أخبار مصر

في ذكرى ميلاده.. يوسف شاهين.. الأستاذ لم يغب وأعماله باقية رغم رحيله| صور

شاهين المصري حتى النخاع، المبدع دون حساب، والعبقري بشعرة الجنون، غاب عن عالمنا قبل 12 عامَا، واليوم ذكري مولده الـ 95 عامًا، ومازالت ذكراه حاضرة بقوة، على الرغم من أن الأيام تمضي، مع استمرار ظهور مخرجين مبدعين، ولكن معظمهم وحتى الآن مازالوا يدورون في فلك الأبطال والمنتجين، ولم يصل منهم أحد إلى إبداع الأستاذ “شاهين”، ولتستمر أسطورته الخاصة، من خلال الأفلام التي مازالت تحكي حكايته وتعرض إبداعه.

يوسف شاهين ، سكندري مصري، من أصول مختلطة فالأم يونانية، والأب محامي كاثوليكي ولد في مدينة زحلة بلبنان، وهاجر إلى الإسكندرية مع بداية القرن التاسع عشرة، ولذلك جاءت نشأة شاهين في أسرة منفتحة ثقافيًّا علي العالم كله، من خلال معرفتها بأربع لغات، حيث كانت الأسرة تتحدث باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية واليونانية، وداخل هذا الوضع كانت النشأة الثقافية  لشاهين ، وحصل على مبادئ الثقافة الفرنسية من خلال دراسته في المدرسة الفرنسية بالإسكندرية والمو جو دة حتي الآن باسم “سان مارك”، وذلك بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية، ثم نهل من الثقافة الإنجليزية من خلال التحاقه بمدرسة “كلية فيكتوريا” الثانوية والتي تخرج منها عام 1946.

ومن الثقافة الفرنسية ثم الإنجليزية، انتقل شاهين إلى ثقافة الليبرالية الأمريكية، عندما ذهب إلى ولاية كاليفورنيا لدراسة فن التمثيل بكلية “باسادينا”، وخلال دراسته قدم له والده كل ما يمكنه من دعم مادي، لكن بعد عام واحد طلب منه والده أن يعود بسبب أعباء المعيشه، وقبل أن يقرر شاهين ترك دراسته في أمريكا ليعود للإسكندرية، فوجئ بأن والده أرسل له مبلغا أكبر من المعتاد، وعاد مجددا ليستكمل دراسته، وفى الشهر التالي أرسل له نفس المبلغ في الموعد المحدد، وساعده ذلك على استكمال دراسة الإخراج والإلمام بتفاصيل المهنة وصقل موهبته،والاحتكاك بالأبطال العالميين، وعن تلك الأموال يقول شاهين في إحدى حواراته: لقد اكتشفت بعد سنوات الدراسة، أني مدين للجامعة بمبلغ 700 جنيه، لأن الجامعة أرسلت لي هذه الأموال عن طريق الخطأ، ولولا هذا الخطأ ما كانت قد استكملت الدراسة في أمريكا.

ومع عودة “شاهين” إلى مصر، وعمله مساعدًا في التصوير السينمائي مع مدير التصوير الإيطالي “ألفايس أورفانيلّي” قدم للمسرح مسرحيتين هما ” The Magnificent Vanes” و “Ibsen’s Love Comedy “، ثم أخرج أول أفلامه السينمائية، والذي راهن فيه على منح حسين رياض دور البطولة لأول مرة ، ومنح دور شاسع في الأحداث للنجمة الشابة فاتن حمامة وذلك عام 1950 ، وكان عمره في ذلك الوقت 23 عامًا، وكان فيلم هي فوضي عام 2007 هو آخر أفلامه، والتي تنبأ من خلاله بثورة 25 يناير 2011.


وقد ارتبط عاطفيًا ثم تحول الارتباط إلى زواج لنهاية العمر مع الفرنسية “كوليت فافودون” المولودة بالإسكندرية عام 1955.

ومرورًا بالعلاقات النسائية التي تركت أثرا في يوسف شاهين كانت علاقته بالسيدة أم كلثوم والتي غلفتها بعض الغرابة، وبدأت عندما كرّمه الرئيس عبد الناصر، وأرادت كوكب الشرق رؤيته، فتحدث معه الكثيرون وقالوا له الست عاوزة تشوفك، وكانت إجابته الصادمة عليهم، “ما تعوز!..”
ومع الإلحاح المستمر ممن حوله، قرر شاهين أن يلبي رغبة أم كلثوم ويذهب إليها، وعندما تقابلا تحدثت معه فى كثير من الأمور العامة، حتى قاطعها قائلا: أنا هنا ليه؟، فقالت له أنها تريده أن يخرج لها أغنية، فسألها عن الأغنية، فقالت “طوف وشوف”، فرد عليها: هبلة أووى يعني، شوف وطوف والعجلة والمدخنة؟! دى أى حمار يعملها لك، فردت عليه قائلة: يابن المجنونة.

وعن ذلك يقول شاهين: من هنا بدأت أحبها وأحببت خفة ظلها وتركيزها وروحها المرحة، لدرجة أننى كنت أقول للممثلين تعلموا من إحساس أم كلثوم فى أغانيها.

وخلال مسيرته الإبداعية قدم شاهين أو ” جو ” – اسمه الدارج منذ الصغر” – للسينما 40 فيلما، وقام بتأليف 20 عَمَلا، كما شارك في تجسيد بعض الشخصيات بـ 10 أفلام، في الفترة من عام 1950 وحتى 2007، وخلال ذلك المشوار الفني الكبير عبر شاهين عن العديد من المواقف السياسية بمعظم أفلامه، والتي جعلته في مواجهة سهام الإرهاب والتطرف، كما قدم نفسه وحكى تاريخه الشخصي في أربعة أفلام هي ” إسكندرية ليه 1978، حدوتة مصرية 1982، إسكندرية كمان وكمان 1990، إسكندرية نيويورك 2004″، واستطاع في ثاني أفلامه ابن النيل عام 1951 أن يترشح ل جو ائز مهرجان كان السينمائي.

وبعد 46 عامًا من تاريخه الفني تم إطلاق اسمه يوسف شاهين على شارع في ضاحية “بوبيني” الفرنسية، كما دُشّنت جائزة دولية بنفس الاسم في جو ائز مهرجان “سينما المؤلف” بالرباط.

أما جو ائز شاهين، فتتمثل في حصوله على الجائزة الذهبية “التانيت الذهبية”من مهرجان قرطاچ في تونس عام 1970، جائزة “الدب الفضي” في برلين عن فيلمه “إسكندرية ليه؟” عام 1978، وحصل بنفس الفيلم علي جائزة أفضل تصوير بمهرجان القاهرة السينمائي عام 1979.

وترشح فيلمه “المصير” عام 1997 للسعفة الذهبية لمهرجان “كان”، وحصل في نفس الدورة على جائزة “إنجاز العمر” والتي تقدم للمبدعين فقط بالأعوام المهمة للمهرجان، والذي كان يحتفل بمرور 50 دورة من عمر مهرجان “كان السينمائي الدولي”، وفاز نفس الفيلم في نفس العام بجائزة مهرجان أميان السينمائي، ومهرجان “كان” حصل شاهين علي جائزة “فرانسوا شاليه” عن فيلمه “الآخر”عام 1999.، وفي مهرجان فينيسيا السينمائي حصل على جائزة اليونسكو عن فيلم 11 سبتمبر عام 2003.
وتقديرا لفكره وعمله وإبداعه منحته الحكومة الفرنسية وسام شرف من رتبة الفارس في عام 2006، وبعد ذلك بعام تم تكريمه كأهم مخرج في الوطن العربي بمهرجان كان عام 2007، وفي مصر حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1994.

 

ومن مساء يوم 15 يونيه عام 2008 بدأت الحالة الصحية للمخرج الكبير يوسف شاهين تنهار، وذلك إثناء إخراجه لآخر أفلامه “هى فوضي” والذي رسم معظم مشاهده على الورق قبل أن يدخل في غيبوبة بمستشفى الشروق، واستدعت حالته إلى نقله على طائرة ألمانية خاصة إلى باريس، ودخل المستشفى الأمريكي في العاصمة الفرنسية، ولم يحدث تحسن في حالته الصحية على الرغم من الرعاية الفائقة، فعاد للقاهرة، وتوفى نتيجة نزيف دموي بالمخ في مستشفى المعادي العسكري، وكان ذلك في يوم الأحد الموافق 27 يوليو 2008، عن عمر يناهز82 عامًا، ودفن في مقابر عائلته بالإسكندرية، وكان مولده في نفس المدينة بيوم 25 يناير من عام 1926.

بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى