الأخبار

“إذا اللحم غِلي فالصبر رخيص”

 

 

“الدولار سيصبح بـ 4 جنيهات بعد تقوية وضع البورصة المصرية عبر زيادة التدفقات المالية”، تصريحات اعتبرها أشد المواطنين المصريين تفاؤلا وأعتى الاقتصاديين خبرة، دربًا من دروب الخيال الاقتصادي، مطالبين “عامر” بتبني سياسيات نقدية واضحة المعالم تحرك المياه الراكدة في بحر الإقتصاد المصري وتخرجه من عثرته، بعد أن صار كالمتهم المدان الصادر بحقه حكم الإعدام لكن مع إيقاف التنفيذ.

طارق حسن عامر محافظ البنك المركزي المصري، ينحدر نسله من أحد الأسر العريقة، فوالده الراحل حسن عامر شغل منصب رئيس نادي الزمالك خلال حقبة الستينات، وعمه هو المشير عبدالحكيم عامر وزير الحربية الأسبق وأحد أهم رجال ثورة يوليو 1952.

قضى “عامر” حياته المهنية متنقلا بين جنبات القطاع المصرفي، حيث شغل العديد من المناصب، ونجح في قيادة البنك الأهلي المصري لتحقيق ربح تجاوز أكثر من ملياري جنيه، ليتم اختياره نائبا لمحافظ البنك المركزي الأسبق فاروق العقدة، قبل أن يتقدم بالاستقالة من منصبه عام 2013.

وقع الاختيار على طارق عامر لشغل منصب محافظ للبنك المركزي بديلا للمصرفي السابق هشام رامز الذي تقدم باستقالته نتيجة ارتفاع معدل التضخم، وإخفاقه في السيطرة على سعر سوق الصرف.

دخل طارق عامر البنك المركزي تسبقه زفة بلدي، ارتفعت فيها صيحات التكبير والإعجاب بشخصه وسيرته، واعتبرته الملهم الذي هبط من السماء لإنقاذ البلاد والعباد من مهالك الغلاء.

لكن كان للدولار رأي آخر، حيث كشر في وجه عامر كاشفا عن وجه القبيح، مسجلا إرتفاعات جنونية ساهمت وبشكل أشد حدة في زيادات جديدة الأسعار وإرتفاع غير مسبوق في معدل التضخم، جعلت “عامر” يصبح في حيرة من أمره، ليقرر بعدها تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي رغبات محافظ البنك المركزي، حيث لم تفلح محاولاته في ضبط السوق، فقد إستمر الدولار في إرتفاعه الجنوني وواصل الجنيه إنخفاضه، وبات المواطن المصري واقفًا في منطقة رمادية نادبا حظه العثر، لا يعلم نهاية للخروج من نفق التقلبات الإقتصادية المظلم.

ومن باب المصائب لا تأتي فرادي، فقد تلقي “عامر” ضربة أخري موجعة، جاءته تلك المرة من محكمة القضاء الإدراي، التي قضت ببطلان قراره السابق بعدم جواز المد لرؤساء البنوك بعد مرور تسع سنوات، معتبرة القرار لايتوافق مع صحيح القانون والدستور، اختفي بعدها “عامر” عن الأنظار دون أي تعقيب علي الحكم، ملتزمًا بصمت القبور، قبل أن يعلن لاحقا عدم الطعن علي الحكم.

آثار محافظ البنك المركزي الجدل مرة أخري في الشارع المصري، بتصريحات أحتبست الأنفاس معها، حول احتمالية إعادة تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار مرة أخري، في وقت يؤكد الجميع أن جيوب الفقراء باتت خاوية علي عروشها، ولاتحتمل أي زيادة جديدة في الأسعار، لترتفع أصواتهم مرددين ومحذرين “إذا اللحم غلي فالصبر رخيص”.

 

الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى