الأخبار

تأخُّر إصدار قانون الرئاسة غير مفهوم

112

مصدر قضائى: القانون يتضمن شبهات عدم دستورية فى شروط الترشح للرئاسة.. ويجب تعديلها فورًا

 

لا أحد يعرف على وجه الدقة الأسباب التى جعلت الرئاسة تحيط قانون الانتخابات الرئاسية ومقترحات تعديله بسياج من السرّية، فضلًا عن غموض أسباب عدم إصداره اليوم (الإثنين) كما سبق وأعلنت الرئاسة على لسان المستشار على عوض المستشار الدستورى للرئيس، رغم ورود الكثير من المقترحات من جانب جهات حقوقية وسياسية ومن مواطنين عاديين. بينما تبقى مسألة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، واحدة من الأسباب التى تعطل إصدار القانون بسبب الجدل المثار حولها.

 

المستشار محمد جميل رئيس المكتب الفنى لقسم التشريع من جانبه قال لـ«التحرير» إن القسم لم يتسلم قانون الانتخابات الرئاسية حتى أمس (الأحد)، مضيفا أن «الرئاسة» لم تخطر مجلس الدولة بموعد إرسال القانون، لافتا إلى أن الرئاسة تقوم الآن بتعديل القانون المقترح من الرئيس عدلى منصور فى ضوء المقترحات التى ترى جدية إضافتها إلى قانون الانتخابات الرئاسية.

 

فى حين قطع مصدر قضائى رفيع المستوى بمجلس الدولة لـ«التحرير» بأن «الرئاسة» لن تصدر قانون الانتخابات الرئاسية قبل 10 أيام ابتداءً من أمس، وأن الرئاسة تواجه عدة تحديات فى ما يتعلق بقانون الانتخابات الرئاسية أبرزها مسألة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من رقابة القضاء خصوصا أن هذا الأمر بالنسبة إلى عدد من أعضاء اللجنة هو أمر مصيرى لا تراجع عنه حسب المصدر القضائى الذى يشغل نائب رئيس مجلس الدولة، مضيفا أن القانون به كثير من الشبهات غير الدستورية فى مسألة شروط الترشح للرئاسة المنصوص عليها فى المادة الأولى إلى جانب أن كل المواد التى تنص على المدد الزمنية المرتبطة بإجراءات الانتخابات الرئاسية تحتاج إلى تعديل.

 

من جانبه قال الدكتور وحيد عبد المجيد أستاذ العلوم السياسية: إن المثل الشعبى يقول «كل تأخير فيه خير»، ونرجو أن لا يكون هذا التأخير فيه شر، بمعنى أن يكون لتصحيح الأخطاء المحدودة الموجودة فى مشروع قانون الانتخابات الرئاسية لا لإفساد الصحيح فيه، مضيفا أن إعادة الحديث عن تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية وإعلان الرئاسة أنها تبحث هذا الموضوع بعد أن ألغت التحصين فى المادة رقم 7 من مشروع القانون تحمل مخاوف من أن ينتج عن هذا التأخير قانون أسوأ من الذى سبق واقترحه الرئيس فى آخر شهر يناير الماضى. ولفت عبد المجيد إلى أن المستغرب أن الرئيس عدلى منصور الذى يشرّع الآن هو قاضٍ دستورىّ كبير ومع ذلك لا يعرف أو تجاهل ما يعرفه أى قاضٍ دستورى صغير بأن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أصبح يخالف الدستور الجديد وأن هذا الأمر لا يحتاج إلى بحث، ولا انتظار حكم من المحكمة الدستورية العليا، لافتا إلى أن الدستور الجديد لم ينص على ما تضمنه الإعلان الدستورى الذى أُجريت الانتخابات الرئاسية عام 2012 على أساسه من تحصين اللجنة، وطالب عبد المجيد الرئاسة بالعدول عن مجرد التفكير فى تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، مضيفا نرجو أن يترتب على تأخير إصدار قانون الانتخابات الرئاسية وضع آليات عملية وواقعية تضمن عدم تجاوز الحد الأقصى للإنفاق مع تشديد العقوبة على من يخالف الحد الأقصى للإنفاق لتصل إلى الشطب من الانتخابات مع الإبقاء على إمكانية الطعن على قرارات اللجنة الرئاسية.

 

أما المحامى عصام الإسلامبولى فيرى أن تأخر إصدار قانون الرئاسة هو أمر مبرر ومطلوب للخروج بقانون جيد، مضيفا أن الرئاسة تلقت الكثير من المقترحات بشأن قانون الانتخابات الرئاسية، منها ما يطالب بضرورة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات وأخرى تطالب بالعكس وإزاء الموقف الدقيق واستناد كل طرف إلى مبررات منطقية تدعم وجهتَى النظر، على الرئاسة أن تدرس الأمر بعناية، خصوصا أن الدستور نص على عدم تحصين أى قرار أو عمل إدارى من رقابة القضاء فى الوقت الذى تفرض فيه ظروف المرحلة ضرورة لعدم الطعن على قرارات اللجنة الرئاسية.

 

ولفت الإسلامبولى إلى أن الداعمين لفكرة تحصين قرارات ونتائج اللجنة الرئاسية يستندون إلى حكم سابق للمحكمة الدستورية العليا يؤكد ضرورة تحصين قرارات العليا للرئاسة من الطعن، إلا أن هذا الحكم حسب الإسلامبولى هو حكم استند إلى المادة 28 من الإعلان الدستورى الصادر فى مارس من عام 2011 ومن ثم لا يصلح الاستدلال به، خصوصا أن مصر يحكمها الآن دستور جديد حدَّد صراحة فى كثير من مواده ضرورة إخضاع كل القرارات لرقابة القضاء، مضيفا أن الرئاسة يجب عليها أن لا تحيد عن هذا المبدأ لضمان عدم تعطيل الانتخابات الرئاسية بالطعن عليها فى حال مخالفة القانون للدستور، وأن الرئاسة ليس أمامها سوى ضبط المواد التى تتحدث عن إجراءات الطعن وتحديد سقف زمنى للطعن على قرارات اللجنة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام والنص على ضرورة أن تضم المحكمة الإدارية العليا وقت الفصل فى الدعاوى المتعلقة بالانتخابات الرئاسية خلال جلسة واحدة حتى لا تعطل أحكام المحكمة سير العملية الانتخابية.

 

من جانبه أرجع المستشار محمود العطار نائب رئيس مجلس الدولة، أسباب تأخر إصدار قانون الانتخابات الرئاسية إلى وجود مقترحات كثيرة تطالب بتعديل كثير من مواد القانون، مضيفا أن هناك مواد كثيرة بالقانون يجب على الرئاسة أن تقوم بتعديلها حتى لا يوصم القانون بشبهة عدم الدستورية ومنها المادة الأولى التى تحدد شروط الترشح للرئاسة، لافتا إلى أن الاقتراحات المطالبة بإدراج حظر جنسية أى من أبناء المرشح للرئاسة بجنسية دولة أجنبية أخرى يتوافر بها شبهة عدم الدستورية.

 

وشدد العطار على أن المادة 7 من القانون الخاصة بعدم تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية والتى تنص على أنه «يجوز لذوى الشأن الطعن فى قرارات اللجنة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية ونتائجها خلال مدة ﻻ تجاوز أسبوعًا من تاريخ إخطاره بها وتختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى هذه الطعون بحكم نهائى خلال 10 أيام من تاريخ قيد الطعن» ورد إلى الرئاسة بشأنها عدة مقترحات تطالب بالعدول عن هذا الاتجاه والعودة إلى التحصين الذى عملت بموجبه اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عامى 2005 و2012، مضيفا أنه بموجب الدستور الجديد لا يجوز تحصين أى قرار إدارى من رقابة القضاء، لافتا إلى أن الحديث عن استقرار البلاد وضمان استقرار منصب رئيس الجمهورية وتحصينه من الطعن يتعارض مع الدستور الجديد، وأن مبررات عودة تحصين قرارات اللجنة الرئاسية استنادا إلى عدم النص صراحة فى الدستور الجديد إلا من إمكانية الطعن على المفوضية العليا للانتخابات التى سيتم تشكيلها بعد 10 سنوات من الآن، مردود عليه -حسب العطار- بأن المادة 97 من الدستور الجديد تنص على أن «التقاضى حق مصون ومكفول للجميع وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى، وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا، ويحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، ولا يحاكَم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى، والمحاكم الاستثنائية محظورة»، كما لفت إلى أن كل الملاءمات والتكييفات التى يسوقها البعض لعودة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها أمام القضاء تصطدم بالدستور الجديد.

الدستور الاصلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى