الأخبار

الانقسام داخل “الإخوان” بدأ فى أغسطس 2013

 

43

 

 

قالت مصادر أمنية إن الانقسامات فى صفوف تنظيم الإخوان لم تكن وليدة اللحظة، وإنها بدأت فى شهر أغسطس من عام 2013 بعد إلقاء القبض على عدد كبير من قيادات التنظيم، وأضافت المصادر لـ«الوطن» أن شهر سبتمبر من العام نفسه شهد ارتفاعاً فى وتيرة تلك الانشقاقات، بعد أن أجرى مجموعة من شباب الإخوان المنشقين، اتصالات مكثفة بوزارة الداخلية وتحديداً قطاع الأمن الوطنى، نقلوا خلالها رغبة قطاع كبير من زملائهم المحبوسين على ذمة قضايا العنف فى التصالح مع الدولة، وهو ما شبهه المنشقون الذين تولوا إجراء الاتصالات، بأنه «شىء أشبه بالمراجعات».

وتلا تلك الاتصالات، توقيع إقرارات توبة من الأعضاء الراغبين فى الانفصال عن التنظيم الإرهابى ووصل عددهم، إلى ما يقرب من 220 إقراراً فى مختلف السجون، جميع الموقعين عليها من قيادات الصف الثانى، الذين تقدموا لقطاع مصلحة السجون بطلبات من تلقاء أنفسهم تتضمن تبرؤهم من أية أعمال إرهابية قام بها عناصر التنظيم، ورغبتهم فى التصالح مع المجتمع.

وأكدت المصادر أن تلك الإقرارات كانت محل فحص، وإنها ستكون فى عهدة النيابة بصفتها المسئولة عن المتهمين كونهم متهمين فى قضايا مختلفة، ما يجعل الفصل فى هذه الإقرارات من اختصاص النيابة والمحكمة التى يحاكم أمامها المتهمون، وكان نص الإقرار: «أتعهد أنا…. والمحبوس على ذمة قضية…. فى أحداث…. أننى لا أنتمى إلى تنظيم الإخوان المحظور، ولم أمارس أى أعمال عنف، وأرغب فى التصالح مع الحكومة، وأرجو من إدارة السجن توصيل هذه الرسالة عنى إلى المسئولين». وعلى الرغم من أن الإخوان حاولت إخفاء انزعاجها من تلك الإقرارات، بل وتبرأت من الموقعين عليها، إلا أنها كشفت عن تصدع عميق فى الهيكل الإدارى للتنظيم، ونار كانت مشتعلة تحت الرماد منذ عدة أشهر تسببت فيها الضربات الأمنية الموجعة والمتلاحقة ضد التنظيم، التى أفقدت قياداته الهاربة بالخارج صوابهم واتزانهم، وتكبدت الجماعة وشبابها جراء ذلك خسائر فادحة. وأشارت المصادر إلى أن الخلافات لم تبدأ مع توقيع إقرارات التوبة بل كانت بدايتها الحقيقية فى أواخر شهر أغسطس من عام 2013، عندما بدأت الأجهزة الأمنية فى القبض على قيادات التنظيم بتهمة التحريض على العنف، وقتل ضباط وأفراد شرطة فى اعتصامى رابعة والنهضة، وكانت الخلافات وقتها محصورة بين شرعية مرسى، وعبثية المطالبة بإعادته إلى الحكم، وبين طى صفحته والتفكير فى مصير الجماعة الذى انتهى بثورة 30 يونيو، بالإضافة إلى إمكانيات الرد على عزل مرسى وفض اعتصامى رابعة والنهضة. وأضافت المصادر أنه بعد سقوط عدد كبير، من قيادات الجماعة والعناصر الإسلامية المرتبطة بها، فى أيدى الأجهزة الأمنية، أصدر هؤلاء تعليمات لقواعد التنظيم بانتهاج العنف كأسلوب فى التعامل مع الجهات المسئولة، وأن مشادة بين خيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل من ناحية، و«الكتاتنى» من ناحية أخرى، سبقت صدور هذه التعليمات، حيث كان الأخير يرى ضرورة كبح جماح العنف والتفاوض مع الحكومة، بينما تمسك «الشاطر وأبوإسماعيل» بضرورة إظهار «العين الحمرا»، مؤكدين أنه سبق وأن حذرا مما حدث، لكن أحداً لم يلتفت إليهما، وطالبا بفتح أبواب الحرب ضد النظام على مصراعيها.

شباب التنظيم اعترفوا بأنه تم تضليلهم واستغلالهم فى أعمال العنف.. و«مرسى» قال: «اللى عاوز يمشى يمشى»

وبحسب المصادر فإن فكرة الاشتغال بالسياسة كانت محل خلاف آخر بين عناصر قيادات التنظيم فى السجون، حيث تمسك بعضهم بضرورة الوصول إلى الحل الأمثل لمستقبل الجماعة من خلال هدنة لعدة سنوات يتم فيها تطليق السياسية والاتجاه إلى العمل الدعوى، وتمكين فكرة الدولة الإسلامية أولاً فى عقول وسلوكيات المواطنين، على أن يقوم هؤلاء المواطنون فيما بعد بالتمكين للفكرة من خلال توصيل الإسلاميين للحكم مرة أخرى، وهو ما تسبب فى خلاف حاد، بين أصحاب الفكرة، و«أبوإسماعيل» الذى ألقى باللائمة على تلك القيادات خاصة خيرت الشاطر قائلاً: «أنتم حرقتم المشروع كله».

مصدر مطلع فى مصلحة السجون، رفض ذكر اسمه، قال لـ«الوطن»: «كانت هناك حالة من الغليان بين المحبوسين خاصة الشباب، وكانت تلك الحالة فى تصاعد مستمر، فمع مرور الوقت كانت الأجهزة الأمنية توجه ضربات قاصمة للجماعة، ومع توالى القبض على القيادات وفشل الفعاليات التى تنظمها الجماعة فى الشارع كان الغضب يشتعل، لأن رهان القيادات بالسجون كان على قدرة الضغط فى الشارع وتحركات التنظيم الدولى فى الخارج فى الوصول إلى حل ينهى معاناتهم، لكن الرياح لم تأت بما تشتهى السفن، ما أدى إلى تعميق جراح الجماعة ومضاعفة خسائرها».

وأضاف المصدر أن القيادات بالسجون سربوا خططاً للمواجهة من خلال أسرهم وأثناء الزيارات، ما أدى لاندلاع جولة جديدة من الصراع خاصة من جناح خيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل، إذ أغضبهما استمرار المرشد محمد بديع فى التوجيه برغم فشله فى إدارة شئون التنظيم فى المرحلة التى سبقت القبض عليهم، ما أدى لظهور تيار يرى ضرورة التعاون والارتباط مع الجماعات المسلحة مثل أنصار بيت المقدس ودعمها لتقويض أركان الدولة، على أن يتم ذلك سراً، مع فتح قنوات اتصال مع الحكومة للتفاوض، إلا أن الأخيرة رفضت فتح قنوات اتصال معهم، ما دفع بمسار الأحداث إلى اتجاه آخر.

وأضاف المصدر أن «بديع والشاطر والعريان والبلتاجى» حاولوا السيطرة على الشباب فى السجون منذ شهر يناير الماضى، وكلفوا عدداً كبيراً من المحامين الذين يترافعون عنهم بزيارة شباب الجماعة الذين يطلقون مبادرات الصلح من داخل السجون لإقناعهم بالعدول عن أفكارهم حتى لا يضعوا الجماعة فى حرج، ما يضعف موقفها أمام الرأى العام الداخلى والخارجى.

وتابع المصدر أن «مرسى» عندما علم بهذه الانقسامات فى صفوف التنظيم، طالب قيادات الجماعة فى إحدى جلسات المحاكمة بالتماسك وعدم الضغط على الشباب، وقال «من يريد أن يتراجع فليتراجع، لأننا فى فترة تمحيص»، وقال: «اللى عاوز يمشى يمشى إحنا مش هنضغط على حد.. إحنا فى محنة هتميز المعدن الخبيث من الطيب».

ولفت المصدر إلى أن الأزمات بقيت داخل صفوف الإخوان المسجونين مكتومة لعدة أشهر حتى إجراء انتخابات سرية فى فبراير 2014، وأسفرت عن تشكيل لجنة لإدارة أزمة التنظيم وهو ما فجر أزمة جديدة، بعد أن أكدت القيادات الجديدة التى تم انتخابها، أن قيادات الصف الأول بمكتب الإرشاد لا ولاية لهم، على القواعد منذ اليوم الأول لدخولهم السجن.

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى