الأخبار

لقاء بن سلمان والصدر ..بداية هروب العراق من تبعية ايران

السعودية تجند الشيعة لضرب إيران، ومصر تراقب.

زيارة مقتدى الصدر للمملكة تتوازى مع مواقف معلنة للزعيم الشيعى أعلنت الطلاق من طهران

بحسابات الزمن والتوقيت، فإن زيارة الزعيم الشيعى العراقى، مقتدى الصدر، إلى المملكة العربية السعودية، تبدو نادرة، وربما مثيرة للاستغراب أيضًا، ولما لا وهى الأولى له منذ العام 2006.

ورغم أن القصة غير مصرية فى مجملها أو على نحو مباشر، لكن ما يجرى من تغيرات حادة فى الإقليم إنما يؤثر محليًا دون شك.

أن تبدأ دولة عربية معركة استقطاب الشيعة العرب بعيدًا عن التبعية الإيرانية، فذلك يمثل تبدلًا حادًا فى تكتيكات المواجهة بين مراكز القوة بالمنطقة، وإذا كانت الرياض وطهران من أعمدة تلك المواجهة، فإن القاهرة لا تقف بدورها كالمتفرج، فالدول المؤثرة سياسيًا وعسكريًا مدعوة فى جميع المعارك دومًا.

بيد أنه قد جرت فى الأحد عشر عامًا الفائتة التى غاب فيها الصدر عن التعاطى الإيجابى مع دولة سنية مثل السعودية مياه كثيرة، ومن ثم فإن أى مدقق منصف ينشد قراءة المشهد الإقليمى العربى الحالى بموضوعية، إنما سيكشف بجلاء أن الزعيم الشيعى الذى زار المملكة قبل أكثر من عقد مضى ليس هو من جاءها اليوم، وأن أجندته بالقطع اختلفت على نحو لافت.

وكان ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التقى الصدر فى جدة مساء الأحد، فيما لخصت البيانات الرسمية فحوى الاجتماع بينهما فى “استعراض العلاقات السعودية ـ العراقية، وعدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك”.

غير أن علامة الاستفهام الكبرى فى تلك اللحظة.. كيف لزعيم شيعى أن يتحصل على دعوة رسمية من المملكة، وهى التى تقف بالمرصاد فى وجه الأطماع الشيعية الإيرانية ذات النفوذ والمخططات التخريبية المتصاعد فى عدد من دول الجوار أو بلدان المنطقة وفى مقدمتها العراق وسوريا ولبنان واليمن.

الإجابة الشافية، تكشفها مواقف زعيم التيار الصدرى العراقى فى الآونة الأخيرة، والتى باتت تنتهج سياسات منفتحة على جميع القوى الإقليمية، وغالبيتها سنية، فضلًا عن جهره وأنصاره مرارًا بضرورة إعلان الانفصال العضوى والسياسى عن التبعية الإيرانية التى تغرق فيها معظم الفصائل الشيعية فى بلد دجلة والفرات.

بل أن مظاهرات حاشدة معلنة لأنصار التيار الصدرى هتفت مؤخرًا غير مرة ضد التدخلات الإيرانية فى العراق، ناهيك بموقف الزعيم الشيعى ذاته الرافض لتغول الدور العسكرى والسياسى لميليشيات الحشد الشعبى الموالية لطهران فى المشهد العراقي، ومن ثم استغلالها الحرب على داعش، فى ارتكاب جرائم وتجاوزات تزيد من هوة الشقاق بين مكونات المجتمع العراقى المتناحرة بالأساس.

الرياض تستخدم ورقة الصدر للضغط على “الملالى” بعد 3 سنوات من التنسيق غير العلنى وكلمة السر ولى العهد

على الأرجح، جاءت زيارة الصدر إلى المملكة فى سياق الانفتاح فى العلاقات السعودية العراقية فى الفترة الحالية، فيما أن المملكة بدت أكثر حساسية تجاه السعى إلى احتواء رموز الشيعة العرب، ممن يتخذون مواقف واضحة انفصالية عن التبعية الإيرانية المحرضة على الفتن والفوضى والتربص.

المعلومات المعتم عليها فى هذا الشأن، تكشف أن الرياض على تواصل سرى، أو على الأقل غير متاح إعلاميًا، مع الصدر منذ نحو 3 سنوات، من أجل لحظة الانفصال العلنية تلك عن طهران.

المثير أن زيارة الصدر للمملكة، تتزامن مع غياب الملك سلمان بن عبد العزيز، فى إجازة خارجية، بما يعنى أن القصة على الأرجح تخص ولى العهد، الذى يضع طهران كهدف رئيسى له، محمد بن سلمان يوجه لطمة سياسية جديدة لدولة الملالى باستخدام ربيبهم العراقى القديم.

على هذا النحو، يبدو هدف زيارة الصدر إلى المملكة هو بحث الرجل عن سند له، لتقويته فى وجه الضغوط الإيرانية، فيما أن الرياض التقطت ذلك الخيط منذ اللحظة الأولى، ولم تشأ أن تتخلى عن من يطلب مساعدة جادة وذات تأثير، فكان أن وجهت دعوتها الرسمية لاستقبال الرجل، الذى لا يبدو أن أجندته بقت على حال التبعية القديمة، لتنفتح على رحبة التفاهم الجاد بعيدًا عن الأجندات الإقليمية الملونة والطائفية.

فهل سيستثمر الصدر ذلك التفهم من قبل السعودية وحلفائها لرغبته فى الاستقلالية بعيدًا عن طهران، وهل سيصمد أمام الانتقام الإيرانى المحتمل منه، أم أن القصة لديه ستكون مجرد توجه عارض؟

الإجابة تظل لديه وحده فقط.

القاهرة ستتولى عملية ضبط معركة استقطاب قيادات الشيعة العرب حتى لا تتحول إلى حرب طائفية

والآن، ماذا عن مصر، وهل لها من دور فى عملية الاستقطاب السنى للشيعة العرب تلك؟

بالقطع لها الدور الأهم، ستكون لو أرادت هى المراقب والضابط الضرورى، ليظل الأمر فى إطار التشاحن واللعب السياسى الهادف، ومن ثم لا تنزلق المنطقة إلى معارك التنافس الطائفى الأعمى على سيادة زائفة والتى لا نهاية لها إلا احتراق الجميع.

 

مبتدا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى