الأخبار

النيل تحت الردم بمباركة حكومية

12

 

منشأة الحاج تستغيث من التعديات على النهر الخالد.. ومساحة بحر يوسف تتقلص 40 مترًا.. وحقوقى: الخسائر مليار و200 مليون جنيه

– محافظ بنى سويف: أمرت بتشكيل لجنة من المحافظة والرى لمعاينة المنطقة وتطبيق القانون على الجميع

يشهد امتداد ترعة «بحر يوسف» فى محافظة بنى سويف تعديات صارخة من الأهالى تسببت فى تقلص يتراوح عرضه بين 70 و30 مترا، عقب عمليات الردم والتجريف التى تجرى على ضفافها، لبناء منازل ومقاه وعشش يستخدمها البعض أوكارا لتجارة المخدرات والأسلحة، بينما يحصلون على المرافق بتصاريح رسمية من وزارة الرى ومجالس المدن.

ويؤكد أهالى قرية «منشاة الحاج» التابعة لمجلس قروى براوة بمركز إهناسيا، معاناتهم من التعديات على «البحر» الذى يبدأ امتداده من مركز ديروط بأسيوط إلى محافظة الفيوم، موضحين أن البعض يجرف الأراضى الزراعية التى تقع على ضفافه، ويستخدم التراب الناتج عن التجريف فى ردم الترعة لإقامة منازل ومبان على أملاك الدولة بحق انتفاع، حتى أصبح محيطة عبارة عن مناطق عشوائية متجاورة، يمارس فيها سكانها جميع أنواع الجرائم.

وشدد الأهالى على أن هذه التعديات تُفقد المنطقة أراضيها الخصبة لحساب المبانى، بينما تحرمهم من مصدر المياه الوحيد الذى يعتمدون عليه فى رى زراعاتهم، ويقول هيثم الشيخ 32 سنة، موظف بنيابة إهناسيا، إن الوحدة المحلية لمجلس قروى براوة ومجلس مدينة إهناسيا ومديرية الرى، يصدرون تصاريح رسمية لمبانى التعديات ويوافقون على تركيب المرافق لها، بينما تحصل مصلحة الضرائب العقارية 3 جنيهات عن المتر فى العام مقابل حق انتفاع، يتاجر بعدها الأهالى فيها ليصل سعر المتر الواحد إلى 1000 جنيه، لافتا إلى أن عرض البحر تضاءل إلى 30 مترا بعدما كانت مساحته 70 مترا فى الماضى.

وقال أحمد كامل رشوان 35 سنة، مأمور ضرائب، مقيم بقرية منشاة الحاج، إن ترعة «بحر يوسف» يستفيد منها نحو 500 ألف نسمة هم عدد سكان إهناسيا وقراها فقط، بينما تحرمهم التعديات من استغلالها فى الشرب والزراعة، مطالبا بتطبيق القانون على المخالفين للحفاظ على ما تبقى من«البحر»، مع إزالة جميع التعديات عليه وإعادته إلى وضعه الطبيعى.

وأضاف: «كان على الجهاز التنفيذى بالمحافظة إقامة كورنيش أمام القرى التى يمر بحر يوسف لإعطاء شكل جمالى وحضارى من ناحية، وحمايته من التعديات من ناحية أخرى، لكن مساعدة المتعدين بمنحهم تصاريح للمخالفات يزيد من حجم الكارثة، فعندما لجأنا إلى النواب لبحث حل الأزمة رفعوا أيديهم ولم يتحرك أحد».

وأوضح عضو اتحاد شباب إهناسيا، أحمد منصور، ما يشهد بحر يوسف يعد كارثة بمعنى الكلمة، بينما قوانين حماية أراضى الدولة لا تستطيع مواجهة هذه التعديات، على الرغم من استطاعة الأجهزة التنفيذية إزالتها فورا، لكن المحليات تكتفى بتحرير محاضر وترك الأمر للقضاء لحين البت فيها، وعند صدور أحكام بالإزالة تتقاعس عن تنفيذها، ما يشجع البعض على ارتكاب المخالفات نفسها.

وأردف: «فوجئنا بعمدة منشاة الحاج ذاته يقوم بعمليات ردم فى البحر وتوصيل المرافق له، فضلا عن موظفى الوحدة المحلية فى قرية براوة، وذلك على مرأى ومسمع من الجميع، مع العلم أنهم يمثلون الجهة المنوط بها إزالة التعديات وضبط المخالفين».

وشدد الأستاذ فى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الدكتور جمعة فتحى، إن المشكلة تكمن فى ثقافة المجتمع، لافتا إلى أن الإسلام يحثنا على الحفاظ على البحار والأنهار، ويحرم التعدى على الممتلكات العامة، داعيا إلى هذه المشكلة عن طريق نشر الوعى بين المواطنين، وتطبيق القانون على المخالفين جميعا دون تفرقة.

ويقول رئيس المجلس المصرى الدولى لحقوق الإنسان، عبدالسلام إبراهيم، إن البناء والتعدى على بحر يوسف يشمل جميع قرى إهناسيا أمام أعين المسئولين بالوحدات المحلية ومجلس المدينة والرى، مشيرا إلى أن الجهاز التفيذى فى مجلس مدينة إهناسيا مسئول عن ذلك بنسبة 80%، لأنه لا يطبق القانون على الجميع، لكنه يكتفى بتطبيقه على الأرامل والأيتام، تاركا أصحاب السلطة والنفوذ على ما هم عليه.

واستطرد: «على الجميع التعاون لرد أملاك الدولة وإزالة جميع التعديات على بحر يوسف ووقفها، حتى لا نقضى على حقوق أبنائنا فى المستقبل، فقيمة أملاك الدولة المنهوبة فى إهناسيا حتى الآن بلغت مليار و200 مليون جنيه».

واعتبر أمين حزب حماة الوطن فى مدينة إهناسيا، جابر البنا، ما يحدث فى قرى المركز من تعد على بحر يوسف مسئولية القائمين على تنفيذ القانون، لأنهم ينفذونه حسب الهوى، على حد قوله، داعيا محافظ بنى سويف، المنهدس شريف حبيب، ومديرية الرى المحافظة، فضلا عن مديرية الأمن، إلى سرعة ازالة جميع التعديات، بعدما أوشكت مياه ترعة البحر على النضوب، بعدما أصبح مطمعا لكل باحث عن الثراء السريع.

وفى رده على شكاوى الأهالى، قال محافظ بنى سويف فى تصريحات لـ«الشروق» إنه أمر بتشكيل لجنة من المحافظة ومديرية الرى لمعاينة المنطقة وتحرير محاضر للمخالفين وتطبيق القانون على الجميع بإزالة التعديات فى أسرع وقت، لافتا إلى أنه شكل أيضا فريقا فى كل قرية لمتابعة مشاكل المواطنين والتحرك سريعا لحلها مع مسئولى الجهاز التنفيذى بالمحافظة.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى