الأخبار

بروفايل| كامل كيلاني.. أديب الطفولة

يدخل عالمه الخاص الممتلئ بالبهجة، يستحضر عشرات الأطفال الذين يطوقونه لسماع حكاياته التي تتسع بها مداركهم، فتارة يقص لهم ما جرى لـ”علي بابا والـ40 حرامي”، وأخرى يثير شوقهم لسماع المزيد من نوادر “جحى” التي لا تخلو من عبرة تعلمهم شيئا جديدا، ثم يختتم ليلته معهم بقصة جديدة من قصص “ألف ليلة وليلة” التي يرويها على لسان “شهر ذاد”، ليصبح “كامل كيلاني” هو مكتبة في حد ذاتها يجد فيها الأطفال ما يزيد على حاجتهم لإرضاء خيالاتهم الواسعة.

الأجواء التي نشأ فيها ذلك الطفل المولود في عام 1897، أهلته لينهل من مختلف ألوان الأدب ودروبه، فالسنوات الأولى من حياته ساقت له بتلك المربية اليونانية التي كانت تثقل وجدانه بعشرات الأساطير التي تمتلأ بها الثقافة اليونانية، ثم تتلاقى تلك الأساطير مع قراءته لقصة “عنترة بن شداد” وحكايات أبي زيد الهلالي مع الزناتي خليفة، ناهيك عن دراسته الجامعية للأدب الإنجليزي والفرنسي والإيطالي، قبل أن يستغل وظيفته كمصحح لغوي بوزارة الأوقاف في معرفة كل الأساليب اللغوية المستحسنة في الكتابة.

“إذا أردتم أن تسيطروا على تلك البلاد، فعليكم بالقضاء على اللغة العربية في أهلها”.. ربما كانت تلك الكلمات التي سمعها الأديب الشاب “كامل كيلاني” من اللورد “كرومر”، المندوب السامي البريطاني، هي سبب إصراره على الكتابة للأطفال باللغة العربية الفصحى، فكانت أول قصصه بعنوان “تاجر بغداد” التي اقتبسها من تراث “ألف ليلة وليلة”، بل وطالب إدارة دار المعارف بتدعيم الرواية بصور كاريكاتيرية تساعد الأطفال على فهم أحداث الرواية.

لم يكتفٍ “كيلاني” بكونه مؤسس أدب الأطفال في مصر، بل قرر أن يترجم بعض القصص الأجنبية الشهيرة، فها هي حدوتة “عقلة الإصبع” تخرج إلى النور بعد أن ترجمها للعربية ثم أعاد ترجمتها مرة أخرى إلى الإنجليزية بعد أن أضفى عليها لمحات زادتها رونقا وجمالا.

صاحب روايات “الفيل الأبيض” و”سمسمة”، الذي تم ترجمة مؤلفاته للروسية والصينية والألمانية والفرنسية، قرر أن يطور حواره مع الأطفال ليكون أول من يخاطبهم عبر أثير الإذاعة، سواء من خلال تحويل قصصه إلى مسلسلات إذاعية، أو حكايات جديدة يكتبها لتكون الرعيل الأول لركن الأطفال بالإذاعة.

مؤلف الـ50 كتابا في عالم الصغار، أبى أن يترك الدنيا قبل أن يطرق أبوابا أخرى في عالم الأدب، فكان مؤلفه في أدب الرحلات بعنوان “مذكرات الأقطار الشقيقة”، وسجل فيه انطباعاته عن رحلاته في كل من فلسطين ولبنان وسوريا، فضلا عن كتب أخرى منها “نظرات في تاريخ الإسلام” و”ملوك الطوائف” و”مصارع الخلفاء”.

رائد أدب الطفل، الذي رحل في 9 أكتوبر عام 1959، كرمته الدولة بالعديد من شهادات التقدير، إلا أن التكريم الأوفى كان تخصيص جائزة باسمه لكل من سار على دربه وأثرى أدب الطفل بمؤلف يغذي العقل ويرقي الذوق ويمس الوجدان.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى