الأخبار

قصة قاصرة اشتراها «نيجيري» من الجيزة

زواج القاصرات .. إحدى أخطر الجرائم المجتمعية ضد المرأة، وصنفت خلال السنوات السابقة بأنها تعد جريمة “اتجار بالبشر”، الأجهزة الأمنية نجحت خلال الأسابيع الماضية في ضبط وقائع عديدة، منها وقائع أثارت جدلاً واسعاً. «التحرير» تكشف وجها جديداً لتجارة “الرقيق الأبيض” في مصر، وهي زواج القاصرات من رجال أعمال نيجيريين عن طريق “سماسرة” هذه النوعية من الزيجات مقابل مئات الآلاف من الجنيهات، بعدما كانت تجارة اللحم الرخيص مقتصرة على أثرياء الخليج. «التحرير» كشفت في مغامرتها عن أشهر سمسارة تخصصت في زواج القاصرات من الأثرياء النيجيرين مقابل تقاضي مبالغ مالية باهظة. أثرياء نيجيريا على الخط في قرية العزيزية التابعة للبدرشين بجنوب الجيزة، ذاع صيت “نعمة.أ”، والتي تخصصت في إتمام صفقات زواج الفتيات القاصرات لأثرياء نيجيريا مقابل تقاضي عمولتها والتي تصل إلى ٣٠٠ ألف جنيه عن الزيجة الواحدة، بحسب ما أكده عدد من أهالي القرية، بينما يصل مهر الفتاة إلى ٥٠٠ ألف جنيه، وعادة ما تنتهي الزيجة بعد ٣ أو ٦ أشهر على الأكثر. «جوزي بيحب الفلوس أكتر من أي حاجة في الدنيا، أكتر من ولاده ومراته، باع بنته الكبيرة وأجبرها تتجوز من واحد نيجيري عنده ٥٥ سنة عشان غني وهيدفعله فلوس».. كلمات خرجت بمرارة من “م.س” ٤٠ عاما خلال حديثها لـ التحرير. وأضافت “تزوجت من أحد جيراني منذ 20 عاما، ورزقني الله بـ٣ بنات، راعيت الله في تربيتهن، وأنفقت كل ما أملك من أجل تعليمهن، بينما كان زوجي يرى في خلفته للإناث ابتلاء من الله. وتابعت «جوزي، كان من زمان وهو شايف بناته حلوين، وعاوز يجوزهم في الخليج، أخبرت أهلي بما ينتوي زوجي فعله، فهددوه بطلاقي منه إذا أتم فعلته”. واستفاضت أم البنات في حديثها «مرت أسابيع وأخبرني زوجي أنه قام بحجز رحلة ٧ أيام إلى محافظة الإسكندرية، ولم نكن نعرف أنها خدعة لإتمام زواج ابنته بعيدا عن أهلي، وأنه أتم فعلته بالاتفاق مع أحد سماسرة تلك الزيجات المعروفات في بلدتنا، وفي نفس يوم وصولنا اصطحب ابنتي وشقيقتها الصغرى إلى أحد المولات التجارية بحجة شراء ملابس جديدة لهن، وأجبرها على عقد قرانها من رجل نيجيري الجنسية عمره 50 عاما، وكانت صدمتي الكبرى حينما علمت بهذا الأمر، فقدت الوعي، ولم أشعر بنفسي إلا على سرير المرض”. وبكلمات ممزوجة بالحسرة اختتمت الزوجة «جوزي باع لحمه بالفلوس.. بنتي اطلقت بعد شهرين بس من جوازها».

مظاهرات نسائية الشئ الملفت أن عام 2013 شهد مظاهرات نظمتها النساء في ولاية زامفارا شمال غرب في نيجيريا، على ما وصفوه بـ ندرة في الأزواج وخاصة بالنسبة للأرامل والمطلقات. وقالت سايدو جوشي مسؤولة جميعة النساء المطلقات وقتها، أنه بعض الخاطبين باتوا يطلبون النساء بالمساعدة في شراء المستلزمات المنزلية الأساسية للزواج مثل الأسرة والفرش، في حين أن هذه التظاهرة التي باتت تنتشر في معظم شمال نيجريا المسلم تتعارض مع الأعراف الدينية الإسلامية التي تلزم الأزواج بتوفير هذه الاحتياجات. مبادرة الأهالي محمد إبراهيم، المحامي، أحد أبناء مدينة الحوامدية، أكد أن أهالي كثيرون بالحوامدية وقرى جنوب الجيزة يرفضون وجود هذه العناصر المتورطة ببيع أجساد بناتهن وسط قراهم، ومنذ 3 أعوام تقريباً كانت هناك مبادرة من أهالي قرى مدينة الحوامدية، بينها أم خنان والشيخ عتمان والمنوات، لمحاولة السيطرة على هذه الجرائم، ومنع هذه الزيجات التي أساءت لأهالي هذه القرى بالكامل، رغم أن أغلبهم يرفضون هذه الزيجات التي تهدف في المقم الأول للتجارة بأجساد الفتيات القاصرات. وتابع خبير القانون، هناك سماسرة أحترفوا جلب الأثرياء العرب إلى قرى جنوب الجيزة الفقيرة، لاستغلال حاجة الأهالي للمال وجهلهم بجرم ما يفعلونه بحق بناتهن القاصرات، وهم سماسرة معروفين لدى غالبية الأهالي، وبينهم نساء ذاع صيتهن منذ سنوات، تقاضين مئات الالاف من الجنيهات من تجارتهن المحرمة، مشيراً إلى أن الأهالي يسعون لتجديد مبادرة يشارك فيها الأهالي وعائلات قرى جنوب الجيزة لمساعدة الأجهزة الأمنية في ضبط هذه الشبكات الأجرامية. تجارة بالزواج حسام حمدي أخصائي الصحة النفسية، أكد على أن الأسباب النفسية، التي تقبع خلف تلك الظاهرة، ليست جديدة، قائلا «نجد أنفسنا بإزاء أسباب تخص ولي أمر الفتاة القاصر وأسباب تخص الفتاة القاصر نفسها، ويصعب هنا فصل الأسباب الاجتماعية والاقتصادية عن مثيلاتها النفسية». ووأضح الأخصائي أن هناك عدة دوافع قد تبرر اقدام الأب أو من يقوم مقامه، على تزويج ابنته لرجل مسن أو ثري، أهمها الضغوط الاقتصادية وضعف منظومة الأخلاق لديه، تقليد الغير من بعض الأسر التي في محيط قريته أو مدينته والتي سبقته إلى ذلك، مستطردا أن أقوى دافع هو الدافع المادي. ضبط وإحضار كشف مصدر بنيابة نوب الجيزة الكلية، عن اعترافات نجلة أحد المتهمين في واقعة زواج قاصرات واتجار بالبشر، والتي أكدت أن والدها أصطحبها أكثر من مرة إلى طبيب الوحدة الصحية لـ “تسنينها”، إذ اعترف الأب بعدم تسجيل نجلته فور ولادتها، وكان يخشى أن تكون الفتاة لم تبلغ بعد، وحينما اطمئن إلى بلوغها 15 عاماً، طلب من سمسار يدعى “سيد.ه” -صدر بحقه قرار ضبط وإحضار- تزويج نجلته. حملات أمنية مصادر أمنية بمديرية أمن الجيزة قالت إن المديرية شنت عدة حملات خلال الأسابيع الماضية، لضبط المتورطين فى وقائع زواج قاصرات واتجار بالبشر. وأضافت المصادر، في تصريحات خاصة لـ “التحرير” الحملات استمرت لمدة 3 أيام وتمت بالتنسيق مع الإدارة العامة لمباحث الاداب بوزارة الداخلية، وأسفرت عن ضبط 7 من المتهمين بينهم سيدات وفتيات قصر، بالتورط في مثل هذه الجرائم، بينما تجرى الجهود لضبط الباقين. وأوضحت، أن النيابة وجهت للمتهمين بالتورط في هذه الوقائع، تهم ارتكاب جرائم دعارة وزواج قاصرات مقابل حصولهم على مبالغ مالية، مشيراً إلى أن الحملات التي شنتها الإدارة العامة، تحت إشراف اللواء هشام العراقى مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة، شملت عدة مناطق وقرى بجنوب المحافظة.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى