اخبار عربية

أى مستقبل ينتظر تركيا بعد «الانقلاب الفاشل»؟

 

 

استبداد أردوغان دفع أتراكًا وحكومات أجنبية للتململ من حكمه.. ومراقبون يرجحون توسيع ديكتاتورية الرئيس ولا يستبعدون تكرار مثل هذا التحرك
– محللون: أنقرة ستكمل طريقها نحو النظام الرئاسى.. والانقلاب فرصة فريدة لانقضاض أردوغان لتحقيق طموحاته الشخصية
بعد نجاحه فى التصدى للاحتجاجات المناهضة للحكومة التى استمرت أشهرا فى 2013، وإفلاته من النيران التى اصطلى بها وزراؤه فى قضايا الفساد قبل نحو ثلاث سنوات، ينجو مجددا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من محاولة انقلاب، ليبقى السؤال الذى يطرحه المراقبون والخبراء أى مستقبل ينتظر الرئيس أردوغان فى بلد شهد ثلاثة انقلابات عسكرية وآخر لم تستخدم فيه القوة، وهناك دائما مؤشرات على تصدعات يمكن أن تنبئ بمثل هذا التحرك.
إذا ما الذى حرك محاولة الانقلاب مجددا، يقول خبراء، إنه خلال السنوات الأخيرة، عبر معارضون وحكومات أجنبية ومواطنون أتراك عن مخاوفهم من الاتجاه نحو نظام تسلطى فى ظل أردوغان.
وعلى الرغم من الاشادة به فى السنوات الأولى بعد توليه رئاسة الحكومة فى 2003، بات أردوغان يتهم بأنه يدغدغ نزعة دكتاتورية منذ أن أصبح أول رئيس منتخب مباشرة من الشعب فى صيف 2014. حيث يطمح أردوغان لتغيير الدستور التركى الذى صيغ فى 1980 إثر آخر انقلاب عسكرى ناجح، بهدف تبنى نظام شبيه بالنظام الرئاسى الأمريكى يعزز سلطاته كرئيس.
ويقول الباحث فى مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات فى واشنطن أفكان أردمير إن الانقلاب كان نتيجة عوامل عدة بما فيها مخاوف الجيش من النظام الجديد الذى يعد له أردوغان. ويضيف أن الأسباب الأخرى تتضمن «أحد آخر التطورات المتمثلة فى قانون إعادة تشكيل المحاكم العليا وكذلك رفض أردوغان البقاء على الحياد».
أما عن فشل محاولة الانقلاب الأخيرة، فيقول مدير معهد «إدام» البحثى والباحث الزائر لدى معهد «كارنيجى» الأوروبى سنان أولجن: «لم يشارك الجيش كله فى الانقلاب مثلما حدث فى الانقلابات السابقة وإنما نفذته مجموعة احتجزت بنفسها قائد الجيش رهينة».
ويضيف: «قامت بذلك مجموعة لا تنتمى إلى المراتب القيادية ــ مجموعة صغيرة فى الجيش نسبيا. حتى إنها خطفت قائد الجيش. لم تكن عملية خطط لها الجيش وكان ذلك جليا. من دون الدعم التام للجيش لم تكن لديهم القدرة» على النجاح.
ويقول أردمير: «ولى عهد الانقلابات الناجحة مثلما حدث فى 1960 و1971 و1980 مع وجود معارضة قوية لها من الشارع. حيث أبدى الناس هذه المرة تضامنا (مع الحكومة). حتى إن الأحزاب الثلاثة المعارضة فى البرلمان سارعت إلى إدانة محاولة الانقلاب». ويضيف أن «الأحزاب السياسية ليست لديها ذكريات جيدة» عن الانقلابات السابقة نظرا لمعاناتها تحت الحكم العسكرى.
ويقول أولجن: «عندما لاحظ الناس أن الانقلابيين لا يحظون بدعم الجيش، كان من السهل الوقوف فى وجه الانقلاب. فى الواقع، كانت كل الظروف ضد الانقلابيين وظهر حتى على «تويتر» وسم: ليس انقلابا وإنما مسرحية».
وتقول المحاضرة فى السياسة والعلاقات الدولية فى جامعة نوتنجهام ترنت فى بريطانيا ناتالى مارتن: «بدا أنه كان محكوما عليه بالفشل. وهو أمر أشاع الشكوك بأنه من الممكن تماما أن يكون انقلابا كاذبا».
ويوضح المراقبون أن تداعيات الانقلاب الفاشل، ستجعل أردوغان البراجماتى المحنك يعرف كيف يستفيد من الفرص التى يتيحها هذا الفشل من أجل تشديد قبضته على تركيا ولكنه يواجه خيارا صعبا.
ويقول أردمير: «يمكنه إما البناء على واقع أن جميع الأحزاب دعمته وأن يبدأ عهدا من التوافق وإما يستغل هذا كفرصة لتعزيز حكم الرجل الواحد». ويضيف: «الأمر عائد له تماما، المسار الذى سيختاره ستكون له عواقب هائلة. الشق المتفائل فى داخلى يفضل اختيار المسار الديموقراطى، لكن الواقعى والمتشائم يقول إن أردوغان لن يفوت مثل هذه الفرصة، وسيكون ذلك مؤسفا حقا».
ويقول أولجن: «سيخرج أردوغان من الوضع أقوى، ولكن السؤال هو إن كان يرغب فى استخدام ما حدث من أجل اعتماد سياسة أكثر توافقية». ويضيف: «إنها فرصة فريدة لتحقيق أجندة ديموقراطية أكثر طموحا. ولكن السيناريو المرجح هو أن يستخدم اردوغان هذا لتحقيق طموحاته الشخصية وإقامة نظام رئاسى».
الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى