أخبار مصر

بالفيديو.. سيارات مجهولة تزاحم منافذ الجيش

 

يشعر محمد فتحي-من سكان فيصل- بقدر كبير من الرضا لحصوله على مواد غذائية من “سيارات الجيش” بأسعار مدعومة تقل بنسبة تصل إلى النصف عن أسعار السوق، لكنه يشعر بالغضب بسبب عدم تحديد الكميات التي يحصل عليها كل فرد وعدم استخراجها بالبطاقة لقطع الطريق على المتاجرين بـ”أقوات الشعب” على حد وصفه.

تقف سيارات القوات المسلحة المتنقلة في أماكن محددة وخط سير ثابت يعرفه الجمهور لتوزع منتجاتها الغذائية وهي التجربة والتي بدأت مؤخرا وحققت رواجًا كبيرًا لمساهمتها في ردم الفجوة الغذائية في المجتمع.

رغم إيجابية الفكرة إلا أن جولة لـ “بوابة الأهرام” كشفت عدم وصول هذه السلع المدعمة للفقراء كما تستهدف الدولة، حيث يقوم بعض الناس بشراء كميات كبيرة من السلع وتوزيعها بسعر السوق في المحال التجارية بعد مغادرة سيارات الجيش.

تحولت الفكرة المبتكرة من قبل القوات المسلحة للقضاء على جشع التجار، لتكون “بيزنس” جديد للتجار، حيث يقوم بعضهم بشراء المنتجات من “سيارات الجيش” -عن طريق عاملين معهم- بأسعار منخفضة، وبيعها بأسعار مرتفعة بنفس سعر السوق الحر.

تشتري فتحية علي “ربة منزل” ما تحتاجه من منافذ بيع السلع الغذائية، بينما تؤكد لـ”بوابة الأهرام” أن الأسعار ارتفعت حاليًا في منافذ التوزيع عن بداية تطبيق الفكرة، فعلى سبيل المثال زاد سعر كيلو اللحمة من 36 إلى 45 جنيها، والفراخ من 19 إلى 28 جنيهًا.

يعاني الموظفون يعانون من مشكلة كبرى في نفاذ بعض السلع الغذائية خلال الفترة الصباحية، ولا يجد الموظفون سوى بقايا المواد الغذائية بعد العودة من العمل، وتطالب مي محمد “موظفة”، بضرورة توفير جميع السلع طوال اليوم.

يكشف أحمد السيد، (عامل نظافة) أن هناك بعض القادرين، يقومون بشراء اللحوم من منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة لاستخدامها في “موائد الرحمن”، مما يؤثر على محدودي الدخل بسبب نفاذ المنتجات الغذائية، ويقول باستنكار ممزوج بالغضب “حتى موائد الرحمن بتتعمل من قوت الغلابة”.

توضح ربة منزل -رفضت ذكر اسمها- قيام بعض الأسر خلال النصف الثاني من شهر رمضان الكريم، بشراء كميات كبيرة من اللحوم لتخزينها خلال فترة عيد الفطر، بينما تؤكد أن آخرين يقومون بشراء كميات كبيرة من اللحوم لاستخدامها في “عزومات الأفراح” المقرر عقدها بعد عيد الفطر.

جولة “بوابة الأهرام” رصدت عدم وجود تنظيم جيد، في الحصول على السلع الغذائية خاصة أن هناك طابور واحد للرجال والسيدات مما ينتج عنه حالات تحرش وسرقة بين المواطنين بسبب عدم النظام.

وكشفت كاميرا “بوابة الأهرام”، وجود سيارات مجهولة المصدر تقوم ببيع منتجات غذائية بجوار سيارات القوات المسلحة، دون أن يعترضها أحد من مسئولي الحي، بل كان الغريب تسهيل مهمتهم من قبل رجال الحي بعد حصولهم علي مقابل مادي يطلقون عليه “الشاي” وفقا لأحد الباعة الذي اعترف بذلك لـ”بوابة الأهرام”.

يستنكر عدد من المواطنين تواجد السيارات بدون تفتيش من الجهات الرقابية، ويطالبون بضرورة التدخل منعا لبيع لحوم أو مواد غذائية فاسدة.

“العربية جت أهي .. إجري علشان نلحق قبل ما الناس تيجي”، هكذا خرجت تلك الجملة علي لسان أحد الشباب المتواجدين في أول شارع الطوابق بحي الهرم، وما إن لمح السيارة تقترب من مكانها المعتاد حتى صاح في صديقه بالإسراع للحاق بها، وما إن وقفت حتى تزاحم عليها عشرات من الرجال والنساء شبابا وشيوخ.

تقف سيدة في منتصف الأربعينيات، شاحبة من حرارة الجو والصيام، تحمل على كتفها رضيعا، تحدق بنظرها نحو السيارة التي عجزت عن الوصول إليها، ويصبح الأمل حليفها الوحيد في أن تحصل علي ما تريد وتعود لبقية أبنائها، وما إن تقترب من “حلمها” حتى تفاجيء بانتهاء السلع، فتصيح “حسبي الله ونعم الوكيل في اللي بيسرق قوتنا”.

يُعبر محمد فتحي، عن غضبه بشأن عدم تحديد الكميات التي يحصل عليها كل فرد وعدم استخراجها بالبطاقة لقطع الطريق على المتاجرين، و يتساءل هل يحصل الفقراء أو محدودي الدخل على نصيبهم وسط من يقومون بشراء كميات كبيرة؟، ودون أن ينتظر إجابة يرد.. “هناك شخص حصل على كميات كبيرة تصل لـ 30 كيلو فراخ بحجة أنه يشتري تموين الشهر كامل”، ويكرر الاستفهام.. هل يحصل فعلا على تموين الشهر كاملا؟.

الحصول علي ما يكفي لطعام أسرة كاملة قد يكلفك يوما كاملا.. عم حسين الذي يعمل بالمعمار، يصلي الفجر وينتظر السيارة ليحصل علي طعام مدعم لأولاده، ويشير إلى أن تجار الجملة يقومون بشراء “طعام الغلابة” من منتجات القوات المسلحة لبيعها مرة أخرى للمواطنين بأسعار مضاعفة، ويستعينون بـ”البلطجية” لإحداث شغل كبير حتى يرحل الناس ليتمكنوا من شراء كل السلع.

أن يحصل المواطنون علي ما يكفيهم من طعام لهم ولأبنائهم أصبح في حد ذاته سلعة نادرة، يعد اقتناصها فرصة ثمينة تدعو لفرحة عارمة، هكذا تعبر فايزة عبد الحميد: ” حرام يبعدوا الأكل عننا وعن أولادنا، ويتحكموا فينا كده ده إحنا لما بنجيب الأكل كأننا جبنا كنز وإحنا جايين”.

السيدة التي تجاوز عمرها 60 عامًا، يبدو على وجهها الغضب من شدة ما لقيته فتقول “إن ألم الشمس والوقوف في الطابور طول اليوم أهون علي نفسي من ألم الجوع”، وتستطرد: “هعمل إيه ما باليد حيلة ولو قعدت مش هلاقي أكل”.

طالما بقي الجشع فإن آمال الفقراء تظل تحت التراب ويتخذ “محمد حسانين” من الرصيف مجلسا، وباتت الكلمة التي يرددها كثيرا “الكلام ماعدش منه فايدة” ويبدو أن هذا ليس كلامه وحده بل أصبح هذا لسان حال الفئة المطحونة المهشمة الذين فقدو الأمل في أن يتغير الحال للأفضل.

بالفيديو.. سيارات مجهولة تزاحم منافذ الجيش لتوزيع السلع الغذائية وسماسرة يديرون “بيزنس” على حساب محدودي الدخل

 

الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى