الأخبار

قسم حلوان يتستر على جَلْد شاب

137

 

سطوة النفوذ وجنون القوة، وتلال المال، أشعرتهم أنهم فوق البشر بمراحل، فحولوا منازلهم إلى ثكنات يحرم على الفقراء الاقتراب منها، وأعملت عائلة «ع» ذائعة الصيت بحلوان السلاح والترهيب لضمان تفوقها، وعندما طرق شاب بابهم لخطبة شقيقتهم اتهموه بالجنون لإقدامه على ذلك، وعلى طريقة فيلم «رد قلبى» أوثقوا الشاب وانهالوا عليه بالكرباج، ثم أسكتوه للأبد بتمزيق قلبه بمطواة، لينتهى المشهد بإفلات المتهمين بجريمتهم، مستغلين نفوذ أقاربهم أصحاب الرتب، وخلد الأهالى قصة «شهيد الحب» بلوحات علقوها فى الشوارع تندد بما حدث وتستنكر تورط قسم الشرطة فى الجريمة وحمايته الجناة.

تفاصيل الواقعة ترجع إلى يوم الأربعاء الماضى، عندما تلقى الأب عماد جابر، 55 سنة بالمعاش، مكالمة هاتفية من أحد جيرانه أخبره فيها أن نجله، محمد، 20 سنة، مدرب سباحة، تم قتله ونقل جثته إلى مستشفى الأمان، وهرول الوالد غير مصدق للاطمئنان على نجله، لكن شاء القدر أن يختاره ويفارق الحياة وسط صراخ وبكاء أحبابه، ليحيط بعدها الغموض الجريمة بالكامل.

 

حاول فك طلاسم الواقعة، خصوصا بعدما تردد عن تورط قسم الشرطة فى تهريب الجناة، والتقت أسرة «المدرب الشهيد».

 

يقول الأب بصوت يملكه الحزن «هاتكلم أقول إيه، خلاص ابنى دمه راح هدر، علشان كان عايز يتجوز فى الحلال بنت الأكابر.. والشرطة هتسبب إن حلوان تبقى ساحة حرب شعبية»، معللا قوله بأنها متخاذلة فى ضبط الجناة، وتقديمهم للعدالة ومحاولة بعض ضباط القسم طمس معالم الجريمة.

 

يلتقط الأب أنفاسه، مستعيدا مشاهد اليوم المشؤوم، وأوضح أن أصدقاء نجله، أخبروه أن محمد أعلمهم بتلقيه مكالمة هاتفية من «ح. ع»، بأنه يريد مقابلته لتهدئة الخلافات التى نشبت بينه وبين شقيقه الآخر «ع» نتيجة تقدمه لخطبة شقيقتهما «أ»، وساعتها لم تسع الدنيا فرحة محمد بهذه المكالمة، وأخبر أصدقاءه أنه متوجه لمقابلة الشقيقين لإعادة المياه الى مجاريها، ونيل مراده بالزواج من «حبيبة عمره»، وفى قرابة الساعة الحادية عشرة مساء توجه «الابن» إلى الفيلا الخاصة بالمتهمّين بصفاء نية، ولم يعلم ما يدبر له من غدر، وفور وصوله قام «ع» بمحاولة تكتيفه، وقام شقيقه الآخر بالاعتداء عليه «بكرباج». يصمت والد الضحية وتنساب دموعه رغما عنه، ويضيف «لأن ابنى كان رياضى ماعرفوش يضربوه وأخذ منهم الكرباج، لكن تمكنوا من السيطرة عليه مرة أخرى، وقام (ع) بتمزيق قلب محمد بعدة طعنات فى القلب والصدر وسط استغاثة نجلى بتركه ليسقط فى النهاية على الأرض غارقا فى دمائه»، ويفجر والد القتيل مفاجأة لـ«الدستور الأصلي» أن تلك الرواية علم بها من أحد الجيران للفيلا، وهى زوجة أحد شهداء الشرطة، وذهبت إلى النيابة العامة، وأدلت بتفاصيل الجريمة.

وكشف الوالد أن أحد ضباط الشرطة بقسم حلوان كان فى انتظار تنفيذ الجريمة، واستقل المجرمان معه السيارة وفروا هاربين، ويكمل «قامت سيارة مجهولة بحمل جثة ابنى إلى المستشفى، وتركته أمام الباب وهربت»، موضحا أن الشرطة لم تأت إلى المستشفى إلا بعد مرور 4 ساعات على الجريمة، ولم يتم تحرير محضر بالواقعة.

 

ويضيف فى صدمة «ضباط مباحث القسم رفضوا تحرير محضر فى المباحث، وطلبوا منه عمل محضر لدى قسم (ضباط النظام) على الرغم من أن الحادثة جنائية»، ليتابع «أنا اللى صممت أعمل محضر بالواقعة بتاريخ 13 أغسطس أخذ رقم 8730 إدارى حلوان، لمعرفة أنهم يريدون إدراج نجلى القتيل ضمن ضحايا أحداث ذكرى فض رابعة فى اليوم التالى، ليفلت القتلة بجريمتهما»، وأضاف أن السيارة التى ألقت جثة محمد تعمدت إلقاءه أمام مستشفى «الأمان»، الذى يديره طبيب إخوانى، ولمعرفتهم أن المستشفى سوف يتلقف الجثة، وإعلان صاحبها قتيلا إخوانيا على يد الشرطة، وهو ما أذاعته قناة «الجزيرة» بالفعل فى اليوم التالى.

مفاجأة أخرى فجرها الوالد حينما أوضح أن هناك وسيطا بينه وبين والد القتلة، رجل الأعمال الشهير، حضر إليه وأخبره أن عائلة «ع» تعرض عليه 4 ملايين جنيه للصلح، والمبلغ كبداية للتفاوض، ولو طلب أكتر موجود، وذلك لنزول «م. ع» والد القتلة فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة عن دائرة حلوان، وقال له الوسيط بالنص «اللى إنته بتعمله ده مش هيرجع ابنك، لكن الفلوس هتصبرك على فراقه، وإنت كده كده مش هتعرف تاخد معاهم لا حق ولا باطل».

 

ليخطف الحديث كريم شقيق المجنى عليه ليكشف مزيدا من مفاجآت الجريمة، قائلا «يوم الحادثة قام الضابط (أ. ع)، نجل عم الجناة باصطحابى إلى موقع الجريمة، وعثرنا على ساعة شقيقى، ورغم ذلك لم يتم إدراج الساعة فى أحراز القضية»، مضيفا «بعدها تم نقلى إلى قسم الشرطة، وتم احتجازى لمدة ساعتين دون تحقيق أو أخذ أقوالى حول الواقعة أو الاتهامات، ليأتى بعدها أمين شرطة بعد طول انتظار وقال لى (يا ابنى إنت إيه اللى مقعدك روح خد عزاء أخوك)…».

 

الأم المكلومة من جهتها تعيش فى عالم آخر، لم تصدق حتى الآن وفاة نجلها، تقول لـ«الدستور الأصلي»: «لو إنتو أصحاب محمد استنوا شوية هو جاى من النادى، وتمسك بيدها صورة نجلها وتقول ابنى بقى صورة فى إيدى حسبى الله ونعم الوكيل فى القتلة والظلمة…».

 

وتنتقل دفة الحديث إلى ريهام شقيقة المجنى عليه، وسردت قصة الحب التى كانت تربط بين شقيقها و«أ» وكانت صديقتها، وقالت «إن الخلافات بين العائلتين بدأت فى الظهور منذ تقدم شقيقها لخطبتها، وإن يوم الحادثة قامت (أ) بالاتصال بوالدتها وقالت الحقوا محمد بيتخانق مع إخوتى وهيموتوا بعض عند الفيلا على الرغم من أنها كانت تعلم أنهم قاموا بقتله بالفعل…». من جهتها أولت نيابة حلوان برئاسة شريف مختار الاهتمام بالقضية، واصدر طارق عيسى وكيل النيابة أمر ضبط وإحضار الشقيقين المتهمين، وندبت الطب الشرعى لتشريح جثمان المجنى عليه، وبيان سبب وتوقيت وملابسات الوفاة، وتحديد نوع الإصابات التى تعرض لها المدرب القتيل، قبل التصرح بالدفن، كما كلفت النيابة المباحث بتحريات الجريمة بالتفصيل، وطلبت الاستماع إلى الشهود، وأطراف الواقعة كل على حدة.

 

مصر الاخباريه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى