رياضة

قصة محمود عبده مع التأهل للمونديال

على أرض الملعب باتجاه مدرجات “التالتة شمال”؛ كان يرتكز محمود عبده على عكازه، يخفق قلبه مع كل تسديدة ضائعة للمنتخب المصري، لكن مع حلول الدقيقة 63 من عُمر المباراة وبينما يجوب اللاعب محمد صلاح الملعب فرحًا بأول هدف؛ تحرر الشاب العشريني من عكازه، فَرد ذراعيه في الهواء، وأخذ يلتف بهستيريا الفرحة.

لحظات وتبددت الفرحة؛ في الدقيقة 87؛ أحرز المنتخب الكنغولي هدف التعادل، خارت قوى الشاب صاحب الـ28 عامًا “مقدرتش أقف ووقعت على الأرض”، استند بيديه على نجيلة الملعب وأخذ يبكي “قولت خلاص راحت علينا”، لكن ظلت عينيه بعشم تطارد تحركات اللاعب محمد صلاح “كنت مركز معاه وهو بيقول للاعيبة يلا يلا”.

في اللحظات الأخيرة سدد صلاح ضربة الجزاء بنجاح لتضمن التأهل رسميًا للمنتخب إلى المونديال، كان عبده لايزال محتضنًا الأرض، ساعده زملائه المُشجعين على النهوض حتى يحتفل برفقتهم، وفي مشهد ملحميّ، استند الشاب مرة أخرى على عجازه وأخذ يقفز بشكل متتالي، حتى التقطته عدسة المصور الصحفي بجريدة الجمهورية والمساء عزت السمري.

____ 1

اعتاد عبده على أداء ذلك الاستعراض كلما غمرته السعادة “بتحسسني إني مش مُعاق زي ما الناس بتبصلي، وإني أقدر أعمل أي حاجة وأعبر عن فرحتي”، بفخر يقول إن أبناء منطقته في السلام يلقبونه بـ”محمود الشقي”، وكلما شاهدوه تنطلق عباراتهم “شوفوا الولد ده إزاي عارف يعمل كدة وهو برجل واحدة بس”.

بجهد يحاول الشاب العشريني ألا يفوّت مباراة للمنتخب أو فريق الأهلي “بجري وراهم في أي حتة ولا بيهمني”، وحينما تسلم مرتبه في الرابع من أكتوبر “شيلت 300 جنيه على جنب لزوم السفر والتذكرة”، ظل يبحث عن شخص يبيع له التذكرة لأنه لم يستطع حجزها بعدما نفذت “تواصلت مع واحد قالي هبيعهالك بـ200 جنيه”، رفض عبده بسبب استغلال الشاب له ولأنه لا يملك هذا المبلغ للتذكرة فقط، فقرر المجازفة.

ترك عبده كل شيء للقدر؛ جهّز حقيبته، وأنهى عمله في الواحدة من صباح الأحد، عاد إلى المنزل وظل مستيقظًا ترقبًا لرحلته إلى الإسكندرية “أبويا قالي حرام عليك نفسك وإنت شغال وهتطبق عشان تروح، وكدة هتشقى”، لكنه صمم على قراره “قولتله حضوري الماتش ده لحظة مهمة في حياتي”.

في تمام الواحدة والنصف ظهرًا؛ وقف عبده على أبواب ستاد برج العرب المُحتضِن للمباراة، لا يعرف مصيره بعد “عقلي كان بيقولي ده جنان بس أنا قولت مش هفوّت على نفسي الفرحة دي”، خاطب عبده أحد أفراد الداخلية من أجل دخوله “رُتبة مهمة منهم دخلني بدون تردد وخلاني أقف على أرض الملعب، وأدوني فيفوزيلا صغيرة عشان اتبسط”.

من لحظة وصول الشاب العشريني إلى الاستاد وهو لم يكُف عن الهتاف “ومبطلتش تنطيط لحد الساعة سبعة لما الماتش بدأ”، وحينما صرخت صافرة حكم اللقاء للإعلان عن نهاية اللقاء، انطلق عبده في الملعب فرحًا “جريت على مؤمن زكريا وسعد سمير وكهربا ورقصت معاهم، زي ما أكون في فرح واحد صاحبي ومن الفرحة بتشده عشان ترقص معاه”.

____ 2

تمنى أن يقابل نجم المباراة اللاعب محمد صلاح “جريت وراه لكن وقعت ومعرفتش أكلمه بسبب الناس اللي حواليه”. لم ييأس عبده، وللمرة الثانية جازف حتى يحقق مُراده “كان الأمن واقف على مدخل أوضة الملابس، رميت جسمي عليهم ودخلت جوة وفعلًا شوفت صلاح وحضنته واتصورت معاه، وبعتبر لحظة صعودنا تاني فرحة ليا في حياتي”.

يطرق هذا المشهد ذاكرة عبده ليذكره بما يعتبره أول فرحة في حياته حينما استطاع مُصافحة لاعبة المفضل بالنادي الأهلي أبو تريكة “كان آخر ماتش لأبو تريكة مع الأهلي سنة 2013 في نهائي أفريقيا، جريت وراه وحضنته ومصدقتش نفسي من إن حلمي أتحقق”.

3

الرابعة فجر الاثنين، عاد عبده إلى منزله بمنطقة السلام وهاتفه منقطع “من كتر التعب نمت ومقدرتش أصحى عشان شغلي”، لكن مع الثامنة صباحًا استيقظ بسبب طرق عنيف على منزله “لقيت جارنا بيسأل عليا وبيقول لي إن في مذيعين بيدوروا عليا”.

لم يستوعب الشاب العشريني ما يدور حوله، أعاد هاتفه إلى الحياة مُجددًا وأخذ يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فعرف السبب “مكنتش متوقع يحصل الضجة دي، بس اتبسطت لأن صعودنا المونديال لحظة ملحميّة وفارقة جدًا بالنسبة لي، وأحب إنها تبقى متوثقة كدة”.

 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى