الأخبار

16 مليار دولار حجم بيزنس «الحجاب» فى مصر

35

انتعش بيزنس «الحجاب»، وبلغ حجمه فى السوق المصرى نحو 16 مليار دولار، تمثل قيمة استيراد مصر سنويًا من ملابس وأزياء المحجبات أو ذات الطابع الإسلامى بشكل عام.

ويبدو أن هذا النوع من البيزنس بدأ يخترق السوق بقوة بعد أن صارت تنظم لهذا النوع من الملابس مسابقات وعروض خاصة على غرار مسابقات ملكات الجمال التقليدية، ولم تعد صورة عارضة الأزياء ولا حتى ملكة الجمال قاصرة فقط على تلك الفتاة المتبرجة التى تكشف عن مفاتنها ورشاقتها ونضارة بشرتها وجمال وجهها وتسريحتها وفستانها وإنما تجاوز الأمر كل ذلك ليصبح لدينا فى مصر مسابقات لما يعرف باسم «ملكة جمال المحجبات» وغيرها من المسابقات والعروض التى يجنى أصحابها الكثير من الأموال، إضافة إلى ازدهار حركة البيع والشراء فى جميع محلات أزياء المحجبات فى مختلف المدن والمحافظات .

«الوفد» ترصد فى هذا التحقيق.. حركة هذا البيزنس الجديد على السوق المصرى، وتطرح السؤال: لماذا يتم استغلال الحجاب رمز العفة والأخلاق والتدين فى مثل هذه المسابقات التى تتولاها في الغالب منظمات وجهات تكون أموالها بعيدة عن الرقابة؟

وهل هناك جهات معينة تقف وراء هذا النوع من البيزنس فى مصر؟ أم أنه رد فعل طبيعى لدعوة شريف الشوباشى للتبرج وخلع الحجاب أم أن التجار يعتبرونه طوق نجاة لإنقاذ تجارتهم من البوار وأحوالهم من تبعات الكساد والركود الذى يضرب السوق المصري.

وعرفت مصر مسابقات ملكات جمال الحجاب لأول مرة عام 2012 فى عهد الرئيس الاسبق محمد مرسى بمبادرة أطلقتها الصحفية الهولندية المغربية الأصل سميرة الكندوسى وكان هدفها نشر الحجاب فى العالم من خلال مسابقة لملكة جمال الحجاب للتوفيق بين الزى الإسلامى والبحث عن الجمال، وفازت بلقب الملكة الأولى فى المسابقة آنذاك المحجبة «أمينة فاروق».

وبعد هذه المبادرة، بدأت تنتشر أفكار ومبادرات عدة من هذا النوع، فدشنت مجموعة من الفتيات مسابقة «ملكة جمال محجبات الوطن العربى” أو ما تعرف بـ miss arab veil، تبدأ خطوط التقديم بالمسابقة عن طريق  رسائل على صفحة تحمل اسم المسابقة على الفيس بوك، ويكون مضمون الرسالة «اسم المتقدمة رباعى – سنها – المؤهل الدراسى – صورة شخصية لها – وطولها ووزنها – رقم تليفونها – الدولة التى تنتمى إليها». ولابد من توفر شروط لقبول طلب التقديم منها أن تكون محجبة عربية الجنسية أتمت الثامنة عشرة ودون الخامسة والثلاثين حاصلة على مؤهل دراسى فوق المتوسط على الأقل.

وقالت «آية محمود» مصممة الأزياء ومنظمة مسابقة ملكة جمال المحجبات: «إن الهدف من المسابقة التأكيد على أناقة وجمال من ترتدى الحجاب، أى تغيير المفهوم التقليدى عن الحجاب، وتطويره ليواكب متطلبات العصر – حسب قولها – مشيرة إلى أن المسابقة فى عامها الثانى، لاقت إقبالاً كبيرًا جدًا مقارنة بالعام الماضى، حيث تقدمت 2500 فتاة على موقع المسابقة على «فيسبوك»، فى حين أن عدد المتقدمين فى العام الماضى لم يزد على 200 فتاة.

وأكدت «محمود» أن فكرتها جاءت ضد الدعوات التى تعتبرها منهجية لخلع الحجاب، والتى تصور أن الفتاة أو المرأة المحجبة امرأة غير حسنة المظهر، ولا تعرف عن الأناقة شيئًا.

ولفتت «آية» إلى أن لجنة التحكيم استغرقت شهرين لإجراء التصفيات التى انتهت باختيار 10 فتيات فقط، وسافرت إلى المحافظات خارج القاهرة، وتمت تصفية المتسابقات إلى فتاة أو اثنتين فى كل محافظة.

شروط المسابقة

وحول الشروط التى تطالب بها المسابقة للتقدم، تقول آية: إن الفتاة التى تتقدم إلى المسابقة لا يشترط أن تكون غير متزوجة، فهناك متقدمات إلى المسابقة من المتزوجات، كما أن المشاركات فى التصفية النهائية منهن متزوجات، ويشترط أن تكون حاصلة على مؤهل جامعى، فضلاً عن التزامها بارتداء ملابس واسعة، وأن يكون الحجاب الذى ترتديه لا يظهر الشعر، ويغطى الرقبة، مؤكدة أن الكثير من الفتيات اللاتى تقدمن إلى المسابقة كن يرتدين ملابس أشبه بالحجاب، ولكن لا تناسب مفهوم الحجاب الصحيح، حيث ترتدى  كثير من الفتيات فى مصر غطاء على الشعر يظهر القربة وجزءًا من الشعر، كما أن الملابس التى كن يرتدينها كانت ضيقة وتظهر مفاتن المرأة، بما لا يتناسب مع مفهوم الحجاب، ولكن لجنة تحكيم المسابقة ساعدتهن فى تغيير ملابسهن بما يتناسب مع المفهوم الصحيح للحجاب.

ويقول «كمال الطويل» منظم المسابقة: إن اختيار أفضل 10 فتيات من بين المتسابقات يتم من خلال لجنة التحكيم من 6 أفراد، منهم من يعمل فى مجال تصميم أزياء للمحجبات، وخبراء تجميل وماكياج، ومسئولو تنسيق ملابس، ومصورون محترفون، مشيرًا إلى أن المتسابقة تجتاز اختبارات تحريرية فى مواضيع تتعلق بالثقافة العامة، والشئون الفنية والدينية والسياسية كما يجب أن تجتاز المتقدمة إلى المسابقة اختبارًا شفهيًا يقيس مدى قدرتها على التحدث ولباقتها ومدى الثقة بالنفس التى يجب أن تتمتع بها المشاركة فى المسابقة.

وأكد «الطويل» أن من تتوج كملكة فى هذه المسابقة ستكون بمثابة سفيرة للحجاب، لذا يجب أن تتمتع بثقافة معقولة وبشخصية قوية وتكون قادرة على التحدث أمام الجميع.

بيزنس أم عبادة

ويبقى الجدل دائرا حول مسابقات ملكة جمال الحجاب، هل هى حقًا تهدف إلى العلو بمنزلة الحجاب، أم أنها بيزنس تجارى يستغله البعض لتحقيق ربح مادى.

تجيب مروة رؤوف مصممة تاج ملكة جمال الحجاب قائلة: إن فكرة المسابقة ليست ادعاء أن المحجبة أفضل من غيرها، فالغرور صفة إبليس وأوليائه، ولكن أردنا أن نساهم مع الجميع فى تشجيع المحجبة، ونشر فكرة أن الحجاب ليس عائقًا يمنعها من أداء دورها داخل أسرتها وفى المجتمع.

وأكد «كمال الطويل»: أن شركته دعمت فكرة المسابقة بشدة وساعدت على تنفيذها بدون مقابل مادى يذكر، مشيرًا إلى أنه خسر مبالغ طائلة ولم يحقق ربحا يذكر.

وأشار «الطويل» إلى أن العديد من الشركات سواء الإعلانية أو المسئولة عن تنظيم الحفلات لم تهتم بالفكرة ورفضت التعاون مع المسئولين عن المسابقة مختتمًا بكل ثقة: أنهم بعد نجاح الفكرة سيراجعون أنفسهم ويتعاونون معنا بشكل كبير فى المرات القادمة وأوضح الطويل أن المسابقة لن تقف عند هذا الحد، بل سيحاولون الاستفادة من الفتيات اللاتى فزن فى المسابقة، من أجل الترويج عن طريق الندوات والمؤتمرات للحجاب وضرورة الاحتشام والالتزام بالزى الشرعى.

واتفقت معه إلى حد كبير آية محمود “صاحبة فكرة المسابقة” مؤكدة أن المسابقة بدون ممولين رئيسيين يساعدون فى الترويج للفكرة ونجاح تنفيذها لم تنتشر وتنجح بهذا الشكل، مشيرة إلى أن المصورين ومصممى الأزياء وخبراء التجميل كانوا أبرز الممولين والراعى الرسمى للمسابقة.

وأكدت آية أن المسابقة حققت هامش ربح قليلا لأصحابها والمسئولين عنها، لافتة إلى أنها لا تنكر المكسب المادى للمسابقة فلا يوجد أى عمل يتم بدون مقابل.

تناسق وتناسب

وترى غادة المراكبى خبيرة التجميل: أن فكرة مسابقة ملكة جمال الحجاب جيدة، لأن المجتمع دائمًا ينظر للفتاة المحجبة أنها لا تستطيع عمل شىء وغير أنيقة، لذلك فهذه الدعوات تنصف الفتيات وتثبت أنهن بالحجاب أجمل، مشيرًة إلى أنه رغم جودة الفكرة لكن هناك بعض القصور فى تنفيذها وخاصة من الناحية التجميلية، فمعظم الفتيات اللاتى ظهرن فى تصفيات المسابقة «ألوانهن غير متناسقة والمكياج غير متناسق ولا متناسب مع طبيعة وجوهن فضلاً عن «كثرته فى البشرة بما لا يتناسب مع طبيعة الحجاب الذى لابد أن يكون غير لافت للانتباه».

الليبراليون والسلفيون يتحدون

ولأول مرة يتفق الليبراليون مع السلفيين فى أمر واحد، هو الرفض المطلق لفكرة ملكة جمال الحجاب بينما يرى شريف الصاوى – الداعية السلفى- أن الحجاب ليس لفافة حول الوجه وإنما الحجاب الشرعى يمثل سلوكًا وخلقًا للمرأة المسلمة فى حياتها لستر مفاتنها أمام غير محارمها، مؤكدًا أن تلك المسابقات تمثل عرضًا لمفاتن المرأة. اتفق معه أيضًا عدد من الليبراليين رفضوا ذكر أسمائهم مؤكدين أن المسابقة لا تخلو من عنصرية وانتهاك واضح لحقوق الإنسان، حيث تنظر للمرأة على أنها سلعة تعرض أمام الجميع لكى يتحدثوا عن جمالها ورشاقتها وأمور أخرى عديدة.

وكان الكاتب الصحفى شريف الشوباشى قد وجه فى العام الماضى دعوة إلى نساء مصر لخلع الحجاب، معتبرًا أن فتيات مصر تعرضن إلى التهديد والترويع والإرهاب النفسى، حتى يتم إجبارهن على ارتداء الحجاب وأن هناك آلة دعائية جبارة من جانب جماعات الإسلام السياسى وقفت وراء الحجاب بهدف تكوين دولة الخلافة ورفض عدد كبير من المحجبات دعوة الشوباشى، ودشنوا مجموعة من الحملات ضد هذه الدعوة ونفذوها عمليًا بمسابقة ملكة جمال الحجاب كنوع من المكيدة لصاحب دعوة الخلع.

وردًا على المسابقة، قال «شريف الشوباشى» إن هناك تناقضًا جوهريًا بين المسابقة والحجاب، فالأخير من المفترض أن يخفى فتنة المرأة وعدم إثارة الرجل، فى حين أن المسابقة تظهر مفاتن المرأة ومواطن جمالها.

وأكد «الشوباشي» أن دعوته بخلع الحجاب مستقيمة ودفاع عن حرية الاختيار وعدم فرضه على البنات وإجبارهن عليه، ولكن هذا النوع من المسابقات رد ساذج جداً على دعوتى، ولا ترفع من شأن الحجاب، لانه ليس فقط مجرد غطاء للرأس ولكنه من المفترض أن يسمو بأخلاق الفتيات وسلوكهن، مشيراً إلى أن الالتزام الأخلاقى لا يظهر مفاتن المرأة ويجعل النساء يتنافسن على من تكون الأجمل.

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى