اقتصاد

كورونا ينعش سوق «الأون لاين» ويتسبب في كساد المحال

أضرار كبيرة سببها فيروس كورونا منذ أن أسدل بستاره على مصر، فخيم على الاقتصاد وأضر بالأعمال التجارية بعد فرض الحظر والإغلاق على البلاد، إلا أن هناك أسواقا انتعشت كسوق “الأون لاين” والمواد الغذائية والتجميلية وأدوات العناية بالبشرة وأدوية التخسيس، في الوقت الذي حل فيه الكساد على محال الملابس والأحذية.

“الشروق” تواصلت مع أصحاب المشروعات الأون لاين، سواء في المواد الغذائية أو التجميلية أو أدوية التخسيس والمحال والصيدليات وبائعي الملابس والأحذية؛ لتعرض في التقرير التالي أبرز الاختلافات التي خلقها كورونا على سوق البيع في مصر.

• زيادة الإقبال على المواد الغذائية ومشاريع لتوصيلها أونلاين

كانت أول المجالات التي تأثرت بالحظر وتداعيات كورونا والإجراءات المتخذة بشأنه هو سوق المواد الغذائية، فمن المحال إلى صفحات البيع الأون لاين كان ارتفاع نسب مبيعات المواد الغذائية للضعف هو المسيطر.

يقول صلاح عبدالله، صاحب أحد محال “السوبر ماركت” بمنطقة الجيزة، إن الإقبال على شراء المواد الغذائية زاد في فترة الحظر، بل واتجه المواطنون منذ بدءها وحتى قبل حلول رمضان لشراء كميات كبيرة من الأرز والمعكرونة وغيرها؛ لتخزينها وتفادي الخروج للشراء، أما أمور البقالة العادية فظلت كما هي، ولكن بزيادة المبيعات خلال النهار ونقصها خلال الليل.

حظر التجوال وبقاء المواطنين في المنازل جعل لديهم وقت فراغ وممل؛ ما دفع معظم الفتيات والسيدات وحتى الشباب للاتجاه للإبداع في المطابخ وتعلم أكلات جديدة، وزاد الإقبال على المواد الغذائية، فكانت فرصة اقتنصتها بعض الفتيات لإطلاق مشروع صغير لكسب المال، فيما جعل البعض أيضا يحول مجال تجارته.

ومع تطبيق قرار الحظر وبقاء المواطنين في المنازل، لاحظت مريم منير، خريجة كلية تجارة، والمقيمة بإحدى قرى شمال الجيزة، إقبالا كبيرا من زميلاتها وأقاربها ومحيطها على المواد الغذائية؛ نظرا لقضاء الكثير منهم أوقات فراغهم في تعلم وصفات جديدة، لتقرر انتهاز الفرصة لإنشاء مشروعها الصغير وتوفر المواد الغذائية لقريتها والقرى المجاورة، بعدما دشنت مجموعة على “فيسبوك” تعلن فيها عن مشروعها والمواد الغذائية التي توفرها.

وعن نسبة الإقبال على منتجاتها، تقول مريم إن النسبة كبيرة مقارنة بالمشروعات الصغيرة التي أطلقتها في الماضي، موضحة أنها تسلم من 4 إلى 7 طلبات يوميا، معظمها من المعجنات الجاهزة وعبوات الحلويات وأنواع الصوص وغيرهم من المواد الغذائية، غير أن مشكلة التوصيل للمنازل هي ما تواجهها في بداية مشروعها، حيث تضطر للاستعانة بأختها الصغيرة وأخوها لمساعدتها في توصيل الطلبات؛ نظرا لعدم قدرتها على الاستعانة بمندوب في بداية مشروعها.

أما آمال أمجد، طالبة بإحدى الجامعات الخاصة، فكرت مع بقاء المواطنين في المنازل، في تصفية مشروعها وأخيها لبيع الفضة والحلي الذي توقفت مبيعاته تقريبا، لتستفيد برأس المال في إطلاق مشروع لبيع منتجات الشوكولاتة والحلويات، فتوضح أن المشروع لاقى اهتماما وإقبالا كبيرا بمجرد إنشاءه: “مكنتش متخيلة الإقبال يكون كده، والجروب يكبر في يومين بالظبط”.

حديث مريم وآمال أكدته ليديا نادر، صاحبة مشروع لبيع المنتجات الغذائية أونلاين بمدينة حلوان، موضحة أن نسبة مبيعاتها خلال الفترة الأخيرة زادت إلى الضعف، بعد إقبال المواطنين على شراء منتجاتها، خاصة “الفاست فود” والحلويات، لصنع وصفاتهم وتعلم الطبخ خلال بقاءهم في المنازل وقلة خروجهم.

“الناس معظمهم في البيوت مش بيعملوا حاجة غير الأكل ومتابعة التلفزيون خاصة في رمضان”، تقول ليديا.

• إقبال الفتيات على أدوات التجميل والعناية بالبشرة

ألقى أيضا قرار تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات في 15 مارس الماضي، بظلاله أيضا في سوق الأونلاين، إذ أتاح البقاء في المنازل فرصة للفتيات للاهتمام بأنفسهن وجمالهن، بيد أنه انعكس بدوره على ازدهار مبيعات مواد التجميل والعناية بالبشرة، إذ تقول سارة محمد، خريجة كلية إعلام وحاصلة على كورس في مجال صناعة منتجات التجميل، إن مبيعات مواد التجميل والعناية بالبشرة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، بعدما شهدت إقبالا مضاعفا خاصة من قبل فتيات الجامعات.

وأرجعت سارة، القاطنة بمدينة الرحاب، زيادة مبيعاتها للضعف إلى توافر الوقت للفتيات للاهتمام بأنفسهن: “دلوقتي أي منتج عندي بيلاقي اهتمام زايد من البنات، علشان مساحة الوقت عندهم زادت”، موضحة أن عدة مشكلات تواجهها مع الحظر، كشحن المنتجات بسبب تأثر شركات الشحن سواء بقلة أعدادهم أو ارتفاع أسعارهم، وارتفاع تكاليف خامات الشغل المستورد كالمنتجات المغربية التي وقعت بين ارتفاع الأسعار أو وقف الاستيراد.

أما إنجي محمد، خريجة كلية تجارة إنجليزي، والمقيمة بمدينة بنها محافظة القليوبية، أكدت أيضا أن الإقبال على منتجاتها للعناية بالبشرة والجسم والشعر زاد خلال فترة الحظر، لافتاة إلى إصرار زبائنها على توصيل الطلبات للمنازل بدلا من استلامها في المترو كعادة معظم الفتيات قبل فترة الحظر.

أما سارة شوقي، القاطنة في مدينة 6 أكتوبر، أوضحت أن مبيعاتها زادت بنسبة قليلة، منوهة بأن إقبال فتيات الجامعات قابله نقصا في فئات أخرى من زبائنها: “أكتر زبايني بنات بتشتغل أو على الأقل حد مسئول عنهم بيشتغل، دلوقتي كتير منهم قعد من الشغل أو مرتبهم نزل للنص، ده خلاهم مستنين يقبضوا أو يرجعوا الشغل عشان يشتروا اللي هما عايزينه”.

• زيادة الوزن تنعش مبيعات أدوية ووصفات التخسيس

كان لبقاء المواطنين في المنازل وقرارات الإغلاقات التي طالت الأندية وصالات الرياضة، أثر أيضا في زيادة الوزن، وهو ما جعل بعض المواطنين يتجهون لشراء أدوية وأعشاب التخسيس، سواء من الصيدليات أو محال العطارة، فيقول مجدي عبدالفتاح، صاحب إحدى الصيدليات بمدينة أوسيم محافظة الجيزة، أن الإقبال على أدوية التخسيس في صيدليته زاد بنسبة مقبولة تصل إلى حوالي 25% من مبيعاتها المعتادة خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي كان مفاجئا له خاصة وأن منتجات التخسيس لا تلقى إقبالا كبيرا في العادة؛ نظرا لغلاء أسعار بعضها.

أما محمد عبدالله، صاحب محل عطارة بمنشأة القناطر شمال الجيزة، أكد في مقابلة مع “الشروق”، أن وصفات التخسيس التي يجمعها من منتجات وأعشاب طبيعية بعضها محلي والآخر مستورد من السودان وغيرها، والتي تشهد إقبالا كبيرا في العادة، لاقت إقبالا متزايدا في الفترة الأخيرة وسط إجراءات الحظر، حتى شحت كمياتها وسط تزايد الإقبال ووقف الاستيراد بسبب كورونا: “الأعشاب خلصت، وناس كتير لسه بتيجي تسأل عايزة تشتري”.

فيما أوضحت أمل حمادة (اسم مستعار)، متزوجة وأم لطفلين، أنها تعاني من زيادة في الوزن بعد إجراء الحظر والبقاء في المنازل، نظرا لقلة ممارسة الحركة أو الرياضة وعدم قدرتها على الذهاب لصالة الرياضة، وطلبات زوجها وأولادها المتكررة لصنع وصفات جديدة لتسلية أوقاتهم، لتتجه لشراء أعشاب طبيعية للتخسيس نصحتها صديقتها بتجربتها، ولكن مع زيادة الوضع سوءا -على حد وصفها- اتجهت لأول مرة إلى شراء أدوية تساعدها على إنقاص وزنها “أون لاين” من إحدى الصيدليات المعروفة، بناء على نصيحة طبيبة صديقة لها.

• كساد في المحال ومبيعات الملابس والأحذية

وسط انتعاش أسواق الأونلاين، شهد سوق الملابس والأحذية سواء أونلاين أو في المحال انخفاض شديد في نسب المبيعات، إذ تقول أريج محمود، صاحبة إحدى صفحات بيع الملابس والأحذية بمنشأة القناطر في الجيزة، إن نسبة مبيعاتها انخفضت إلى الخمس خلال الفترة الأخيرة، نظرا لعدم احتياج المواطنين للملابس بسبب البقاء في المنازل وعدم خروجهم.

وتوضح أريج: “حركة البيع ميتة، يعني لو كنت ببيع في الوقت دا 50 فستان في العادي، دلوقتي مش بيوصلوا لـ10 فساتين”.

المحال أيضا أصابها الركود ونقص المبيعات، فتوضح سارة شوقي، صاحبة أحد محال بيع أدوات التجميل والعناية بالبشرة بمدينة 6 أكتوبر، أن مبيعات محلها شهدت نقصا في نسبة المبيعات بحوالي 75% من مبيعاته العادية، فضلا عن زيادة تكاليف المنتجات بعد إغلاق مكاتب الجملة مقراتها واتباعها طريقة توصيل الطلبات إلى المحال بالشحن، وهو ما يقلل هامش الربح، وخاصة وسط قلة إقبال المواطنين على المحل.

وفي بعض محلات الإكسسوارت وأدوات التجميل، دفع الركود أصحاب المحال للاتجاه لبيع زينة رمضان، فتقول آمال صبيح، صاحبة أحد المحال بمنشأة القناطر، إن ركود حركة البيع والشراء في محلها دفعها لبيع زينة رمضان كي تعيد الحركة للمحل وتخفف من الخسائر، التي طالته بعد 4 أسابيع من ركود حركة البيع والشراء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى