أخبار مصر

المحليات تتصدر.. والرشوة وصلت المستشفيات الحكومية

 

انتشرت ظاهرة الرشوة فى معظم المصالح الحكومية بالبحيرة، حتى أصبحت سلوكاً اعتيادياً سواء من المواطن، صاحب المصلحة، أو الموظف، متلقى الرشوة، ورغم تورط المواطن فى تلك الجريمة، إلا أن الأهالى أكدوا أن المواطن مجبر على الاستجابة للموظف، بدفع الرشوة أو «الإكرامية»، لتفادى وضع العراقيل من قبل الموظفين، وتعطيل إنهاء مصالحه، خاصة أن اللوائح الحكومية تكتظ بالعديد من البنود والقوانين التى تعطى للموظف الحق فى تطبيقها تعنتاً مع صاحب المصلحة.

«محمد»: موظف محليات رفض ترخيص محل تجارى لأنى مادفعتش.. و«كرم»: ممرضة طاردتنى عشان «الحلاوة»

«محمد. ع»، 20 عاماً، من أهالى البحيرة، امتلك طموحاً فى أن يقيم مشروعاً صغيراً يتكسب منه، ويعينه على مصاعب الحياة، وهو محل تجارى لبيع اللحوم والحواوشى، إلا أن الباحثين عن الرشاوى والإكراميات من موظفى المحليات، عطلوا مشروعه بدعوى أن المحل مخالف وبه «بروز» يجب إزالته أولاً ثم الحصول على ترخيص يسمح له بمزاولة عمله وبدء نشاطه فى الحصول على اللحوم من وزارة التموين لبيعها للمواطنين بأسعار مخفضة، بعد أن وصل سعر الكيلو إلى 110 جنيهات مرة واحدة.

«زهقت ومش عارف أعمل إيه، أقفل المحل وأبطل شغل، عشان موظف المحليات يرتاح، هو عشان أنا مافتَّحتش مخى من البداية ودفعت له، يعطل ترخيص المحل بحجة إن فيه بروز لا بد من إزالته عشان يدينى الترخيص، والغريب إن نفس الموظف منح مستأجر سابق لذات المحل ترخيصاً على نفس وضعه، ولما قلت له أنت منحت مستأجر المحل السابق ترخيص للبروز، رد أن الترخيص انتهى ولن يتم تجديده ويجب تنفيذ المطلوب بإزالة البروز وإلا سيتم غلق المحل».. بتلك الكلمات عبر «محمد» عن ضيقه من المحليات، مشيراً إلى أنه كان يعتقد أن الأمور تسير حسب القانون، ودون اللجوء إلى التعقيدات والروتين التى يتعمد الموظف اتباعها ليحصل على ما يريده من رشاوى، وهو ما دفعه إلى الدخول فى مشادات مع موظف المحليات، ويوسط آخرين للحصول على الترخيص، إلا أنه فشل فى الوصول إلى هدفه، بعد أن أصر الموظف على موقفه.

أمين حزب الدستور: «المشهلاتية» مهنة جديدة لإنهاء الأوراق بالمصالح الحكومية تستغل الرشوة المقنعة

وقال «كرم. م»، من سكان المحافظة، إن الرشوة وصلت إلى المستشفيات، مشيراً إلى أنه نظراً لضيق ذات اليد، اضطر إلى اصطحاب زوجته إلى أحد المستشفيات العامة، بعد أن جاءتها أعراض الولادة، وعقب العملية فوجئ بممرضة تطارده فى طرقات المستشفى، قبل أن يغادر هو وزوجته عائدين إلى منزلهما، تطلب منه «الحلاوة»، مضيفاً: «قلت لها حلاوة إيه؟ ردت: حلاوة المولود وسلامة أمه، لسه فيه أوراق هتخلص فاضطررت إلى منحها 20 جنيهاً، لكنها غضبت وقالت دى حلاوة الست والمولود، أنا عاوزة 50 جنيه».

حسن يوسف، أمين حزب الدستور بالبحيرة، أكد أن الفساد زاد عن ذى قبل، وأخذ صوراً كثيرة إثر ظهور الوسطاء و«المشهلاتية»، الذين يستطيعون تخليص وإنهاء مصالح المواطنين فى الأروقة الحكومية، بالرشوة المقنعة، لافتاً إلى أن صور الرشوة متعددة ولها أكثر من وجه، وتبدأ من «الإكرامية» وتنتهى بصفقات كبيرة فى بيع أرضى الدولة أو مزادات بيع المعدات فى المصالح الحكومية وغيرها، مشيراً إلى أن غياب الرقابة والوعى، يجبر المواطن على الامتثال لطلبات الموظف الفاسد، خشية تعطل مصالحه، وهو الأمر الذى جرمه المُشرع المصرى فى المواد (103 – 111) من قانون العقوبات، وتلك الجريمة تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. وأضاف أن أكثر المصالح الحكومية بالبحيرة، التى تتبع تلك الظاهرة، هى الوحدات المحلية والإدارات الهندسية، موضحاً أن الرشوة تعد من أهم ملامح الفساد الإدارى بالدولة، وأن مواجهة تلك الظاهرة والحد منها، يتطلب تكثيف الرقابة من جميع الأجهزة الرقابية، وأيضاً ضرورة توعية المواطنين للمساعدة فى الحد من تلك الظاهرة، والامتناع عن دفع رشوة لأى موظف وإبلاغ الأجهزة الرقابية لاتخاذ الإجراءات القانونية لضبط أى موظف فاسد كى يكون عبرة لغيره من موظفى الدولة، مع إنهاء مصالح المواطن وعدم تعطيلها.

وأضاف محمد عتمان، محامٍ، أن تلك الظاهرة تبدأ من الرشوة البسيطة التى يطلبها موظف الشباك بشكل يومى تحت بند إكرامية أو دخان لتبرير دفعها بحجة تيسير الإجراءات، وهناك الرشوة الواضحة وضوح الشمس، التى تكون بشكل مباشر، وتتسبب فى إهدار المال العام، فضلاً عن خلل إدارى ومالى كبير فى المؤسسة التى تمسها الرشوة، والبعض يرجع سببها إلى ضعف الدخل فى محاولة من صاحبها لتحسين دخله، إلا أن هناك مرتشين من أصحاب الرواتب العالية، وهنا يرجع سببها إلى ضعف العقوبة المقررة من المُشرع، وتفشى هذه الظاهرة جعل منها شيئاً مألوفاً، مضيفاً أن الأجهزة المختصة تعجز عن إثبات تلك الوقائع بشكل مباشر نظراً لحذر الموظف المرتشى، ولذلك لا سبيل لمواجهة هذه الظاهرة إلا بتشديد العقوبة على المرتشين.

وأشار جمال خطاب، رئيس لجنة الدفاع عن الحريات بنقابة المحامين بالبحيرة، إلى أن أحدث قضية رشوة شهدتها محافظة البحيرة، كانت واقعة ضبط الرقابة الإدارية، لرئيس إحدى مأموريات الشهر العقارى بالمحافظة، متلبساً بتقاضى رشوة، مقابل تسجيل عقد أرض بمساحة 7 أفدنة ونصف الفدان، بإحدى قرى المحافظة، ولفت إلى أن أحد المحامين، تقدم ببلاغ للرقابة الإدارية بالبحيرة، يفيد بطلب رئيس إحدى مأموريات الشهر العقارى بالمحافظة، مبلغ 175 ألف جنيه رشوة مقابل تسجيل عقد أرض بمساحة 7 أفدنة ونصف الفدان، وقال فى بلاغه إن المتهم عطل تسجيل طلبه، بسبب رفض المحامى إعطاءه رشوة فى بادئ الأمر، ولتواطؤ المتهم مع شخص آخر، لإعاقة المحامى المبلغ عن الواقعة من تسجيل الأرض لصالح موكليه، وتسهيل تسجيل عقد آخر مزور صادر لصالح الشخص الآخر، الذى أغرى المتهم بمبالغ مالية كبيرة ليعيق التسجيل.

وأوضح جابر حيدر، عضو المركز الصحفى بالهيئة العامة للاستعلامات، أن الرشوة من أسوأ ما يعوق تقدم أى دولة مهما كانت خطط وإمكانيات هذه الدولة، لأن الرشوة تقلب الأمور وتحول الحق إلى باطل، وتجعل الشخص المخالف أو المتعدى أو الخارج عن القانون، محصناً لا ينال منه القانون، وبالتالى يشجع غيره على الفساد، متابعاً: «القضاء على الرشوة يحتاج لتعاون جهات عديدة مثل الأوقاف والإعلام والتربية والتعليم، لأن الشعب هو مصدرها، ولا بد من وجود نظام متطور لإنجاز المصالح الحكومية عبر الميكنة، وتفعيل القوانين، مع ضرورة تعزيز القيم الاجتماعية من خلال جميع قنوات التنشئة مثل المدرسة والمنزل وغيرهما».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى