الأخبار

المسرحية الهزلية

44

سيادة الرئيس. الحكومة الموقرة. العقلاء من النخبة. أهل الحل والعقد. المحبين المخلصين لهذا الوطن. كل من شرب من نيلها وترعرع على ترابها وتنسم عليلها.

رسالة إلى كل هؤلاء. متى سنظل فى مقعد المتفرجين على هذه المسرحية الهزلية؟
إلى متى سنظل نشاهد شمشون وكهنته مصممون على هدم المعبد على ساكنيه.
إلى متى سنظل نتابع نيرون وأعوانه ينشرون الحرق والفوضى والترويع بين الآمنين.
هل سنظل صامتين على كل هذا اللهو المفزع؟

هل سنظل نتابع ونحن مشدوهين مفتوحى العينين مكممى الأفواه مكتوفى الأيدى لا نحرك ساكنا ونحن نرى المسرح يحترق بمن فيه؟ هل سنظل صامتين حتى تنتهى المسرحية وحينها لن نتمكن إلا أن نسمع تصفيق المتفرجين والشامتين فينا من خارج الحدود لإعجابهم بنا حينما تصارعنا فى إحراق المسرح الذى يجمعنا.

أيها السادة على خشبة المسرح فريق جاءت به الأقدار ليلعب دور البطولة ويتصدر المشهد إلى حين من الزمن. فهم لاعبون جدد لم تتاح لهم فرصة الصدارة من قبل لذلك نراهم طيلة الوقت يسعون إلى الإجادة والإخلاص ويجتهدون ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا حتى ينالوا تصفيق وإعجاب المشاهدين وإن كانوا أحيانا يخرجون عن النص أو يبتعدوا عن الآمال والطموحات العريضة لغالبية الجمهور! لكنهم يحاولون.

وخلف خشبة المسرح يقف فريق الناقدين والمتربصين والمتحفزين نراهم بين الفينة والأخرى يطفئون الأنوار ويقذفون كرات اللهب والحجارة قاصدين الإثارة وإحداث البلبلة والفوضى فى عموم المسرح كى ينشغل الجميع سواء المؤدين أو المتابعين فينقلب الجمهور. وهنا تأتى الفرصة ليصعد من أطفأ الأنوار وأشعل الحرائق ليقول للجمهور ها أنا المُخلص من ذلك العبث واللهو.

أيها اللاعبون دور البطولة ومن يقفون متربصين عن يسار خشبة المسرح إذا تخيلت أنى قابلت نابليون بونابرت الذى أذهلته الأهرامات وأدهشه أبو الهول وتقديرا وعرفانا بقيمنا الحضارية شّيد المجمع العلمى للمصريين وقلت له إننا أحرقناه بأيدينا سيقول لى أيعقل هذا فى زمن يُكرم فيه العلم والعلماء وهل يفعل ذلك إلا التتر إنك لتهذى!!

وإذا قلت لأحد أبناء قبيلة التوتسى فى رواندا إن المصريين أقاموا مذبحة لإخوانهم بعد مباراة كرة قدم سيقول لك إننا فى زمن حقوق الإنسان وهل يفعل ذلك إلا أبناء الهوتو إنك لتهذى!!
وإذا قلت لأحد الصوماليين إن بعضنا أصبح قاطع طريق سيرد عليك أيحدث هذا فى أرض الأزهر إنك لتهذى!!

هذا هو حالنا أيها السادة فالمشهد أصبح لا يحتمل السكوت عليه فالفوضى أصبحت الصورة الرسمية والأكثر انتشاراً والانضباط عملة قل وجودها.

القتل أصبح بأرخص الأثمان والأمن صار مطلباً غالياً. الكذب ديمومة الغالبية والصدق يتوارى خجلاً. لون الدماء لم يعد يثيرنا وقطعنا حدائق الورود.

أيها السادة الواقفون على خشبة المسرح والمتربصين بنا كفاكم ثم كفاكم هذا الانهيار توقفوا فالجمهور لم يعد يتحمل المزيد.

 

 

 

 

 

اليوم السابع

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى