصحة بمحافظة الدقهلية، أنهم يتعاونون مع الوحدات وفرق التطعيمات الموجودة بالمحافظة تخوفا من أن تحدث أعراض جانبية للأطفال مثلما حدث في الغربية ويقومون بتوعية فريق التمريض والمتطوعين مع حسهم على ضمان حفظ الطعم في المبرد وعدم تعرضه للحرارة حتى لا يفسد، والتأكد من المبرد بحالة جيدة، مع التأكيد على مدى خطورة الأعراض الجانبية التي يمكن أن تسببها هذه الأمصال، مما يعرضهم للوفاة، مشيرا إلى أنهم أيضا يقومون بالإرشاد والتوعية للأمهات بأن يتابعن أطفالهن بعد الطعم لملاحظة أي تغيير مثل أن ترتفع درجة الحرارة حتى الأربعين أو أن يكون هناك بكاء شديد وغير عادى بعد تناول القرعة، أو حدوث تشنجات أو طفح جلدى أو تورم في الفخذين واصفرار الوجه، وأكد أن هذه الأعراض لا تظهر إلا إذا كانت الجرعة فاسدة

البوابة نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى