منوعات

هل ينجح وزير التموين الجديد في القضاء على «مافيا القمح»؟

 

أزمات عديدة متلاحقة واجهت وزارة التموين خلال الأسابيع والشهور الماضية، بداية من استيراد قمح فرنسي مسرطن يحتوي على فطر”الإرجوت”، المسبب للإجهاض والسرطان، مرورًا بأزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية وفشل الوزارة في تطوير قطاع إنتاج السلع الغذائية التابع للوزارة بهيئاته وشركاته، وصولًا إلى القضية الأبرز حتى الآن الخاصة بالتوريدات الوهمية للأقماح المحلية وخلطها بالأقماح المستوردة والتلاعب في توريده من قبل أصحاب شون وصوامع القمح والمليار جنيه التي رصدتها لجنة تقصي حقائق فساد “صوامع القمح” البرلمانية.

تلك المخالفات الجسيمة التي تسببت في الإطاحة بالدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية السابق من منصبه على خلفية حفظه التحقيقات في عدد من القضايا الشائكة المتعلقة بالفساد في منظومة القمح التي أسفرت عن إهدار نحو 13 مليار جنيه، جاءت نتيجة السياسات الخاطئة للوزير السابق.

إلى أن تم اختيار اللواء محمد علي مصيلحي، رئيس جهاز الخدمات العامة السابق ورئيس هيئة الإمداد والتموين التابعة للقوات المسلحة، لتولي حقيبة “التموين” بعد تصويت البرلمان بأغلبية على ترشيحه.

مافيا القمح في مواجهة الوزير الجديد

ملفات عديدة مطروحة أمام وزير التموين الجديد، ابن القوات المسلحة، أخطرها كيفية تعامله مع قضايا الفساد في عمليات توريد القمح ومافيا تهريبه، التي تصالح الوزير السابق معها وتسببت في تقديمه استقالته من منصبه منعًا لإحراج الحكومة، خاصة بعد إثارة موضوع إقامته داخل فندق “سميراميس” منذ أكثر من عامين، وذلك بعد ساعات من كشف التلاعب في منظومة القمح، بداية من توريد وإدارة المخزون، مرورًا بالطحن، وصولًا إلى إنتاج رغيف الخبز والذي تسببت فيه سياساته الخاطئة.

وكانت المفاجأة أن خطاب الوزير السابق، إلى النائب العام في القضية رقم 8166 لسنة 2015، هو ما أسهم في الإفراج عن شخص متهم بتحقيق مكاسب غير مشروعة بلغت 11.2 مليون جنيه، والمتهم فيها أحد أصحاب المخابز، لقيامه بإثبات عمليات بيع وهمية على ماكينات صرف الخبز، وذلك باستخدام فلاشات وبطاقات تموينية دون علم أصحابها، لتحقيق مكاسب غير مشروعة دون وجه حق، وقد أُفرج عنه بناءً على الخطاب الذي أرسله وزير التموين والتجارة الداخلية إلى المستشار النائب العام، لحفظ التحقيقات الخاصة بجرائم المخابز المشار إليها”.

الملف الملغوم.. فساد “صوامع القمح”

عجز كامل في مختلف المواقع التي زارتها لجنة تقصي الحقائق بالمحافظات المصرية بواقع 560 مليون جنيه في شون وصوامع القمح بحسب عضو لجنة تقصي الحقائق المحامي أحمد جاد، والذي فجَّر قضية فساد “صوامع القمح” قبل عام من الآن، وطالب وزير التموين الجديد اللواء علي الشيخ بأن يُضرب بيدٍ من حديد على كل فاسد في منظومة القمح حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه بالاستيلاء على أموال الدولة.

وطبقًا للتقارير الرقابية الجديدة فقد ارتفعت الحصيلة المالية للمخالفات المرصودة حتى الآن لتتخطى 700 مليون جنيه، والخاصة بتورط أصحاب الصوامع والشون في تزوير كشوف وأوراق تضمنت أسماء بعض ملاك الأراضى الزراعية، أثبتوا فيها على غير الحقيقة، زراعتها بمحصول القمح المحلي وتوريده، للاستيلاء على ملايين الجنيهات من أموال الدعم المقدمة من الدولة.

ولا تزال نيابة “الأموال العامة” حتى الآن تُحقق في وقائع تزوير الكشوف الخاصة بتوريدات القمح المحلي من المزارعين، بعدما تبين أن مسئولين بوزارة الزراعة شاركوا أصحاب الصوامع في وقائع تزوير الكشوف، وتسجيل أسماء ملاك أراض زراعية ومزارعين، للادعاء بتوريدهم محاصيل القمح للشون والمخازن، ومن ثم تمكين أصحابها من الاستيلاء على المال العام المخصص لدعم توريدات الأقماح المحلية.

تطهير الوزارة من رؤوس الفساد 

“الخراب كله حدث في وزارة التموين بسبب تعيين غير متخصص لا في الغذاء ولا البورصات العالمية ولا الدعم والأسواق”.. كان هذا رد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري الذي أكد أنه ينبغي أن تُدار مؤسسات الدولة بالعلم والفكر والرؤية وليس بسياسة العصا الغليظة التي لا ترهب الفاسدين، مؤكدًا أن الموظفين سيضعون غير المتخصص في أصغر جيب لديهم.

ومن أبرز مطالبات الوزير الجديد بحسب “نور الدين” الذي طالب عبر صفحته الشخصية على “فيسبوك” بإقالة رئيس هيئة السلع التموينية المسؤول عن طرح مناقصة القمح الأخيرة لشراء قمح أمريكي فقط يحتوي على فطر “الإرجوت”، ومحاولته إقناع الشعب بالفطر المُسرطن، ومن ثم لا بد من تحويله للمحاكمة العاجلة، لأنها بحسب تعبيره محاولة ساذجة للضغط على الدولة وهو يعلم الموقف الأمريكي جيدًا، قائلًا: “اطردوا كل أتباع الوزير الفاسد حتى تستقيم الأمور بالوزارة لأن أرباح الفاسدين بالملايين”.

وتساءل أستاذ الموارد المائية، عن أسباب عدم تحويل كل من رئيس هيئة السلع التموينية ومدير مكتب الوزير إلى النائب العام، رغم مسئولياتهم الكاملة عن فساد المنظومة وصرف مبالغ مليونية للفاسدين بدون وجه حق والتوقيع على صحة لجان الجرد المزورة، ثم ثناء الوزير السابق على دورهما وترقيتهما بعد الستين إلى رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ورئيس قطاع التجارة الداخلية، وهو ما يعني “الطرمخة على الفاسدين، والردم على أدلة الفساد وعدم فضحها والتغطية على جرائم الوزير السابق”.

يُذكر أن مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها من القمح، حيث استوردت العام الماضي 12 مليون طن، متربعة بذلك على قائمة أكثر 10 دول مستوردة للقمح.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى