الأخبار

أكبر لغز في تاريخ الطيران المدني

 

57

 

تباينت الآراء حول الاختفاء الشهير للطائرة الماليزية قبل عامين، بين عطل تقني أو عمليّة احتجاز رهائن أو عمل إرهابي أو إصابة بصاروخ أو هبوط في قاعدة دييغو غارسيا الأميركية السريّة أو مؤامرة دولية، من غير أن يصدر تقرير رسمي شافٍ للرأي العام وأهالي المفقودين. عامان تماماً مرّا على اختفاء طائرة البوينغ 777 (8 آذار 2014) التابعة لشركة الطيران الماليزية، في رحلتها رقم إم-إتش 370، وركابها الـ239، في أكبر لغز في تاريخ الطيران المدني بُعيد إقلاعها في رحلة من كوالالمبور إلى #بيجينغ.
لا تصريح رسمياً موحّداً ونهائياً للدول المعنيّة في البحث وأبرزها #ماليزيا وأوستراليا والولايات المتحدة و#الصين التي كان لها الحصة الأكبر في فقدان 153 راكباً. كما جاء التقرير السنوي لفريق الخبراء الدوليين الذي ترأسه ماليزيا أخيراً مقتضباً، وأوضح أنه “حتى اليوم لم يعثر على جسم الطائرة على الرغم من عمليات البحث في جنوب المحيط الهندي”، إضافة إلى أن رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق اكتفى بالقول “أن السلطات تبقى ملتزمة أن تفعل ما بوسعها وأن عمليات البحث الجارية يفترض أن تنتهي في وقت لاحق من هذا العام”. لكن الصحافية الفرنسية فلورانس دو شانغي، مراسلة “#الموند” و RFI في ماليزيا، أخذت على عاتقها تبيان الخفايا خصوصاً أنها تابعت القضية منذ البداية ولفرنسا 4 ركاب من أصل المفقودين. يصدر للمراسلة كتاب بعنوان “Le vol MH370 n’a pas disparu”، تولّت فيه كشف ما غاب عن التقارير الرسمية أو ما أُريد تغييبه وشكّكت في سير التحقيقات الماليزية، داعية إلى “الحذر من الخطاب الرسمي ورفض عبثية الرواية الرسمية”.

“إنها إهانة للذكاء البشري”

وقالت دو شانغي في مقابلة مع Le Point، إن “ثمة غموضاً في التحقيق وصمتاً – إن لم يكن عدم كفاية – من الحكومات الماليزية والأوسترالية أو الأميركية”. وأضافت أنه من غير الممكن تصديق “أن شيئاً طائراً بحجم اثنين من الحيتان الزرقاء قد يختفي من دون ترك أثر”، وزادت “إنها إهانة للذكاء البشري”. واعتبرت “أن الحكومة الماليزية لم تقدّم أي دليل ملموس أمام الجمهور أو صورة لرادار لتدعم ما صرّحت به بعد أسبوع من اختفاء الطائرة، وهو أن الطائرة استدارت لثوانٍ إلى اليمين قبل البدء بنصف دورة إلى اليسار”.
كما كانت المراسلة ضيفة “France Info” يوم الثلثاء للحديث عن كتابها، حيث أوضحت أن الرواية الرسمية ليست ذات صدقية”. وأشارت إلى تناقضات في التقرير الرسمي الماليزي، معتبرة “أنه من غير الطبيعي أن لا تنشر التسجيلات بين جهاز مراقبة الحركة الجوية وقمرة القيادة في الطائرة بطريقة متكاملة”. وقالت: “تحدثت إلى شخص جعلني أستمع إلى أصوات مريبة جداً حدثت في نهاية الرحلة”.
تنهي الصحافية دو شانغي كتابها بالحديث عن دور ماليزيا كدولة سيئة في مجال التنسيق، وتسأل: “هل هم الجناة الوحيدون، ألا يمكن اعتبار ماليزيا ما نسميه “الأحمق المفيد”؟”. وتثير الصحافية مسألة أخرى في كتابها عن حمولة الطائرة، لكون السلطات الماليزية أوضحت أن الطائرة كانت تقل أربعة أطنان ونصف الطن من فاكهة المانغوستين، لكن دو شانغي تقول إن “ذلك غير ممكن لأن هذا ليس موسمها”.
جديد القضية المثيرة أن أهالي عدد من الركاب المفقودين تقدموا بشكاوى ضد شركة الطيران الماليزية في الأيام الأخيرة في #الولايات_المتحدة وماليزيا والصين وأوستراليا، وخصوصاً أن المهلة الممنوحة لأي طرف للادعاء على شركة طيران في حوادث كهذه تنتهي بعد عامين فقط. وفي حين أعلنت أوستراليا التي تقود عمليات البحث، الأوسع والأكثر كلفة في التاريخ، أنها ستنهي بحلول تموز المقبل عملياتها التي تتركز في أعماق المحيط الهندي في منطقة واسعة تبلغ مساحتها 120 ألف كيلومتر مربع. وقد عثر على قطعة جناح في تموز الماضي في جزيرة لا ريونيون الفرنسية في #المحيط_الهندي، وقالت السلطات الأوسترالية والقضاء الفرنسي يومذاك إنها تعود إلى الطائرة، بما يشكّل الدليل الوحيد على أن الطائرة تحطّمت من دون تقديم أي تفصيل حول ملابسات اختفائها. وعثر أخيراً على قطعتي حطام أيضاً يجب تحليلهما لتحديد ما إن كانتا تعودان للطائرة نفسها.

الكشف عن تلاعب بالأدلّة

وعن هذه الأدلّة تشير المراسلة دو شانغي إلى “أن الخبراء الفرنسيين أكّدوا في 5 آب الماضي أن ثمة أدلة قويّة جداً بعد العثور على قطعة من جناح الطائرة في لا ريونيون، لكن في اليوم التالي قيل لنا إن ثمة شكوكاً لأن الـ”Flaperon” أو جزء الجناح الملاصق لجسم الطائرة، خسر لوحة الترخيص الوحيدة القادرة على تأكيد انتماء القطعة للطائرة. لكن خبراء قالوا لي إنه من المستحيل تآكل هذه اللوحة أبداً بفعل وجودها في البحر”. واتضحت مشكلة أخرى بحسب ما صرّحت المراسلة لموقع Le Point، هي أن الخطوط الجوية الماليزية قالت إنها قدمت إصلاحات على هذا الجزء من الجناح، وهذا ما لم يظهر على القطعة التي وجدت على الشاطئ. وتابعت “تم تحديد اثني عشر رقماً مؤلفاً للوحة من الخبراء الفرنسيين داخل القطعة، وأحيلت هذه الأرقام على المصنِّع الإسباني لشركة “#بوينغ”، القادر على معرفة أي طائرة أنتج لها هذه القطع. لكن المدّعي العام في #باريس صرّح في 3 أيلول أن رقماً واحداً تطابق من بين ثلاثة حُدّدت فيما كان الفرنسيون حدّدوا 12 رقماً. بمعنى أن بضعة أسابيع من الوقت الضائع كانت كافية لتناقص الأرقام من 12 إلى 3. لا أقول إن الحجج خاطئة فقط بل ضعيفة أيضاً. خصوصاً بعد الاعلان أن اختبارات الطفو “غير صالحة للاستعمال”. فكيف استطاعت هذه القطعة أن تطفو على مدى آلاف الكيلومترات للوصول إلى الجزيرة الفرنسية؟”، تسأل الصحافية وتجيب “لن نعرف”.
كما لمّحت في أكثر من جواب في المقابلة إلى تكذيب مجريات التحقيق من السلطات بعد كلّ تقدّم ملموس. وإلى تغييب واضح لاعترافات شهود عيان في الساحل الشمالي الشرقي لماليزيا رأوا طائرة تحلّق منخفضة جداً مسحوبة بخط طويل من النار يسري خلفها. ولفتت إلى “تقاعص السلطات الصينية، التي فقدت ثلثي ركاب الطائرة، في بذل جهودها “في البحث عن الحطام في #أوستراليا وكأنها تعرف مكان الطائرة ولا تريد لنفسها العناء ولا بذل ملايين الدولارات في بحث مكلف للغاية وغير مجد”.

متى يُكتب السيناريو الأخير؟

أفادت مصادر مطلعة “النهار” أنه “في حال أطفئ جهاز الراديو في قمرة القيادة من الطيّار نفسه تحت التهديد أو من أي معتدٍ إرهابي، فإن المراقبة الجويّة (الرادار أو برج المراقبة) لا يمكنها تحديد أن أحداً أطفأ الراديو عمداً، فالمراقب الجوي يدرك فقط أن الطائرة لا تتلقى نداءه. وهذا التفصيل يمكن معرفته فقط من خلال تشفير الصندوق الأسود وحده إذ يتضّح عبره إذا أطفئ جهاز الراديو من داخل القمرة. لكن ثمة كبسة زر خاصّة في حال التعرّض لعملية خطف يمكن الربّان استخدامها من غير أن يتحدّث ويلفت انتباه الخاطف وهي تنذر المراقب الجويّ العامل على شاشة الرادار أن الطائرة تعرّضت لعملية اختطاف”.
وفي سياق متّصل أكّد مصدر مطلع على عمليّات الصيانة في #الطيران_المدني لـ”النهار” أن “هذه الأرقام لا يمكن أن تُمحى بل بإمكانها تحدّي العوامل الطبيعية من بحر وشمس وكذلك الحوادث المختلفة، إلاّ في حال احترقت الطائرة. يمكن الأرقام أن تُمحى على أثر الصدمة إذا وقعت الطائرة عن علو شاهق جداً وتفتّت بفعل الارتطام بالمياه إلى قطع صغيرة جداً”.
أياً كان السيناريو، “إن ماليزيا ليست الضحية الوحيدة في هذه الحالة. بل هي أيضا متواطئة” ختمت المراسلة مقابلتها، آملة أن يقول رئيس الوزراء الحقيقة كلّها وأن الناس الذين يعرفون القليل عن الحدث سيتكلمون في يوم من الأيام. داعية إلى وقف استراتيجية الأكاذيب، ورفض عبثية الرواية الرسمية”. كلام فلورانس دو شانغي يصلح لأن يكون نداء باسم أهالي جميع ضحايا حوادث الطيران المدني اللبنانيين أيضاً وقد كان لنا حصّة في أكثر من حادثة أصبحت طيّ النسيان.
الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى