أخبار مصراخبار عالمية

كندا.. التعليم كالماء والهواء

 

 

الإصلاح والمستقبل يبدآن بالتعليم.. مقولة يحفظها الجميع، لكن يبقى التنفيذ أهم التحديات، وإذا كان المسئولون بالدولة يتحدثون دائماً عن تجارب متميزة، أوروبية أحياناً مثل بريطانيا وألمانيا، وشرق آسيوية، سواء اليابان أو ماليزيا، فإن التجربة الكندية التى عايشناها ضمن وفد إعلامى مصرى على مدى أيام جديرة بالدراسة، خاصة أن نجاحها يفوق المتصور، كما أن كندا ليس لها أهداف أو أغراض سياسية، وتتمتع بعلاقات ثنائية متميزة مع مصر، فكانت من أوائل الدول التى اعترفت بثورة 30 يونيو. هذه الرسالة تأخرت عدة أشهر، وقد يكون ذلك من حسن الحظ مع تشكيل وزارى جديد تولى خلاله د. طارق شوقى وزارة التعليم، واهتمامه المعروف بإحداث نقلة نوعية فى هذا الملف، وكذلك د. خالد عبدالغفار الذى تولى وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، وإن كان من الموضوعية الاعتراف بأن د. أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى السابق، قد اهتم بتنوع التجارب التعليمية فى العالم للاستفادة منها، وكان يرتب لزيارة مرتقبة إلى كندا. التعليم فى كندا يعتمد على الكفاءة والنظام، بالإضافة إلى التمويل، والتجربة هناك تؤكد أن أمام مصر خطوات كثيرة لتحسين التعليم دون انتظار التمويل، فالنظام لا يحمل استثناءات، والاختيارات كلها تخضع للكفاءة، والكل خاضع للتقييم كل فترة محددة، بمن فيهم أساتذة الجامعات. ويحكى د. ممدوح شكرى، رئيس جامعة «يورك»، أحد العقول المصرية الفاخرة هناك، أنه اختير رئيساً للجامعة، رغم أنه لم يتعلم أو يدرس فيها من قبل، لأنهم كانوا فى حاجة إلى التوسع فى كليات الهندسة، وإلى خبرة فى الصناعة، وهو ما توافر فيه لديه وقتها. كما أن التدريب والتأهيل سمة أساسية، فلا أحد يدخل ليُعلم دون تدريب، فكل مدرس يحصل على دورة لمدة عام ونصف بعد الشهادة الجامعية قبل أن يدخل الفصل ليشرح للتلاميذ فى مراحل الدراسة الأولى، لأن التعليم فى كندا كالماء والهواء.

هناك على بعد آلاف الأميال؛ مصر موجودة عبر أبنائها الذين شغلوا مواقع متميزة فى كل مناحى الحياة هناك، وعبر الكلية الكندية بمصر التى دخلت فى بروتوكول تعاون وشراكة مع جامعة كيب برويتون منذ عام 2004، وعبر جالية مصرية تشتاق إلى الاطمئنان على مصر ومعرفة الإيجابيات، وتبحث عن فرص لنقل خبراتها إلى البلد الأم، وعبر سفارة قوية يقودها السفير المتميز معتز زهران.. حتى مشروع قناة السويس، حيث حضر الوفد المصرى توقيع اتفاقية بين قناة السويس وميناء سيدنى. مصر أيضاً حاضرة عبر فتاة من الجامعة الكندية تعرفت على شاب نيجيرى خلال رحلتهما فى الدراسة بالقاهرة وتزوجا وسافرا إلى كندا للعمل والدراسة فى جامعة كيب برويتون.

من بين الدول التى راهنت على التعليم تبقى كندا واحدة من أهم البلاد التى حقّقت طفرة كبرى فى التعليم ومن خلاله.

ما نرويه فى السطور المقبلة شاهدناه على أرض الواقع.

ما سأكتب عنه تجاوز مرحلة «العربة أم الحصان»، ووضعها مباشرة على طريق السباق للانطلاق إلى المستقبل بأقصر الطرق وأكثرها تحديداً لأهدافه، وهو التعليم..

وبين مصر وكندا علاقات وثيقة، ويعتبر النظام التعليمى الكندى نموذجاً يُحتذى. وإذا كانت الإرادة السياسية موجودة، فتنقصنا الخطة التى تتلاءم مع إمكانياتنا، كما ينقصنا أن تكون للدولة سياسة تعليمية واضحة المعالم، بحيث لا تتغير بتغيير الوزير المسئول.. مع وجود هيئة أو إدارة تضع سياسة للتعليم، وتعمل على تطبيقها وفق الخطة الزمنية الموضوعة التى لا تتغير بتغيير الأشخاص.

انطلاقاً من هذه الفكرة، وبالتشاور مع المجلس الرئاسى للتعليم، نظمت الجامعة الكندية فى مصر «سى آى سى» التى يرأسها الدكتور مجدى القاضى، جولة لأربعة من الإعلاميين المصريين إلى كندا، للاطلاع على نموذجها التعليمى، ومدى إمكانية استفادة التعليم المصرى من تجربة التعليم الكندى، ونجاحها على مستوى العالم.

بموجب الدستور الكندى، تأخذ الأقاليم على عاتقها مسئولية التعليم، حيث يضع كل إقليم نظاماً تعليمياً خاصاً به، مما يعنى وجود بعض الاختلافات بين نظم التعليم من إقليم إلى آخر، لكن جميعها تخضع للمعايير التعليمية الرئيسية فى البلاد.

تقوم السلطة المحلية فى كل إقليم بتمويل نظامها التعليمى من مرحلة الروضة، وحتى إكمال الثانوية، أى أن الدراسة مجانية فى تلك المراحل، والدولة غير مسئولة عن الدعم المالى للتعليم الجامعى، وهذا ينعكس على أعداد الطلبة الحاصلين على شهادات جامعية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 90% من سكان كندا حاصلون على الشهادة الثانوية، وأن شخصاً واحداً من كل سبعة أشخاص يحمل درجة جامعية. ويبلغ حجم الإنفاق الكندى على التعليم نحو 7% من الناتج المحلى الإجمالى.

ويشمل نظام التعليم الكندى مستويات رئيسية تبدأ بالتعليم قبل المدرسة، أى الروضة، وهى متاحة للأطفال الصغار بعمر 4 و5 سنوات، وتدار وتمول من قِبَل السلطة المحلية، ثم نظام التعليم دون الجامعى الذى ينقسم إلى ثلاث مراحل، وهى المدرسة الابتدائية: وتضم الصفوف من الأول إلى السادس، وقد يتضمّن فى بعض المدارس الصف السابع والثامن. يتم التسجيل بالصف الأول بعمر ست سنوات، والمدرسة المتوسطة: وتضم الصف السابع والثامن، مع ملاحظة أن المدرسة المتوسطة وصفوفها قد تكون مندمجة ضمن المدرسة الابتدائية، والمدرسة الثانوية: من الصف التاسع إلى الصف الثانى عشر، ما عدا الدراسة الثانوية فى مقاطعة كيبك، التى تنتهى عند الصف الحادى عشر، وتتضمن المناهج فى التعليم الثانوى مزيجاً من المواد الأكاديمية والحرفية، مع درجة نجاح صغرى 50% ودرجة نجاح كبرى 100٪.

فى كندا، لا توجد وزارة فيدرالية، بل لكل إقليم وزراة تربية، وتكون المناهج وطرق التعليم متقاربة فى جميع أقاليم كندا، لكنها قد تختلف بعض الشىء، لتعكس الخصوصية والتأريخ والثقافة والجغرافيا لذلك الإقليم، خصوصاً أن كندا لها خصوصية لغوية رئيسية، وهى أن الإنجليزية والفرنسية رئيسيتان، ويجب على الجميع تعلمهما وإجادتهما من أول المدرسة وحتى العمل.

السلطة المحلية فى كل إقليم تمول نظامها التعليمى من مرحلة الروضة حتى إكمال الثانوية.. والدولة غير مسئولة عن الدعم المالى للتعليم الجامعى مما ينعكس على أعداد الطلبة الحاصلين على شهادات جامعية

لا يوجد هناك امتحان وزارى للإعدادية، أى ما يشبه البكالوريا فى العراق، بل يتم إجراء الامتحانات من قِبَل المدرسين الذين يقومون بتدريس المواد التى يتم اختيارها من قِبَل الطالب عند كل فصل دراسى، وخلال المرحلتين المتوسطة والثانوية.

بالنسبة إلى التعليم الجامعى، أو ما بعد الثانوية، فهو يتضمن المؤسسات التعليمية المدعومة جزئياً من قِبَل الحكومة والمؤسسات التعليمية الخاصة وتشمل فى الحالتين كليات المجتمع والمعاهد التكنولوجية، الكليات الحرفية والمهنية، معاهد ومدارس اللغات، الجامعات والكليات الجامعية.

من وجهة نظر الدكتور القاضى، فإن الرؤية الحالية للتعليم فى مصر تستدعى مراعاة الواقع الحالى بنظرة مختلفة، حتى نصل إلى حقيقة الوضع وتأثيره الشديد على الأجيال المقبلة، وهو الوضع الذى لا بد أن نعترف بأنه مخيف إلى حد لا يتصوره الكثيرون، ولا حتى القائمون على التعليم الآن.. لذا فلا بد أن ننظر إلى مجموعة العناصر المكونة للوضع الحالى والعملية التعليمية ككل، وهى أولاً: المناخ العام فى البلاد: فقد تكوّنت طوال سنوات اتجاهات واعتقادات وعادات باتت تؤثر بشدة على التعليم بوضعه القائم وبوضعه المستقبلى، منها عدم الثقة فى التعليم الحالى، وعدم الإحساس باستفادة حقيقية مما يدرس من خلال المناهج من قِبَل الطالب، والاعتماد على الحفظ لا الفكر، وإهمال بناء الشخصية والحض على الابتكار، وإهمال الهوية الوطنية واللغة الأم مع نشأة تعليم موازٍ خارج المدارس، أصبح عبئاً على الطالب والأهل، والأخطر هو عدم وضوح رؤية ما هو مطلوب من مخرجات التعليم الحالى، ثانياً: الموارد المادية، حيث أصبحت الموارد المادية من المبانى والبنية التحتية والتجهيزات والإمكانيات ليست على المستوى المطلوب حتى للإبقاء على مستوى التعليم الحالى على الوضع نفسه، ودون مزيد من التراجع. ثالثاً: الموارد البشرية، بدءاً من مستوى القائمين على الإدارة، من إدارة عليا ومتوسطة وصغار موظفين لا يمكن وصفها إلا بأنها ضعيفة تفتقد الخبرة والرؤية.. والأهم هو مستوى المدرس الذى نستطيع أن نقول إنه نشأ فى مناخ غير مناسب وتعلم فى مناخ لم يؤهله أصلاً للعملية التعليمية، بالإضافة إلى تدنى مستوى دخله الذى لا يتناسب مع المهمة المطلوب منه تأديتها. وإن كنا نريد بناء مجتمع، فإن اللبنة الأساسية هى المعلم، لذا فمن المفترض أن يكون دخل المدرس هو القدوة عند قياس الدخول الأخرى، مثل القضاة والأطباء، لأنه الأساس فى تعليم الآخرين، رابعاً: المناهج، وهى متهالكة، وتعتبر حشواً للمعلومات بلا تخطيط أو هدف واضح، على مستوى جميع المواد، وفى مختلف المراحل. المناهج لا بد أن تكون مبنية على تخطيط دقيق لما هو مطلوب من مخرجات للتعليم.. وحيث إنه توجد دول كثيرة لها تجارب محترمة فى مجال التعليم، وحققت مناهجها نجاحات فى تطوير التعليم وتحقيق مخرجات مشرفة، يمكن قياسها ومتابعتها، خصوصاً فى المواد العلمية، مثل الرياضيات والعلوم، فمن الطبيعى أن نلجأ إلى أحد هذه المناهج، لتدريسها بالكامل، باعتبارها حققت نجاحاً ملموساً وهائلاً فى تطوير وتحسين مستوى الطالب على المستوى الدولى، وذلك بعد تأهيل معلمينا لتدريسها بكفاءة. أما المناهج المرتبطة بالهوية الوطنية والقومية والدينية، فهذه لا بد من مراجعتها جيداً، حتى نصل إلى المستوى الذى يؤهل الطالب إلى التشبث بقيمه وأخلاقياته المبنية على انتمائه إلى دينه ووطنه.

وفى تقدير الدكتور مجدى القاضى، فإن المطلوب هو تغيير جذرى وشامل، لن يتأتى إلا بالخروج بالكامل من عباءة النظام القديم وإنشاء نظام جديد بالكامل برؤية وخطة واضحة لها أهداف أساسية مع استمرار التطوير والدفع فى عكس التيار، لأن المناخ الحالى لن يساعد أبداً فى أىّ نوع من التغيير أو حتى التحسين. ومهما كانت البداية على نطاق ضيّق، ولو حتى 1%، فستكون نقطة للانطلاق، وقد تكون أيضاً إلهاماً وحافزاً للجميع للسير فى الاتجاه نفسه.

لكن السؤال هو ماذا عن نظام التعليم فى كندا، وهل هناك أفكار ومقترحات لتطوير نظام التعليم بالشراكة مع كندا؟

ويعود الدكتور القاضى للقول إن الجامعات الكندية تتمتع بسمعة ورصانة علمية على النطاق العالمى فى الكثير من البرامج الدراسية وفروع المعرفة بفضل ما تقدمه مؤسساتها من تدريب وبرامج متطورة ومهارات تكنولوجية ومهنية فى مجال الابتكار والريادة فى تطوير تقنيات التعليم، حيث ترسّخت لدى الخريجين ثقة كبيرة بالجامعات الكندية لتكون مركز جذب للطلبة، والدراسة الجامعية لها مزايا كثيرة أهمها تعدّد البرامج الدراسية الجامعية التى تناسب القدرات الذهنية والميول الشخصية لكل طالب، ومرونة الإجراءات الإدارية والأكاديمية فى قبول وتقييم وإعداد الطالب، فضلاً عن توافر البيئة الملائمة للتعلم والبحث والتعبير التى تبث فى الطالب روح الابتكار والإبداع والتفوق، وتوفر الإمكانات العلمية والتقنية المتطورة من معامل ومكتبات وأجهزة وأساتذة وفنيين أكفاء، إضافة إلى استقلالية المؤسسات العلمية عن حكومة الولاية أو الحكومة الفيدرالية.

بالنسبة إلى مدة الدراسة الجامعية فهى فى أونتاريو والمحافظات الأطلسية من ثلاث إلى أربع سنوات، يُمنح المتخرج بعدها شهادة البكالوريوس، أو شهادة بكالوريوس شرف بالنسبة لخريجى الجامعات التى تزيد مدة الدراسة بها إلى أربع سنوات. أما فى غرب كندا فتكون مدة الدراسة أربع سنوات، لتُمنح شهادة بكالوريوس أو بكالوريوس شرف.

وفى ما يخص الدراسة بعد مرحلة البكالوريوس (الدراسات العليا)، فإن أغلبية الجامعات الكندية تمنح 3 أنواع من الشهادات «الدبلوم العالى» ومدته سنة واحدة أو سنتان، و«الماجستير» ومدته سنتان إلى ثلاث سنوات، وقد تكون إما بالكورسات أو مزيجاً من البحث والكورسات، ودكتوراه ومدتها أربع إلى خمس سنوات بعد الماجستير.

كندا بها أكثر من 100 جامعة وما يزيد على 152 كلية مجتمعية ومعهداً تكنولوجياً ومعهداً فنياً وهيئات تعليمية ضمن شبكة «سيجيب»

وطبقاً للمعلومات، فإن كندا تأتى فى المرتبة السادسة، باعتبارها أرخص نسبياً من أستراليا وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وهونج كونج فى تكلفة التعليم. وكما يقول «القاضى» فإنها رائدة فى العالم بالبحوث بعد المرحلة الثانوية، لتتخطى بذلك معظم دول مجموعة السبعة الأكثر ثراءً، من حيث الاستثمار الشامل فى البحث والتطوير. هى مثلاً استضافت 304876 طالباً أجنبياً لمدة دراسية طويلة فى عام 2013. وهناك أكثر من 1000 برنامج تعاونى (للعمل والدراسة) تُقدّمها 59 جامعة كندية. فى كندا أكثر من 100 جامعة، وما يزيد على 152 كلية مجتمعية ومعهداً تكنولوجياً ومعهداً فنياً وهيئات تعليمية ضمن شبكة «سيجيب». أيضاً فإن أكثر من 90٪ من خريجى الكليات الكندية تم توظيفهم فى مجال تخصصاتهم خلال ستة أشهر من تاريخ التخرج، و93% من أصحاب الأعمال راضون عن هؤلاء الخريجين. وعلى عهدة «القاضى» فإن البالغين العاملين بدوام كامل فى كندا يتقاضون فى المتوسط أجراً يرتفع نسبياً كل شهر عن أستراليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وللمؤهلات الأكاديمية قيمتها فى جميع أنحاء العالم.

الوفد استهل زيارته بمدينة تورونتو، حيث قاموا بزيارة جامعة يورك، وهى من أكبر وأقدم جامعات كندا، وقاموا بمقابلة رئيس الجامعة د. ممدوح شكرى، الذى يُعتبر من النماذج المصرية المشرّفة فى الخارج، وهو خريج جامعة القاهرة، وتخصص فى ما بعد فى الهندسة النووية، وشغل عدة مناصب مهمة خلال ٤٥ عاماً حتى وصل إلى هذا المنصب الرفيع، وقد استعرض «د. شكرى» أنشطة الجامعة وبرامجها، وبالطبع تطرق إلى مشكلات التعليم فى مصر، حيث تبيّن مدى قُرب الدكتور مما يحدث فى مصر وإدراكه لأهمية الإصلاح التعليمى فى مصر، باعتباره يمثل الآن قضية قومية، وقال بوضوح إنه على أتم استعداد إذا ما طلب منه هذا أن يكون على رأس المشاركين فى تطوير نظام التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر، ولن يتأخر عن بذل الفكر والوقت والمجهود لخدمة وطنه الأم مصر الغالية. ودعاه الوفد للحضور إلى مصر فى أقرب فرصة للاستفادة بخبراته فى تطوير التعليم بناءً على تجربته فى كندا، وقد وعد بهذا وأعتقد أننا فى انتظار زيارته قريباً إلى مصر.

وسافر الوفد بعد ذلك إلى أوتوا، حيث قامت الكلية الكندية بترتيب زيارة خاصة لجامعة أوتوا، التى بينها وبين الكلية الكندية اتفاقية شراكة منذ عام ٢٠١٠، لتقديم بكالوريوس الجامعة فى تخصص الإعلام، وقد كان فى استقبال الوفد عميد الكلية الدكتور كيفن كى ومجموعة من الأساتذة، وشارك فى اللقاء السفير المصرى معتز زهران، والممثل الثقافى للسفارة الكندية بمصر جوزيف تادروس، وقد أعطى عميد الكلية نبذة عن جامعة أوتوا، وأنها من أعرق الجامعات، وقد فازت بالمركز التاسع من بين ١٥٠ جامعة على مستوى العالم من حيث الاهتمام بالبحث العلمى. وأوضح عميد الكلية أهمية الشراكة مع الكلية الكندية بالقاهرة، وأشاد بنجاحها كتجربة رائدة فى التعاون بين مصر وكندا فى مجال التعليم. وتطرق الحديث إلى الصحافة، وكيف أن الإعلام الغربى متحيز فى كثير من الأحيان. وأوضح الوفد الإعلامى المصرى -بشكل مختصر- الوضع الحالى فى مصر والإنجازات التى تمت خلال العامين الماضيين، وكيف أنها كانت وما زالت وستبقى بلد الأمن والأمان.

وفى ما بعد، قام السفير بترتيب زيارة للوفد إلى البرلمان الكندى، حيث قاموا بمقابلة رئيس العلاقات الخارجية بالبرلمان روبرت هولت، الذى تحدث عن أهمية الزيارات التبادلية بين مصر وكندا. وأشار إلى أن الشباب هم الأصل فى العلاقات. وأكد أهمية مشاركتهم فى تبادل الزيارات، لا سيما أن هناك تجربة مهمة وناجحة على أرض الواقع من خلال الشراكة بين الجامعات الكندية والكلية الكندية بالقاهرة CIC، مما أسهم فى تبادل الخبرات والثقافات. كما أكد أهمية أن يكون هناك تعاون وتبادل للزيارات على نطاق أوسع بين البرلمان الكندى والبرلمان المصرى، لتعزيز التعاون فى مختلف المجالات. وأشاد بمبادرة أن تكون التجربة الكندية اللبنة لتطوير النظام التعليمى فى مصر، حيث إن التعليم الكندى يعتبر تجربة دولية ناجحة، وهو أساس التنمية والتطور فى كندا على جميع المستويات. وقد قام السفير بتوضيح أن مصر تسير على خُطى ثابتة واثقة نحو الاستقرار والتقدم، خصوصاً بعد أن أنهت خارطة الطريق، وتمت دعوته إلى زيارة مصر فى القريب العاجل. ثم توجه الوفد لمقابلة السيناتور جيمس كوان، الممثل عن مقاطعة نوفا سكوتشيا فى مجلس الشيوخ، حيث ناقش السفير معه الوضع الحالى فى مصر وأهمية التعاون بين هيئة قناة السويس وميناء سيدنى، ثم تطرق إلى قضية التعليم، حيث أبدى السيناتور اهتماماً كبيراً بضرورة التعاون بن مصر وكندا بما يفيد مصالح البلدين، وأكد أهمية الشراكة بين مصر وكندا فى مجال التعليم وفى مختلف المراحل.

وفى المساء، نظم السفير حفل استقبال على شرف الوفد المصرى، دُعى إليه لفيف كبير من الشخصيات المهمة فى مجال التعليم ورؤساء الجامعات، بالإضافة إلى أعضاء الجالية المصرية، وفى نهاية الحفل قام الحضور بطرح مناقشات فى الكثير من القضايا والموضوعات العامة، كان على رأسها أهمية دور الإعلام والفن والتعليم فى بناء الإنسان وتطور ورقى المجتمع.

وفى اليوم التالى، سافر الوفد المصرى بصحبة السفير إلى سيدنى نوفا سكوتشيا، حيث كان فى استقبالهم معالى عمدة المدينة سيسل كلارك، ومن خلال استقبال رسمى تم تنظيمه فى المطار، استقبل أطفال المدينة السفير المصرى والوفد بالأعلام المصرية والكندية والأغانى وعبارات الترحيب التى كُتبت باللغتين العربية والإنجليزية. ثم توجه الوفد إلى حفل توقيع الاتفاقية بين قناة السويس وميناء سيدنى، الذى حضره عدد كبير من الشخصيات المهمة من مجلس المقاطعة ومجلس المحافظة بمدينة سيدنى، وقد رحب عمدة المدينة بالحضور، خصوصاً السفير والوفد المصرى المرافق له من السادة الصحفيين والإعلاميين، ثم تم عرض فيلم عن ميناء سيدنى يبين أهميته للتجارة فى كندا، وعن أهمية التعاون مع قناة السويس وتنمية الميناء، بحيث يمكن للسفن الكبيرة المرور من القناة مباشرة إلى المحيط الأطلنطى وإلى ميناء سيدنى، دون الحاجة إلى التوقف فى أوروبا. وقد أشار إلى أن هذه الخطوة سبقها نقاش مع السفير المصرى العام الماضى وزيارة إلى قناة السويس فى فبراير الماضى خلال المؤتمر الذى أقامته الهيئة. وأوضح أن التعاون بين مصر وكندا يشير إلى توطد العلاقة بين البلدين، وأهمية استمرار التعاون على طريق التنمية فى مختلف المجالات، لا سيما التعليم. وأشار إلى سعادته البالغة بتجربة جامعة كيب بريتون والـCIC ونجاحها الكبير الذى أسهم فى تعريف المصريين ودول الخليج بالجامعة، وزاد عدد الملتحقين بها من الطلاب من هذه الدول وإثراء المناخ العلمى وتبادل الخبرات. ثم تلت ذلك كلمة السفير المصرى معتز زهران، التى استقبلها الحضور بالتصفيق الشديد، تقديراً له ولجمهورية مصر العربية، وقد شكر السفير المصرى عمدة المدينة على حفاوة الاستقبال، وأعرب عن سعادته بزيارة المدينة مع وجود وفد رفيع المستوى من الإعلام المصرى والقنصلية، مما يؤكد أهمية الحدث. وأشار إلى أنه متأكد أنه سوف تكون هناك خطوات إيجابية وسريعة لإنهاء مشروع التعاون بين ميناء سيدنى وقناة السويس، متمنياً الازدهار والمزيد من التقدم لكندا، خصوصاً سيدنى. كما أشار السفير إلى تجربة التعاون بين CIC وجامعة كيب بريتون، وأنه يعتبر نموذجاً رائداً نحو التعاون الكندى – المصرى لتطوير التعليم.

وفى اليوم التالى، زار السفير المصرى والوفد الإعلامى المرافق جامعة كيب بريتون، وهى الشريك الأكبر مع الكلية الكندية بالقاهرة، حيث تقدم برامجها فى إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والهندسة التكنولوجية من خلال الـCIC، وذلك منذ عام ٢٠٠٤، مع بداية الكلية، وتم تخريج ٨ دفعات فى هذه التخصصات، يعمل عدد كبير منهم فى كندا، وفى شركات كبيرة محلية ودولية فى مصر وحول العالم. وبعد جولة فى مختلف كليات الجامعة، التقى السفير والوفد برئيس الجامعة وعدد من الأساتذة، وفى هذا اللقاء رحب رئيس الجامعة د. ديفيد ويلر بالحضور، وأعطى نبذة عن الجامعة وتاريخها وما تقدمه من برامج علمية وأبحاث ومشروعات، لا سيما مشروع الطاقة المتجدّدة. وأشار بفخر إلى اتفاقية الشراكة مع الـCIC، وكيف أنها شراكة قوية صمدت طوال أكثر من خمسة عشر عاماً وحتى فى ظل الظروف الصعبة التى مرت بها مصر والمنطقة العربية. وأكد أن هذه الشراكة ستستمر وتمتد لمشروعات جديدة، مثل الجامعة الجديدة، التى ستُقام فى أسوان أو العاصمة الجديدة، وفى المشروع القومى الجديد لتطوير التعليم، لا سيما فى مجال تدريب المدرسين، حيث يأمل أن تأخذ كيب بريتون والكلية الكندية خطوات واعدة ورائدة فى هذا المجال ومن خلال «آوى زى»، معهد أونتاريو للدراسات التعليمية، الذى أنشئ عام ١٨٤٧، وهو الجهة الاستشارية الأساسية والمتخصصة فى تعليم وتدريب المدرسين من أجل تحسين التعليم وتطويره. وقد أكدت الدكتورة كولين كريبر، وهى أستاذة فى جامعة كيب بريتون وتعمل مع معهد أونتاريو، رغبتها الشديدة فى التعاون مع الجانب المصرى، للمساعدة فى تطوير التعليم.

وفى اليوم الأخير، تمت زيارة CMEC، وهو مجلس وزراء التعليم بكندا، وهو هيئة حكومية تم إنشاؤها عام 1967 من قِبَل وزراء التعليم وعددهم 23، يمثلون 13 مقاطعة، وذلك لمناقشة سياسات التعليم، ولتنفيذ المشروعات ذات المصلحة المشتركة، وللتنسيق بين منظمات التعليم المحلية والحكومة الفيدرالية والمسئول الرئيسى عن التنسيق مع الحكومة فى المشاركة الدولية فى ما يخص قضايا التعليم، وقد تمت مقابلة شانتيل بوليو، الرئيس التنفيذى للمجلس، الذى وعد بدعم كامل من جميع الوزراء لأى طلب من مصر لتطوير التعليم فى مصر، بدءاً من توفير المناهج وتدريب المدرسين، إلى تبادل الزيارات والخبرات.

سيل كلارك عمدة سيدنى مع د. مجدى القاضى

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى