الأخبار

خالد محمود يكتب: مرشد الإخوان صانع الملوك والحاكم الفعلي لمصر!

 

من المخجل أن يضطرنا الرئيس المنتخب محمد مرسى إلى تجاوزه في الخطاب لكي نطلب مباشرة من محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن يتراجع عن فكرة الاستفتاء على إعلانه الدستوري ثم دستوره الذي تم في ظل غياب ورفض وغضب الشعب المصري.

 

عندما يخطىء أحدهم فأنت تبحث عن كبيره لكي يقوم بتقويمه أو تأديبه, منعا لتصاعد الخلافات وتفاديا للوصول إلى حالة الاشتباك الفعلي والدامى.

بتجاهله صوت الشارع وإصراره على الاستمرار في مسيرة قيادة البلاد نحو الهاوية, يكون الرئيس أو بالأحرى المرشد يقامر بمستقبل هذا الوطن وشعبه, لكن هذا ليس بغريب على من صعد فجأة إلى صدارة المشهد وقفز على العرش في غفلة من كل القوى السياسية والوطنية.

لقد سرق الإخوان الثورة مرتين, الأولى عندما زعموا أنهم حموا الثورة إبان ماعرف بأسطورة موقعة الجمل, ثم لاحقا عندما تخلوا عن كل تعهداتهم السابقة بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة, فرشحوا خيرت الشاطر ثم استبدلوه بالاحتياطي محمد مرسى.

كان مرسى كما روى بنفسه في منزله بمدينة الزقازيق عندما اتصل به تليفونيا بديع مرشد الإخوان لكي يطلب منه أن يجهز أوراقه ويزف إليه نبأ اختياره بديلا عن الشاطر المستبعد من خوض هذه الانتخابات.

لم يكن مرسى وهو يقدم أوراقه للجنة المشرفة على انتخابات سوى خادم مطيع لما قاله المرشد, فهو لم يعترض أو يجادل بل نفذ الأمر مباشرة, وعلى هذا النحو ستمضى الأمور طالما ظل مرسى في مقعد الرئيس وفى قصره الرئاسي.

بات واضحا أن لمرشد الإخوان هيمنة كبيرة على طريقة صنع القرار السياسي في مصر منذ تولى مرسى الرئاسة, كما بات جليا أنه يلعب دور صانع الملوك من خلف الستار.

لقد اعترف معظم مستشاري الرئيس أنه لم تتم استشارتهم قبل سلسلة قراراته الأخيرة, بما يعنى أنهم لم يشاركوا فيها مطلقا, ونفس الأمر ينطبق على نائب الرئيس وشقيقه وزير العدل, ليبقى السؤال من أين إذن هبطت علينا تلك القرارات.

أظن , وبعض الظن ليس إثما, أنها أتت إلى قصر مرسى الرئاسي من جبل المقطم حيث مقر الإخوان ومرشدهم, والآن فقط يتعين أن نفهم أن من يحكم هو المرشد وليس الرئيس, وأن من يتخذ القرار هو المرشد وحده فقط مع مكتب الإرشاد الخاص بجماعة الإخوان المسلمين.

بات الرئيس خادما لأوامر وتعليمات المرشد, على نحو لا يدع مجالا للشك في أن المرشد هو وحده من يملك القرار , وأنه هو الرئيس الفعلي للبلاد والمحرك الرئيسي لكل مايجرى.

يقامرون بمصير مستقبل الأمة ولا يبالون بما قد يحدث, فقط لأنهم لا يريدون ذلك ولأنه يخدم مصالحهم وأجندتهم في إحكام الهيمنة على مقاليد الأمور وتركيز كل السلطات في يد رجل واحد لا نملك حق الاعتراض على قراراته ولا يحق لنا حتى مناقشته فيها.

إننا نرتكب خطيئة كبيرة عندما نقبل أن يستدرجنا المرشد أو مرسى إلى لعبة الاستفتاء, فهما وإخوانهما قادرون على حشد البسطاء والعامة باسم الدين وبالتالي التصويت بنعم لصالح دستور لا يخدم سوى مصالح الإخوان وينذر باندلاع حرب أهلية.

إن خلافنا مع المرشد أو مرسى ليس خلافا سياسيا فقط, بل هو خلاف منهجي وفكري, ذلك أن مرشد الإخوان يريد أن يحكمنا من خلف الكواليس مكرسا فينا وللأبد ولاية الفقيه كما هو الحال في إيران.

لن يغفر التاريخ لهذا الجيل من المصريين أنهم سمحوا للفرعون بأن يسخر بهم ومنهم على هذا النحو, سيلعننا من سيأتي بعدنا ويتهمنا بأننا كنا أنصاف أو أشباه رجال.

وعندما يريد الفرعون جرجرة شعب بالكامل إلى غرفة النوم دونما سابق إنذار, فعلى الشعب إما أن يوافق على اغتصابه المهين أو أن ينتفض ضد مرسى وإخوانه المتأسملين.

سيستخدم هؤلاء الإعلام الرسمي والمساجد وكثير ممن باعوا أنفسهم, لحشد الشعب للتصويت بنعم في الاستفتاء المزعوم.

وظني أننا نرتكب جريمة كبيرة وخطيرة في حق بلدنا إن سمحنا لهذا أن يحدث أو يتم!

أيها المصريون انتبهوا: سيخرج من يطرح مبادرات لإيجاد مخرج للفرعون, سيتجول سحرته وسطكم مروجين لشعارات وأفكار كاذبة, إنهم يسعون فقط لإفشال الزحف على قصره الرئاسي المعلون.

لسنا مسئولين عن مبادرات المرتزقة المتذاكين, وأمام عناد مرسى وإصرار إخوانه لم يعد هناك من بديل لإسقاطه.

شخصيا, أنا لا أثق في شيخ الأزهر بعدما وافق على استكمال دوره في تمرير الدستور المشبوه ولم ينسحب من اجتماع التأسيسية, هو يلعب الآن دور يهوذا الاسخريوطى باقتدار, فتبا لشيخ معمم لا يعرف الله فينا!!

 

لا يجب السماح لأحد بأن يجر الشعب المصري إلى صناديق الاستفتاء, هذا حق يراد به باطل, إذا فعلنا سنرتكب جرما فادحا في تاريخ هذا الوطن ثمة لعبة مكشوفة يمارسها هؤلاء , إنهم يزعمون أن معارضيهم ضد الإسلام وتطبيق الشريعة, هذا المنطق المأزوم والمخادع يستخدمه الإخوان لترويع الخصوم وترهيبهم.

 

لكن حقيقة الأمر هي أن لا أحد بمقدروه رفض تطبيق الشريعة, لكن على أي أساس وبأي منطق, وهل تم تهيئة المجتمع والناس لهذه النقلة, أم أنهم يسوقون الشريعة فقط لخداع عوام الناس والبسطاء باسم الدين لكي يستكملوا مخططهم في السيطرة السلطة بالكامل.

 

من المؤسف أن كل هذا يجرى, بينما الذين يتصدرون المشهد السياسي والاعلامى في مصر مجرد حفنة من رجال الأعمال المستترين, هؤلاء على استعداد لبيع أمهاتهم مقابل رضا السلطان أو إيماءة قبول من الفرعون!

 

وبالمناسبة أنا لا أحترم من شاركوا في تقديم محمد مرسى في انتخابات الرئاسة على أنه المسيح المخلص, وأسهموا في تشويه صورة وسمعة منافسه الفريق أحمد شفيق, تواطئوا في مؤامرة رخيصة لبيع شعب مصر مقابل دراهم معدودة, الآن يعودوا ويولوا ويقولوا لم نكن نعلم, لهؤلاء جميعا أقول : ” العبوا غيرها” !

 

ولربما لو كان سيدنا عمر بن الخطاب أو أي من الصحابة ( رضوان الله عليهم أجمعين) على قيد الحياة لشاركونا مسيرة الثلاثاء إلى قصر الفرعون, فما كان صحابة النبي( صلى الله عليه وسلم) ليتخاذلوا عن حماية مستقبل أبنائهم أو يمتنعوا عن قول الحق في مواجهة صبى المرشد!!

 

الدستور الأصلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى