الأخبار

على شاشات التليفزيون والإنترنت: البركة فى «المغفلين»

 

دراسة وحيدة أعدها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول تكلفة الدجل والشعوذة فى مصر، قبل أكثر من 8 سنوات، تحدثت عن أرقام مهولة، من بينها أن هناك أكثر من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ ألف دجال فى مصر، وكان الشعب ينفق من 10 لـ١٥ مليار جنيه فى السنة الواحدة على النصب.

الدراسة التى لم تتكرر ولم يجر تحديثها، أشارت وقتها إلى أن ٥٠٪ من نساء مصر يعتقدن بقدرة الدجال، صحيح أن الأرقام لم تعد معلومة فى الوقت الحالى، لكن يمكن تخيلها ببساطة مع تحول دجالى «النصب بالقرآن» إلى نجوم على شاشات التلفاز، تحتل إعلاناتهم فواصل القنوات، وتحتل أرقامهم أسفل الشاشات، حتى إن مصر أصبحت مجالاً للاحتراف ونسمع عن «الشيخة فلانة المغربية» و«الشيخ فلان السودانى»، وجنسيات عدة أصبحت تجد مقابلاً جيداً للنصب على المصريين.

فى قرية شها فى المنصورة، يواصل أحمد المصرى عمله فى العلاج بـ«القرآن»، إلى جانب عمله الأساسى بـ«الحجامة»، المسألة ببساطة أن القرآن يتحول لديه إلى شىء ضرورى حين يتعلق الأمر بسحر أو مرض عضال، يقول: «مش دايماً الإنسان بيكون مريض، ممكن يكون مسحور، وده ليه علامات، زى عدم الاستجابة للبرامج العلاجية، والانتكاسة المستمرة فى العلاج، وسب الدين المستمر من المريض، والآلام الشديدة فى الجانب الأيسر مع نبض شديد فى أنحاء الجسم»، قليل من أعراض يعددها الرجل، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى علاج ضرورى بالقرآن لأنها تدل على «سحر قرين».

العلاج بالقرآن، بحسب المعالجين، يصلح لكل أنواع الأمراض الميئوس منها، فضلاً عن تأخر الإنجاب، وارتفاع ضغط الدم، وتعطل الزواج، والطلاق، وكل المشاكل الممكنة وغير الممكنة، يمكن لمعالج القرآن حلها بسهولة، مسألة يصدقها البسطاء والمثقفون أيضاً، فعبر إحدى مجموعات الدردشة بموقع التواصل الاجتماعى فى «سوبك»، طرح أحد المشاركين سؤالاً حول العلاج بالقرآن، لتبدأ الإجابات عليه من شباب جامعى وربات بيوت مؤكدة أنه مُجدٍ فى كثير من الحالات والأمراض المستعصية.

رد فعل مفزع، يفسره الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى، بأن العديد من النصابين ينجحون فعلاً فى علاج بعض الحالات بقوة الإيحاء، ومن هنا تبدأ الأسطورة. وثمة تناقض بين وصفهم بـ«النصابين» وقدرتهم الفعلية على الشفاء يشرحها «عبدالمحسن» بقوله: «بعض الأمراض البسيطة الهيستيرية والأوجاع الجسدية التى لها أساس نفسى، تذهب أحياناً إذا كان المعالج قوياً بالدرجة الكافية للإيحاء للمريض، وكثير من المشاكل الجسدية تتمثل فى اضطرابات فى النوم والجهاز العصبى نتيجة خلافات عائلية أو مشاكل حياتية أو خلافه، لذا يكون علاجها سهلاً بالإيحاء».

الخطورة، بحسب أستاذ الطب النفسى، لا تتعلق باستنزاف الأموال فقط، وإنما فى بعض المرضى ذوى الحالات الخطرة: «لما يكون مريض عنده تغيرات كيميائية فى المخ، أو محتاج علاج كيماوى أو دوائى ويروح لواحد بيوعده بعلاج من النوع ده، بالتأكيد هيتعب أكتر لأن المسألة هتتحول لتضييع وقت».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى