الأخبار

خبيرة إعلان: تحمل الحزن والألم للمشاهدين

 

39

 

لم يعد الأمر يتعلق فى رمضان بالصوم ومتابعة الأعمال الدرامية العديدة، إعلانات السرطان تزاحم الجميع، تبرز فتتحول اللقيمات الأولى إلى سموم فى الأفواه، مع نظرات الأطفال المتألمين، والقصص المرعبة للفقد والإصابة، دموع على وجوه الصائمين تحيل اجتماعهم حول الموائد إلى مأساة.

الطفلة أسماء التى ظهرت فى إعلانات مستشفى 57357، صغيرة لا يتعدى عمرها السنوات الثمانى، ترتدى طرحة على رأسها وتبكى مع جملة على الشاشة بعنوان «ضعف»، فى مشهد مؤثر للغاية لتأتى يد فى كادر الشاشة فجأة وتمسح دموع الطفلة مع جملة «مساعدتك»، لتبدأ الطفلة فى الابتسام، فالمساعدة هى أمل الحياة بالنسبة إلى «أسماء» وزملائها، حسب الإعلان.

دعاوى قضائية عدة طاردت إعلانات السرطان، كإعلان المعهد القومى للأورام الذى خرج بشعار «السرطان يساوى الموت»، وبطله الذى اكتشف المشاهدون فيما بعد أنه «كومبارس»، ورغم ردود الفعل الغاضبة والمنتقدة فى كل عام، فإن الإعلانات الخاصة بالتبرّع لمرضى السرطان لم تتوقف عن إثارة مشاعر الحنق والضيق، وأحياناً السخرية، الطفل الذى يفقد أمه بسبب سرطان الثدى ويظل يخاطبها طوال الإعلان بعد وفاتها، الأم التى اكتشفت أن صغيرتها مصابة بالسرطان ولن تتمكن من استكمال حياتها بصورة طبيعية، مزيد من الإعلانات التى تعتبر السرطان نهاية، والتبرع وحده هو البداية والحل. فى محاولة للتجديد، ظهر مع نهاية الشهر الكريم إعلان مختلف بعض الشىء يقول: «دى حكاية عن الأمل، بطلة قصتنا عندها حلم كبير، تعبت وكافحت، ولحد ما حققته وانتشر»، حتى هذه المرحلة يتحمس المشاهد للبنت المجتهدة الجميلة الرشيقة، ذات الفستان الأحمر الجميل والشعر الطويل، والوردة الحمراء الكبيرة على جانب رأسها، لتحدث الصدمة لدى المشاهد حين يخرج المتحدث فى الإعلان ليؤكد «لكن خيالها ونجاحها خلق أعداءها اللى بقوة سلاحهم وخطتهم كانوا أكبر من أحلامها، حاربوها ودمروا كل اللى بنته وحلمها اللى فضلت تبنى وتكبر فيه، قضوا عليه وده أحسن حاجة فى قصتنا، لأن هى دى الخلية السرطانية اللى فى أجسام أطفالنا، وبسلاح البحث العلمى قدرنا نقضى عليها».

«أنا تعاطفت مع السرطان»، تعليق موحّد لكثير من متابعى الإعلان، عبّروا به عن استغرابهم عبر صفحاتهم الشخصية بموقع «فيس بوك» إعلان يخليك تتعاطف مع الخلية السرطانية.. «إعلان مصرى أصيل» تعلق منى الشواف، أما أحمد أسامة المصرى فكتب عقب رؤية الإعلان: «طب أنا دلوقتى إيه ذنبى لما اتفرج على إعلان زى ده، أحب السرطان وأكره إنى أعالجه واللى بيعالجوه؟ أعالج العيانين إزاى لما أتخرج، أنا تعاطفت مع السرطان أكتر ما تعاطفت مع المستشفى، الناس دى بتفكر بره الصندوق فعلاً، بس هم سرحوا بعيد أوى وهم بره.. لدرجة إنهم نسوا أن السرطان هو اللى وحش، والعلاج هو اللى حلو، مش العكس!».

«التركيز الأساسى فى الإعلانات الداعية للتبرع ينصب على الاستمالات العاطفية»، تتحدث الدكتورة منى عبدالوهاب، المدرس بقسم الصحافة جامعة القاهرة، مشيرة إلى استغلال شهر رمضان بالذات لكونه المناسبة التى تحظى بالكثير من الصدقات والزكاة: «صحيح المرض فى تزايد والمستشفيات محتاجة الدعم، لكن الطريقة مخيفة للمشاهد»، جرعات مبالغ فيها من الألم والحزن وتصوير المعاناة يضع المشاهد فى حالة من القلق والتوتر.

مدرسة الإبداع فى الإعلان أكدت أن إعلانات التبرعات مؤذية لمشاعر المشاهدين إلى حد بعيد، وتتحول مع عرضها إلى وسيلة تنفير من التبرّع: «الناس بشكل تلقائى بتقلب القناة، محدش مستعد يتفرج على أطفال بتاخد أدوية مؤلمة»، تقف «عبدالوهاب» عند إعلان بعينه لم يخف المشاهدين: «أعجبنى بشكل خاص إعلان عفاف راضى، صوت جميل، وأطفال مبتسمون وحالة من التفاؤل والرقى، أرجو أن تسود بقية الإعلانات الداعية إلى التبرع».

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى