الأخبار

أركان أساسية لتربية الطفل

23

قال الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الله -عز وجل- أنزل في القرآن الكريم وصايا سيدنا لقمان لابنه، لكي نتعلم منها ونربي أولادنا على التربية الإسلامية الصحيحة، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ إلى الآية 19 من سورة لقمان».

وأضاف «وهدان»، في تصريح لـ«صدى البلد»، أن وصايا لقمان لابنه تضم 3 أركان في تربية الطفل «العقيدة، والجانب الاجتماعي، والثالث الشخصي»، موضحًا أن الجانب العقائدي في الآيات في قوله تعالى: «يا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»، منوهًا بأن سيدنا لقمان كان ابنه ذكرًا وحيدًا، وأراد أن يعظه لأن العظة تكون في الجانب الأخروي والدنيوي، أما النصيحة فتكون في الأمور الدنيوية فقط.

وطالب أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أولياء الأمور، بعدم إصدار الأوامر لأبنائهم فينبغى التفسير والبرهنة لهم حتى يستجبوا له كما كان يفعل لقمان الحكيم مع ابنه.

ولفت إلى أن الجانب الاجتماعي في وصايا لقمان تركز في قوله تعالى: «يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»، أما الجانب الشخصي، ففي قوله تعالى: «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ»، موضحًا بأن الصعر مرض يصيب الإبل فيولي أعناقها فهي صورة ساخرة للإنسان المتكبر فيريد لقمان أن يقول لابنه للتكبر على عباد الله.

وأشار إلى أن التجارب التربوية أثبت أن خير الوسائل لاستقامة السلوك والأخلاق هي التربية القائمة على عقيدة دينية، ولقد تعهد السلف الصالح النشء بالتربية الإسلامية منذ نعومة أظافرهم وأوصوا بذلك المربين والآباء؛ لأنها هي التي تُقوّم الأحداث وتعودهم الأفعال الحميدة، والسعي لطلب الفضائل.

وأكد أستاذ الدراسات الإسلامية، أن التوجيه السليم يساعد الطفل على تكوين مفاهيمه تكويناً واضحاً منتظماً، لذلك فالواجب اتباع أفضل السبل وأنجحها للوصول للغاية المنشودة فيُراعى أن يذكر اسم الله للطفل من خلال مواقف محببة وسارة، كما نركز على معاني الحب والرجاء “إن الله سيحبه من أجل عمله ويدخله الجنة”، ولا يحسن أن يقرن ذكره تعالى بالقسوة والتعذيب في سن الطفولة، فلا يكثر من الحديث عن غضب الله وعذابه وناره، وإن ذُكر فهو للكافرين الذين يعصون الله.

ونوه وهدان بأنه يجب توجيه الأطفال إلى الجمال في الخلق، ليشعروا بمدى عظمة الخالق وقدرته، وجعل الطفل يشعر بالحب “لمحبة من حوله له” فيحب الآخرين، ويحب الله تعالى؛ لأنه يحبه وسخر له الكائنات.

واستطرد: أنه يجب تعويد الطفل على آداب السلوك، وعلى الرحمة والتعاون وآداب الحديث والاستماع، وغرس المثل الإسلامية عن طريق القدوة الحسنة، الأمر الذي يجعله يعيش في جو تسوده الفضيلة، فيقتبس من المربية كل خير.

وشدد على عدم الاستهانة بخواطر الأطفال وتساؤلاتهم مهما كانت، والإجابة الصحيحة الواعية عن استفساراتهم بصدر رحب، وبما يتناسب مع سنهم ومستوى إدراكهم، ولهذا أثر كبير في إكساب الطفل القيم والأخلاق الحميدة وتغيير سلوكه نحو الأفضل.

وأوضح العلم الأزهري، أنه لابد من الممارسة العملية لتعويد الأطفال العادات الإسلامية التي نسعى إليها، لذا يجدر بالمربية الالتزام بها “كآداب الطعام والشراب وركوب السيارة…” وكذا ترسم بسلوكها نموذجاً إسلامياً صالحاً لتقليده وتشجع الطفل على الالتزام بخلق الإسلام ومبادئه التي بها صلاح المجتمع وبها يتمتع بأفضل ثمرات التقدم والحضارة، وتُنمي عنده حب النظافة والأمانة والصدق والحب المستمد من أوامر الإسلام.. فيعتاد أن لا يفكر إلا فيما هو نافع له ولمجتمعه فيصبح الخير أصيلاً في نفسه.

وأفاد بأنه ينبغي غرس احترام القرآن الكريم وتوقيره في قلوب الأطفال، فيشعرون بقدسيته والالتزام بأوامره، بأسلوب سهل جذاب، فيعرف الطفل أنه إذا أتقن التلاوة نال درجة الملائكة الأبرار.. وتعويده الحرص على الالتزام بأدب التلاوة من الاستعاذة والبسملة واحترام المصحف مع حسن الاستماع، وذلك بالعيش في جو الإسلام ومفاهيمه ومبادئه، وأخيراً فالمربية تسير بهمة ووعي، بخطى ثابتة لإعداد المسلم الواعي.

وألمح إلى أنه يجب الحرص على غرس محبة الله في نفوس أطفالنا أساس لتوحيده سبحانه، فقد جبل الطفل على التعلق وحب من أحسن إليه. فإذا عرف الطفل أن خالقه هو الله، وأن رازقه هو الله، وأن الذي يطعمه ويسقيه هو الله.. ازداد حباً له.، مشيرًا إلى حب الطفل للخالق يحبّ كلامه (القرآن) وشرائعه والأخلاق التي يرتضيها لعباده. وفي نفس الوقت نغرس في نفوس أطفالنا تنزيه الله عن الشركاء، معترفين بوحدانيته، مقرّين له بجميع صفات الكمال التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتابع: إذا وقر لدى الطفل أن الله هو الخالق، وحده لا شريك له، يُعبد وحده، وهو على كل شيء رقيب، فإنّه يبدأ بطاعته ومراقبته في السر والعلن. فالمربّي يشعر أطفاله بأن الله يسمعهم ويراهم ويعلم ما يسرون وما يعلنون وما يجهرون به من أقوال، ويلقن ذلك من خلال كتاب الله وشرحه.

وأكد أن الاهتمام بتعليم العقيدة للناس ودعوتهم لها ولاسيما الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من مصاحبة أهل الضلال «يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين» وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه «ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ» وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له من الشرك قال تعالى «يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» وهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم – يوصي ابن عباس رضي الله عنهما فيقول «يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله».

 

صدى البلد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى