الأخبار

ساعة «رفيع» وساعة «كسار»

73

 

 

فى سماره وخفة دمه و«لزمته» الشهيرة (يخرب بيتك) يتشابه «رفيع»، الفتى الصعيدى اليافع، مع الفنان القدير الراحل على الكسار، حين يراه الناس للمرة الأولى ويتحدثون معه يظنون أن ملابسه التى يرتديها ما هى إلا إكسسوار ما فى عمل فنى يشارك فيه، فهيئة «فتى البخور» متقنة إلى حد بعيد، كما أن طريقة كلامه الواعية المهذبة لا تشى أبداً بتواضع حاله وسوء معيشته.

«على مهلك يا حاج» يسارع الصغير الذى لم يتخطّ الـ14 عاماً، إلى مساعدة أحد المارة من العجائز فى شبين الكوم بالمنوفية، هكذا اعتاده أهل المنطقة، فالصغير حامل «منقد البخور» لا يتوانى عن مساندة الجميع دون أن ينتظر أى مقابل، ما جعل الكثيرين يصفونه بـ«الجدع» الذى يشبه على الكسار، فى «لزماته» وطريقته المضحكة.

«إحنا عايشين فى زريبة، 8 إخوات والتاسع جاى فى السكة».. ببساطة يقولها «رفيع» لمن يسأله عن أحواله. لا يبدو ممتعضاً كثيراً من وظيفته التى تضطره للمشى طوال النهار فى الحر والتراب: «أبويا حداد، ساعات باساعده، وساعات أبيع مناديل، وساعات تانية أشيل البخور وألف بيه». يزجره البعض صارخاً فى وجهه: «اخرج من المحل يا ولد»، ويعطف عليه البعض الآخر بجنيه أو نصف جنيه، أما هو فيقابل الجميع بابتسامة هادئة لا تفارق وجهه الأسمر الملوث بسوائل عدة.

من جرجا فى سوهاج إلى قويسنا فى المنوفية، رحلة بحث عن لقمة العيش قطعتها أسرة «رفيع»، يمنّى الصغير نفسه طوال الوقت بمستقبل رائع: «أنا مش هافضل كدا طول عمرى، أنا هابقى حاجة كبيرة»، رافعاً أنفه لأعلى بإباء. «هتبقى إيه يعنى؟» يسأله البعض، فيرد: «هابقى صاحب شركة استيراد وتصدير».

يعطف البعض على حاله فيقدمون له الطعام والشراب، يتردد قليلاً، فبعض من عزة النفس يميزه، لكن الابتسامات تشجعه على تناول الطعام، فيكافئ مضيفيه بما يملك من موهبة: «هاغنى لكم أغنية»، يقولها بسعادة وثقة فى قدرته على إسعاد أهل الخير، يختار أغنية من أغانٍ كثيرة يحفظها، بصوت جميل يفاجئ الجميع، فتنتهى الوصلة بتصفيق ينظر له الصغير بإعجاب: «مش قلتلكم هاتتبسطوا!!».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى