الأخبار

سبع أزمات في أسبوع

66932_660_1965260_opt

سبع أزمات كبرى واجهت مؤسسة الرئاسة المصرية هذا الأسبوع، جاء بعضها استمرارا لأزمات ممتدة منذ شهور وبعضها جددته الأوضاع الراهنة، لتهدد بثورة ثانية في مصر بحسب ما رآه خبراء.

 

تتمثل تلك الأزمات في توتر العلاقة مع المؤسسة العسكرية، والخلاف مع حزب النور، وضرورة هيكلة الرئاسة بعد انسحاب أكثر من نصف المستشارين من الفريق الرئاسي، والعصيان المدني في مدن قناة السويس، وتعيين نجل الرئيس في إحدى المؤسسات التابعة للدولة، بجانب أزمة ميناء العين السخنة، واستمرار أزمة الحوار الوطني.

 

تلك الأزمات اعتبرها عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة ناقوس الخطر الذي ينذر مؤسسة الرئاسة بثورة ثانية، إذا لم تتعامل معها بالمستوى المطلوب من دون مسكنات.

 

وأوضح شاهين في تصريحات لمراسلة الأناضول أن “مؤسسة الرئاسة مطالبة بضرورة الاستعانة فورًا بفريق لإدارة الأزمات، وكذلك تغير نوعي في أسلوب إدارة الملفات الساخنة والعمل علي إنفاذ مشروع الثورة، وهو المشروع المستقبلي لمصر”.

 

وحذر شاهين من أن تجاهل مؤسسة الرئاسة لخطورة الأمر قد يدعو إلى ثورة ثانية، وتابع أن “معظم الأزمات مجرد انعكاسات لمشكلات جوهرية لم تجد حلًا منذ تولي رئيس الجمهورية محمد مرسي قيادة البلاد قبل 8 أشهر، كما لم يضع رؤية واضحة للتعامل معها”.

 

وضرب مثالا بقوله إن “الأزمة مع المؤسسة العسكرية علي سبيل المثال تكررت نظرًا إلى افتقاد إطار يسمح باستقرار العلاقة، ويدعم السلطة المدنية، وليس العكس، فعلى الرغم من تنازل مؤسسة الرئاسة في الدستور لمصلحة المؤسسة العسكرية التي احتفظت بكل امتيازاتها، إلا أن هذا التنازل لم يساعد على استقرار هذه العلاقة”.

 

وتابع أن “ما حدث مع حزب النور يدل على أن مؤسسة الرئاسة لديها قدرة عالية على استعداء كل حلفائها بالأمس، بداية من الحركات الوسطية، مثل شباب 6 أبريل وحتى حزب النور، وهذا الأمر يشير غلى عجز الرئاسة عن تكوين تحالفات يمكن الحفاظ عليها”.

 

بالنسبة إلى أزمة بورسعيد (المدينة الاستراتيجية الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس)، فقال إن تنظيم أهل المدينة لعصيان مدني مؤشر خطر، حيث لجأ المواطنون إلى أقصى درجات الاحتجاج السلمي، وهي العصيان المدني، ولم يبق سوى الاحتجاج العنيف”.

 

وطالب شاهين بضرورة حل الأزمة من جذورها وعدم الاعتماد على مسكنات مثل القرار الذي صدر اليوم بعودة المنطقة الحرة في بورسعيد.

 

وأرجع الخبير السياسي استمرار أزمة الحوار الوطني إلى تعنت كل من الرئاسة والمعارضة، فالرئاسة تفتقد حتى الآن القدرة على تقبل الممارسات السياسية التي تميل للتحدي، والتعامل معها بكفاءة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجه البلاد.

 

وهذا توضيح بتفاصيل تلك الأزمات السبع

 

 

 

المؤسسة العسكرية
منذ خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي بشكل كامل عقب قرارات الرئيس المصري محمد مرسي  في 12 أغسطس/آب الماضي، بإحالة كل من القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان للتقاعد، باتت هناك حالة من الارتباك في العلاقات المدنية العسكرية، وساهم في ذلك توالي الخلافات بين الرئاسة والمعارضة واستدعاء القوات المسلحة للتدخل ومطالبتها، من قبل بعض القوى السياسية، بالعودة إلى المشهد مرة اخرى.

 

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، خرجت المؤسسة العسكرية بمبادرة تدعو فيها القوى السياسية المتخالفة إلى لقاء على مأدبة غداء، ولاقت الدعوة قبولًا من اطياف المعارضة، في الوقت الذي تأزم فيه الوضع بين مؤسسة الرئاسة والأحزاب المعارضة حول الدستور الجديد للبلاد، ورفضوا تلبية دعوة الرئاسة للحوار قبلها بيومين، ما دفع مجلس الدفاع الوطني إلى التأكيد خلال اجتماعه في الشهر الماضي على عدم علاقة الجيش بالسياسية.

 

ومع تزايد أعمال العنف في مدن مصرية عدة يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي بعد صدور حكم قضائي بإعدام 21 من المتهمين في ما يعرف “بمذبحة استاد بورسعيد”، التي وقعت في فبراير/شباط 2012، وأدت إلى مقتل 74 من مشجعي كرة القدم، تدخل الجيش لمساعدة الشرطة على فرض السيطرة على شوارع مدن قناة السويس، بينما خرجت تأكيدات من قيادات في الجيش بعدها على “حياد الجيش” وحفاظه على مسافة واحدة من الفرقاء السياسيين

 

أعقبت تلك التصريحات تسريبات صحافية أمس الاثنين أشارت إلى اتجاه الرئاسة إلى إقالة عبد الفتاح السيسي القائد العام الحالي للجيش، ما أثار حالة من التذمر لدى أبناء المؤسسة العسكرية، لكن سرعان ما نفت الرئاسة ذلك، وأكدت على ثقتها في قادة الجيش.

 

أزمة حزب النور
تفجرت مساء الأحد الماضي أزمة بين مؤسسة الرئاسة وحزب النور المنبثق من الدعوة السلفية المصرية، بعد إقالة خالد علم الدين القيادي في الحزب من الهيئة الاستشارية لمؤسسة الرئاسة بزعم كشف جهات رقابية عن مخالفات استغلال نفوذ من جانبه، وكان حزب النور الحليف الداعم لمحمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، إلا أنه سرعان من نشبت الخلافات بين الطرفين.

 

وبدأت الخلافات حول حصة المشاركة في الحكومة والفريق الاستشاري، مما أدى إلى عدم مشاركة النور بالحكومة، ومرت العلاقة  بالعديد من الخلافات، نظرًا إلى تباين المواقف تجاه قانون الانتخابات، وتعمق الأمر مع طرح النور لمبادرة تدعو إلى إقالة الحكومة والنائب العام، وفتح حوار مباشر للم الشمل، ولاقت المبادرة قبولًا واسعًا من أطراف المعارضة، ثم جاءت إقالة علم الدين لتعمق الأزمة، وتدفع بالنور إلى سحب كل أعضائه في الهيئة الاستشارية للرئيس المصري.

 

أزمة وظيفة ابن الرئيس
تناولت بعض وسائل الإعلام المصرية أنباء عن تعيين عمر مرسي نجل الرئيس المصري في إحدى الشركات التابعة للمؤسسة التنفيذية، وتحدثت الصحف عن راتب تجاوز الـ6200 دولار، لتثير تلك الأخبار أزمة كبرى.

 

واتهم نشطاء مصريون وصحف معارضة مرسي – الذي يواجه احتجاجات من جانب قوى معارضة منذ ما يقرب من 3 أشهر- باستغلال منصبه لتحقيق مصالح خاصة لأفراد عائلته، مما دفع بنجل مرسي إلى الإعلان عن عدم استكمال أوراقه اللازمة للعمل في وزارة الطيران المدني، وشدد على أن راتبه الشهري تحدد بـ900 جنيه فقط (حوالى 140 دولارًا).

 

وكان قد سبق ذلك بأيام الحديث عن قيام أسرة الرئيس برحلة إلي مدينة طابا السياحية في شبه جزيرة سيناء (شرق)، والتي قالت صحف معارضة إن “ميزانية الدولة تحمّلت تكاليف الرحلة”.

 

عصيان مدن القناة
واصلت مدينة بورسعيد الاستراتيجية، الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس فعاليات العصيان المدني الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي؛ احتجاجًا على ما يراه أهلها تهاونًا في التحقيقات الخاصة بمقتل العشرات من أبناء المدينة في أعمال عنف احتجاجي في الشهر الماضي.

 

امتد العصيان إلىالمحال التجارية والهيئات الحكومة والمدارس، وكذلك المناطق الصناعية والمصانع، وفي محاولة لتهدئة المحتجين، التقى فؤاد جاد الله، المستشار القانوني لرئيس الجمهورية، وفدا يضم عددًا من التجار ونوابًا عن المدينة في مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان والمسؤولة مؤقتًا عن التشريع)، أسفر عن موافقة الرئاسة على انتداب قاضٍ للتحقيق في أحداث الشهر الماضي، وهي إحدى مطالب المحتجين.

 

كما أعلن مجلس الشوري الثلاثاء عن موافقته على عودة المنطقة الحرة في بورسعيد، وهو مطلب شعبي، إلى أهلها منذ الثورة، حيث كان الرئيس السابق قد ألغى المنطقة الحرة عقابًا للمدينة الساحلية على محاولة اعتداء أحد مواطنيها عليه عام 1999.

 

أزمة العين السخنة
وهي أزمة متكررة منذ شهور عدة، ورثها مرسي عن المجلس العسكري الحاكم قبله، وتتخلص في أزمة عمالة مصرية لدى شركة موانئ دبي، وتكررت الأزمة مثل غيرها نتيجة الحلول المؤقتة أو “المسكنات”.

 

وأعلن العمال اعتصامهم هذا الشهر وإغلاق الميناء الواقع في شرق مصر لمدة 16 يومًا، مما تسبب في خسائر وصلت إلى مليار دولار، بحسب تقديرات محمد عبدالقادر جاب الله، رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر، الذي أعلن أمس انتهاء الأزمة بعد توقيع اتفاقية بين مستشار رئيس الجمهورية وهيئة مواني البحر الأحمر وقيادات الجيش الثالث الميداني في السويس وشركة موانئ دبي الحاصلة علي حق إدارة ميناء العين السخنة، بجانب موافقة شركات الخدمات التي كانت قد حصلت على عقود للعمل في ميناء العين السخنة.

 

الحوار الوطني
استمر الحوار الوطني يشكل أزمة كبرى علي الساحة السياسية المصرية طويلًا، فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا منحه صلاحيات واسعة، وتمت بموجبه إقالة النائب العام عبد المجيد محمود، ومائدة حوار الرئاسة تخلو من قيادات المعارضة إلا حزبي مصر القوية والتيار المصري.

 

وكان الرئيس المصري التقى قيادات المعارضة، وعلى رأسهم محمد البرادعي رئيس حزب الدستور وحمدين صباحي زعيم التيار الشعبي، وعبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، والسيد البدوي رئيس حزب الوفد، قبل إصداره الإعلان الدستوري من دون تباحث مضمون الإعلان معهم، مما أدى إلى غضب المعارضة.

 

وأطلقت مؤسسة الرئاسة خلال تلك الفترة 4 دعوات إلى الحوار، لم تتفاعل معها المعارضة، على الرغم من إعلان الرئاسة اعتزامها القبول بنتائج الحوار، وكذلك وضع جدول أعمال واضح للحوار، وتضع المعارضة 5 شروط للحوار، في مقدمتها إعادة تشكيل الحكومة وإقالة النائب العام طلعت عبد الله وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

 

هيكلة الرئاسة
أثارت إقالة مستشار الرئيس لشؤون البيئة خالد علم الدين في مطلع الأسبوع الجاري الحديث عن ضرورة هيكلة مؤسسة الرئاسة المصرية، في ظل انسحاب 12 مستشارًا من الهيئة الاستشارية، التي تتضمن 23 مستشارًا ومساعدًا خلال 3 أشهر فقط.

 

كما أعلن المتحدث الرئاسي ياسر علي اعتزامه ترك منصبه لتولي منصب إدارة مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، فيما أعلنت الرئاسة عن تشكيل مكتب إعلامي لها، وذلك وسط مطالبات بضرورة هيكلة مؤسسة الرئاسة وتوسيع دائرة صلاحيات مساعدي الرئيس في الشؤون الإدارية والسياسية.

إيلاف

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى