الأخبار

كيف يقرأ المثقفون الأحداث؟

5

 

 

 

  تاريخ النشر :٢٥ فبراير ٢٠١٣
تحقيق: زينب حافظ

أكد عدد من المثقفين بالمملكة وجود ثلاثة معسكرات على الساحة، معسكر الحكومة والموالين لها، والمعارضة الحقيقية التي تهدف إلى الإصلاح وتحقيق مطالب الشعب المشروعة ومحاربة الفساد والثالث هو المعسكر الإرهابي والتخريبي الذي ينهج المنطق الوجودي أنا أو الطوفان. ووصفوا ما يحدث في الشارع البحريني بانه لا يمثل ورقة ضغط على الحكومة من الناحية الاقتصادية، لأن دخل الحكومة من البترول والخدمات لن يتأثر، ولكن المتضررين هم صغار التجار الذين يحصلون على الدعم من تمكين التي تحصّل مواردها المالية من الحكومة، مؤكدين ان النشاط الإعلاني الذي يعدّ بمثابة المؤشر للأنشطة التجارية والصناعية والاقتصادية قد انخفض من 140 مليون دولار في عام 2010 إلى اقل من 100 مليون دولار في العام الماضي والذي يعكس ما تعرض له النشاط الاقتصادي في البحرين من خسائر جسيمة.
«أخبار الخليج» رصدت آراء مجموعة من مثقفي البحرين حول ما يحدث على الساحة في السطور التالية.
كانت البداية مع رئيس مجموعة ماركوم الخليج ورئيس جمعية المعلنين البحرينيين خميس المقلة الذي تحدث عن مدى تأثر سوق الإعلان بالأحداث قائلا: بالتأكيد تأثرت العديد من القطاعات الاقتصادية الهامة بالأحداث التي مرت بها البحرين، منذ فترة طويلة وخاصة بعد الأحداث الدامية والمواجهات المستمرة التي بدأت في فبراير عام 2011، والتي جاءت في خضم أزمة مالية عالمية وأوضاع سياسية عربية شائكة ومعقدة، ومن أهم القطاعات التي تأثرت سلبا القطاع العقاري والمشاريع العقارية والمقاولات والطيران والسفر والسياحة والمؤسسات المالية المصرفية، وقطاع الأسهم والترفيه والمؤتمرات والمعارض، ولو أخذنا النشاط الإعلاني كمؤشر للنشاط الاقتصادي خلال فترة الأحداث من فبراير 2011 إلى الآن، سنجد انه انخفض من 140 مليون دولار في عام 2010 إلى اقل من 100 مليون دولار في العام الماضي 2012 والذي يعكس ما تعرض له النشاط الاقتصادي في البحرين من خسائر جسيمة، لان الإعلان هو مؤشر النشاط الاقتصادي والتجاري والصناعي. وللنهوض بالاقتصاد يجب ان تتضافر جهود كل الأطراف والقيادة لكي تكون مصلحة الوطن فوق أي مصالح أخرى، وان تعيد كل الأطراف النظر في أولوياتها وتجمع كل أبناء هذا الوطن تحت راية التطوير والتعمير والبناء.
لحظة الحوار
فيما يقول دكتور علي فخرو ان اللحظة التي تعيشها البحرين حاليا هي لحظة الحوار الذي دعا إليه جلالة الملك وقبلته الغالبية الساحقة من الأطراف الرسمية والمدنية. وهي لحظة يجب ألا يعكر صفوها أحد على كل المستويات وفي كل الساحات.
في هذه الفترة التي تحتاج إلى تركيز شديد وتفكير هادئ عاقل يجب أن تتوقف كل الخطابات والأفعال والكتابات التحريضية الطائفية التي تستهدف هذه الفئة أو تلك من شعب البحرين، أو التي تسعى إلى تسميم أجواء الحوار لإفشاله، أو التي تضع شروطاً تعجيزية تدخل الحوار في مماحكات وتحرفه عن بحث النقاط المفصلية التي يجب أن يتعامل معها المتحاورون كأولويات وكمفاتيح لاستمرار البحرين في مسيرتها نحو الانتقال إلى نظام ديمقراطي عادل نص عليه الميثاق الوطني والدستور وأعداد كبيرة من الوثائق السياسية التي طرحتها بعض الجماعات المدنية السياسية مؤخراً.
من واجب الجميع إذا كانوا غيورين على مصلحة هذا البلد المثخن بالجراح ألا يشغلوا هذا المجتمع وهذا الشعب باجترار وتصيد الأخطاء التي ارتكبت من قبل الجميع، بأشكال كثيرة وبمستويات مختلفة، إذ ان أوان ذلك في المستقبل وليس في هذه اللحظة الحاسمة التي يجب أن تنجح في إخراج هذا البلد من الجحيم الذي يحرق الجميع. المطلوب الآن أن توضع البحرين فوق كل طائفة وكل حزب وكل قبيلة وكل جماعة نفعية وكل انتهازية سياسية وكل بوق إعلامي خبيث.
الحلول هي في نجاح الحوار الدائر الآن نجاحا وطنيا موحدا عادلا يسمو بشعب البحرين، وليس في ردود الأفعال التي لا تسمن ولا تغني أي ضمير حر شريف. ومن كان منا بلا خطيئة فليرجم حوار الأمل هذا بالكلمة الخاطئة أو بالموقف الخاطئ.
المعسكرات الثلاثة
ويرى خبير تطوير موارد بشرية وحيد البلوشي ان هناك ثلاثة معسكرات على الساحة، معسكر الحكومة والموالين لها، ومعسكر المعارضة الحقيقية (التي تهدف إلى الإصلاح والحصول على مطالب الشعب ومحاربة الفساد) والثالث هو المعسكر الإرهابي والتخريبي الذي ينهج المنطق الوجودي أنا أو الطوفان، فإذا كانت المعارضة الحقيقية تمثلها جمعيات الائتلاف الستة ومن بينها الوفاق ومن والاهم، فيجب عليهم في هذه الفترة أن يضعوا أيديهم في أيدي الحكومة لمواجهة العنف والتخريب، مؤكدا ان الحوار أو النقاش أو التفاوض أيا كان الاسم لن يأتي بثماره إلا إذا توقف التخريب وكان هناك شعور بالأمان وإلا فلن يكون للإنسان وجود على الأرض في حال استمرار العنف.
وعن تأثير العنف والتخريب على الحكومة يقول البلوشي: ما يحدث في الشارع البحريني لا يمثل ورقة ضغط على الحكومة من الناحية الاقتصادية، لان دخل الحكومة من البترول والخدمات لن يتأثر، ولكن المتضررين هم صغار التجار، الذين يحصلون على دعم من تمكين، التي تحصل بدورها على الدعم من هيئة تنظيم العمل والحكومة، وفي النهاية نجد ان دخل المواطن من الناتج القومي يذهب لتعويض المتضررين جراء الأحداث، فإذا كانت المعارضة تدّعي أنها تطالب بحقوق المواطن، نريد ان نعرف من هو هذا المواطن، هل هو الذي يعمل في وظيفة حكومية ولن يتضرر من الركود الاقتصادي؟ أم الذي يعمل في التجارة بمختلف مستوياتها؟ ولذلك أرى ضرورة العمل على إيقاف أي تخريب يحدث في الشوارع والميادين، وان تستنكر جمعية الوفاق والمرجعيات الدينية ما يحدث وان يقفوا أمام هذا العنف لمنعه لان المتضرر الوحيد هو المواطن ذو الدخل المحدود.
وعن توقعاته للفترة القادمة يقول وحيد البلوشي: أنا دائم التفاؤل وعندما انظر إلى تاريخ الأمم المليء بمناطق مظلمة، أرى أنها لا تبقى ابد الدهر في ظلام الاضطرابات والثورات، وما نمر به في الوقت الحالي ليس إلا مجرد أزمة وسوف تمر، ولكن المشكلة في كيفية التعامل بين أفراد المجتمع، وكيف سيتعايشون مع بعضهم البعض.
الرفاهية الاقتصادية
أما عضو مجلس الشورى لولوة العوضي فتقول: لا يوجد استقرار اقتصادي من دون استقرار سياسي، فالمطالب السياسية ليست الهدف بحد ذاتها، ولكننا نطالب بإصلاحات سياسية لأنها مدخل لتحقيق الرفاهية الاقتصادية و الرفاهية الاجتماعية اللتين تؤديان إلى تحسن مستوى معيشة الفرد، ولا يوجد اختلاف على هذا، فالبلدان التي تعاني من عدم استقرار سياسي على وشك الانهيار والإفلاس، فالسياسة ليست مطالب سياسية بحد ذاتها، فالإنسان العادي لا يهمه الاختلاف على الأنظمة السياسية والدستورية ولا من سوف يجلس على الكرسي، ولكنه يطالب بالرفاهية الاقتصادية، وللأسف المعارضة في الدول العربية لا تنظر إلى مطالب المواطنين واحتياجاتهم، ولكن هدفها كيف تصل إلى الحكم أو تتقلد المناصب، والاستقرار الاقتصادي معدوم في أجنداتهم.
وتشير العوضي إلى ان الهدف من الحوار هو التسوية، والوصول إلى الحلول الودية، وبالتالي يجب على الطرفين تحديد ماهي الطلبات وماهي الثوابت التي لا يجب التنازل عنها، أما الطلبات فيمكن الوصول فيها إلى حلول بشرط الا ترتبط بالمصالح الشخصية والأيديولوجية، ولكن لا بد ان ترتبط بما يدور في محيطنا الداخلي والعربي، نظرا الى ان المطالب والثوابت مرتبطة بالواقع البحريني وبجب ان نبتعد بها عن الأهواء والمصالح من قبل الطرفين المتحاورين، اللذين يجب أيضا نصب أعينهما ان ما يريده المواطن البحريني هو تحسين مستوى المعيشة، ولذلك لا بد من وجود آليات سياسية واقتصادية تحسن الوضع القائم ولا تؤدي إلى انهيار ما بنيناه.
وفي ختام حديثها تقول العوضي: أطالب الجمعيات السياسية بإعادة النظر في قراراتها، مع ضرورة نبذ العنف الذي يجب ان يكون محورا هاما من محاور النقاش، بل من أهمها، وإدراج هذه النقطة الهامة في الحوار خطوة كبيرة للوصول إلى مصارحة ومصالحة بينهم وبين المواطنين، لان العنف لا يولد سوى العنف وفي النهاية الحوار هو الحل لكل المشكلات.
مرآة الوطن
فيما يؤكد الإعلامي حسن كمال ان الأحداث الحالية ما هي سوى فترة عصيبة وسوف تمر، لأننا جزء من الوطن العربي الذي تعصف به تغيرات واختلافات، والتي سوف تسفر في النهاية عن تقدير لقيمة الحياة، التي لا نستشعر معناها إلا في حال فقدنا الأمن والأمان، مشيرا إلى انه على الرغم من الظروف الحالية فان مملكة البحرين ستستقبل قريبا مهرجان ربيع الثقافة.
ويكمل كمال قائلا: الثقافة هي مرآة الوطن والمواطنين لأنها تقيس مدى مستوى التحضر والرقي، وعندما نعطي الثقافة الاهتمام اللائق ونعيش بانفتاح ومحبة وتسامح، سوف نقبل الحوار بجميع أشكاله مع جميع الطوائف والجنسيات والمعتقدات والألوان، لأن الثقافة تجمع بين الجميع إذ انها بلا تعصب أو جنسية فهي زاد الجميع، وخميلة يستظلون بظلالها فهي المعاني الجميلة في الحياة، ونأمل مع اقتراب ربيع الثقافة ان تصبح البحرين واحة الأمن والأمان والاستقرار كي يستمتع الجميع بأجواء الربيع القادمة ونتطلع إلى جماليات الحياة بكل صورها بدون صراعات على أي شيء أيا كان، ونهتم بالثقافة لأنها دعائم الحضارات إذ لم يبق من ذكرى الأمم سوى آثارها الحضارية التي جسدتها الفنون في كل البلدان.
هدم المجتمع
أما مدير مكتبة الشيخ عيسى الوطنية الدكتور منصور سرحان فيقول: كل ما يهمني فيما يحدث الآن هو ما وصلنا إليه من بروز النبرة الطائفية ممثلة بأقلام طائفية وأشخاص طائفيين يحاولون تمزيق وحدة المجتمع، هؤلاء الذين يصرفون كل وقتهم لهدم نسيج المجتمع المحلي بكل ما اوتوا من قوة، يجب عليهم ومن أي طائفة كانوا الكفّ عن تلك التصرفات التي تهدم ولا تبني، وارى ان الحوار هو المخرج الوحيد مما تمر به البلاد من ظروف، ولنا ان ننظر إلى دول العالم التي حدثت فيها انقسامات وأدت تلك الانقسامات إلى نزاعات وأعمال عنف، إلا ان ذلك لم يحل المشكلة وإنما كان الحوار هو الأسلوب الأمثل لحلّ المشكلة، ولنا في ذلك مثال الحالة الايرلندية.
ويكمل د. سرحان: لقد دعم المجتمع الدولي بادرة الحوار التي أطلقها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، فإذا خلصت نوايا الجميع فسوف يؤدي هذا الحوار دورة وسيكون له نتائج ايجابية وملموسة تحلّ بشكل نهائي جميع المشاكل التي تعرضت لها البلاد، وهنا أود ان أقول ان نتائج الحوار الايجابي سوف تقضي على فكرة الغالب والمغلوب والخاسر والرابح لأننا إما ان نربح جميعا وإما نخسر جميعا.
ويرى الأستاذ بالجامعة الدكتور عيسى قمبر ان ما يحدث على الساحة له سلبياته على الاقتصاد وان أفضل ما يمكن الوصول إليه هو الانخراط في الحوار الجاد الذي يصب في مصلحة المواطنين والمقيمين ويعيد إليهم الأمان، والنظر إلى مصلحة الوطن في المقام الأول، مشيرا إلى تفاؤله بالحوار، مؤكدا ضرورة التريث وتقبل الآخر كي نصل إلى نقاط ايجابية عن اقتناع وتفهم للواقع، لان العنف سوف يؤدي إلى المزيد من المشاكل.
رفض العنف
ويجزم المدير التنفيذى لصيدليات البحرين ووكيل وزارة الكهرباء سابقا الدكتور عبد المجيد العوضي بأن الأحداث التي ألمت بمملكة البحرين منذ عام 2011 تركت آثارها السلبية على القطاع الاقتصادي بنسبة 100%، لان التاجر لا يستطيع توزيع بضائعه على مستحقيها في ظل عدم وجود أمان في الشارع، والاستقرار الأمني سوف يؤدي إلى التوسع التجاري، مما سيرفع من اقتصاد الوطن ككل وسيقضي على البطالة، مشيرا إلى أنهم يملكون 10 صيدليات، ويتأثرون كثيرا عندما يكون هناك قطع للطرق ومسيل للدموع واحرق إطارات، فان نسبة البيع تصبح صفرا.
ويؤكد العوضي ضرورة ان يسود الهدوء في الشارع البحريني إلى ان ينتهي الحوار ويسفر عن نتائج ترضي الجميع، وفي حال اعتراض أي من المتحاورين على النتائج هناك منافذ أخرى يمكنهم اللجوء إليها للتعبير عن آرائهم وإيصال مطالبهم، بدلا من اللجوء إلى العنف، موضحا انه ترك الوظيفة الحكومية وانتقل إلى العمل بالقطاع الخاص مع بداية الأحداث، وفي شهري ابريل ومايو ساد الهدوء وبدأ الاقتصاد في التحسن، ولكن مع بداية عام 2013 بدأت الأزمات والعنف يصلان إلى ذروتهما، مما سيعود بالخسارة على الجميع، آملا ان يسفر الحوار عن نتائج ايجابية، وينصح بأن يدخل في الحوار من يتقبل الجهات الأخرى، لا ان يدخل كل طرف وهو متحفز للآخر، ويريد الحصول على اكبر قدر من المكاسب لان في النهاية المكاسب سوف تصب في صالح الوطن والمواطن أيا كان الطرف الذي استطاع الحصول على الموافقة بتحقيقها، وبذلك لن يكون هناك منتصر أو مهزوم لان الجميع سوف يستفيد، مؤكدا تفاؤله بزوال الغمّة قريبا وذلك بتعاون وتقارب الطرفين اللذين يمثلان المعارضة والحكومة، لثقته بان شعب البحرين لن يسعى إلى تدمير الوطن.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى