الأخبار

حزام ناسف على العقل

170

 

 

فى منطقة سامراء بالعراق يوجد قصر عظيم مكون من خمسة طوابق كان يستخدمه أمراء الخلافة العباسية.

فى الدور الأخير «أى الروف جاردن» يوجد مجلس رائع تتوسطه حفرة عميقة حفرها الخليفة «المعتمد» أمام كرسى الخلافة، بحيث إذا ما جلس الخليفة أطل عليها وشاهد ما يحدث فيها.

كانت تلك الحفرة هى المكان الذى يلقى فيه أعداء الدولة ويربَطون بحبل عظيم بشكل مقلوب بمعنى «رأسهم إلى أسفل ومؤخرتهم إلى أعلى»، ويبقون هكذا أحياء بلا مأكل ولا مشرب.

وإمعاناً فى التعذيب كانوا يضعون «خازوقاً» موجهاً صوب مؤخرة من يتم تعذيبه، وكان الجلاد يأتى كل يوم ويدخل هذا الخازوق عدة سنتيمترات إضافية فى مؤخرة عدو الدولة.

يحدث ذلك بينما الخليفة المعتمد يجلس على كرسى الخلافة يشاهد فى تلذذ وسعادة. وكثير من الذين تعذبوا بهذه الطريقة الوحشية أثبت التاريخ براءتهم بل كامل ولائهم للدولة والخليفة.

إن منطق الظلم والافتراء على الناس قديم قدم نزول سيدنا آدم من السماء إلى الأرض.

ولهذه الأسباب كانت عدالة السماء هى العنصر الحاسم والغالب الذى لا يعلوه شىء فى إنصاف الناس وتبرئة المظلومين.

حالة «الفرعونية» التى تصيب بعض المصريين هى حالة الشعور بالسيطرة والنزوع إلى الاستبداد بالآخرين، استغلالاً لسلطة زمنية مؤقتة، هى آفة العقل المصرى المعاصر.

أى إنسان يمتلك سلطة مهما كانت محدودة -للأسف- يستبد بها حتى لو كان خفيراً على عشة أو عامل نظافة على دورة مياه!

منطق أننى أمتلك الأرض وما عليها وأستطيع أن أفعل بالعباد والبلاد ما أريد، هو منطق تدميرى أهلك كل من تبناه وأطاح بكل من عاش به.

إن التاريخ ملىء بالدروس والعبر لما حدث لـ«هولاكو، وهتلر، وموسولينى، وتشاوشيسكو، وصدام حسين، ومعمر القذافى، وأسامة بن لادن». أزمة البعض منا أنهم لا يقرأون التاريخ، وإذا قرأوه لا يفهمونه، وإذا فهموه لا يتدبرون معانيه، وإذا تدبروها لا يعملون بها، وإذا عملوا بها أخطأوا الطريق وأساءوا العمل!

إن تلك الهيستيريا التى تسيطر على فئات متعددة من المجتمع، وتلك الروح الانتقامية التى تتملك نفوس البعض هى مثل الطوفان الكاسح الذى سوف يأكل الأخضر واليابس.

إننا فى زمن غاب فيه العقلاء وارتدى فيه البعض حزاماً ناسفاً فوق عقولهم وضمائرهم!

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى