الأخبار

المتآمرون لن ينجحوا في توريط “السيسي”

 

287

 

يوم «السبت» الماضي نشرت الزميلة «الشروق» خبراً في صدر صفحتها الأولي بعنوان «اقتراحات بتعديل الدستور لتعزيز صلاحيات الرئيس»، وأن البرلمان يتولي تمرير التعديلات، وتقارير أمنية تستبعد أية معارضة شعبية قوية للخطوة..

هذا الخبر الذي كان «مانشيت» الصحيفة، لم تصدر بشأنه تعليقات أو توضيحات من مؤسسة الرئاسة أو غيرها حتي كتابة هذه السطور.. وفي الحقيقة لقد أصابني بالفزع الشديد، لأن فحواه يعني إضافة صلاحيات جديدة في الدستور إلي رئيس الجمهورية، وأن الدستور الذي صاغته لجنة الخمسين وتم إقراره بأغلبية كبيرة لا يناسب حال البلد.
مصر التي بدأت أولي خطوات بناء دولة المؤسسات من خلال خريطة المستقبل التي حددت ثلاثة استحقاقات رئيسية تعد عماد الديمقراطية الحقيقية لمصر الحديثة التي يحلم بها جموع المصريين.. وقد تحقق بالفعل استحقاقان رئيسيان هما وضع الدستور الذي يعد من أعظم الدساتير، وتم التوافق عليه بأغلبية ونال استحسان الجميع، والاستحقاق الثاني هو اجراء الانتخابات الرئاسية وقد جرت بشفافية ونزاهة وبانتخابات حرة ديمقراطية شهد لها العالم أجمع.. ويتبقي الاستحقاق الثالث المتمثل في اجراء الانتخابات البرلمانية التي تثير كل اللغط حالياً، بسبب الهجوم الشرس علي الأحزاب ومحاولة النيل منها وتجريفها وكانت البداية غير المطمئنة لها هو قانون الانتخابات الذي يقضي بتخصيص 80٪ للفردي و20٪ للقائمة المغلقة التي يدخل ضمن نسبتها كوتة للعمال والفلاحين والمرأة والشباب والأقباط ومتحدي الإعاقة، يعني تفريع نسبة العشرين في المائة المتبقية للأحزاب، وبالتالي تكون الغلبة للنظام الفردي الذي يهدد البلاد بعودة الحزب الوطني المنحل وجماعة الإخوان الإرهابية أو أتباعهم أو أذنابهم أو المتأسلمين!
ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن قانون الانتخابات الحالي هو الأسوأ في تاريخ مصر في تاريخ مصر لسببين رئيسيين الأول هو تهميش الأحزاب السياسية ومحاولة الانقضاض عليها وإضعاف مشاركة وجودها في البرلمان، وبذلك تستمر السياسة القديمة التي انتهجها النظام علي مدار ثلاثين عاماً في الحرب علي الأحزاب وإضعاف دورها وتقييد حركتها بل ومحاولة اقتلاعها تماماً من الوجود.. والثاني هو منح الحزب الوطني الذي كان يجب عزله سياسياً، وأعضاء الإخوان الإرهابيين ومن علي شاكلتهم فرصة السطو علي مقاعد البرلمان وبالتالي تهديد الثورتين العظيمتين اللتين قام بهما المصريون في 25 «يناير» و30 «يونية» والعودة بنا إلي ما قبل الثورتين!
بهذا الشكل الخطير تكون التجربة الديمقراطية الحقيقية التي بدأت مصر فيها خطواتها الأولي مهددة بالانهيار، خاصة اننا في خلال الفترة الماضية بدأت خطوتان خطيرتان تتصدران المشهد السياسي، الأولي: هجوم عنيف علي الأحزاب وعلي رأسها حزب الوفد الذي يمتلك رؤية سياسية واضحة وينطلق من ثوابت وطنية تاريخية، ولديه كل الامكانيات التي تؤهله لتبوؤ مقعد السلطة باعتبارها لم تكن غريبة عليه، إضافة إلي عمله في المعارضة لفترة طويلة.. فالوفد هو الحزب المدني الوحيد الذي خاض تجربتين مهمتين من بين الأحزاب السياسية علي الساحة وهي تجربة الحكم وتجربة المعارضة.. ولذلك لم نستغرب ضراوة الهجوم الشديد عليه في الفترة الأخيرة ومحاولة تركيعه بزعم ترويج سياسة التآمر بأنه وباقي الأحزاب ضعيفة، وغير متصلين بالشارع والجماهير في حين ان الوفد هو الوحيد الذي يملك مقرات حزبية في كل المحافظات بمدنها وقراها وكفورها ونجوعها، فكيف يملك كل هذه المقرات وهو غير متصل بالناس؟!
الخطوة الخطيرة الثانية هي تصدير خطاب إعلامي يقوده فصيلان يحملان العداء الشديد للأحزاب وعلي رأسها حزب الوفد، والفصيل الأول هم أعضاء الحزب الوطني الفاسدون الذين يمارسون الحرب الشعواء منذ نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. والفصيل الثاني هم جماعة الناصرية أو من يدعون ذلك، وهناك عداء شديد من الأحزاب، لأنهم يستمرئون حكم الفرد ولا يحيون إلا فيه، وبذلك تكون دولة المؤسسات عدوهم اللدود.. ولأن الفصيلين الآن يسيطران علي كل وسائل الإعلام الحكومية قبل الخاصة المرئية منها والمقروءة، راح رجالهم يمارسون ضغوطاً سياسية بشعة للتأثير علي صانع القرار، ومحاولة العودة بالبلاد إلي عشرات السنين فيما مضي من زمن القهر وحكم الفرد المطلق.
وكانت الطامة الكبري الجديدة التي بدأت تظهر علي الساحة السياسية وهي الاعلان بكل بجاحة أن الاستحقاق الأول من خريطة المستقبل المتمثل في الدستور «لا يناسب حال البلد» علي حد قولهم وطبقاً لما أوردته جريدة الشروق.. الذي كنا نعتز ولا نزال به أن الدستور الجديد حدد صلاحيات الرئيس وصلاحيات البرلمان، وأن شبهة حكم الفرد لن تعود مرة أخري إلي البلاد.. أمام يقال الآن بأن هناك اقتراحات بتعديل الدستور لتعزيز صلاحيات الرئيس، فهذا لا يحمل إلا معني واحداً وهو أن المخطط الجهنمي الذي بدأ بالحرب علي الأحزاب السياسية ومحاولة تجريفها أو القضاء عليها ثم الاعلان عن محاولة تعديل الدستور، تعني ان هناك مؤامرة كبري لعودة حكم الفرد وهذا مرفوض جملة وتفصيلا، ولن يقبل به المصريون مرة أخري بعد ثورتين عظيمتين في 25 يناير و30 يونيه.. والذين يتصورون أن المصريين سيقبلون العودة إلي ما قبل الثورتين واهمون بل وحمقي ولديهم «بله» وغباء سياسي.
المصريون لن يرضوا بديلاً عن دولة المؤسسات والاستمرار قدماً في خريطة المستقبل المتمثلة في ثلاثة استحقاقات، وهؤلاء المتآمرون لا يبنون مصر الحديثة ولا يعملون لصالح الوطن والمواطن وإنما نقول وبصراحة معهودة دون مواربة إنهم يسعون إلي توريط الرئيس عبدالفتاح السيسي الزعيم الشعبي الذي اختاره المصريون والذي أكد مراراً وتكراراً من قبل ترشيحه للمنصب الرئاسي أن الكلمة العليا للشعب ولا غيره.. أما الترويج بأن هناك تقارير أمنية تستبعد أي معارضة شعبية لهدم دولة المؤسسات الجديدة، فهذه أفكار شيطانية يبتدعها المروجون لمخططاتهم ضد مصر.. ولدي قناعة كاملة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي لن تخدعه أبداً هذه الألاعيب الحمقاء، خاصة أن مصر بدأت تضع أقدامها علي خطوات وعتبات مصر الحديثة التي يحلم بها كل المصريين، وهم يرون في الأفق آمالهم وأحلامهم علي الطريق الصحيح.


الوفد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى