الأخبار

الكرة فى العصر الطباشيرى

2

 

أقولها وأمشى، أو أقولها وقم أنت برميها فى البحر. أقول كلمتى وأرضى ضميرى. من قبل رفضت فكرة إلغاء الهبوط بما فيها من نفاق وتحية للفاشلين، وتحزبا لرأى غير علمى وغير رياضى وغير عادل. وفى ذلك العام 2011 قلت إن رفضى ليس موقفا شخصيا، فالمواقف الشخصية موضعها المقاهى. والقضية عندى ليست قضية بقاء فريق أو هبوط فريق، إنما هى فكرة سيادة العدالة، ومعاقبة المقصر، وعدم المساواة بين الذين فشلوا وبين الذين نجحوا شأن أى مجتمع متحضر أو يريد أن يتحضر ويزيل سنوات الهوان والاستسهال، والاستهبال.. إلغاء الهبوط بحجة الظروف الصعبة، ليس إلا ضعفا.. وإذا كانت الحجة اليوم أننا فى موسم انتقالى، فإن مصر كلها تمر بمرحلة إنتقالية فلماذا لا نلغى الامتحانات، ونشطب السنة من عمر جميع التلاميذ، والبدء من جديد فى العام المقبل أو نمنح كل الطلبة شهادات نجاح.. وإذا كانت الحجة هى المرحلة الانتقالية، فكل من هو ملزم بأداء واجب أو دين أو قسط، يعفى منه.. وهكذا ندخل فى دائرة جهنمية، تهدم ولا تبنى بحجة المرحلة الانتقالية؟!

فى شارع الأفكار المصرية تبتكر تعبيرات هى فى الأصل تبريرات للفشل والسقوط والبلادة والتنبلة، وهى مشهورة بما يسمى بمكافأة إجادة للمهزوم. ومكافأة كبيرة لفريق نجح فى البقاء مع أنه بكل عناصره ومدربه وإدارته يستحق أن يحاكم على فشله. والإعلام هو من ابتكر تعبير: تعادل بطعم الفوز. فجعل خسارة نقطتين فوزا وها نحن نصل إلى مرحلة الهبوط بطعم البقاء.. بعد أن ظهرت الفكرة فجأة دون أى حسابات أو معايير فنية.

شوف يا اتحاد الكورة.. حتى هذه اللحظة يفترض أنك المسئول عن إدارة شئون اللعبة. أقول حتى هذه اللحظة. لأنك لا يجب أن تدير مسابقة الدورى الممتاز. وهو مطلب طرحناه قبل عشرين سنة، وأكرر ذلك كثيرا كى تدرك أجيال وأجيال كيف كنا نمارس إعلاما مستنيرا يسبق عصر الموظفين. إعلاما يسبق العصر الحجرى بسنوات. وكانت أفكارا تطرح فى أوقات الاستقرار والبطولات، لأننا نؤمن أن أفضل إصلاح يجرى أوقات الانتصارات وليس فى الكوارث والأزمات.. المهم أن عليك أيها الاتحاد الموقر التمسك بما قررته من لوائح وتطبقها. إلى حين تسلم أمانة إدارة مسابقة الدورى للجنة الأندية المحترفة بضوابط ولوائح لا تخضع لهوى أو لأهواء.

وبناء عليه أيضا.. على حضرات السادة الأفاضل أعضاء الاتحاد ترسيم الحدود بين لجنة الأندية وبين مجلس إدارة الاتحاد. فمن يملك قرار تنظيم الدورى، ومن يملك قرار بيع المسابقة؟. وهل تباع فرديا أم جماعيا؟. علما بأن البيع الفردى سيدخل المسابقة فى فوضى لن تكون خلاقة. كذلك عليكم اتخاذ قرار فورى بأن يكون دورى الدرجة الثانية من 20 ناديا. ويكون مماثلا للدورى الممتاز. غير معقول أن يلعب فى الدرجة الثانية 300 ناد. رتبوا الأوراق من أجل مصلحة الكرة المصرية ومن أجل مستقبلها.. نرجوكم ارحمونا من سيطرة الانتخابات والاصوات والمصالح.. ومن اختراع منتخبات وأنشطة وأجهزة فنية على سبيل المجاملة لأنها تمارس أنشطة ضعيفة تكاد تكون ميتة.. لم يعد مقبولا أن تستمر الكرة المصرية فى عصر الموظفين.. لا بهذه الأفكار والقرارات والمواءمات والاختراعات انتقلنا من عصر الكنافة وعدنا إلى العصر الطباشيرى.. حرام عليكم!!

 الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى