اخبار عالمية

انتخابات استثنائية.. هل تواجه أمريكا سيناريو الربيع العربي وتدخل حرب أهلية؟

أيام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الأهم على كوكب الأرض، ويتابعها ملايين الناس حول العالم، وهي التي تحدد من يجلس على المقعد البيضاوي يحكم أهم وأكبر دولة في العالم الولايات المتحدة ، وقد شهدت الأيام الأخيرة أحداثًا دراماتيكية تؤكد أن انتخابات الرئاسة الأمريكية تعتبر الأغرب والأعجب على مدار المائة عام الماضية على الأقل، وسيناريوهات تتوقع حصول بلاد العم سام على نسختها من “الربيع” الذي ذاق العالم العربي ويلاته ومراراته.

دلائل الفوضى المرتقبة، كشف عنها استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوجاف أكد أن 56% من عينة الاستطلاع تتوقع حدوث أحداث عنف وفوضى بعد إعلان نتائج التصويت ، كما أكد الكاتب المعروف توماس فريدمان أنه قد بدأ حياته المهنية بتغطية الحرب الأهلية الثانية في لبنان منتصف السبعينيات ولا يريد أن ينهيها بتغطية الحرب الأهلية الثانية في أمريكا، فيما أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤخرًا، وجود تدخل روسي وإيراني في الانتخابات ، وذلك من خلال هجمات سيبرانية لاختراق مراكز الاقتراع والتلاعب بنتائج التصويت .

وبينما قالت الشرطة الفيدرالية “FBI” إنها تستعد لمواجهة سيناريو الفوضى في كل الولايات، وصلت تهديدات إلى نواب ديمقراطيين في الكونجرس ومندوبين بالمجمع الانتخابي بالقتل في حالة التصويت للمرشح الديمقراطي جو بايدن ، في حين تعرض الموقع الرسمي لمنافسه الجمهوري للاختراق واستولى عليه القراصنة لمدة تزيد عن نصف ساعة، بخلاف الشحن والتصعيد على مواقع التواصل وحملات ترويج الأخبار المضللة.

وتحت عنوان “الانتقال الرئاسي المحفوف بالمخاطر”، نشرت مجلة فورين بوليسي للكاتب والمحلل السياسي تيموثي نفتالي، مقالا لم يبد فيه تفاؤلا فيما يخص انتقال السلطة في حالة خسارة ترامب، وذلك من واقع خبراته في مجال رصد تاريخ عمليات تسليم السلطة بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة والتحديات التي تواجه تلك العمليات، ورؤيته لصعوبة المواجهة الرئاسية الحالية باعتبارها من أسوأ تلك التحديات.

ومن المعروف أن فكرة الانتقال السياسي، هي التي ترمز للفترة الفاصلة بين انتخاب الرئيس الجديد وممارسة سلفه للسلطة حتى عملية تنصيبه، وهي المدة التي تصل إلى قرابة ثلاثة أشهر، وطول هذه المدة أفرز عددًا من الإشكاليات والمتاعب لأمريكا والعالم، والتي يحدد تيموثي نفتالي أسبابها في ثلاثة أسباب رئيسية ، يتمثل أولها في استمرار الرؤساء المنتهية ولايتهم في العمل على بناء إرثهم في الأشهر الأخيرة من ولايتهم، ستكون له انعكاساته بلا شك على السياسة الخارجية، ومن المحتمل أن يتسبب في مشاكل متعددة لمن يخلفه، والسبب الثاني، أنه عادة ما تكون هناك اختلافات حادة في الفلسفة أو الأسلوب بين الإدارات المنتهية والقادمة، والتي تؤثر على التزامات الأمن القومي المستمرة، والثالث يتمثل في أنه في مناسبات نادرة، يثير الرئيس المستقبلي المتاعب، بينما لا يزال شاغل المنصب يحكم.

ويذكر الكاتب أن الانتقال بين الرئيسين دوايت أيزنهاور وجون كينيدي، كان يُعبّر عن الحالة النموذجية لبناء الإرث في اللحظة الأخيرة، والتي تولَّد عنها نتائج كارثية وشبه كارثية، فخلال الأشهر العشرة الأخيرة في منصبه، أجاز أيزنهاور برامج سرية لتغيير النظام في دول الكونغو الديمقراطية، والدومينيكان، وكوبا، وقد ورثت إدارة كيندي العديد من الأزمات الناتجة عن قرارات الإدارة المنتهية ولايتها في أسابيعها الأخيرة، ولم يكن ذلك المثال الوحيد، بل امتلأ التاريخ الأمريكي بالأمثلة الأخرى على قيام الرؤساء المنتهية ولايتهم باتخاذ قرارات ما بعد الانتخابات التي خلقت تحديات كبيرة لخلفائهم.

وحاول الكاتب تصور مسار مصادر الاضطراب المتوقعة في حالة خسارة ترامب، أنه عندما تم انتخابه في عام 2016 لم ينتظر فريقه حتى يوم التنصيب ليبدأ في تقويض جهود الحكومة الأمريكية لمعاقبة نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تدخله في الحملة الانتخابية عام 2016، وهو ما تسبب في الكثير من الحرج لإدارة الرئيس باراك أوباما، وأن ذلك ما تكرر سابقًا في الحملة الرئاسية عام 1968، عندما قوَّض ريتشارد نيكسون جهود إدارة ليندون جونسون، للتفاوض على إنهاء حرب فيتنام، على الرغم من أن نيكسون كانت لديه النية لإنهائها بمجرد انتخابه.

ويتوقع الكاتب من خلال دراسة شخصية الرئيس ترامب، أن تشهد البلاد انتقالا محفوفًا بالمخاطر بعناصر أو نوعين من الاضطرابات، فقد يحاول ترامب المهزوم بناء إرث مضطرب قبل ترك منصبه، وهو ما ظهر في قراره في يوليو 2020 بسحب الآلاف من القوات من ألمانيا، واحتضانه الخطاب المناهض للصين فيما يتعلق بفيروس كورونا، كما يمكن أن يستخدم أيامه المتبقية في السلطة لتقويض حلف الناتو وتفاقم العلاقات مع بكين.

إلا أن الكاتب يعتبر أنه رغم انعزالية ترامب، إلا أن من المستبعد أن ينفذ برامج خارجية تؤرق منافسه جو بايدن في أول 100 يوم من حكمه إن فاز في الانتخابات ، لأنه ليس مثل الرئيس أيزنهاور، ولكن الاستثناء يتمثل في ضربة قوية توجه لإيران نظرًا لكراهية وزير الخارجية مايك بومبيو لنظام الملالي، مضيفًا أن فوز بايدن بهامش ضئيل عن ترامب قد يؤدي إلى ضجة من الأخير بسبب “التزوير المزعوم”، بجانب عدم الاستعداد لمساعدة فريق بايدن الانتقالي بأي شكل من الأشكال.

ويذكر تيموثي نفتالي أنه على مر التاريخ واجهت جميع الإدارات الجديدة صعوبات خاصة بعد حملات انتخابية شرسة لتسريع بداية العهد الجديد، وفي هذا الإطار، يجب أن يتوقع فريق بايدن أن يتم استهدافهم من خلال جهود وسائل التواصل الاجتماعي والتسريبات، حيث أن حلفاء ترامب في عالم الأمن القومي يرون أن هناك مؤامرة مستمرة ضد الرئيس المنتهية ولايته.

ويتمثّل التحدي الثاني الذي قد يؤدي لاضطرابات تودي إلى أحداث عنف، وفقًا للكاتب، مساعي فريق بايدن في حالة فوزه في تحديد واستئصال انتهاكات إدارة ترامب، وهو ما حدث مع إدارة نيكسون المنتهية ولايته في سبعينيات القرن الماضي، حيث تم الاعتماد على مسئولي في إدارته الذين ظلوا أكثر التزامًا بالدستور من رئيسهم، وشكَّل العديد من هؤلاء الرجال والنساء جوهر إدارة فورد، وساعدوا في تطهير حكومة الولايات المتحدة من وصمة نيكسون المعروفة بفضيحة “ووتر جيت”.

لكن في ظل الوضع الحالي لا يتوقع تيموثي نفتالي ممن يعملون بإدارة ترامب أن يقدموا مساعدة مماثلة لفريق بايدن أو الكونجرس، بل على العكس سيحاولون إخفاء الأدلة على أفعالهم، مؤكدًا أن الفترة الانتقالية الطويلة وعملية استبدال نخبة صنع القرار الأمريكي دائمًا ما يمثلان مصدر اضطراب في السياسة الأمريكية، وهو ما يثير الاهتمام والقلق الدوليين، خاصة أنه إذا خسر الرئيس ترامب فسيعمل كل ما في وسعه لعرقلة عملية الانتقال الرئاسي.بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى