اخبار عالمية

دورية أمريكية: التعاون مع إسرائيل فى التصنيع الدفاعي لا يخلو من المنافسة

قالت دورية ” ديفنس نيوز ” الأمريكية المتخصصة في شؤون الدفاع وتكنولوجيا الحرب إن التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مجالات التصنيع والتطوير الدفاعي المشترك غير مسموح له أن يسفر عن منافسة بين البلدين على أسواق التصدير العالمية إذا كان في ذلك إضرار بمصالح الولايات المتحدة في تلك الأسواق، وأن واشنطن لا تخلق منافسين لها بأموالها في سوق السلاح العالمي.

وفي هذا الصدد.. كشفت ” ديفنس نيوز ” عن معارضة الإدارة الأمريكية قيام إسرائيل بتصدير إنتاجها من منظومات الدفاع الصاروخي سهم – 3 – Arrow-3 والتي أسهمت الأموال الأمريكية في تطوير إنتاجها تمويليا وتكنولوجيا بصورة مشتركة مع مؤسسات إسرائيلية، وأشارت الدورية الأمريكية إلى أن اختبارات قد جرت الشهر الماضي على منظومات سهم – 3 فى منطقة كوديكا بولاية ألاسكا الأمريكية وأثبتت قدرة تلك المنظومة في التصدي للهجمات الصاروخية المعادية واعتراضها في الجو على مسافات آمنه قبل أن تصل إلى أهدافها.

كما أشارت الدورية الأمريكية إلى أن منظومات سهم – 3 تنافس المنظومات المماثلة التي تنتجها المصانع الأمريكية بصورة حصرية وهو السبب الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى معارضة تصدير إسرائيل لمنظومات سهم – 3 والاقتصار في إنتاجها المشترك مع الولايات المتحدة على تلبية احتياجات الدفاع الإسرائيلية المحضة.

و قالت الدورية أنه وفق هذا التصور مانعت الولايات المتحدة في قيام إسرائيل بتصدير منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي والصاروخي إلى بلدان أبدت اهتماما بشراء تلك المنظومة مثل كوريا الجنوبية، وبررت الدورية الامريكية هذا الموقف الامريكى بأنه يرجع إلي أسباب تجارية محضة تتعلق بالحفاظ على القدرة التنافسية للمنتجات الدفاعية الأمريكية في أسواق العالم من المنافسة حتى من الدول التي تدعم الولايات المتحدة برامجها لتطوير النظم الدفاعية مثل إسرائيل.

و لم تغب عن الدورية الأمريكية الإشارة إلى أن المجال الجوي الإسرائيلى وكتلتها الأرضية عادة لا يسمحان بإجراء اختبارات لمنظومات صاروخية من طراز سهم – 3 نظرا لطول قوس نيرانها الإطلاقى وصعوبة اختبار كامل مداها في داخل إسرائيل، وقالت الدورية إن اتساع أراضى ألاسكا فى الولايات المتحدة كان هو الخيار الأفضل لإجراء اختبارات الإطلاق والاعتراض لتلك المنظومات التي طورتها إسرائيل بإسهام مالي كبير من الولايات المتحدة وهى الاختبارات التي كللها النجاح برغم غياب مكاسب التجارة عنها بالنسبة للإسرائيليين في الأسواق الدولية.

كانت اسرائيل – بحسب الدورية الأمريكية – قد حاولت قبل مناورة ألاسكا الأخيرة في الولايات المتحدة إعادة فتح الحديث عن إمكانية قيامها بتصدير منظومات سهم – 3 التي تنتجها مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية IAI بالتعاون مع مؤسسة ميسيسيبى الأمريكية لتكنولوجيا الصواريخ، لكن الإدارة الأمريكية قابلت المسعى الإسرائيلى بالرفض لأسباب تجارية محضة وفي إطار استراتيجية الإدارة الأمريكية الحالية للرئيس دونالد ترامب لتعزيز الصادرات الدفاعية الأمريكية إلى الأسواق العالمية، لكن الجانب الأمريكي – برغم موقفه المتشدد – لم يمانع في قيام المؤسسة الإسرائيلية المنتجة لتلك المنظومة بالتعاون مع الولايات المتحدة بالبيع غير المحدود لأكبر قدر مطلوب من جانب وزارة الدفاع الإسرائيلية من منظومات سهم – 3 لتأمين الأجواء الإسرائيلية الداخلية من أية هجمات صاروخية محتملة.
و كانت الولايات المتحدة – بحسب تقرير الدورية الأمريكية – قد أعاقت فى وقت سابق من العام الجارى سعي مؤسسة روفائيل الإسرائيلية لإنتاج نظم الدفاع الجوى من بيع منظومات مقلاع داوود David’s Sling missile للقذف الاعتراض الصاروخي الى سويسرا وهى منظومات طورتها إسرائيل لاعتراض الهجمات الصاروخية المعادية متوسطة الارتفاع بينما تتفوق عليها منظومات سهم – 3 بالقدرة على اعتراض الصواريخ المعادية على ارتفاعات عالية وكلاهما معا يشكلان المكون الأساسي لنظام ” القبة الحديدية ” الذي طورته إسرائيل، وتعتبر الولايات المتحدة أن منظومات سهم – 3 والقبة الحديدية التى تنتجها إسرائيل منافسا لمنظومات تاد THAAD الأمريكية للدفاع الصاروخي ونظمها الرادارية المصاحبة من طراز ANTPY-2 وهى المنظومات ذاتها التي تنشر إسرائيل بطارياتها لحماية أجوائها فى الداخل.

و أشارت الدورية الامريكية الى ان الكونجرس الأمريكي قد وافق هذا العام على قيام الولايات المتحدة بشراء بطاريتين للدفاع الصاروخى من الانتاج الاسرائيلي لحساب الجيش الامريكى وذلك على سبيل الترضية، وبرغم ذلك كشفت مصادر إسرائيلية التقتهم الدورية الأمريكية عن غضبهم من اثر النفوذ الأمريكي على صادرات اسرائيل الدفاعية إلى الأسواق العالمية وذلك حفاظا على المصالح التجارية للمؤسسات الأمريكية، واستدلت المصادر الإسرائيلية على ذلك بقيام واشنطن بعرقلة بيع منظومات الإندار المبكر الرادارية من الإنتاج الإسرائيلي إلى أسواق بريطانيا وهونج كونج وذلك بهدف إفساح الطريق لمنتجات امريكيه مشابهة تنتجها مؤسسة بوينج الامريكية من رادارات الانذار المبكر Wedgetail .

كما وقفت الإدارة الأمريكية فى وجه صفقة كانت اسرائيل تسعى لأبرامها من الحكومة الكرواتية لبيع مقاتلات من طراز اف – 16 معاد تطويرها، وحتى على مستوى مشتريات السلاح الاسرائيلية الداخلية أبدت المصادر الإسرائيلية لدورية ” ديفنس نيوز ” الأمريكية غضبها من وجود تدخلات أمريكية فيها واستدلوا على ذلك بقيام واشنطن بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لشراء طائرات التزويد الجوى بالوقود من إنتاج مؤسسة بوينج الأمريكية من طراز Boeing KC-46 فى الوقت الذي كانت فيه مؤسسة الصناعات الجوية فى اسرائيل تتجه الى اعتماد الطراز 767 من هذا الطراز.

و أشارت الدورية الأمريكية نقلا عن مصادر اسرائيلية إلى أن الطريق الوحيد أمام إسرائيل للالتفاف على المسلك الامريكى هو الانخراط فى شراكات إنتاجية اكبر وأوسع نطاقا مع المؤسسات الأمريكية المنتجة لنظم التسلح بما يقلل من نظرية المنافسة على الأسواق ويحقق مصلحة مشتركة أمريكية إسرائيلية فى ان واحد، لكن الخبراء ينبهون الى ان المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل تحفها مشروطية مهمة فى هذا الصدد وهى قيام اسرائيل باستخدام أموال تلك المساعدات الامريكية فى شراء منتجات أمريكية.

و تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مذكرة التفاهم الإسرائيلية الأمريكية بشأن المساعدات العسكرية تقضى بقيام الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار امريكى فى الفترة من 2019 وحتى العام 2028 منها 33 مليار دولار تقدم فى صورة مساعدة دفاعية وخمسة مليارات دولار فى صورة تمويلات لدعم قدرات التسلح الصاروخى مع تمتع اسرائيل بإمكانية تحويل نسبة لا تتعدى 26 فى المائة من تلك المساعدات الدفاعية الامريكية من الدولار الى الشيكل لمواجهة احتياجات الإنفاق الداخلى على برامج التسلح.

وفى الوقت نفسه تشترط مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية التزام اسرائيل بخفض نسبة التحويل المشار اليها سنويا وصولا بها الصفر بحلول العام 2028 وهو ما قد يضع عقبة اخرى فى طريق تطوير الانتاج الدفاعى الاسرائيلى محليا او اقامة شراكات مع الولايات المتحدة باستخدام اموال المعونات العسكرية يكون المكون التصنيعى الاسرائيلى ذو ثقل مؤثر فى معادلاتتها الانتاجية والتسويقية.

ويقول المراقبون ان اسرائيل تتجه الى الانتاج المشترك فى دول اخرى كالهند وطرح هذا الانتاج فى الاسواق العالمية تحت هذا الغطاء، ويذكر فى هذا الصدد ان اسرائيل كانت قد ابرمت اتفاقا بقيمة 100 مليون دولار امريكى فى يوليو الماضى مع مؤسسة كاليانى الهندية لانتاج مشترك لمنصات اطلاق الصواريخ من طراز باراك – 8 فى الهند وهو صواريخ ارض جو ستستخدمها الهند فى تعزيز دفاعاتها الجوية، وبموجب الاتفاقية سيتم تاسيس مصنع جديد فى الهند يحمل الاسم التجارى KRAS وهو شراكة بين مؤسسة كاليانى الهندية للصناعات الدفاعية المملوكة للقطاع الخاص ومؤسسة رافائيل الاسرائيلية للصناعات الدفاعية وسيتم فى المصنع الجديد انتاج برامج التشغيل لمنظومات باراك – 8 اعتمادا على الخبرة التكنولوجية للهند وكذلك انتاج اجزاء تلك المنظومات وسيكون انتاج هذا المصنع الجديد الذى سيحمل شعار ” صنع فى الهند ” موجها للتصدير بعد تلبية احتياجات وزارة الدفاع الهندية والجيش الاسرائيلى.

و تعد منظومات باراك الصاروخية ثمرة تعاون ثلاثى مشترك بين هيئة بحوث وتطوير التسلح الهندية، ومؤسسة الصناعات الجوية الاسرائيلية( IAI ) Aerospace Industries Israel ومؤسسة رافائيل الاسرائيلية لنظم القتال المتقدمة Rafael Advanced Defense Systems وهو التعاون الثلاثى الذى بدأ فى العام 2017 وبلغت استثماراته 5ر2 مليار دولار أمريكي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى