الأخبار

لماذا فشلت مفاوضات تمديد الهدنة في غزة؟

 

101

 

ما أن انتهت الهدنة حتى انطلقت أصوات المدافع والصواريخ في كل من إسرائيل وغزة، وبينما لم يلبث المدنيون في كلا الطرفين أن يتنفسوا الصعداء حتى عاد هاجس الخوف يقض مضاجعهم. فلماذا فشلت المفاوضات رغم حاجة الطرفين لوقف الحرب؟

مع انتهاء هدنة الـ 72 ساعة بين حماس وإسرائيل الجمعة أطلقت عشرات القذائف من قطاع غزة على إسرائيل التي ردت على الفور بغارات جوية وقصف مدفعي على القطاع. ودفع انتهاء الهدنة سكان غزة من جديد إلى مغادرة منازلهم التي لم يبقوا فيها سوى القليل من الوقت ليتوجه الآلاف منهم إلى المستشفيات والمدارس بحثا عن مأوى، إذ أنه لم تمر سوى اقل من نصف ساعة على انتهاء وقف إطلاق النار حتى أخذ هؤلاء طريق الفرار. وتبادلت إسرائيل والقوى الفلسطينية الاتهامات بفشل المفاوضات وبالعودة إلى التصعيد عقب انتهاء الهدنة تنفس خلالها المدنيون الصعداء في كل الجانبين.

ولم ينجح الفلسطينيون والإسرائيليون في التوصل إلى اتفاق لتمديد التهدئة خلال المفاوضات غير المباشرة التي جرت في القاهرة، وهو ما حدا بالخارجية المصرية إلى حث الطرفين على استئناف الهدنة بعودة المفاوضات بين الجانبين. وكشفت الخارجية المصرية في بيان أنه “أمكن التوصل إلى اتفاق حول الغالبية العظمى من الموضوعات ذات الاهتمام للشعب الفلسطيني وظلت نقاط محدودة للغاية دون حسم، الأمر الذي كان يفرض قبول تجديد وقف إطلاق النار”.

عادت العمليات العسكرية وعادت معاناة المدنيين

وجاءت هذه التطورات بالرغم من وجود أمل حقيقي في تمديد الهدنة التي تم التوصل إليها بعد شهر من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي خلف أكثر من 1900 قتيل، بينهم أكثر من 450 طفلا فلسطينيا، ودمر آلاف المنازل وأجبر نحو نصف مليون فلسطيني على الفرار من منازلهم في حين قتل في الجانب الإسرائيلي 64 جنديا.

وفيما يؤكد الوفد الفلسطيني إنهم مستمرون في التفاوض مع الوسطاء المصريين في القاهرة رغم استئناف العمليات العسكرية، أوضح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان أن إسرائيل كانت قد أبلغت مصر باستعدادها لتمديد وقف إطلاق النار 72 ساعة قبل انتهاء سريانه، متهما حماس بخرق وقف إطلاق النار قبل انتهائه، رغم أن حماس كانت قد نفت صحة تقارير كانت قد تواترت بشأن قيامها بإطلاق صاروخين قبل ساعات من انتهاء الهدنة. وأعلن مسؤول إسرائيلي أن “إسرائيل لن تفاوض تحت الصواريخ” مشيرا إلى أن إسرائيل كانت أبلغت مصر استعدادها لتمديد التهدئة لثلاثة أيام قبل أن “تنتهك حماس وقف إطلاق النار”، معلنا انسحاب بلاده من المفاوضات.

ما هو سقف مطالب حماس؟

وتشترط حماس لوقف المعارك أن ترفع إسرائيل الحصار المفروض عل قطاع غزة منذ 2006، في حين تصر إسرائيل على نزع السلاح في قطاع غزة لتسمح بإعادة أعماره. في هذا السياق نقلت وكالة رويترز عن ناتان ترال الخبير في مجموعة الأزمات الدولية قوله “بالنسبة لحماس يجب على الأقل الحصول على رفع الحصار، لكن من الواضح أنها لن تحصل على ذلك. والسؤال الصحيح هو معرفة إلى أي حد يمكن أن يكون تخفيف الحصار” وليس رفعه. وتطالب كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس على الأقل بفتح ميناء لقطاع غزة على البحر المتوسط إذا تعذر الحصول الآن على رفع الحصار، وإقامة مطار دولي.

لكن ترال أشار إلى أن “ذلك يعني أن ترسو بواخر دون أن يتم تفتيشها وهو ما لن تقبله إسرائيل” باعتبار انه يمكن أن يتيح لحماس توريد قذائف دون حاجة إلى تهريبها عبر أنفاق توصل إلى مصر. ويرى ناجي شراب أستاذ العلوم السياسية والتاريخ السياسي في جامعة الأزهر بغزة، انه لتفادي هذا السيناريو والتوصل إلى “مخرج يمكن للمقاومة أن تعتبره مقبولا” من الممكن “التوصل لاتفاق مع تدخل دولي بالاستجابة لممر مائي تحت رقابة دولية وليس ميناء بالمعنى الدقيق”.

ومع أن حماس فاجأت بصمودها الجيش الإسرائيلي أثناء هجومه، فإنها، وهي المنبثقة من الإخوان المسلمين، باتت محشورة بعد أن فقدت دعم مصر اثر الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي. وأكد كوبي ميخائيل الأستاذ في جامعة ارييل الإسرائيلية “حماس على وشك أن تخسر كل شيء وهي تفعل ما بوسعها لزيادة الضغط”.

“إذا تكثفت المواجهات فقد ترسل إسرائيل قوات برية مجدا إلى غزة”

ورغم الشعبية التي تكسبها إياها مقاومتها العسكرية للجيش الإسرائيلي، فإن حماس واقعة اليوم تحت ضغط ضرورة الحصول سريعا على نتائج سياسية بعد معارك دمرت قطاع غزة.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر في غزة طلب عدم ذكر اسمه إن حماس وعدت الناس بالكثير “لكن ماذا سيتحقق الآن في نهاية المطاف؟ ربما بضعة كيلومترات يستطيع الصيادون الذهاب إليها للصيد في البحر. والسماح بزيادة عدد الشاحنات التي ستدخل عبر الحدود الإسرائيلية إلى القطاع..هذا كل ما قد يتحقق، وهو بالطبع لاشيء”.

واعتبرت المحللة العسكرية الإسرائيلية ميري ايسين انه بإطلاقها القذائف فإن حماس “تريد أن ترى ما إذا كانت إسرائيل سترد وكيف سترد” لربما لتسجيل مكسب في مفاوضات القاهرة. وأضافت ايسين “لا توجد أسباب تبرر حاليا عملية برية بداعي إطلاق حماس قذائف” لكنها أضافت انه إذا تكثفت المواجهات يمكن أن تغير إسرائيل موقفها وترسل قوات برية ليبدأ فصل جديد من مأساة حرب على غزة تكون الرابعة خلال السنوات الأخيرة.



 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى