الأخبار

لعبت دورا بسيطا فى تخليص الثقافة المصرية

57

(علاء الأسوانى استقبل استقبال النجوم) كان هذا هو عنوان جريدة الشرق الأوسط اللندنية واصفة استقبال الأديب المصرى فى معرض الكتاب بلندن، وذلك خلال توقيع عدد من رواياته بين قرائه من الأوروبيين والعرب ولم يختلف استقبال زوار معرض لندن عن قراء مجلة نصف الدنيا الذين اختاروه ثانى أفضل أديب عربى خلال 25 عاما ليأتى فى المرتبة الثانية بعد الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ …وبمجرد أن عرف الأسوانى بهذا الاختيار رحب على الفور بإجراء حوار فى المجلة لينهى به فترة قطيعة طويلة بينه وبين الإعلام المصرى فى حوار لا يخلو من التصريحات الجريئة والرؤية الثاقبة للأحداث فى مصر فى السطور القليلة القادمة.

 – أريد أن أبدأ بنتيجة الاستطلاع فمن اختاروك أفضل ثانى أديب عربى ينتمون إلى شرائح عمرية وتعليمية مختلفة كيف استقلبت هذا الاختيار خاصة وأنك لحقت بالأديب العالمى الشهير نجيب محفوظ؟

بالطبع أسعدنى وشرفنى وأعطى لى دفعة كبيرة وتشجيعا،أنا أكتب للناس، وعندما أصل إليهم أكون قد حققت هدفى خاصة وأننى أتيت كما ذكرتِ بعد الأديب الكبير نجيب محفوظ والذى فى رأيى لا يمكن أن يقارن بأى أديب آخر سواء من سبقوه أو لحقوه، لأنه ببساطة نجيب محفوظ صاحب الشخصية والمدرسة المستقلة.

 – الكثير من أبناء جيلك من المثقفين يرون أنهم ظلموا ولم يأخذوا حقهم من الشهرة ولكن بناء على هذا الاستطلاع فالأسوانى ليس من هؤلاء؟

أتفق معك تماما، فبالفعل الكثير من أبناء جيلى ممن ولدوا فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات لم يأخذوا حقهم وأنا لعبت دورا بسيطا فى تحرير الوسط الثقافى من سيطرة هؤلاء الكهنة على أوساط الأدباء والذى فى رأيى كان لا يمكن لأى أديب أن يحقق نجاحا وسط القراء إلا بعد أن يحصل على مباركتهم وهذا فى رأيى كان استبدادا ثقافيا واضحا ولكن منذ بداية الألفينات بدأ عدد من الأدباء البحث عن مكان لهم فى الوسط بمدرسة أدبية مختلفة وأعتقد أننا نجحنا فى ذلك.

 – قلت إن الثورة لم تفشل ولكن دولة مبارك أعادت ترتيب صفوفها وقامت بهجمة مرتدة ….هل ترى أن هذه الدولة نجحت فيما أسميته الهجمة المرتدة؟

هناك مفهوم خاطئ للثورة فالبعض يعاملها معاملة مباراة كرة القدم والذى يعتقد أنها 90 دقيقة تنتهى بالهزيمة أو النصر وأنا لا أعتقد ذلك فالثورة مرحلة وليست لحظة، وما يهمنى الآن هو حدوث تغيير وهذا التغيير قد حدث والتغيير كان للأفضل وأنا أود أن أؤكد على ذلك لأن الإعلام يحاول شيطنة ثورة 25 يناير فالثورة كانت السبب فى تغيير الناس للأفضل فعلى الأقل جعلتنا نرى طابورا للانتخابات.

وأنا كتبت قبل الثورة مقالا بعنوان لماذا ينصرف المصريون عن الانتخابات؟ وأكدت فيه أن شعورهم بأن صوتهم لا يفيد وأن مشاركتهم لا تختلف عن عدم مشاركتهم ولذا لابد أن ندرك أن الثورة مستمرة وأنها مرحلة وأنه لابد أن يحدث هذا التغيير ولكن الآن أنا أتخوف من عودة حالة عدم المشاركة وأن كلا الخيارين مثل بعضهما، وأن النظام يفعل ما يريد وهذا خطر ولكن فى العموم هى أيضا مجرد مرحلة.

 – وما الذى قد يعيد هذه الحالة فى رأيك؟

الإخوان نظامهم انهار وأنا كنت من ضمن منسقى 30 يونيو والداعين لها فى كتاباتى وتحركاتى داخل مصر وخارجها ولذلك تعرضت لاعتداء من الإخوان فى باريس ولكن هذا لم يثننى عن الاستمرار فى الدعوة للتحرك ضد نظام أراد الانفراد بالقرار لنفسه وإقصاء شباب هم من دعوا إلى 25 يناير فى الأساس والآن لا ينبغى للدولة أن تستمر فى هذه السياسة من التجاهل بل الإقصاء لمن هم أشرف رجال ونساء فى مصر وأهمهم فى رأيي، فهذا الشباب الذى لايرغب إلا فى الإصلاح ولا يجد له دورا وهذا الشباب لا يمكن شراؤه كما يمكن أن يحدث مع رجال مبارك وبالتالى لا يمكن أن تصل العلاقة بينهم وبين الدولة إلى هذا الشكل.

 – ولكن الدولة أعلنت أكثر من مرة أنها ليست فى عداء مع أحد ولكن الشباب هو من يرفض المشاركة؟

الدولة قامت بإقرار قانون التظاهر  إضافة إلى  أن محاولات التشويه مستمرة فى الإعلام، سواء الإعلام الخاص أو إعلام الدولة وهذا كله يظهر فى شكل قرار للتخلص من شباب الثورة، وهو الأمر المستحيل، فمش هينفع أن الدولة تتخلص منهم  بل على العكس لا يمكن للدولة أن تنهض إلا بمعاملتهم معاملة جيدة ولابد أن يتم  تعديل قانون التظاهر الذى لا يجب أن يستخدم ضد الشباب اللى قدم حياته وأعينه من أجل هذا الوطن فهو بالطبع لا يستحق هذه المعاملة،  وأؤكد أن ثورة 25 يناير ثورة عظيمة ولا تقل فى أهميتها التاريخية عن ثورة 1919 فأنا أتذكر أن استاذ فى اكسفورد قال للوموند دبلوماتيك أن ثورة 25 يناير ربما تكون أعظم ثورة فى العالم فقد خلعت واحدا من أكبر الأنظمة الديكتاتورية.

 – ذكرت الإخوان وشبابهم وهنا أود أن أعرف وجهة نظرك فى طالب فى كلية الهندسة يسخر ذكاءه فى صناعة قنبلة لوضعها أمام قسم شرطة كيف ترى هذا المشهد؟

أولا أود أن أؤكد أن هؤلاء ليسوا  شباب الثورة بل هم من  تنظيم الإخوان اللى ظل يخدعنا بأنه ترك الدم والسلاح وأنه قرر العمل فى السياسة وأنه يرغب فى نهضة مصر ولكن ظهر وأكد على مدار أربع سنوات أنه لا فرق بين الإخوان وداعش فالفرق بينهما  فى الدرجة وليس فى النوع ولكن لابد للدولة أن تتعلم من التاريخ فالقمع والأمن لا يقضى على الإرهاب بل على العكس يزيد من الإرهاب اشتعالا ويضم إلى صفوف الإرهابيين أطرافا لديها ثأر شخصى مع الأمن نتيجة تعرضهم للظلم فهذا الطالب الذى تحدثتِ عنه هو متهم يقبض عليه باحترام ويحاكم محاكمة عادلة ويعاد تأهيله حتى لا يصبح داعشيا بدلا من صانع قنابل بدائية و لابد من إعطاء الحقوق لأصحابها فمن اعتدى على متظاهرين سلميين من شباب الثورة لابد أن يحاكم بدلا من الحكم على الشباب بالمؤبد فهذه الطريقة لن ينتج عنها إلا الإرهاب

 – الكثير من ضباط الشرطة يعتقدون أنك أكثر من حرضت ضدهم خلال الثورة فهل كنت تقصد ذلك؟

أولا الثورة ليس لديها أى ثأر شخصى من رجال الشرطة بل على العكس الثورة كان لديها موقف من ممارسات الشرطة وبين الاثنين فرق واضح فشهداء الثورة من رجال الشرطة ومن يدفعون حياتهم يوميا فى مختلف أنحاء الجمهورية وهم يحاربون الإرهاب ولا يمكن أن ننساهم ولابد أن نظل نتذكرهم فى كل لحظة ولكن لابد أيضا أن يعاد هيكلة الداخلية وتغير طريقتها فى التعامل مع القضايا والمتهمين .

 –  الأسوانى أعاد الرواية المصرية إلى العالمية فرواياتك تترجم إلى لغات عدة وحصلت على أكثر من 17 جائزة من مختلف دول العالم ..كيف فى ضوء ذلك تستقبل الهجوم الشديد عليك؟

هذا الهجوم على لا يشيننى بل على العكس يشين وسائل الإعلام  فأنا لن  أغير رأيى ولن أطبل لأحد وللأسف الأشخاص الذين قاموا بعمل حملات تشويه منظمة ضدى من خلال وسائل إعلام يعملون تحت  حماية قانونية نتيجة لعلاقاتهم بأجهزة الأمن وهم حاولوا اغتيالى معنويا ولكنهم لم ينجحوا فى ذلك ولم يستطيعوا اغتيالى بدليل استفتائكم فكل شيء ظاهر أمام الرأى العام وأنا اكتشتفت أنه كلما زادت حملات التشويه زاد تقدير الناس لى وللعلم أنا قدمت بلاغات ضد أفراد خططوا لتشويهى واغتيالى معنويا من خلال حملات تشهير وتشويه فى وسائل الإعلام للنائب العام منذ يونيو الماضى وحتى الآن لم ينظر إلى بلاغاتى ولم يتحرك أحد ضدهم لهذا أؤكد أنهم يعملون بحماية قانونية وللعلم أنا معنديش أى مشكلة شخصية أنا بحترم الرئيس ولكن من حقى أنتقده.

 – أعود إلى الأدب ما هو العمل القادم؟

أتمنى أن تصدر رواية «جمهورية كأن « فى نهاية هذا العام

– كيف تشعر وأنت تتلقى الجوائز التى تجاوز عددها الـ17 جائزة؟

كل مرة ومع كل جائزة أشعر أنى أرفع اسم مصر وأقدم حاجة بسيطة لبلدى وبالطبع أود أن أؤكد أن كل هذه الجوائز تخضع للتقاليد الأدبية الغربية فى  النقد الأدبى الحقيقى والموضوعى فأنا لا أتقدم لأحصل على هذه الجوائز فأنا أعرف مصادفة أو عن طريق الإيميل فالذين يمنحون الجوائز يتمتعون بالموضوعية بدون معرفة الانتماء السياسى للكاتب أو التأثر به.

 – السجائر لا تفارق يد علاء الأسوانى طبيب الأسنان ..ألم تحاول التغلب عليها؟

بالطبع حاولت لدرجة أنى ذهبت إلى طبيبة فى فرنسا تقوم بعلاج المدخنين عن طريق التنويم المغناطيسى ولها تجارب ناجحة وفوجئت بأنها من قرائى وأمضينا الجلسة فى حديث عن الأدب وأنا أدخن فى حضورها ولكنى سأعاود المحاولة مرة أخرى.

– أود أن تلخص لى الخمسة والعشرين عاما السابقة فى حياة علاء الأسواني؟

ألخصها فى كلمة واحدة «الكتابة».

نصف الدنيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى