الأخبار

كواليس سحب مصر مشروع قرار «إدانة الاستيطان الإسرائيلي»

– مسئولان غربيان: إدارة أوباما لم تكن تعتزم استخدام «الفيتو» ضد القرار.. ودبلوماسى غربى: المشروع دفن للأبد
– مسئول إسرائيلى: نتنياهو فشل فى إقناع أوباما باستخدام حق النقض فلجأ إلى ترامب لممارسة ضغوط لتفادى تمرير القرار
– 4 دول بينها السنغال تبلغ مصر اعتزامها تبنى القرار فى مجلس الأمن فى حال عدم وضوح موقف القاهرة
أعلنت مصر، فجر اليوم الجمعة، موافقتها على تأجيل التصويت على مشروع قرار مصرى ضد الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربية المحتلة فى مجلس الأمن الدولى بعد اتصال تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب.

وطلبت مصر أمس الخميس تأجيل التصويت على مشروع القرار الذى قدمته الأربعاء ويدعو الدولة العبرية إلى «وقف فورى وتام لكل أنشطة الاستيطان واعتبار هذه الأنشطة غير مشروعة وتنتهك القانون الدولى»، وهو ما دفع اسرائيل إلى الاتصال بترامب لمنع التصويت على القرار.

وأفادت وكالة «رويترز» للأنباء، اليوم، نقلا عن مسئولين غربيين اثنين القول إن إدارة الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما كانت تنوى السماح لمجلس الأمن الدولى بالموافقة على مسودة قرار أعدته مصر يطالب بإيقاف البناء الاستيطانى الإسرائيلى، فى خطوة تمثل تحولا كبيرا عن الحماية الأمريكية المعهودة لإسرائيل والتى تحول دون توجيه مثل هذا الانتقاد لها.

وقال المسئولان الغربيان إن إدارة الرئيس الأمريكى أوباما كانت تعتزم الامتناع عن التصويت وهى خطوة نادرة نسبيا من جانب الولايات المتحدة تتيح توجيه انتقاد للبناء الاستيطانى على أرض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.

وأضافا أن المسئولين الأمريكيين عبروا عن تنامى القلق من أن يعرقل البناء الاستيطانى الإسرائيلى حل «الدولتين» لذا كانوا أكثر استعدادا لإبداء انتقاد علنى له.

وصرح مسئول إسرائيلى كبير بأن الحكومة الإسرائيلية طلبت من ترامب ممارسة ضغوط لتفادى موافقة مجلس الأمن على مسودة القرار، بعد أن علمت أن إدارة أوباما تعتزم السماح بصدور القرار.

وأضاف أن المسئولين الإسرائيليين أجروا اتصالات «رفيعة المستوى» مع فريق ترامب الانتقالى بعد أن فشلوا فى إقناع المسئولين الأمريكيين باستخدام (الفيتو) لمنع التصديق على القرار المقترح وأنهم طلبوا منه التدخل.

وكانت شبكة «سى إن إن» نقلت عن مسئول إسرائيلى لم تكشف عن هويته أن تل أبيب «تمنت على البيت الأبيض عدم السير قدما (فى عملية التصويت) وقلنا لهم إنهم إذا فعلوا ذلك فإنه لن يكون لدينا خيار آخر سوى الالتفات إلى الرئيس المنتخب ترامب». وأضاف: «التفتنا إلى الرئيس المنتخب ونحن ممتنون له لتدخله ولم يكن الأمر سهلا».
واصدر ترامب الخميس بيانا طالب فيه واشنطن بالتصويت بالنقض على مشروع القرار، واتصل بالرئيس المصرى.
وتعتقد حكومة نتنياهو التى شاب التوتر علاقتها بأوباما أن إدارته خططت منذ فترة لمثل هذا التصويت فى مجلس الأمن بالتنسيق مع الفلسطينيين.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض لوقف مشروع القرار، مشيرا إلى سنوات من استعداد واشنطن «للوقوف فى الأمم المتحدة والتصويت بالنقض على القرارات المناهضة لإسرائيل».
وقال السفير الإسرائيلى فى الأمم المتحدة دانى دانون إن الحكومة الاسرائيلية تبذل «جهودا دبلوماسية على كل الجبهات للتأكد من أن هذا القرار الفضيحة لن يمر».
ودعا ترامب الذى وعد خلال حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إليها ــ إدارة أوباما بشكل صريح إلى التصويت بالنقض على مشروع القرار المصرى. وقال: «يجب التصويت بالنقض على القرار الذى يدرسه مجلس الأمن الدولى بخصوص إسرائيل».
وأكد ترامب فى بيانه: «كما تقول الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يصنع إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين وليس عبر شروط تفرضها الأمم المتحدة».
ويبدو أن تدخل ترامب والقرار المصرى بتأجيل التصويت قد فاجأ واشنطن، إذ ألغى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى خططا بإلقاء كلمة يوضح فيها رؤيته لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
واتصل كيرى بنظيره المصرى سامح شكرى الأربعاء، كما اتصل الخميس بنتنياهو عقب القرار المصرى.
وألمح دبلوماسى غربى بارز فى مجلس الأمن إلى أن مشروع القرار قد يدفن إلى الأبد، وقال: «كانت هناك فرصة، ولم يعد واضحا ما اذا كانت هذه الفرصة لا تزال متاحة».
من ناحية أخرى، قال دبلوماسيون إن نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أبلغت مصر بأنها إن لم توضح ما إن كانت تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مسودة القرار فإن هذه الدول تحتفظ بحق طرح هذه الدعوة.
وقالت الدول الأربع فى مذكرة لمصر اطلعت عليها «رويترز» أنه «فى حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضى فى الدعوة لإجراء تصويت فى 23 ديسمبر الحالى أو إذا لم تقدم ردا قبل انقضاء ذلك الموعد فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق فى تقديم المشروع… والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن».
وكان الفلسطينيون طرفا أيضا فى المذكرة التى قالت: «هناك شعور قوى بخيبة الأمل» لعدم تصويت مجلس الأمن على النص يوم الخميس كما كان مزمعا.
وعقد سفراء الدول العربية جلسة طارئة فى الأمم المتحدة للضغط على مصر للمضى قدما فى مشروع القرار، إلا ان لجنة من الجامعة العربية قررت عقب اجتماع فى القاهرة مواصلة المحادثات بشأن مشروع القرار.
وبعد الاجتماع مساء الخميس فى القاهرة، صرح سفير فلسطين فى مصر والجامعة العربية جمال الشوبكى أن المشاورات قد تستغرق «يومين» قبل اتخاذ قرار بشأن إجراء تصويت.
كان دبلوماسى إسرائيلى قد صرح بأن مسئولين فى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تحدثوا مع مسئولين مصريين، أمس الأول بشأن تأجيل التصويت.
ولم تتضح طبيعة الضغوط التى ربما مارستها إسرائيل على مصر لكن هناك العديد من السبل لذلك، بما يشمل الحد من التعاون الإسرائيلى الأمنى فى محاربة الإسلاميين المتشددين فى شبه جزيرة سيناء، بحسب وكالة رويترز للأنباء.

 

 الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى