الأخبار

أفكار من الصندوق

 

 

161

 

كتبت فى الأسبوع الماضى عن الحاجة للتنقيب أولا فى صندوق الأفكار للبحث عن حلول لمشاكلنا قبل أن ننطلق وراء اجتهادات غير واقعية تحت مسمى أنها من خارج الصندوق. الأفكار المتاحة كثيرة وبعضها تمت بلورته فى مصر فى العقد الأخير، والبعض الآخر هو نتاج لتجارب ناجحة لدول أخرى. وكل ما نحتاجه هو أن نبحث عن هذه الأفكار، أو ننفض التراب عنها، ونبدأ فى تنفيذها.

الأحداث التى تمر بها مصر وأحاديث المصريين، تثير فى الذهن العديد من هذه الأفكار. على سبيل المثال الجدل الذى لا ينقطع عن ظاهرة «الواسطة» فى الحصول على الوظائف فى جهاز الدولة والسعى لتوريث هذه الوظائف، بالإضافة لترهل هذا الجهاز وضعف أدائه، تجلب للذاكرة الفكرة التى تطبقها العديد من الدول فى اختيار العاملين بجهاز الدولة، والذى يتم من خلال اختبار على المستوى القومى يسمى «اختبار الخدمة المدنية» Civil Service Exam. هذا الاختبار يعقد سنويا فى دول متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان أو دول شبيهة بظروفنا كالهند وتركيا. ويضمن الموضوعية والنزاهة فى اختيار كوادر جهاز الدولة، وأفضل العناصر للعمل بهذا الجهاز وفقا لترتيبها فى الامتحان.

فكرة ثانية تأتى للذهن عند الاستماع لحديث وزير الاتصالات حول تخفيض أسعار الاشتراك وزيادة السرعات فى خدمة الإنترنت. وهى مبادرة طيبة، ولكن ما ينقصها هو أن تكون جزءا من استراتيجية أكبر لتكنولوجيا المعلومات، تستهدف توظيفها لتحقيق التنمية، وتتبناها رئاسة الجمهورية. العديد من الدول تتبنى مثل هذه الاستراتيجية، فالهند مثلا أطلقتها فى أغسطس الماضى تحت عنوان «الهند الرقمية»Digital India، وأعلنت عن خطة لاستثمار 19 مليار دولار فى هذا المجال، تضمنت مد شبكة الإنترنت إلى 250 ألف قرية، وتوسيع الخدمات الحكومية على الإنترنت، وتطوير تطبيقاتها فى الاقتصاد والزراعة والصحة والتعليم. وتشير الدراسات إلى أن ذلك سيؤدى إلى زيادة الناتج القومى الهندى بمقدار يتراوح بين 160 و280 مليار دولار سنويا. تبنى استراتيجية مماثلة فى مصر سوف يساعد بالتأكيد على زيادة معدلات النمو وخلق فرص عمل جديدة وتحسين جودة الحياة، والمساهمة فى تجسير الفجوة مع الشباب الذى أصبح الإنترنت أسلوب حياة بالنسبة له.

فكرة أخرى تقفز إلى الذهن عندما يقرأ المرء عن حوادث انهيار العقارات بالمحافظات وعشوائيات البناء وتدهور الخدمات وصعوبة الحصول عليها. هذه المشاكل ترتبط بالحالة المتردية التى وصلت إليها الأجهزة المحلية. مرة أخرى هناك رؤية متكاملة لتطوير المحليات بدأت صياغتها منذ عهد وزير التنمية المحلية السابق عبدالرحيم شحاتة عام 2004، واستمرت فى العهود التالية وشارك فى وضعها مجموعة من أفضل العقول والخبرات فى هذا المجال، وتتضمن أفكارا خلاقة لاختيار كوادر الأجهزة المحلية، وتنمية مهارتهم من خلال إنشاء أكاديمية تتولى ذلك، وإنشاء كادر خاص لهم لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتمكين المحافظات من زيادة مواردها المالية، ودعم الدور الرقابى للمجالس الشعبية المحلية على المسؤولين التنفيذيين. هذه الأفكار الحبيسة الآن فى أحد الأدراج تحتاج للإفراج عنها، وأن تتبناها الدولة ومؤسسة الرئاسة.

ما سبق هو مجرد أمثلة، وصندوق الأفكار يكمن فى أحشائه الكثير من الدر التى تنتظر الغواص الذى يبحث عنها.

[email protected]

 

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى