الأخبار

كارثة تضرب مصر .. «الرئيس السيسي» يبحث لها عن حلول ..

 

 

تعاني “م.ك”، مطلقة، مع اقتراب كل عام دراسي، من صعوبة حصولها على نفقات المستلزمات الدراسية لثلاثة من الاطفال، من زي مدرسي وشنط واحذية وكراسات وأقلام، لانه طبقا للقانون، عليها أن ترفع دعوى قضائية للمطالبة بالمصروفات المدرسية من مستلزمات ونفقات الدراسة، لرفض طليقها تحمل ذلك طواعية.

معاناة الطلاق

عامان وأنا أحاول الحصول على حكم الطلاق ونفقة شهرية ونفقة سكن، وأيضا عانيت للحصول على حكم الولاية التعليمية، ودفعت أكثر من 30 ألفا للمحامي، وللاسف معاناة المحاكم لم تنته، لأن كل سنة أضطر ارفع دعوى للحصول على نفقات الدراسة، رغم أنه مقتدر ماليا، بس بيعاقبني ان مستحملتش ضربه واهانته لي وللأولاد”.. تقول الأم.

يقول المحامي محمد شهاب، إنه وفق قانون الأحوال الشخصية الذى نص على أن نفقة الصغار على أبيهم حتى بلوغهم السن القانونية للتكفل بأنفسهم ، حيث إن نفقة التعليم فى هذه الحالة نوع من حضانة ورعاية الأب الواجبة لأبنائه “قانون التعليم رقم 139 المعدل جعل التعليم الأساسى إجباريًا وعلى ذلك يلتزم الأب أيًا كانت حالته المالية بالإنفاق على الصغير فى هذه المرحلة، ولا يلزم بإلحاقه بالتعليم الخاص أو الأجنبى إلا إذا كانت حالته المالية تسمح بذلك”.

وكشف أن الخطوات الواجب اتباعها لتحصل الأم على المصروفات الدراسية الخاصة بصغارها بأن ترفق المستندات الدالة على المصاريف المطلوب دفعها للمدرسة عند رفع الدعوى وشهادة ميلاد الطفل، والطلاق أو وثيقة الزواج فى حال كانت لا تزال على ذمته، وتحريات تتضمن المبالغ المالية التى يتحصل عليها الزوج ومصادر دخله الأخرى ومتلكاته.

دعاوى النفقات

معاناة أبناء المطلقات، تشهد عليها محاكم الأسرة، حيث عشرات الدعاوى المسجلة يوميا والتى تعلن وفقا للرصد عن امتناع الآباء عن التكفل بنفقات أبنائهم، ثمنا لطلب الامهات الطلاق أو ردا على منعنهن من رؤية أطفالهم أو بسبب الظروف الاقتصادية. وطبقا للارقام الصادرة عن محاكم الاسرة، تستقبل مكاتب تسوية المنازعات لدعاوى مصروفات المدرسية ونفقة الزى المدرسى ونفقة الانتقالات المقدمة لمحاكم الأسرة التى يشهدها العام الدراسى، لتتراوح فى المتوسط لـ 18 ألف دعوى سنويا، فيما يبلغ عدد أبناء المطلقات 9 ملايين طفل يدفعون الثمن.

9 ملايين طفل ضحية..كوارث حقيقية

وحسب دراسة صادرة عن محاكم الاسرة حوالى40% من التلاميذ يذهبون إلى المدارس دون تناول أى طعام وسط ظروف أسرية غير مستقرة، وحذرت الدراسة من خطورة الطلاق على الأبناء وأن أحوال غالبية أولاد المطلقين المعيشية بعد الطلاق أصبحت سيئة بمعدل 55%، وبلغت نسبة تسرب الأولاد من التعليم بسبب كارثة الطلاق40% بسبب الخلافات الأسرية خلال الأعوام السابقة.

اهتمام الرئيس

وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال جلسة “اسأل الرئيس”، ضمن فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الوطني للشباب في دورته السادسة، للحديث عن تلك المشكلة “محتاجين نعمل مراكز تؤهل بكورس قوي جدًا الشاب والشابة المقبلين على الزواج، لمواجهة حالات الانفصال وإذا كان هناك 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر، يوجد 15 مليون طفل بدون أب وأم بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق”.

وتصنف مصر ضمن أكثر 5 دول فى العالم ارتفاعا فى معدلات الطلاق، حيث تحتل المركز الثالث عالميا بعد الأردن والكويت، ووفقًا لتعداد وبيانات 2017 للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد المطلقين فى مصر بلغ 710 آلاف و850 نسمة، وبلغ معدل الطلاق بمصر حالتين لكل ألف شخص، وسجلت محافظة القاهرة أعلى عدد لحالات الطلاق خلال العام الماضى، وتزيد الإناث المطلقات بنسبة 64.9% عن الذكور بنسبة 35.1%، وبلغت حالات الطلاق فى الحضر 60.7%، وفى الريف 39.3%.

معدلات العنف

طبقا للارقام المعلنة من قبل مركز البحوث الجنائية والاجتماعية، فإن نسبة البلاغات الخاصة بالعنف من أطفال ضد آباء وأمهات منفصلين انقسمت إلى العنف البدنى بـ68% مقابل 22% للعنف النفسى، و10% للعنف الجنسى، كما أن 80% من الأطفال يتعرضون للإساءة من أحد أو كلا الوالدين فى حالات الانفصال، منهم 26% أصغر من 4 سنوات و27% أعمارهم ما بين 8 – 12 عاما، و23% أعمارهم من 13 – 18 عاما، و52% من ضحايا العنف بعد الطلاق إناث، و 49% من الضحايا ذكور.

“م.أ” و”ر.أ”، طفلان في مرحلة التعليم الابتدائي، كلاهما عاني قبل الطلاق وبعده، من عنف الزوجين وكثرة الشجار، حتي بات كلا الطفلين لديهما مشاكل في النطق والتخاطب وتعثر دراسي “ولادي شافوا كتير من ابوهم، ضرب وشتيمة لي وليهم، وكان علطول يرجع البيت وهو شارب مخدرات وميحسش بنفسه وهو بيضرب فينا، إلا بعد ما الجيران يتدخلوا”، حسب قول الأم.

معاناة مستمرة

رغم انفصال الأم، إلا أن الوضع مازال مستمرا، من معاناة الاطفال بسبب صعوبة الحصول علي نفقاتهم الدراسية ومستلزماتهم “حصلت علي نفقة شهرية 800 جنيه وطبعا مش بيكفوا حاجة، وحاولت اطلب منه نفقات الدراسة ولكنه بيرفض، والولاد نفسيتهم تعبت ومستواهم الدراسي بينهار، لانهم دايما مش بيجيبوا لبس وشنط جديدة ولا بعرف ألحقهم بمجموعات المدرسة عشان احسن مستواهم الدراسي، وحتي مصاريف المدرسة بنضطر نتأخر في دفعها عشان الدعوي القضائية بتاخد وقت لحد ما يتحكم كل سنة” .

دعاوى متعددة

سنوات عديدة قضتها والدة الطفلين، خلال رفع الدعاوي القضائية، من دعاوي طلاق، نفقة زوجية، نفقة متعة، نفقة صغار، نفقة عدة، نفقة مؤقتة، إثبات حضانة، ضم الصغار، تبديد منقولات، ولاية تعليمية، وهو ما أنهكها وأثر على نفسية الطفلين “مش معاي فلوس اوديهم لدكتور نفسي او تأهيل وبحاول قد ما أقدر، ولكن حتي وقت الرؤية لأبوهم بيكون معاملته قاسية جدا وبيعاقبهم عشاني والولاد للاسف هما اللي بيتئذوا”.

وتؤكد زينب عبداللاه، المعالجة الاسرية والنفسية، أن الابناء بعد الطلاق يعانون من مشاكل نفسية عديدة، بسبب الشجار والتوبيخ واستغلالهم في ذلك، وامتناع احد الاطراف عن التواصل معهم عمدا او غير ذلك، ولهذا يصبح الطفل عنيفا وغير سوي نفسيا، كما أن إخطار الطفل بتفاصيل الخلاف والطلاق يجعله عدوانيا وكارها لفكرة الارتباط، وتظهر عليه أعراض الاكتئاب والعصبية والتوتر والقلق، وضعف التحصيل الدراسي

تأخر الحكم

ويعلق المحامي بالأحوال الشخصية محمد حسن، علي معاناة المرأة وابنائها قائلا: “ما يحدث تجاه الزوجة بعد تطليقها يعد جريمة، بداية من تأخر نفقة السكن، ونفقة الاطفال، أو استمرارها الحياة مع الزوج داخل مسكن الزوجية، رغم رفع دعوى طلاق، ولا يتم الحكم لها إلا بعد إصدار قرار الطلاق، وهو ما يضطرها للاقامة ربما سنوات بنفس السكن مع الزوج، وصولا لتمكين الزوج من السكن بعد انتهاء مدة حضانة الزوجة، بالاضافة لتأخر الحكم في قضايا الولاية التعليمية ونفقة السكن والاطفال، فقط تظل المرأة واطفالها بلا أي عائل مادي لحين الحكم”.

أضرار نفسية واجتماعية

“لدى مئات الدعاوى القضائية لسيدات لا يستطعن الحصول علي سكن او نفقة من الزوج، ولا يجدن اي عائل مادي لأبنائهن، إما لعدم حصوله على حكم الطلاق، أو لتلاعب الزوج ببيع مسكن الزوجية، أو لانتهاء مدة حضانة الأطفال، وكل تلك الأسر تتعرض لمشاكل اجتماعية ونفسية خطيرة، بعد سعي الأب لإخراجهم من مسكنهم المرتبطين به، دون مراعاة لمصلحة الأبناء، وكثير من السيدات لا يملكن ثمن استئجار سكن آخر لاستكمال مهمتهن في تربية الأبناء، وتجد الأم تضطر للعمل والاستدانة، في مقابل تعنت الأب في الخصومة، هذا بالاضافة لرفض الاباء دفع نفقات الدراسة وهو ما يؤثر سلبا عليهم “.. يفسر المحامي معاناة الزوجة والابناء.

دور البرلمان

ويعكف البرلمان، على النظر لاقتراحات تعديل قانون الأحوال الشخصية، المقدمة من قبل نواب البرلمان المتقدمين بمشاريع قوانين لتعديل قانون “الأحوال الشخصية”، وهو ما أكده قال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن البرلمان يعكف على إجراء تعديلات بقانون الأحوال الشخصية ومحاكم الأسرة، لأن تلك القوانين عندما صدرت كانت تواجه حالات اختلفت فى الوضع الحالى، وتم تكليف اللجنة بإعداد تعديلات أوسع بقانون محاكم الأسرة بما يتواءم مع ما يفرضه الدين.

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى