الأخبار

موسكو مستعدة لمنح مصر ما لم تقدمه أثناء حكم «مرسى»

13

 

 

قالت مصادر رسمية مصرية وروسية لـ«الشروق» إن زيارة الوفد الروسى رفيع المستوى للقاهرة والذى يضم وزير الدفاع سيرجى شويجر، ووزير الخارجية سيرجى لافروف تهدف للنظر فى تفاصيل توسيع وتعميق التعاون الثنائى بين البلدين بما فى ذلك امكانية توقيع اتفاقات تعاون ثنائى لاحقة فى مجالات متنوعة تشمل التصنيع، وربما ايضا التصنيع الحربى، والطاقة والاستثمار والثقافة والاثار والزراعة.

وبحسب مصدر متابع لتفاصيل زيارة الوفد الروسى فإن «المناقشات التى ستجرى على مدار يومين مع وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين ستمهد لزيارة قادمة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين لمصر شتاء العام القادم، فى وقت يتم تحديده خلال هذه الزيارة، أو عبر الاتصالات (المتزايدة والمرتفعة المستوى) بين القاهرة وموسكو فى وقت لاحق».

مصادر دبلوماسية مصرية أكدت لـ«الشروق» أن «النظر فى تطوير العلاقات مع روسيا ــ خاصة فى المجال العسكرى ــ ليس فكرة وليدة اليوم»، وبحسب أحد هذه المصادر فإن «الامر بدأ النظر فيه منذ نهايات حكم الرئيس الاسبق حسنى مبارك، فى وقت توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن حيث قام مبارك فى عام 2006 بزيارة مهمة لموسكو، واحسن استقباله والترحيب به، وبدأ فى ذلك الوقت الحديث عن تطوير سياقات التعاون بما فى ذلك النظر فى الاستفادة من الخبرة العسكرية الروسية لتطوير وتنويع الترسانة العسكرية المصرية، وايضا فى مجالات الاستخدام النووى للاغراض السلمية».

وأضاف المصدر نفسه «فى ذلك الحين بدأت بالفعل بعض الخطوات للتقارب والتعاون المصرى ــ الروسى، ولكنها لم تكن مكثفة أو حثيثة بما يكفى، ووقعت بعض العراقيل من جانبنا». مشيرا إلى أن «القاهرة حاولت مجددا السعى نحو تطوير العلاقات مع روسيا فى حكم الرئيس السابق محمد مرسى، لكن الزيارة التى قام بها لموسكو لم تكن موفقة.. بل وتركت لدى الرئيس فلاديمير بوتين انطباعا سيئا عن مرسى، بل إن بوتين فيما سمعنا بعد ذلك ابدى لمتحدثيه استياء من عدم الاهتمام الذى ابداه مرسى خلال المحادثات».

مصدر دبلوماسى روسى قال إن حرص موسكو على تطوير العلاقات مع القاهرة «لا يرتبط بشخص أى رئيس.. هو بالاساس مرتبط بتاريخ طويل للعلاقة بين الشعبين المصرى والروسى، ولكن بالتأكيد فإن قدرة رئيس البلاد على التعبير عن مصالح شعبه هى أمر رئيسى فى هذا الصدد، كما اننا ايضا لدينا افكار وآراء نشترك فيها بالحديث مع اصدقائنا المصريين».

وأضاف المصدر ذاته إن روسيا ستقترح على المسئولين المصريين خلال زيارة وزيرى الدفاع والخارجية افكارا محددة للتعاون وسيجرى دراستها «وربما تحتاج الامور لبعض الوقت قبل أن تتبلور فى صورة اتفاقيات تعاون ثنائى بصورة نهائية».

وتصر القاهرة فى تصريحات مسئوليها الرسميين المعلنة ان الانفتاح المصرى الواضح على التقارب مع روسيا ــ وان كان يأتى فى سياقات فتور غير خافية بين القاهرة وواشنطن ــ لا يمثل بحال سعيا لاستبدال التحالف المصرى ــ الامريكى بالتحالف المصرى ــ الروسى ولكنه بالتأكيد مسعى لتوسيع اطار الخيارات الدبلوماسية المصرية.

وواصل المصدر الدبلوماسى الروسى قائلا: «اننا فى روسيا ندعم خيارات الشعب المصرى ونثق فى قدرات قادته، ونكن بصفة خاصة الكثير من التقدير لوزير الدفاع المصرى، عبدالفتاح السيسى، الرجل القوى والرصين».

زيارة الوفد الروسى للقاهرة ينظر إليها المراقبون بأنها بجانب تعميق التعاون الثنائى بين القاهرة وموسكو، ستعيد للأخيرة جزءا من الحضور الروسى المتميز الذى حظيت به روسيا فى الشرق الاوسط خلال عالم ما قبل انتهاء الحرب الباردة.

لكن المراقبين يضيفون أبعادا أخرى مهمة فى العلاقة بين البلدين يأتى على رأسها ما تصفه روسيا «بمواجهة الجماعات الارهابية والانفصالية»، وفى هذا السياق من المتوقع ان يتم تحديد مبدئى للتعاون الامنى بين البلدين، وهو الأمر الذى تمت الموافقة المبدئية عليه خلال زيارة سابقة قام بها رئيس المخابرات الروسى للقاهرة قبل اقل من اسبوعين.

وشنت موسكو حربين على المتمردين الانفصاليين فى الشيشان التى تقطنها أغلبية مسلمة فى التسعينيات، إلا أن المنطقة أصبحت هادئة فى السنوات الأخيرة بعد أن حول الإسلاميون المسلحون نشاطهم إلى منطقتى داغستان والأنجوش، وبالرغم من ذلك تعتبر الشيشان صداعا فى راس الكرملين المعنى بمواجهة تحركات وتدفقات نشطاء اسلاميين مسلحين يتحركون فى الفناء الخلفى لما كان يوما الاتحاد السوفييتى.

الوضع السورى سيكون ايضا محل نقاشات مفصلة خلال الزيارة الروسية الرفيعة المستوى فى ضوء تقارب وجهات النظر بين القاهرة وموسكو حول ضرورة منح بشار الاسد الرئيس السورى وسيلة يمكن له من خلالها ان يترك سدة الحكم ــ بما يسمح، حسب الدبلوماسى الروسى ذاته، بانتقال «سلس للسلطة لا تقع معه سوريا فى يد متطرفين اسلاميين لأن ذلك لا يخدم مصالح أى من دول المنطقة خاصة مصر التى مازالت تعانى من اثار التطرف الإسلامى».

فتح افاق للتعاون الثلاثى بما يشمل مصر وروسيا وبلدان ثالثة سواء فى الشرق الاوسط أو فى افريقيا هو ايضا امر مهم بالنسبة للجانب الروسى الساعى لتوسيع مساحات تواجده فى منطقتى الشرق الاوسط وأفريقيا فى اطار مصالح اقتصادية ضخمة تتعلق بالاساس بالموارد الطبيعية.

خلال تواجدهما فى القاهرة سيلتقى الوزيران الروسيان مع نظيريهما عبدالفتاح السيسى ونبيل فهمى كما سيستقبلهما ايضا الرئيس المؤقت عدلى منصور إلى جانب مجموعة اخرى من اللقاءات مع شخصيات رسمية وغير رسمية للنظر فى بدء صفحة جديدة من العلاقات الثنائية.

 

 

الشروق

ويأتى الاهتمام المصرى الروسى بتطوير العلاقات التى بدأت صيف هذا العام مع مرور 70 عاما على اول تبادل دبلوماسى بين القاهرة وموسكو فى عام 1943.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى