الأخبار

«سوء تفاهم» وراء الهجوم على المسلسل

 

91

لم ينقطع الجدل المثار حول مسلسل «السبع الوصايا»، حتى بعد انتهاء عرضه، خصوصاً بعد عرض الحلقتين الأخيرتين، كما خلق حالة نقدية وجدلية واسعة منذ بداية عرضه، وهو الأمر الذى أشار إليه بعض النقاد بأنه نموذج انتصار «النص» الدرامى، وبداية رد الاعتبار إلى النصوص الدرامية الجيدة والمختلفة، المهدر حقها وسط بقية نجوم العمل.

محمد أمين راضى، مؤلف «السبع وصايا»، يتحدث عن تجربته فى الدراما مع ثانى أعماله بعد «نيران صديقة»، وكذلك عن «انتصار النص الدرامى»، مؤكداً أنه لا يهتم بأن المسلسل حقق له انتصاراً شخصياً بقدر اهتمامه بتطوير الدراما وإفادتها وإعادتها إلى مكانتها الطبيعة، مشيراً إلى أن طموحه أكبر من طموح المؤلف، لأنه طوال الوقت مهموم بالصناعة بشكل عام والمساعدة فى تغيير طريقة تلقى الفن، بالشعور بنجاح المخرج والمؤلف بجانب نجاح الممثلين.

وأضاف «راضى» أن المسلسل وغيره من المسلسلات المختلفة الأخرى، تفتح باباً جديداً أمام أنواع درامية أخرى كانت مغلقة تماماً أمام زملائه المؤلفين، والتى لم تكن تلاقى ترحيباً من المنتجين وبعض الجمهور من قبل، مشيراً إلى أنه قبل بداية عمله مع المنتج طارق الجناينى فى «نيران صديقة»، كان يعانى من عدم ملاقاة أعماله ترحيباً إنتاجياً، وطلب منه أنواعاً درامية أخرى لم يرحب بها.

وعن مفهوم الجرأة فى الدراما، خصوصاً بعد الهجوم الذى لاقاه المسلسل بسبب بعض الألفاظ التى وصفها البعض بالخارجة، يقول «راضى» إن الجرأة وحدها لم تعد ميزة تُضاف إلى العمل، لأنها من المفترض أن تكون موجودة بشكل طبيعى فى أى عمل، لأن الكاتب جرىء بطبعه، ولكن الميزة تكمن فيما ستقدمه وتطرحه داخل مساحة الجرأة المسموح بها.

وطالب «راضى» من ينتقد المسلسل، خصوصاً مشاهد القتل الكثيرة فى المسلسل، بأن يطلعوا على صفحات الحوادث بالجرائد ويروا هل مشاهد القتل والدفن والدم واقعية فى المسلسل أم لا؟ بالإضافة إلى أن معظم من ينتقد أى عمل بهذه الطريقة يعانون من «سوء فهم» لطبيعة العمل، وحمّله جزءاً غير واقعى، وكذلك وجود بعض المبالغات فى العمل، التى من المفترض أن يتم تعاطيها بشكل طبيعى، ولكن ليس من الطبيعى أن يكون كل أفراد المجتمع قتلة بهذه السهولة أو بهذه الدوافع، بعكس النماذج والشخصيات التى قدمها فى المسلسل.

وعن فكرة تقديمه نماذج «متجنية» على الواقع، من خلال قاعدة «الدراما هى انعكاس للواقع»، يؤكد «راضى» أن الفن «مالوش كتالوج»، ولا يوجد به صواب وخطأ، ونظرية أن الدراما مرآة للواقع، أو أنها لا علاقة لها بالواقع، هو أمر نسبى لكل فنان أو مؤلف، يراها مناسبة لفكرته التى يبلور حولها الأحداث، وضرب مثلاً بمسلسل «نيران صديقة» الذى حمل بعض الإسقاطات والنماذج الواقعية، ولكنه فى النهاية يخدم الفكرة بكل الطرق ولا يهدف إلى تمثيل الواقع أو لا.

أما عن الهجوم الذى تعرّض له المسلسل بحجة الترويج للخرافة أو تشويه صورة «الصوفية»، فأبدى استغرابه من استمرار «سوء الفهم» للمسلسل رغم انتهائه، وظهور كيف تعامل المسلسل مع هذه الخرافات، ومحاولته دحضها وفضحها، فمثلاً «القرد، والجن، وتحضير الأرواح» فى النهاية اكتُشف أنها غير صحيحة وخدعة بشرية، مشيراً إلى أن سبب سوء الفهم جاء لأن المسلسل يكسر هذه الأساطير والخرافات بشكل غير مباشر، معتبراً أنه لو عرضها بشكل مباشر لكان هؤلاء من أوائل المشيدين بالمسلسل.

وعن هجوم «الصوفية» أكد «راضى» أن بعض الصوفيين «حساسين» تجاه ما يُقدّم عنهم، وتركوا الأضرحة الستة التى استخدمتها وانتقدوا الضريح الوهمى، رغم معرفتهم أن هناك أضرحة وهمية، مشيراً إلى أنه لم يأخذ فى حسبانه ما تم تأويله بأنه يقدم التصوّف كبديل عن الفكر الإخوانى والسلفى، ولكنه تمنى أن يكون «التصوّف الحقيقى»، الذى يدعو إلى الحب والنقاء والسلام، بديلاً لهذه الأفكار.

وأشار إلى أن التساؤل أيضاً عن غياب الخير أو الشخصيات السوية فى الأعمال الفنية، لا يخرج إلا من أشخاص «لا تطلع على الأدب والفن»، خصوصاً «الأدب الغربى»، مشيراً إلى أن فكرة تقديم «نموذج خير وشر» فى الدراما «انتهت»، خصوصاً أنه ليس من دوره أن يتعامل مع الشخصيات بـ«ميزان حساس»، ولكن دوره تقديم شخصيات ونماذج يعبّر من خلالها عن الفكرة فقط.

وتابع رده على التأويلات السياسية والدينية حول المسلسل، قائلاً: «غير معنى بتأويلات الآخرين، ودورى أن أكتب فقط، وكلما كثر التأويل حول المسلسل كان ذلك دليلاً على نجاح العمل». ووصف المقارنة أو الربط بين المسلسل وبين ما قدمه نجيب محفوظ، فى «الحرافيش» أو غيرها بأنه «تعسُّف لصالحه»، خصوصاً أن معظم من ربطوا بينهم كان قصدهم مدح العمل وليس الذم، مشيراً إلى أن الرابط فى الأمر هو أن نجيب محفوظ من أوائل من استخدموا «الواقية السحرية» فى الأدب والدراما.

وأبدى «راضى» تعجبه أيضاً ممن ادعوا بطء الأحداث بعد الحلقات العشر الأولى فى المسلسل، مشيراً إلى أنه لا يفهم ماذا يقصدون ببطء الأحداث، وأن الأحداث تتغير وتتحرك تفاصيل العمل، بجانب تطويره لـ«الحدوتة الرئيسية» وهى «بوسى»، بجانب تثبيته أحداث الشخصيات الست الأخرى، مع استمرار علو التفاصيل فيها أيضاً، للوصول إلى نقطة الالتقاء، ولكنه أرجع ذلك إلى أن بعض الجمهور انفعل وتعايش مع الحواديت الأخرى أكثر من الرئيسية.

ورفض «راضى» الانضمام إلى الأصوات المنادية بضرورة عدم الالتزام بالـ30 حلقة للمسلسل، ووصفها بـ«الظالمة» و«الكلام المرسل»، لأن المسلسل قد يتسع لـ15 حلقة أو 30 وكذلك 60، بقدر ما تحتمل فكرته، وضارباً المثل بمسلسل «أرابيسك».

ولم يخفِ «راضى» تخوّفه وقلقه من حجم رد الفعل وما قيل وكُتب عن المسلسل، سواء بشكل إيجابى أو سلبى، لأنه أمر يقلق أى مؤلف، ويجعله يفكر بتأنٍّ فى الخطوات المقبلة، حفاظاً على النجاح، وعبّر «راضى» عن امتنانه لفريق عمل المسلسل، خصوصاً المخرج خالد مرعى الذى أكد أنه لولا وجوده لتحولت «السبع وصايا» إلى كارثة بمعناها الحرفى، لأنه استطاع بكل بساطة أن يحكى على الأقل 6 حكايات رئيسية بالتوازى بجانب التفاصيل، قائلاً: «السيناريو كان ممكن يروح فى داهية، لولا الحالة التى خلقها (مرعى) فى المسلسل»، بجانب الموسيقار هشام نزيه، المشارك فى نجاح «السبع وصايا»، مشدداً على أن تتر المسلسل من أعظم ما قُدّم فى العمل ككل، وفكرة المسلسل هى فكرة التتر، وقد تكون هى أكثر الأشياء التى خرجت «كسبانة» فى المسلسل.

ورفض «راضى» الحديث عن الهجوم الذى تعرّض له بعد نشر صورة حذائه على صفحته الشخصية على «الفيس بوك»، قائلاً: «كلمونى عن العمل كما تريدون، أما صفحتى الشخصية على مواقع التواصل فهى (شخصية)».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى