اقتصاد

الموازنة السعودية.. محاولة لكسب الدعم من أجل التغيير

 

 

خطط التقشف تشمل تحرير أسعار الوقود ورسومًا على العمالة الوافدة

 

قدم المسئولون السعوديون الميزانية الأكثر تفصيلاً فى تاريخ البلاد، الخميس الماضي، فى محاولة لإقناع المواطنين والمستثمرين بأنهم جادون فى وضع خطة لإصلاح العجز، وتقليل اعتماد الاقتصاد على البترول.
وقالت الحكومة، إنها خفضت الإنفاق بنسبة 16% هذا العام، وضيقت عجز الموازنة بأكثر مما كان متوقعاً.
وتوقعت أن ينخفض العجز مرة أخرى فى العام المقبل، مع استمرار التحسن فى الإيرادات، ويمكن أن يتحول إلى وجود فائض فى وقت مبكر من عام 2019 فى سيناريو أكثر تفاؤلاً.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنه فى الوقت الذى رحب فيه بعض المحللين بهذه التفاصيل التى لم يسبق لها مثيل، زادت الشكوك من قبل آخرين فى مصداقية الأرقام، مشيرين إلى أن الجهود التى تبذلها الحكومة لتحقيق التوازن فى الموازنة على مدى السنوات الأربع المقبلة، لا تزال تعتمد على ارتفاع أسعار البترول.
وأضافت أن إعلان الحكومة يعكس، أيضاً، الرياح المعاكسة التى تواجه أكبر اقتصاد عربى يعمل فيه الغالبية العظمى من المواطنين فى القطاع العام. وتعتمد الشركات على العمالة الأجنبية غير المكلفة فى وقت نما فيه الاقتصاد غير النفطى بالكاد هذا العام، مع توسع القطاع الخاص بأقل من 1%.
وأشارت كريسبين هاويس، العضو المنتدب لشركة «تينوا انتيليجنس» إلى رغبة حقيقية لدى كبار المسئولين لمعالجة المشاكل الهيكلية. لكن الموازنة تكشف استعداد الحكومة لاستخدام عائدات تصدير البترول الخام بأعلى من المتوقع لتعزيز النمو من خلال الإنفاق التوسعي.
وأضافت أنه من الناحية النسبية، ستظل عائدات البترول هى الخط السائد فى الحسابات المالية فى المستقبل المنظور.
وقالت «بلومبرج»، إن الخطط الجديدة بمثابة تتويج لجهود عام شهدت فيه المملكة أكبر إصلاح اقتصادى فى التاريخ، بعد أن رسم نائب ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، استراتيجية لإنهاء «إدمان» المملكة للبترول.
ورغم انتعاش خام «برنت» إلى حوالى 55 دولاراً للبرميل هذا العام، أعلن وزير الطاقة خالد الفالح، فى واحدة من أجرأ الخطوات أن تكلفة الوقود والكهرباء سيتم ربطها بالأسعار العالمية فى غضون 4 سنوات.
وأعلن الملك سلمان، أن الموازنة تأتى فى ظل ظروف اقتصادية صعبة فى معظم البلدان. ولاشك أن تباطؤ النمو الاقتصادى وانخفاض أسعار البترول تركا أثراً على بلدنا.
وقال عماد موستاك، استراتيجى فى شركة استشارات الأسواق الناشئة فى لندن، إن الموازنة والإيرادات السعودية لا تزال تعتمد بشكل واضح على البترول، لكنها تظهر، أيضاً، نمواً مقبولاً فى الإيرادات غير النفطية.
وأضاف أن معظم الإيرادات غير النفطية منخفضة، ولكن سيتم استغلالها فى 2017 عندما يخلق الاقتصاد مئات الآلاف من فرص العمل للجيل القادم من السعوديين.
وأعلنت المملكة فى الموازنة الجديدة، أنها ستخصص أقل من 7% للإنفاق العسكرى العام المقبل بقيمة 51 مليار دولار. ويمثل هذا المعدل تراجعاً عن عام 2015، حين خصصت للقطاع العسكرى 57 مليار دولار رغم الحرب الدائرة فى اليمن.
وبدأ المواطنون السعوديون التعامل مع «رؤية 2030» وتفهموا الوضع الجديد الذى سيؤثر على حياتهم، إذ تم إلغاء المكافآت لموظفى الدولة، وتم خفض رواتب الوزراء بنسبة 20% فى سبتمبر الماضى.
وبدأت الحكومة رفع أسعار الوقود نهاية العام الماضي، بما فى ذلك زيادة فى أسعار البنزين بنسبة لا تقل عن 50%. وسيتم فرض ضريبة القيمة المضافة فى 2018. كما ستبدأ فى فرض بعض الرسوم على العمالة الوافدة.
وأكدّ ديفيد باتر، زميل مشارك فى «تشاتام هاوس» فى لندن، أن زيادة الإيرادات غير النفطية فى موازنة 2017 ليست موجودة على أرض الواقع، وهذه الإيرادات ستكون متواضعة جداً ولا تمثل سوى 7% فقط.
وقالت مونيكا مالك، كبير الاقتصاديين فى بنك «أبوظبى التجاري»، إن موازنة 2017 تظهر تحولاً من التقشف الشديد إلى دعم المجالات الحيوية للنمو فى الاقتصاد.
وأضافت أن الموقف التوسعى سيعطى الاقتصاد أنفاسه، ولكن على المدى الطويل ستكون هناك حاجة لإجراء مزيد من الإصلاحات المالية للحد من العجز.

مبتدأ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى