الأخبار

خارج السيطرة.. تدريس العلوم الشرعية فى حضانات أطفال غير مرخصة

 

– أكاديميات تتستر وراء «تنمية المهارات».. لا تملك أى مقار.. وتروج لنفسها بـ«إعمار الأرض» 

انتشرت فى الآونة الأخيرة، العديد من الأكاديميات الغامضة ذات النشاطات المشبوهة، فى عدة مناطق راقية، مثل مدينة نصر والمعادى، متسترة خلف قناع «تنمية مهارات الأطفال والشباب».
وطالت هذه الأكاديميات العديد من الشائعات، من بينها تمويلها من قبل جماعات متطرفة، لاستقطاب الشباب والطلاب من خلال أنشطة صيفية ورحلات ودورات تعليمية.
وترددت أنباء لم يتم التأكد من صحتها عن وقوف الإخوان خلف ٣ من هذه الأكاديميات، هى «نوح» و«ليدرز» و«متميزون»، التى تعرف نفسها بأنها مراكز لـ«تنمية المهارات»، «الدستور» تقصت حولها وزارت مقارها لنتعرف على ما يحدث داخلها، وكيفية التقديم فيها، ومن يملكها ويديرها.

نوح.. تمارس أنشطتها داخل مدارس خاصة.. ومالكتها تدعى ترخيصها 
«أكاديمية تربوية للبنين والبنات، تحملك عبر رحلتها الشيقة الممتعة لتصل بك إلى نقطة بدايتك الحقيقية، تبدأ معنا أولى خطواتك فى إعمار الأرض، بعد إكسابك كل ما تحتاجه من معارف وقدرات، لتكتشف ذاتك وتحدد اتجاهاتك، مع ضمان الحماية الكاملة من أمواج الفتن العاتية والتقلبات النفسية الشديدة».
بتلك العبارة السابقة، عرفت أكاديمية نوح لتنمية المهارات، نفسها، على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، لكن الغريب، أنها أغلقت بشكل مفاجئ، فى اليوم التالى لزيارتنا لها، دون إعلان أسباب الغلق.
وكتبت الأكاديمية على صفحتها، قبل غلقها، أنها تنظم رحلات صيفية للشباب بمبالغ زهيدة، وتساعدهم على إيجاد أنفسهم فى الداخل، أو تسفيرهم إلى الخارج للعمل والدراسة، دون أن تكشف عن نوعية ذلك العمل وتلك الدراسة، أو توضح الغرض من مصطلح «إعمار الأرض»، أو كيف تحمى الشباب من «أمواج الفتن العاتية»، كما تعرف نفسها.
زادت شكوكنا حول الأكاديمية ونشاطها، فقررنا الانتقال إليها، لنرى الوضع على أرض الواقع، فتوجهنا إلى مقرها الكائن بمنطقة مدينة نصر، التابعة لمحافظة القاهرة، لكننا فوجئنا بأنه مغلق، وأخبرنا المتواجدون أن الأكاديمية نقلت فرعها الرئيسى إلى منطقة المعادى، وبالذهاب إلى هناك، اكتشفنا أنها لا تملك مقرًا، بل تمارس أنشطتها من داخل مدرسة ابتدائية خاصة، اسمها «الخليل إبراهيم».
داخل المدرسة، حيث توجد الأكاديمية، ادّعت محررة «الدستور» أنها متزوجة ولديها طفلان، أحدهما فى سن العاشرة والآخر فى الحادية عشرة من عمره، وتريد إلحاقهم ببرامج الأكاديمية، فشرحت لنا المسئولة، التى تدعى «نيفين»، نظام العمل والتقديم كاملًا، قائلة: «ملناش سن محددة، بنقبل أى عُمر، وكل فئة عمرية نمنحها ما يتناسب معها».
وتابعت: «الأكاديمية لا تشبه الحضانة، لأنها تنظم رحلات صيفية للأطفال برفقة ذويهم، وكان لينا مقر، لكن حاليًا بنتعاقد مع المدارس، ونمارس نشاطنا بداخلها، السنة دى متعاقدين مع مدرس الخليل إبراهيم، والسنة الجاية هنتعاقد مع مدارس فى التجمع، وحاليًا ملناش أى نشاط خارج المدارس».
وقالت مسئولة الأكاديمية، إن الكورسات التى تقدمها تنقسم إلى نوعين، هما «مهارات» و«منسورى»، الأول يعتمد على تنمية مهارات الطفل أو الشاب اللغوية والرياضية والإنجليزية والاجتماعية والحسية، وتبدأ فى الصيف، وتحديدًا خلال يوليو من كل عام، أما الثانى «نستخدم فيه أدوات معينة، لمدة يومين أسبوعيًا، ونراعى فيه النطق الصحيح ودقة مخارج الألفاظ، دون الاكتفاء بالتلقين مثلما يحدث داخل المدارس والحضانات».
وفيما يخص أساليب التدريب، أكدت نيفين أن الأكاديمية وفرت ٦ مدربات، كل واحدة منهن تجلس مع فئة عمرية محددة طوال الدورة التدريبية، بحيث يركزن على أدوات المنهج الخاصة بكل فئة، مضيفة: «لدينا أيضًا أنشطة دينية، نهتم خلالها بتحفيظ القرآن للأطفال بالأحكام والتجويد، بالإضافة إلى إلقاء الخطب عليهم لتعليمهم الإسلام الوسطى».
وأشارت إلى وجود فرع آخر، خاص للأطفال فقط، اسمه «نوح تويز»، ينظم أنشطة متعددة ورحلات تناسب أعمارهم الصغيرة.
فى نهاية حديثها، عرضت مسئولة الأكاديمية على محررة «الدستور» التقديم لأولادها فى الأكاديمية، وأغرتها بعمل تخفيض خاص لها، بالتقديم فى مستويين بـ٦٠٠ جنيه، بدلًا من ٧٠٠ جنيه، بواقع ٣٥٠ جنيهًا للمستوى الواحد.
سألناها عن الترخيص الخاص بمزاولة النشاط، فقالت: «مرخصين من التعليم والتضامن، ومفيش أضمن من أن نشاطنا يقام داخل مدرسة، وفى آخر الكورس المتدرب يحصل على شهادة مختومة من الأكاديمية والمدرسة، ومش أول مرة نعمل تدريبات، اسألى علينا هتتأكدى أن نشاطنا معروف».
وبالفعل، بعد انتهاء لقائنا، سألنا عن نشاط الأكاديمية فى الشارع الذى يحتضن المدرسة التى تعمل بداخلها، وتأكدنا أن أحدًا لم يعرف عن الأكاديمية شيئًا، من البائعين أو الجيران أو حتى طلاب مدرسة «الخليل إبراهيم» أنفسهم، الذين تعجبوا من وجودها داخل المدرسة أصلًا.

 

متميزون.. ترفض الإفصاح عن مقرها.. وتتلقى المصروفات عبر حسابات بنكية
«متميزون».. الأكاديمية الثانية التى تحرّينا عنها، وتوصلنا إلى رقم هاتفها من خلال الصفحة الرسمية لها على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، لعدم وضوح عنوان محدد لها، سوى أن مقرها كائن فى مدينة نصر. تعرف الأكاديمية نفسها على صفحتها الخاصة، بأنها «مركز تعليمى، يهدف إلى تنمية مهارات الأبناء فى عدة مجالات، مثل علوم الكمبيوتر، الاختراعات وإدارة الأعمال، رسالتنا إعداد جيل متزن قوى ومتميز، ورؤيتنا بحلول سنة ٢٠٢٠ بناء أكبر وأقوى أكاديمية فى الوطن العربى، لرعاية النابغين وتنمية مهارات الأبناء فى المجالات الإدارية والعلمية والأدبية والفنية». وخلال اتصالنا الهاتفى بالأكاديمية، رفض المسئول الرد على استفساراتنا، بشأن تحديد عنوان واضح، بداعى أن المقر يتم نقله فى الوقت الراهن، وقال: «دلوقتى مفيش مقر علشان بننقل، والحجز عندنا بيكون من خلال تحويلات بنكية باسم المركز، وحاليًا نشاطنا متوقف، إلى ما بعد شهر رمضان الكريم».
وعن أبرز الأنشطة، كشف مسئول الأكاديمية: «ننظم رحلات للأطفال التابعين للمركز، بدأت السبت الماضى، لمدة أسبوعين، وأهم رحلة ستكون إلى قرية (فجنون)، التى تم إنشاؤها خصيصًا للأطفال، ليمارسوا فيها فنون الرسم واللعب، بالإضافة إلى بعض الحرف، مثل الطباعة، والفخار، والنجارة، والحدادة، وهى موجودة فى منطقة ترعة المريوطية، وأسسها الفنان المصرى محمد علام، الذى يؤمن بضرورة وجود مجتمع مثالى، تتوافر فيه حرية التعبير عن الرأى، واحترام البيئة المحيطة بكل ما فيها».
وبسؤاله عن كيفية التقديم، قال مسئول الأكاديمية: «باب الحجز سيفتح بعد انتهاء شهر رمضان، بالتزامن مع جاهزية المقر للعمل، لكن فيما يخص رحلة «فجنون» فى المريوطية، ممكن تجيبى طفلك الصبح معانا، وتدفعى اشتراكه وتجربى معانا اليوم، بكرة، وبعد كده بعد رمضان فيه تجمعات ورحلات تانية كتير، بس تابعينا على صفحة الفيسبوك». وحاولنا فى اليوم التالى مراسلة صفحة الأكاديمية الرسمية على «فيسبوك» مرة أخرى، فتفاجأنا بأنها أُغلقت واختفت كل المعلومات الواردة عن المركز من خلال محرك البحث «جوجل».

ليدرز: تطرح برامج لإعداد «القائد المسلم»
حضانة «Leaders Academy Nursery & preschool»، اختارت أن تعرف نفسها على «فيسبوك» بأنها «تقدم شكلًا مبتكرًا من تعليم الأطفال فى فترات الصيف»، موضحة: «نوجههم إلى الخطوات السليمة الأولى فى حياتهم، بشكل ترفيهى، يجعلهم يتقبلون ما يُطلب منهم بصدر رحب».
وتضيف: «أخذت أكاديمية (ليدرز) على عاتقها هذه المسئولية، لتقدم للمجتمع أشبالًا وشبابًا قادرًا على حمل الأمانة، مفعمًا بالنشاط والأفكار المبدعة وقادرًا على التعامل باللغة الإنجليزية بطلاقة، هذا الشباب قادر على استيعاب العلوم التطبيقية وفى نفس الوقت ملم بالعلوم الشرعية، إنه مشروع إعداد القائد المسلم القوى».
هذا التعريف، وما تضمنه من جمل، مثل «العلوم الشرعية»، و«مشروع إعداد القائد المسلم القوى»، هو ما دعانا لزيارة الحضانة الكائنة فى حى المعادى الجديدة، المقابلة لمدرسة «أمجاد» للغات التى تمتلكها كاميليا العربى، شقيقة الممثل المعتزل وجدى العربى، المنتمى إلى جماعة الإخوان الإرهابية، والتى يُشاع أنها من مدارس «الإخوان».
الحضانة تقع فى شارع «اللاسلكى»، تتوسط مجموعة من العمارات، التى تبدو خاوية من سكانها، وهناك متجر واحد وبائع خضروات، وهى عبارة عن طرقة قصيرة فى مدخل عمارة ضخمة، ينتهى بأربع درجات سُلم تقودنا إلى باب شقة، مثبت أعلاه كاميرا مراقبة، وتنتشر على جانبى حوائطها صور كارتونية، وفى الداخل مكتب مخصص لاستقبال الاستفسارات، وخلفه ممر يضم الفصول وقاعة للألعاب.
استقبلتنا شابة، تدعى «سلمى»، عرفت نفسها بأنها معلمة اللغة الإنجليزية، فى المراحل العمرية من ٢ إلى ٦ سنوات، وحدثتنا عن النظام التعليمى داخل الحضانة، وكيف يختلف عن أى مكان آخر، إذ يهتمون بتنمية المهارات الإبداعية واللغوية لدى الطفل، خاصة فيما يخص اللغة الإنجليزية، التى سيتحدثها بطلاقة.
وقالت «سلمى»: «بالإضافة إلى دروس التنمية البشرية والعلوم الشرعية ومجالات الكهرباء والروبوتات، ينقسم النظام الدراسى لدينا إلى Jounior وSenior، ويحدد ذلك الاختبار الذى يخضع له الطفل قبل قبوله، والذى يتضمن طريقة نطقه الحروف وكتابته للكلمات».
واستعرضت «سلمى» الجدول الخاص بالدراسة، والذى تستمر كل حصة فيه لمدة ٣ ساعات، لمواد: «اللغة الإنجليزية والرسم والتنمية البشرية والعلوم الشرعية».
وأضافت «دينا»، أحد ملاك الحضانة: «لدينا جزء يسمى Robotics، وهو نظام مأخوذ من الولايات المتحدة الأمريكية، يتمكن به الأطفال من تصميم طائرة مثلًا، من خلال إدخال البيانات الفنية على (التاب)، ما ينمى القدرات العقلية لدى الطفل منذ صغره، لكن هذا الجزء هو مرحلة متقدمة، يحصل عليها الـSeniors، فخطة العمل مع الأطفال تختلف ما بين العام والآخر، لذلك المصروفات تتراوح ما بين ١٢٠٠ و١٥٠٠ جنيه شهريًا».
أما فيما يتعلق بتبعية الحضانة لجماعة الإخوان الإرهابية، سألنا «عم سعيد»، أحد رجال الأمن بالمنطقة، فقال: «لا، هذا غير صحيح، صاحبتها معاملتها طيبة مع من حولها، وده سبب نجاح مشروعها، ولجأ أولياء الأمور إليها لتعليم أبنائهم داخل حضانتها، لتيقنهم من فكرها المتطور.

 

 

 

الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى