الأخبار

جريمة العريش.. والمؤامرة المكشوفة!!

52

 

 

يبدو أننا أخطأنا الحساب.. تصوَّرنا أن مدَّعى الجهاد لن يفعلوا شيئًا لمواجهة العدوان الإسرائيلى البربرى على شعبنا الفلسطينى، وأنهم سيبقون فى جحورهم كما يبقى إخوان لهم فى قصور الأمراء أو الفنادق الفاخرة فى الدوحة أو إسطنبول، لكنهم فاجؤونا أمس، فخرجوا من جحورهم، وأعدوا القذائف الصاروخية، هلَّلوا وكبَّروا وأعلنوا أنهم ذاهبون للانتقام من عدو الله.

انتقلوا إلى موقع العمليات، صوَّبوا قذائفهم جيدًا نحو الهدف. لم يكن هدف المجاهدين الأشاوس هو العدو الإسرائيلى، بل كان أهلنا فى العريش، الضحايا حتى الآن سبعة، بينهم أطفال وعشرات من الجرحى. أرادوا بعد ذلك أن يقولوا إنهم لا يفرِّقون بين شعب وجيش. ضربوا موقعًا عسكريًّا ليسقط شهيد آخر من المجندين وعدد من المصابين.

لم يفاجئنى هذا الانحطاط لأسباب كثيرة، فقد رأينا قبل ذلك مَن يقسمون بأنهم على القدس رايحين شهداء بالملايين، وهم يقدمون آيات الولاء لإسرائيل، ويصفون زعماء القتلة بـ«الأصدقاء والأعزاء»، ثم يشاركون فى ذبح جنودنا فى رفح أو قتل أبنائنا فى أنحاء مصر.

ورأينا قبل ذلك كبرى المنظمات الإرهابية مثل «القاعدة» وهى تنشر الدمار فى بلاد العرب والمسلمين وتتحاشى تمامًا أن تصطدم بإسرائيل. وقرأنا بعد بداية الحرب البربرية الإسرائيلية على الفلسطينيين فى غزة ما أبدعته «داعش» من أن الله لم يأمرهم فى القرآن الكريم بقتال إسرائيل حتى يقاتلوا المرتدين والمنافقين.. والليبراليين الملحدين!!

لكن الأهم من ذلك أن ما تفعله إسرائيل فى عدوانها الهمجى ليس بعيدًا عما تفعله عصابات الإرهاب التى تعبث بالإسلام وتخون الأوطان. خيط واحد يربط بين جرائم إسرائيل وجرائم إخوان الإرهاب فى كل أنحاء الوطن العربى.. من العراق وسوريا، إلى ليبيا واليمن إلى سيناء التى توهموا يومًا أنهم سيسيطرون عليها بتواطؤ حكم الإخوان العميل ثم فوجئوا بمصر «شعبًا وجيشًا» تسقط الحكم الفاشى وتستعيد سيناء من قبضة عصابات الإرهاب.

منذ بداية الهجوم الوحشى الإسرائيلى على شعبنا الفلسطينى فى غزة، وأنا أتوقّع عمليات إرهابية منحطة فى سيناء وحولها، فالهدف من حرب الإبادة ليس فقط توجيه ضربة قاسية إلى الشعب الفلسطينى، وإنما أيضًا إلقاء كرة النار المشتعلة فى اتجاه مصر، وخلق مناخ يساعد جماعات الإرهاب فى سيناء على تجاوز الضربات التى تتلقاها، وزيادة الأعباء الملقاة على جيش مصر وهو يؤمِّن حدودًا ملتهبة ويواجه إرهابًا منحطًّا وتآمرًا خارجيًّا لم يعد حتى يهتم بإخفاء عدائه لمصر وشعبها وجيشها الوطنى.

الخيط موصول بين إرهاب إسرائيل قبل العدوان وبعده، وبين الصعود العجائبى لـ«داعش» فى سوريا والعراق، وبين تصاعد نشاط القاعدة، وحلفائها فى اليمن وليبيا والمحاولات المستميتة لإبقاء عصابات الإرهاب فى مصر على قيد الحياة رغم الضربات التى تتلقاها.

الخيط موصول، والمخطط لم يعد خافيًا، والهدف هو إغراق المنطقة فى الفوضى تمهيدًا لإعادة تقسيمها، والذين راهنوا على إعطاء حكم المنطقة للمتاجرين باسم الدين الحنيف لن ينسوا هزيمتهم عندما أسقطت مصر «شعبًا وجيشًا» هذا المخطط فى ٣٠ يونيو، وهم يطلقون الآن فى وجوهنا عصابات الإرهاب المنحط فى كل أنحاء الوطن العربى، ومعهم الإرهاب الإسرائيلى العتيد.. متوهمين أن هذا كله يمكن أن يكسر إرادتنا، وأن يجعلنا نخضع لمخططاتهم ونقبل بإرهاب يضع الأقنعة لكى يقال عنه إنه معتدل، لأنه فقط يبدو أقل وقاحة وهو يمارس أحط أنواع الإرهاب!!

الخيط موصول، والمؤامرة مكشوفة، ومصر تعرف أن قدرها أن تحارب على جبهات عديدة تتحمَّل مسؤولياتها لوقف حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطينى الشقيق، وتقاتل إرهابًا يتاجر بالدين ويخون الوطن. وتتصدَّى لمؤامرة لا يريد أصحابها أن يعترفوا بهزيمتهم حين أسقطت مصر الحكم الإخوانى الفاشى، وكشفت كل مخططات إغراق المنطقة فى الفوضى تمهيدًا لتقسيمها من جديد.

الخيط موصول، والمؤامرة مكشوفة، ولا فرق بين إرهاب تمارسه إسرائيل، وإرهاب يمارسه من يرفعون رايات تحرير القدس، ثم لا يفعلون إلا قتل أطفالنا فى العريش. العار لهم، والنصر لمصر المحروسة حتى يوم الدين.

الدستور الاصلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى