أخبار مصر

«حارة اليهود».. مكان للعزل في مصر القديمة

 

منذ زمن ويميل اليهود للعزلة، والتي فُرضت عليهم في بعض الأحيان، مثلما فعل معهم الزعيم النازي، أدولف هتلر، كما اختاروها هم في العديد من الأحيان. 
بدأت محاولة عزل يهود أوروبا عن باقي السكان مع بداية القرن الحادي عشر، لكن أول حارة لليهود بمعناها الحقيقي أنشئت في العاصمة الإيطالية روما سنةَ 1556.
وفي مصر فلم تكن حارة اليهود مكانًا إجباريًا ملزمًا لسكن اليهود في أي زمان من التاريخ الحديث لمصر، إلا أنها على الرغم من ذلك حوَت عددًا من اليهود على مر العصور، بالإضافة إلى ضمها أكثر من معبد يهودي بداخلها، ولم تكن حارة اليهود حارة بالمعنى الحرفي، فهي حي كامل فيه شوارع وحارات كثيرة متصلة ببعضها، وتقع في وسط القاهرة، كما لم تقتصر هذه الحارة علي اليهود فقط، بينما سكنها أعداد كبيرة من المسلمين والأقباط.
كان سكانها من اليهود مرتبطين بأمرين؛ أولهما الدخل المحدود، والثاني القرب من مصادر الرزق بالنسبة للحرفيين في الصاغة وغيرها، أما من تحسنت أحوالهم المادية فكانوا يهجرون الحارة إلى عابدين أو باب اللوق أو باب الشعرية ومن ينتمون لطبقة أكثر ثراءً ينتقلون إلى العباسية أو مصر الجديدة.
وعن التجار من يهود الحارة فقد تركز نشاطهم في الأقمشة والورق والأدوات الكهربائية، وكانت بعض اليهوديات يصنعن الحلوى والمربى ويقطرن الزهر، كما عملن في الحياكة.
تضم الحارة أحد عشر معبدًا لم يتبق منهم سوى ثلاثة فقط، وملجأ للمسنين (راز راحمين إسحق ليشع) الخيري، ومن المعابد الثلاثة معبد «ابن ميمون» أو «راب موشي» باللغة العبرية علي مساحة 600 متر مربع، والذي بُني بعد وفاة الفيلسوف والطبيب اليهودي الشهير، ابن ميمون، عام 1204، وكان أحد المقربين من السلطان الظافر صلاح الدين الأيوبي، والمعبد الثاني بالحارة هو معبد «أبي حايم كابوسي» بدرب نصير، أما المعبد الثالث فهو معبد «بار يوحاي» بشارع الصقالبة.
ومن العلامات المميزة لحارة اليهود «الأوديش» أو مجمع إيواء فقراء اليهود، وهناك أكثر من 100 أوديشات بعضها يسكنها الأهالي والبعض الآخر تحول لورش خراطة.
«الأوديش» عبارة عن مكان واسع مربع الشكل يتكون من طابقين بكل طابق مجموعة صغيرة من الغرف الضيقة التي أصبح يملكها مسلمون ومسيحيون حالياً باستثناء 4 غرف مازالت الجالية اليهودية تدفع إيجارها.
لم يعد هناك شيء يدل على حارة اليهود التي تتوسط القاهرة الآن سوى «نجمة داود السداسية» المشغولة بالحديد على أبواب بعض المنازل القديمة المتبقية التي رحل عنها أصحابها ما بين عامي 1948 إلى 1967، حين كان الحرفيون من يهود الحارة يعملون في صناعة الذهب والفضة وصناعة الأحذية ومواقد الجاز وإصلاحها وترميم الأثاث.
الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى