الأخبار

فى صراع «الحرب الهجينة»..

 

19

تمثل العملية الأخيرة للقوات المسلحة فى سيناء «حق الشهيد» تتويجاً لخططها فى الحرب الدائرة هناك بعد مواجهة واسعة ومباشرة منذ ما يزيد على سنتين، تتصف بأنها غير تقليدية، بل هى ذات طبيعة نوعية مستجدة تماماً على قاموس المهام التى تكلف بها الجيوش، مما يستدعى بناء خبرات جديدة فى أساليب ومعدات القتال ويتطلب أيضاً إرادة قوية تهدف بالدرجة الأولى إلى القضاء على الإرهاب وليس تثبيته والإقلال من تأثيره، وهذا ما تسعى إليه الدولة المصرية حكومة وشعباً، ونظراً للطبيعة المعقدة لهذه النوعية من الحروب أصبحت تسمى -فى اصطلاح جديد- باللامتماثلة التى تطورت صيغتها الأحدث لدى العناصر المارقة الخارجة على الشرعية لتتجاوز الجيل الخامس من الحروب إلى ما صار يعرَف بـ«الحرب الهجينة»، وهذه هى العقيدة القتالية التى تتبناها عصابات قوى الإسلام السياسى المسلحة فى سيناء، مما جعل التصدى لها يزداد صعوبة وعنفاً. وتعتبر العملية التى بدأت من صباح الاثنين 7 سبتمبر أكبر هجوم برى وجوى تشهده سيناء منذ حرب أكتوبر 1973 كخطوة متقدمة نحو حسم المعارك المحتدمة ضد الإرهاب.

تعتمد الحروب الهجينة على وسائل الاتصال الحديثة وتشكيلات الإرهابيين التى تذوب وسط التجمعات السكانية

الحرب الهجينة الأكثر شراسة وتعقيداًعلى مدار تاريخ حروب العصابات

تعتبر الحرب الهجينة النقلة النوعية الأكثر تحولاً جذرياً وخطورة بسبب تغير أدواتها وأساليب عملها على الأرض باستخدام تكتيكات جديدة وأسلحة فائقة القدرات، وفى الفضاء الإعلامى باستغلال تكنولوجيا الاتصالات والوسائط المختلفة عبر شبكة الإنترنت وبعد النجاح المبهر لحزب الله فى جولة صراعها مع إسرائيل عام 2006 عندما تبنى مقاتلوه تكتيكات حرب العصابات مستخدمين صواريخ مضادة للدروع والسفن بنجاح، كما استطاعت صواريخه تهديد الجبهة الخلفية للعدو ونجحت وسائله الإعلامية فى تحقيق نصر معنوى وتمكن من اختراق أجهزة اتصال العدو والتجسس على خططه وتحركاته ومنعه من اختراق صفوفه مما أوقع الجيش الإسرائيلى فى ارتباك كبير أدى إلى هزيمته ميدانياً، ولقد لفت نظر قوى الهيمنة هذه النوعية الهجينة لتقوم بإعادة إنتاجها فى الدول التى يراد محاربتها وإعادة صياغة أنظمتها السياسية سواء بالتفتيت، كما يجرى الآن فى سوريا والعراق، أو خلخلة نظام الدولة وتماسك بنيتها الوطنية والسياسية، كما تمت المحاولة الفاشلة فى مصر. وتتلخص خصائص الحرب الهجينة بصفة عامة فى النقاط التالية:

1 – استخدام أسلحة متطورة تكنولوجياً ذات قدرات فائقة مثل المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات وصواريخ الدفاع الجوى المحمولة فوق الكتف والمواد المتفجرة ذات قوة الانفجار الهائلة.

2 – استخدام وسائل الاتصال والتنصت الحديثة التى لا تتوافر إلا فى جيوش الدول المتقدمة وتقتصر أحياناً على الدول العظمى، ويكشف هذا الوضع طبيعة تداخل علاقات الإرهاب فى الشرق الأوسط تحديداً مع هذه القوى.

3 – تتعمد تشكيلات العناصر الإرهابية الذوبان وسط التجمعات والمناطق الآهلة بالسكان وتمارس عليها النفوذ بالمال والتخويف.

4 – فى الغالب تكون الجماعات الإرهابية عابرة للدولة القومية وترتبط بشبكات إقليمية تمثل ظهيراً مهماً فى مجال الاستخبارات والتدريب والإمداد بالأفراد والمال والسلاح.

5 – استخدام أساليب إرهاب كارثية للترويع كالعربات المفخخة بكميات ضخمة من المتفجرات والعمليات الانتحارية واللجوء إلى القسوة فى قتل المدنيين العزل بطرق همجية وشنيعة كالذبح والحرق والإلقاء من أماكن مرتفعة.

6 – المزج بين أساليب وتكتيكات الحرب التقليدية وحروب العصابات عند الهجوم على الوحدات والمواقع العسكرية.

7 – التهديد المستمر لاستقرار الدولة وتعطيل دولاب عملها.

8 – فتح القنوات مع الميديا بتعدد أشكالها واستخدام شبكات التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت لتغطية عملياتها إعلامياً.

9 – نشر الشائعات والأكاذيب وترويج المغالطات لحشد الدعم المعنوى بين عناصرها وأنصارها وهدم الثقة والروح المعنوية بين المواطنين.

10 – التعاون مع عصابات الجريمة المنظمة فى التجارة غير الشرعية للآثار والبترول وتهريب الأفراد والسلاح.

ملامح الحرب الهجينة لدى إرهابيى سيناء

ورغم أن عناصر الإسلام السياسى المسلحة اعتمدت بشراسة ممنهجة أساليب وتكتيكات الحرب الهجينة فى شمال سيناء فى سابقة جديدة لم تواجه مثلها من قبل الأجهزة الأمنية فى مصر، فإن القوات المسلحة المصرية استطاعت بناء استراتيجيتها الخاصة تأسيساً على خبرات الممارسة العملية على الأرض وطورت فرعاً لمدرستها فى العقيدة العسكرية وما استتبع ذلك من تعديل فى قواعد خدمة الميدان بما يلائم هذه الحالة المستجدة التى سبق أن أنهكت مثيلتها الأقل حلف الناتو بقيادة ومشاركة أمريكية واسعة فى أفغانستان وإنهاء عملياتها التى استمرت سنوات طويلة دون القضاء المبرم على عناصر طالبان والقاعدة رغم تسخير الولايات المتحدة لإمكانيات بشرية وتكنولوجية هائلة فى عملياتها هناك، ودون مبالغة فإن عملية «حق الشهيد» تعتبر بداية النهاية لعناصر الإسلام السياسى الإرهابية فى سيناء وهى عملية شاملة شنتها القيادة الموحدة لمنطقة شرق قناة السويس تشارك فيها عناصر من قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين مدعومة بعناصر من القوات الخاصة (الصاعقة) وقوات التدخل السريع ووحدات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة المدنية وتتواصل العملية تحت غطاء جوى كثيف فى مداهمة البؤر الإرهابية والقضاء على العناصر التكفيرية التى تتحصن بها مع تكثيف إجراءات تأمين الأهداف الحيوية والمرافق والممتلكات العامة والخاصة بمناطق العريش والشيخ زويد ورفح والطرق المؤدية إليها. وتتمثل الحرب الهجينة لدى عصابات الإرهاب فى شمال سيناء فيما يلى:

1 – استخدام أسلحة مضادات أرضية للطائرات والهليكوبترات من رشاشات خفيفة أو صواريخ حرارية تُحمل فوق الكتف مثل صواريخ «استريللا»، ولقد نجحت هذه الأسلحة مرة واحدة فقط من قبل فى إسقاط إحدى طائرات الهليكوبتر والغرض فى استخدامها هو تأمين العناصر الإرهابية من هجوم الطائرات الأباتشى تحديداً بتقليل فرصها فى الاشتباك من ارتفاعات منخفضة وبالنسبة للرشاشات تم تثبيتها على عربات الدفع الرباعى أو النصف نقل.

استراتيجية الجيش فى شمال سيناء تعتمد على خبرات الممارسة العملية على الأرض بما يلائم الحروب الجديدة

2 – استخدام الأسلحة المضادة للدبابات وناقلات الجنود المدرعة لتعطيل قوات الإسناد التى تتحرك من أماكن تمركز قريبة وقد تسلح الإرهابيون بصواريخ «كورنيت» وهى نوع من صواريخ المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات ذات كفاءة فى إصابة الأهداف واستخدمت مع الآربيجيهات فى ضرب تحصينات الأكمنة والحواجز ونجح استخدامها فى إصابة لنش مرور بحرى.

3 – الاعتماد على عربات الدفع الرباعى فى التحركات للتغلب على طبيعة الأرض الصحراوية فى مسرح العمليات توقياً لاحتمالات الغرز فى الأراضى الرملية وإتاحة سرعات عالية عند الانسحاب وإمكانية تحميل أسلحة تزيد فى أوزانها على الأسلحة الصغيرة من بنادق ورشاشات خفيفة.

4 – استخدام نوعية من المتفجرات مثل السى فور ذات القوة التفجيرية التى تفوق بدرجة كبيرة للغاية المتفجرات التقليدية وقد تمت محاصرة استخدامها من الدول الكبرى وتجريم استخدامها بسبب خطورتها وعدم قدرة أجهزة الكشف التعرف عليها وقد استخدمها إرهابيو سيناء فى العربات المفخخة وأحزمة الانتحاريين الناسفة.

5 – عن طريق شبكات الإسلام السياسى العابرة للدولة القومية يتوفر لهذه العصابات دعم مالى يتم ضخه بسخاء حتى تستطيع مواجهة أعباء الإعاشة وتغطية تكاليف التحرك والانتقال وصرف المرتبات لعناصر معينة وتوفر هذه الشبكات إمكانيات لوجيستية كبيرة لا تتوافر إلا للقوات النظامية فى الجيوش مع الأخذ فى الاعتبار أن وصول الكميات الهائلة من الأسلحة والمعدات إلى هذه العصابات عملية لا تقدر عليها جهود فردية أو محلية.

6 – مستويات التدريب العالية والمعقدة فى استخدام الأسلحة والمعدات من أجيال حديثة يتولى القيام على التدريب بها عناصر كفؤة على صلة بجيوش خارجية أو أجهزة مخابرات وأنظمة حكم.

7 – أجيال معدات الاتصال المستخدمة فى العمليات الإرهابية حديثة وتحقق مستوى عالياً من قدرات السيطرة الميدانية والاتصال بجهات الدعم الخارجية لأنها ذات مدى وحساسية كبيرة فى الإرسال والاستقبال وإمكانيات متقدمة فى التشفير والتكويد والتنصت.

8 – تمتلك هذه التنظيمات إمكانيات دعائية تعتمد على تصوير عملياتها وإعادة بثها على شبكات التواصل الاجتماعى وتحقيق السبق بها لدى الفضائيات العميلة والمعادية وبث الأكاذيب والشائعات لخفض الروح المعنوية وبلبلة الرأى العام.

9 – القيام بعمليات قتل وترويع منهجية تتصف بالوحشية ضد المدنيين العزل والرافضين لفكرهم والجنود غير المسلحين أثناء نزول الإجازات والعودة منها.

خفايا منطقة الصراع

قبل استعراض التحليل الخاص بالعملية الأخيرة تجدر الإشارة إلى سبب اختيار ما يسمى «أنصار بيت المقدس» لهذه المنطقة تحديداً للتمركز والانتشار فيها فى أقصى الشرق من محافظة شمال سيناء وهى المنطقة الملاصقة لقطاع غزة فى رفح والشيخ زويد حتى العريش، فقد اقترح «جيورا إيلاند» مستشار الأمن القومى الإسرائيلى الأسبق اقتطاع مساحة من تلك المنطقة تقدر بنحو 600 كيلومتر مربع تمتد بعمق 30 كيلومتراً من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الجنوب على امتداد 20 كيلومتراً فى اتجاه الغرب على الشريط الساحلى حيث تلحق هذه المساحة بقطاع غزة لإنشاء غزة الكبرى الصالحة لبناء مطار دولى وميناء بحرى ومدينة سكنية تتسع لمليون نسمة، وكان هذا المشروع حجر الزاوية فى الاتفاقات التى تمت بين الإخوان المسلمين وأمريكا مقابل وصولهم إلى سدة الحكم. وفى إطار هذا الاتفاق قامت إسرائيل فى السنة التى حكم فيها الإخوان مصر بضخ كمية هائلة من الأسلحة عبر غزة إلى جماعات الإسلام المتواطئة مع الإخوان والتى حظيت برعايتهم فى شمال سيناء إضافة إلى غل يد الأجهزة الأمنية عن التصدى لهم تمهيداً لإعلان ولاية إسلامية فى المنطقة التى سبق أن اقترحها مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، ويعقب ذلك تنازل حكومة الإخوان عن هذه المنطقة لصالح القطاع ومن المفارقات اللافتة أن إسرائيل تطالب حماس الآن بالأسلحة التى سلمتها لها فى فترة حكم مرسى خوفاً من أن تستخدم ضدها مستقبلاً بعد أن علمت تل أبيب عن طريق عملائها فى القطاع أن بعض الأسلحة احتجزت لدى حماس ومع بدء انهيار أنصار بيت المقدس بدأ الشحن العكسى لما يمكن شحنه من الأسلحة والمعدات إلى غزة.

إسرائيل تطالب «حماس» الآن بالأسلحة التى سلمتها إليها فى فترة حكم «مرسى» خوفاً من أن تُستخدم ضدها مستقبلاً

الإعداد للضربة الرئيسية والتمشيط

كانت العملية الإرهابية الكبرى فى الأول من يوليو التى تمت على نطاق واسع فى العام الحالى 2015 نقطة تحول فاصلة فى الصراع الدائر فى المنطقة التى ينتشر فيها الإرهابيون من شمال سيناء، متصورين أنهم يستطيعون خلالها السيطرة على منطقة من الأرض يعلنون فيها الانفصال عن الدولة المصرية استكمالاً لمخطط خارجى يمدد بؤر ما يزعم بالدولة الإسلامية بعد سوريا والعراق وليبيا لتكون مصر هى المحطة الجديدة بنفس المنهج الذى تبنته داعش التى انطلقت عملياتها بدعم مالى من قطر وتسهيلات لوجيستية من تركيا برعاية أمريكية، وليس أدل على ذلك من السفينة المحملة بالأسلحة من تركيا التى صادرتها اليونان فى الأسبوع الأول من هذا الشهر أثناء توجهها إلى فرع داعش فى ليبيا تحت أعين الأسطول السادس والأقمار الصناعية الساهرة 24 ساعة التى تمسح المنطقة، ومثلها من قبل السفن والطائرات التى أفرغت عملاء أجانب وإمدادات ضخمة من الأسلحة، وقد فات على من خططوا لهذه العملية الكبرى أن القوات المسلحة المصرية -على عكس جيوش الدول التى نجحت فيها داعش- ذات بنية صلبة ومتماسكة وقدرات قتالية وعملياتية فائقة أكبر من أوهام المتربصين، مما أوقع خسائر جسيمة فى صفوف الإرهابيين، والأهم أن القوات المسلحة لم تكتفِ بإفشال العملية الإرهابية الكبرى فى الأول من يوليو لكنها قامت بما يسمى فى العلم العسكرى باستغلال النجاح وإدارة عملية هجومية متواصلة أسفرت عن تصفية أعداد كبيرة من العناصر المارقة وإلقاء القبض على الكثيرين وتشرذم الفلول الهاربة، ومنذ ذلك الحين تراجعت تنظيمات الإسلام السياسى للتحول إلى موقف الدفاع السلبى، والدليل على ذلك اختفاء العمليات الإرهابية المعتادة عدا بعض الأعمال الهزيلة غير المؤثرة، ومن هذا الوضع انتقلت القوات المسلحة إلى مرحلة التطهير والسيادة الميدانية الكاملة بعد مراحل مدروسة من الجهد الدؤوب والمتواصل تمثلت فى الآتى:

المرحلة الأولى

1 – حشد القوات اللازمة لإيقاف تمدد عصابات الإسلام السياسى المسلحة على الأرض وتقييد تحرك عناصرها من وإلى مناطق تمركزها رغم كل أشكال العنف التى كانت تتعرض لها عناصر القوات المسلحة من عمليات غير نمطية تحمّلها الأفراد ببسالة وصبر عليها القادة بقوة أعصاب دون اندفاعات غير محسوبة لمراحل يجب أن تتم بهدوء لتحليل هذه النوعية الجديدة من الحرب (الحرب الهجينة) ذات الطابع الإشكالى بالنسبة للجيوش مهما بلغت قوتها وصولاً للإجراءات والأساليب الصحيحة لمواجهتها.

2 – إنشاء قيادة مركزية جديدة استجدت على الهيكل التنظيمى للقوات المسلحة بعد اجتماع مطول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ترأسه الرئيس عبدالفتاح السيسى عين لها اللواء أسامة عسكر الذى ترقى إلى رتبة الفريق لتعزيز صلاحياته كقائد للقيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة، وبهذا تفرغت قيادة كفؤة تتوافر لها الصلاحيات وتصب عندها نتائج التحليل والدراسة واتخاذ القرار بشأن الخطوات المستقبلية بالإضافة إلى تذليل الصعوبات التى تواجه الجيشين الثانى والثالث الميدانى بما يحقق تركيز الجهود بصورة فعالة لتوجيه ضربات أكثر حسماً وقوة ضد عناصر الإرهاب من خلال السيطرة الميدانية على كافة المهام والاتجاهات وسرعة اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب بما يتطلبه من دعم الأفرع الرئيسية والتشكيلات التعبوية.

3 – إخلاء المنطقة المتاخمة من الحدود مع قطاع غزة للسيطرة على عمليات دعم العناصر المسلحة بكل أشكالها المختلفة عسكرياً وإدارياً بما فى ذلك علاج المصابين وهروب العناصر المطاردة من الإرهابيين حيث يتم كل هذا من خلال الأنفاق، ونظراً لكثافتها وحفرها بأطوال تصل أحياناً إلى أكثر من 2 كيلومتر داخل الأراضى المصرية لذلك تم تعديل الإخلاء لمسافات أكبر. ومن المعروف أنه كانت داخل بعض الأنفاق مراكز متطورة لإدارة العمليات وإمكانية تحرك العربات بكافة أنواعها.

4- إغلاق مداخل ومضايق المناطق الجبلية بقوات دائمة الوجود ووضع خطة من المدفعيات لتغطية الممرات ومناطق الأهمية الخاصة بنيران فورية وسريعة مع اكتشاف أى عدائيات.

* المرحلة الثانية

1 – عززت القوات فى هذه المرحلة الانتقال للإجراءات النشطة التى بدأت من خلالها عمليات الحصار المباشر لعناصر الإرهاب بإعادة توزيع القوات وتعديل بعض أماكن الكمائن الثابتة وإعادة تحصينها وتكثيف أعداد كبيرة من الكمائن المتحركة المفاجئة فى أماكن متغيرة.

2 – تشكيل مناطق تمركز لاحتياطيات مكونة من دبابات وعربات نقل جند مدرعة تم توزيعها فى أماكن حاكمة تكون مهمتها تقديم الدعم بالقوات والنيران للقوات التى تتعرض لهجمات فى الكمائن أو الوحدات المنتشرة ومطاردة عناصر الإرهاب عند انسحابها وبعد قيام الإرهابيين بزرع الألغام والعبوات المتفجرة على طرق ومدقات التحرك زودت الاحتياطيات بكاسحات ألغام لتأمين التحرك على الأرض.

3 – استخدام القوات الجوية بمعدلات أكبر، حيث وظفت طائرات الهليكوبتر فى تقديم المعاونة النيرانية للقوات ومطاردة عناصر الإرهاب والاستطلاع اللحظى عن أوضاع العناصر المعادية أثناء الاشتباكات كما قامت طائرات الاستطلاع برفع صور جوية لمناطق التهديد فى مسرح العمليات.

4 – بدء عمليات الاستطلاع بالقوة من أجل القبض على عناصر من مستويات مختلفة من الإرهابيين للحصول على المعلومات وتأكيدها مع الوسائل الأخرى، كما بدأت المخابرات عمليات اختراق لصفوف التنظيم وجمع المعلومات من السكان المحليين.

5 – مع انتهاء هذه المرحلة تم الانتهاء أيضاً من تدريب مجموعات قتال خاصة من قوات المشاة قادرة على القيام بمهام نوعية تتمثل فى اقتحام الأوكار المسكونة بالمسلحين وتطهير مناطق الأحراش والاختراق الآمن للبؤر الكامنة المختبئة فى المناطق السكنية وتفتيش الأنفاق المكتشفة.

* المرحلة الثالثة

1 – بدأت قبل عملية حق الشهيد بعدة أيام، حيث تم تجميع وتحليل كافة وسائل المعلومات من الاستطلاع الجوى والأرضى والأجهزة الأمنية من أجل تأكيد معلومات دقيقة عن أوكار ومخابئ الإرهابيين ومخازن السلاح والذخيرة والتصوير الدقيق للمداخل والمخارج والمخابئ التبادلية فى حالة الإفلات من المداهمة، وانتهجت القوات المسلحة طوال مراحل الصراع التكتيم الكامل لتفاصيل المعارك والمعلومات لحرمان العناصر المعادية من إمكانية بناء تصور للخطط والأساليب المتبعة ضدها.

عمليات استطلاع الجيش اهتمت بضبط عناصر من مستويات مختلفة من الإرهابيين.. والمخابرات اخترقت صفوف التنظيمات

2 – تم التركيز فى التوقيت الدقيق قبل بدء عملية حق الشهيد على إحباط عمليات الاستطلاع المضاد وجمع المعلومات للعناصر المعادية وبعملية مخابراتية نوعية مباغتة تم الإيقاع بقيادة رئيسية للتنظيم المسلح والحصول منها على معلومات خطيرة وتأمين سماء المنطقة من تحليق الطائرات بدون طيار التى تقوم بالتجسس وإسقاطها ونتيجة لهذه الخطوات والإجراءات تم إخفاء نوايا الهجوم.

3 – فى صباح يوم الاثنين 7 سبتمبر قامت القوات التى تم حشدها من الأفرع المدربة تدريباً خاصاً والمهيأة لعمليات نوعية وعناصر الدعم من الأسلحة المشتركة فى البر والجو بالهجوم على نطاق واسع بأعداد كبيرة بمداهمة مواقع وأوكار الإرهابيين ونظراً لتوافر معلومات دقيقة عن انتشار العناصر وأماكن وجودها وأساليبها فى القتال أوقعت عملية حق الشهيد خسائر جسيمة فى صفوف الإرهابيين.

4- واعتماداً على المعلومات نجحت القوات طبقاً للخطة فى تدمير مخازن بها أكثر من عشرة أطنان من المواد المتفجرة بما فيها مادة السى فور شديدة الخطورة والمواد الكيماوية المستخدمة فى صناعة العبوات الناسفة، كما تمت مصادرة كميات ضخمة من الأسلحة على اختلاف أنواعها وعربات الدفع الرباعى المجهزة للعمليات العسكرية والدراجات النارية المستخدمة فى العمليات الفردية وكميات هائلة من المخدرات التى تستخدم حصيلة بيعها فى تمويل عناصر الإرهاب وكذا تدمير مبانٍ ومواقع معدة للاستخدام.

5 – طوال فترة عملية حق الشهيد استخدمت طائرات الأباتشى بكثافة فى تقديم المعاونة النيرانية القريبة للقوات ومطاردة العناصر التى حاولت الهروب وتدمير مناطق التحصينات التى تستخدم لمحاولة إعاقة القوات والاستطلاع اللحظى لنشاط العناصر الإرهابية أثناء الاشتباكات.

6 – تم استخدام نيران المدفعية بضرب قطاعات مدققة للنيران على البؤر ذات التجهيز الميدانى كتمهيد نيرانى لشل حركة الإرهابيين قبل هجوم قوات المشاة والصاعقة ومجموعات الاقتحام واستخدمت المدفعية الضرب المساحى فى الأراضى المفتوحة لمنع حركة المركبات والعناصر المترجلة.

7 – اتخذت العملية التى تستمر على مدار 24 ساعة يومياً أسلوباً جديداً يتفق مع أهدافها فى القضاء التام على عناصر الإرهاب فى المنطقة فبعد تطهير منطقة من الإرهابيين وإجراء التمشيط النهائى والتأكد من خلوها من أى عناصر معادية تترك القوات المسلحة قوات تأمين كافية فى المناطق التى تم تفريغها من الإرهاب لمنع العناصر المعادية من العودة إليها.

8 – خلال العمليات المتواصلة يتم إلقاء القبض على عناصر من المنخرطين فى الإرهاب يساعد استجوابهم على تجديد المعلومات التى تقارن بمعلومات الأجهزة الأمنية، ما يساعد فى اتخاذ إجراءات صحيحة لتطوير الهجوم.

لا تعنى المرحلة الأخيرة الانتهاء قريباً من الإرهاب المسلح فى شمال سيناء ولكنها تكشف أن تسلسل الصراع دخل الآن منعطف بداية النهاية فى الطريق نحو الانتهاء من هذا الطاعون الأسود الذى أريد به تدمير البنية السياسية والاجتماعية للمصريين، كما تظهر المرحلة الحالية فى الحرب ضد الإرهاب المسلح قدرة القوات المسلحة المصرية على تطوير أدائها ليتناسب مع التهديدات الجديدة التى تتطلب رؤية مغايرة لأعمال القتال الكلاسيكية وقدرة سريعة على بناء خبرات متجددة تضع الحلول الناجحة للتغلب على الحرب الهجينة التى أربكت كل مدارس الاستراتيجية العسكرية فى العالم.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى