منوعات

حتى الهدية بقت افتراضية:

 

فى مثل هذا التوقيت من كل عام، وبينما يبدأ الأسبوع الأول من شهر فبراير، كانت الشوارع تتزيّن بهدايا عيد الحب، يطغى اللون الأحمر على معظم المحال، التى تُقدم من بين بضاعتها هدايا «الفالنتين»، محال الورد تفتح أبوابها على مصراعيها وتتهيأ برص بوكيهات الورد مختلفة الألوان، بينما تضع الورد الأحمر فى المقدّمة على اعتبار أنه الأكثر طلباً فى تلك المناسبة، الآن انطفأت تلك الزهوة، ولم تعد مظاهر عيد الحب فى الشارع كما كانت قديماً، فالاحتفال أصبح مقتصراً على مواقع التواصل الاجتماعى، حتى الهدية أصبحت افتراضية، مثل العالم الذى تنتمى إليه.. ولا عزاء لأصحاب محال الورد والهدايا.

فى تلك الفترة من كل عام، كان إبراهيم الغزالى، يبيع كميات كبيرة من الورد، كان يزين محله بالأحمر، ويكتب كلمات الحب على الزجاج، يعمل طوال عمره فى بيع الورد وورث تلك المهنة عن والده، فله فى هذا المجال خبرات طويلة: «الدنيا اتغيرت، وكل سنة الدنيا بتبقى أسوأ من اللى قبلها، بسبب 3 حاجات، أولها السوشيال ميديا، والناس بقت تعيّد على بعض بكل سنة وانت طيب، وكلمتين مالهمش معنى، وصورة على شكل وردة أو قلب، حاجات مالهاش لا قيمة ولا سعر، الناس استسهلت، وده أثر علينا جداً بالسلب، الأول كانت الحالة رايقة والدنيا أحسن».

أصحاب محال الورد والهدايا يشكون من ضعف الإقبال: إحنا اتخرب بيوتنا

السبب الثانى حسب «إبراهيم» هو الغلاء، مؤكداً أن معايدات ورسائل «فيس بوك»، جزء منها يوفر الوقت والمال، أما السبب الثالث فهو ضغوط الحياة وسرعتها والمعيشة الصعبة، التى جعلت الأفراد لا يتذكرون المناسبات إلا عن طريق إشعارات «فيس بوك» الذى يذكر الناس بكل مناسبة.

يعتمد «إبراهيم» فى رزقه حالياً على الشباب الصغير، تحت العشرين عاماً، يبيع لهم وردة أو وردتين، على قدّ المصروف: «فعلاً السوشيال ميديا أفقدت الحياة قيمتها، ليس فيها قيمة لأى حاجة، الناس بتستسهل، والرسالة ولّا الصورة على واتس آب، عمرها ما تكون بنفس الفرحة لما تتعب وتصرف وتجيب هدية».

يعانى محمود فتحى، عامل حسابات بأحد محال الهدايا بالهرم، من قلة الزبائن رغم وجود مناسبة: «السوشيال ميديا قللت الإقبال علينا، الناس بتكتفى بصور وكلمات مالهاش معنى، حتى فى أعياد الميلاد، الناس قللت فى عملها، وبقت تكتب على صفحات بعض كل سنة وانت طيب وخلاص».

نور عوض شابة فى العشرينات من عمرها، تحكى عن أهمية الهدية فى حياتها، وسعادتها البالغة عند تلقيها الهدايا: «على الرغم فعلاً من أن قيمة الهدية قلت، لأن كل حد عنده مناسبة يعمل تاج لأصحابه كلهم فى صورة ولا كلمة، لكن بالنسبة لى هى الأساس، وباجيب لأعز الناس هدايا فى المناسبات، سواء عيد الحب أو غيره».

يحكى صلاح السيد عبدالله، بائع ورد، وهدايا، وقلوب ودباديب، أن الغلاء هو الذى أدى بالناس إلى الاستسهال، واللجوء إلى معايدات لا قيمة لها: «بنمر بظروف صعبة، فالناس بدل ما تجامل بتكلفة، بقيت تجامل بصورة وكلمة وخلاص، الحياة أخدت الناس، وبتمشى حالها».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى