الأخبار

معركة «الطلاق الشفهى»

صعّدت مشيخة الأزهر معركتها ضد الدولة فى أزمة الطلاق الشفهى، وأعلن مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أمس، تأييد البيان الصادر عن هيئة كبار العلماء بخصوص أحكام الطَّلاق ووقوع «الشفهى» منه، وتأييد الاقتراحات التى وردت فى البيان لمعالجة ظاهرة تفشِّى الطلاق والقضاء عليها، بما تضمنه من انتقادات لمؤسسات الدولة.

آراء «كبار العلماء» تكشف تناقضهم.. و«شومان»: الزوج لو قال لزوجته «إنت طالق» ألف مرة دون توثيق كأنه لم يقل شيئاً.. و«هاشم» فى 2015: واجب لاختلاف الذمم

وقال مجمع البحوث، فى بيان عقب جلسته أمس، إنه قرر بالإجماع أن يضطلع بإعداد مشروع القانون المقترح فى البيان لتقرير العقوبة التعزيرية الرَّادعة لمَن لا يبادر فوراً بتوثيق طلاقه بعد إيقاعه، وتغليظ العقوبة لمَنْ يُماطل أو يحتال للتخلص من هذا الواجب. وتشهد آراء أعضاء هيئة كبار العلماء، تناقضات بشأن «الطلاق الشفوى»، قبل وبعد مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوثيق الطلاق، وهو ما فسره البعض بأن الموقف الذى اتخذته مؤسسات الأزهر فى تلك الأزمة سياسى وليس دينياً.

ونشرت مجلة «صوت الأزهر» فى فبراير الحالى، مقالاً للدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر والأمين العام لكبار العلماء، قبل اجتماع الهيئة بأيام تحت عنوان «الإشهاد على الطلاق»، أكد فيه ضرورة الإشهاد على الطلاق وعدم الاعتداد شرعاً بالطلاق الشفوى، قائلاً: «الزوج لو قال لزوجته أنت طالق ألف مرة دون أن يشهد على هذا الطلاق عدلان، فإنه لم يقل شيئاً»، فيما تحول موقف «شومان» بعد دعوة الرئيس إلى القول بأن إلغاء الطلاق الشفهى مخالفة للشريعة. ولم تقف تناقضات قيادات الهيئة عند هذا الحد، حيث قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو «كبار علماء»، فى لقاء تليفزيونى عام 2015، إن الطلاق على يد المأذون وبوثيقة رسمية ووجود شاهدين ضرورة، لأن الذمم قد اختلفت فيه والمقاييس البشرية، وفى 2017، عاد «هاشم» ليقول إن ذلك يُحدث بلبلة فى المجتمع الإسلامى، وأن الأزهر هو المرجعية العالمية الأولى، مصداقاً لقول الله تعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، وأهل الذكر هم أهل الاختصاص، ممثلين فى دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء ولجنة الفتوى بالأزهر، وكل هذه مرجعيات علمية دينية عند اختلاف العلماء يتم الرجوع إليها ليكون الرأى القاطع الذى لا خلاف عليه، متابعاً: «أنصح إخواننا من العلماء والدعاة الذين يتصدون للافتاء بالتريث». من جانبها، قالت مصادر أزهرية، إن المشيخة ضغطت على بعض أعضاء الهيئة، وعلى مفتى الجمهورية للخروج بموقف موحد يرفض توجه الدولة، إلا أنه بتباين وتناقض الآراء السابقة والحالية لأعضاء الهيئات الأزهرية، وعدم إجماعهم على وقوع الطلاق الشفهى، الذى ادعته الهيئة فى بيانها العنيف، يؤكد أن هدفه كان رفض مقترح الرئيس فى الأساس، بعيداً عن الرأى الشرعى.

وأشارت المصادر إلى أن المشيخة ضغطت كذلك على الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، الذى كان من أكثر المتحمسين قبل سنوات فى أثناء توليه منصب مفتى الجمهورية لإلغاء الطلاق الشفوى، بحسب مقربين منه عملوا معه فى الأمر، ليتحول رأيه إلى رفض إلغاء الطلاق الشفهى، لافتة إلى أن مفتى الجمهورية الحالى، الدكتور شوقى علام، أشاد هو الآخر فى بيان سابق، بدعوة الرئيس لتقنين الطلاق والإشهاد عليه، إلا أنه عاد وأيد فى بيان كبار العلماء، وقوع الطلاق الشفهى.

وقال الدكتور محمد وسام، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، فى تصريح سابق له إن مقترح تقنين الطلاق وتوثيقه، تم طرحه مسبقاً على لسان عدد من كبار علماء الأزهر قديماً، ومنهم الشيخ المطيعى، وأن الشرع لا يمانع توثيقه، لكن الأمر يحتاج إلى فتوى موحدة من العلماء، خصوصاً أن بعض الرجال يتهاونون فى التلفظ بالطلاق، ما يجعل تقنينه يصب فى صالح الأسرة.

فى المقابل، قال الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، إن الشيخ جاد الحق، شيخ الأزهر الراحل، حاول إلغاء الطلاق الشفوى من قبل، إلا أن «لوبى الإخوان» الذى تسلل إلى مؤسسات الأزهر وقتها حال دون ذلك، مضيفاً: «نحن نسعى للمصلحة وبناء المجتمع وليس هدم الحياة كما ذكر بيان كبار العلماء.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى