أخبار مصر

مصر تحقق المعجزة.. من طوابير البوتاجاز والبنزين إلى الاكتفاء الذاتي

قبل أعوام قليلة كانت مصر تواجه أزمات متعددة فى قطاع الطاقة والمواد البترولية، حتى باتت طوابير الحصول على أنابيب البوتاجاز علامة مميزة للشوارع المصرية، وصارت أزمة مزمنة ومستمرة لا تختفى أبداً، الأمر نفسه أيضاً بالنسبة لطوابير الحصول على البنزين والسولار، التى كانت تظهر بين الحين والآخر، لأكثر من مرة كل عام، لكن فى السنوات الأخيرة، شهد إنتاج مصر من المواد البترولية تحولاً إيجابياً، بجانب الزيادة الكبيرة فى إنتاج الغاز الطبيعى، التى جعلت الدولة تتخلى عن استيراده، وتحقق الاكتفاء الذاتى، وتتوجه إلى التصدير منذ أكتوبر 2018.

الدولة تسعى إلى التحول إلى مركز إقليمى للطاقة وتستهدف التصدير بتنمية الحقول وتكثيف أعمال البحث.. ومشروعات قومية لتطوير معامل التكرير

وقد أسهمت خطة الدولة فى زيادة إنتاج مصر من البترول والوصول به إلى معدلات عالية، وكان النصيب الأكبر لصالح الغاز الطبيعى، وبحسب تقارير وزارة البترول فإن الدولة قامت بتنمية الحقول المكتشفة واكتشاف حقول أخرى، بجانب إدخال حقول قائمة على خطوط الإنتاج، ما أسهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى، ومكن مصر حالياًً من تصدير الغاز إلى الخارج.

وشهدت الفترة الماضية العمل على إحلال الغاز الطبيعى محل عدد كبير من المواد البترولية الأخرى بعد زيادة الاكتشافات منه، خاصة «حقل ظهر»، حيث تم استخدامه بديلاً عن أسطوانات البوتاجاز والبنزين والسولار، كما وصلت الدولة إلى أعلى معدل لإنتاج الغاز خلال سبتمبر الماضى بـ7.2 مليار قدم مكعب.

وكانت مصر تعانى فى الأعوام السابقة من سوء توزيع أسطوانات البوتاجاز، وعدم توصيلها لمستحقيها، ما جعل الدولة تتوسع فى توصيل الغاز للمنازل فى عدد من المناطق الجديدة والقرى، وهو ما جعلها تسعى لزيادة معدلات الوحدات التى تعمل بالغاز الطبيعى، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية التى تم توصيل الغاز إليها منذ بدء النشاط وحتى الآن 10 ملايين وحدة سكنية، منها أكثر من مليون و230 ألف وحدة سكنية خلال هذا العام، وهو أعلى معدل توصيل منذ بداية النشاط.

بالإضافة إلى السعى لزيادة أعداد السيارات التى تعمل بالغاز الطبيعى بدلاً من البنزين والسولار، والعمل على تخريد السيارات القديمة، التى تجاوز عمرها أكثر من 20 عاماً بالسولار وإحلالها بأخرى تعمل بالغاز.

وقد تم زيادة معدلات المخزون الاستراتيجى من البوتاجاز إلى 32 يوماً، بعد أن كانت 15 يوماً فقط، بسبب زيادة المخازن الاستراتيجية ببناء اثنين فى محافظة الإسكندرية، وآخر فى سوهاج خلال السنوات الثلاث الماضية، ما ساهم فى تخزين كميات أكبر من البوتاجاز، كما تم توسيع عدد من الموانئ البحرية وزيادة أعدادها لاستيعاب الكميات الكبيرة التى يتم نقلها، حيث صدرت الدولة ما يقرب من 173 مليار قدم مكعبة غاز طبيعى مسال، فى السنة المالية 2018-2019، عبر 45 شحنة من مصنع الإسالة فى «إدكو».

وقالت «الوزارة» إنها تعمل على تسديد مستحقات الشركاء الأجانب قبل نهاية العام، وذلك للسعى لجذب عدد أكبر من المستثمرين فى القطاع وإعادة ضخ الشركات للأموال التى ستسددها الحكومة مرة أخرى وفتح المجال لزيادة أعمال الحفر والاستكشاف، حيث وصلت خلال شهر يونيو الماضى إلى 900 مليون دولار.

ولفتت إلى أنه بطرح مصر لعدد من المزايدات فى عدة مناطق كالبحر الأحمر، والمزايدات التى سيتم طرحها خلال العام القادم فى عدة مناطق بالبحر المتوسط ستساعد الدولة فى تحقيق المزيد من الإنجازات فى قطاع إنتاج الغاز والمواد البترولية، والسعى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة.

ويقول مدحت يوسف، رئيس هيئة البترول السابق، إن الغاز الطبيعى وإنتاج مصر المتعاظم منه هو السبيل للتغلب على مشاكل عجز المنتجات البترولية، حيث إن اكتشافات الدولة الضخمة التى جاءت مؤخراً، جعلتها قادرة على تصديره للأردن «مسالاً» عبر محطات الإسالة للخارج.

وأضاف «يوسف» أن هذا الإنتاج جاء ليتوافق مع متطلبات الدولة فى ظل خطة طموحة لإنشاء محطات عملاقة لتوليد الكهرباء لتحقق الاكتفاء الذاتى من الكهرباء اعتماداً على الغاز الطبيعى فى بداية الخطة لينجح قطاع البترول فى تشغيل تلك المحطات بأقصى طاقة تشغيلية، وكذلك جاء الاهتمام الكبير بإمداد جميع الصناعات المعتمدة على الغاز الطبيعى كوقود أو كمادة خام بأقصى قدرات تموين لتعظيم إنتاجنا المحلى لتعظيم التصدير وتلبية الاحتياجات المحلية.

وأشار لـ«الوطن» إلى أن قطاع البترول استطاع فى ظل خطط تعزيز وتكثيف الجهود لرفع مستوى إنتاج الغاز الطبيعى لأن يصل إلى مستوى 7 مليارات قدم3 فى اليوم ليتوجه به لإحلال الغاز الطبيعى بديلاً للعديد من المنتجات البترولية، التى يتم استيرادها من الخارج وتحمل الدولة عبئاً كبيراً بتدبير العملة الصعبة اللازم للاستيراد.

تحقيق أعلى معدل لإنتاج الغاز فى تاريخ البلاد

وأوضح «يوسف» أنه بسبب الغاز الطبيعى كانت النهضة الشاملة للوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المنتجات البترولية (بوتاجاز/ بنزين / سولار / مازوت) فجاءت المشروعات القومية لتطوير وتحديث معامل التكرير المصرية اعتماداً على إحلال الغاز الطبيعى لتشغيل محطات توليد الكهرباء مع توفير المازوت المستخدم حالياًً ليتم توجيهه لمشروعات التكرير بالعديد من الشركات مثل مشروع المصرية للتكرير بمسطرد بالقاهرة الكبرى ومشروع شركة أنوبك بأسيوط ربطاً بشركة أسيوط لتكرير البترول وكذلك مشروع شركة البحر الأحمر للتكرير والبتروكيماويات ربطاً بمعامل تكرير السويس.

ولفت إلى أن كل تلك المشروعات التى تتبناها الدولة بجانب مشروع توسيع معمل تكرير ميدور بالإسكندرية ستؤدى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من جميع المنتجات البترولية بل وتحقيق فائض من وقود النفاثات والبنزين سيتم تصديرها للخارج بعد اكتمال المشروعات خلال عام 2022.

وأضاف أن إحلال الغاز الطبيعى بدلاً من المنتجات البترولية الأخرى المستوردة سيسهم فى خفض الواردات بالعملة الصعبة والحد من مخاطر عدم توافرها محلياً، مسببة أزمات تموينية كما كان يحدث سابقاً، وتأتى فى اتجاهات متنوعة لتحقق وفراً دائماً ومستمراً دون مخاطر وكذلك لتحقق القيمة المضافة العالية لتحسين الميزان التجارى بخفض الاستيراد، مشيراً إلى أن إحلال الغاز الطبيعى محل البوتاجاز المستورد بخطة توصيل الغاز للمنازل وصولاً لمعدل 1.3 مليون وحدة سكنية سنوياً، سيوفر على ميزانية الدولة استيراد كميات ضخمة من البوتاجاز ذى متوسط سعر 650 دولاراً للطن، وهذا ما تحقق مؤخراً من انخفاض الاستهلاك السنوى من البوتاجاز وهو ما سيستمر مع خطط توصيل الغاز الطبيعى للمنازل، وصولاً للقرى والنجوع مع الاستمرار فى المدن والمراكز المختلفة على مستوى جميع أنحاء البلاد.

وتابع «يوسف»: «إحلال الغاز الطبيعى محل المازوت والسولار المستخدم فى توليد الكهرباء والعديد من الصناعات بحيث يوجه المازوت الفائض لمشروعات التكسير بمعامل التكرير لمضاعفة إنتاج السولار والبنزين ووقود النفاثات والبوتاجاز بديلاً للاستيراد من الخارج ولذلك ستحقق مصر فى خلال عامين اكتفاء ذاتياً من البنزين والسولار بديلاً للاستيراد الضخم من الخارج كالحادث حالياً، كما أن إحلال الغاز الطبيعى محل البنزين والديزل بخطط طموحة تصل لتحويل 50 ألف سيارة سنوياً سيؤدى إلى توافر البنزين محلياً وتصديره للخارج حال نجاح الخطة مما سينعكس إيجاباً على الميزان التجارى المصرى وكذا ميزان المدفوعات».

وأوضح «يوسف» أن تحول مصر لمركز إقليمى لتداول وتجارة الغاز له مردود اقتصادى كبير على عائدات الدولة من خلال قيمة رسوم العبور والتداول والمرور عبر الخطوط المصرية ورسوم التصدير عبر الموانئ المصرية، وهو ما سيجعل الدولة تجنى أرباحاً كثيرة مما يعزز الاقتصاد القومى.

“يوسف”: سنصبح قوة عظمى فى السوق العالمية قريباً

وأضاف أن مصر ستتحول إلى قوة عظمى فى سوق الطاقة العالمية بفضل الاكتشافات الهائلة الجديدة التى تتم فى الوقت الحالى والتى يتم العمل عليها، خاصةً مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، الذى تأسس بمبادرة مصرية، وقد أصبح بدوره قوة تؤخذ فى الاعتبار، ووجوده سيعمل على التصدى لأى محاولة مضايقة أو ابتزاز من جانب أى دولة.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى